جولات ميدانية للعيادة الطبية المتنقلة في ريف درعا
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
درعا-سانا
تقوم العيادة الطبية المتنقلة في فرع الهلال الأحمر في درعا، والتي تضم فريقاً طبياً متكاملاً بجولات ميدانية إلى العديد من مناطق ريف درعا، وذلك حسب برنامج يخصص من خلاله يوم في الأسبوع لكل بلدة أو مدينة.
رئيس فرع درعا الدكتور أحمد مسالمة، أوضح في تصريح لمراسل سانا أن العيادة المتنقلة تقوم بتنفيذ جولات ميدانية مستمرة منذ بداية العام الحالي ضمن أرياف درعا تشمل تقديم المعاينات الطبية وتقديم الأدوية المجانية في ظل ارتفاع أسعار الأدوية والكشوف الطبية، وذلك بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مبيناً أن عدد المستفيدين من خدماتها منذ بداية العام بلغ 3125 شخصاً في مناطق بصر الحرير وكحيل والطيبة والصورة وبصرى الشام والحراك.
الدكتور أحمد الربداوي رئيس العيادة، قال: إن الجولات تسهم في الكشف عن العديد من الحالات المرضية مثل سرطان الثدي أو القصور الكلوي بالإضافة للعديد من الأمراض المزمنة، والتي تصنف ضمن الدرجة البسيطة أو المتوسطة.
بدورها الممرضة مريم فارس من فريق عمل العيادة دعت المواطنين إلى الاستفادة من وجود العيادة المتنقلة، وعدم إهمال أي عارض صحي، لافتة إلى أن عمل العيادة يستمر في كل منطقة منذ الصباح، وحتى ساعات متأخرة من المساء.
زينب الحسين مريضة أشارت إلى إيجابية عمل هذه العيادة التي تقدم خدماتها بالمجان من أدوية وكشوف طبية، مبينة أن طبيب العيادة لاحظ لديها علامات سرطان الثدي العام الماضي، حيث تمت متابعته عن طريق فرع الهلال وتماثلت للشفاء.
رضوان الراضي
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
درعا بعد التحرير.. أنوار العودة وحلكة المعاناة
درعا- عبّر اسم درعا دومًا عن بوابة سوريا على التاريخ والكرامة، وهي المدينة التي تعيش اليوم مرحلة ما بعد التحرير متأرجحة بين واقع مأزوم وآمال متعبة ترمق القادم عسى أن يكون أجمل.
منذ إعلان سقوط نظام الأسد وتحرير سوريا لم تتغير تفاصيل المعاناة اليومية كثيرا، بل ربما ازدادت تعقيدا في جوانب عديدة، وكأن الحرب غادرت برحاها الفاتكة، لكنها تركت خلفها معارك طاحنة صامتة تدخل في تفاصيل الحياة اليومية.
في شوارع درعا، تعود الحركة خجلى؛ هناك صبية يذهبون إلى المدارس بأحذية ممزقة وحقائب خالية من الدفاتر، وفي الطرف الآخر كبار يتجولون في الأسواق وأعينهم تدور في رؤوسهم من الهم على أمل العثور على سِعر مقبول أو فرصة عمل عابرة، بينما يعرض الباعة بضاعتهم المحدودة الباهظة الثمن، وفي خلفيّة المشهد لا تستطيع روائح التوابل الفواحة أن تخفي مرارة الغلاء.
وفي جولة بالأسواق التي كانت يوما تعج بالحياة، لا تخطئ العين ما تشاهده من ركود اقتصادي، والسبب لا يعود فقط إلى فقر الجيوب وجفاف السيولة المالية، بل إلى تعقيد الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تلقي بظلالها على كل تفاصيل الحياة اليومية لا سيما المعيشية منها.
يقول أبو خالد وهو تاجر في حي الكاشف منذ 20 عاما، "الناس تعود إلى البلاد بعد طول اغتراب وتهجير، لكن الحياة لا تعود كما كانت أبدا؛ فالكهرباء تأتي 3 ساعات فقط، والمياه لا تصل إلا يومين في الأسبوع، من يستطيع أن يعيش في ظل هذا التهالك والقسوة؟".
على الصعيد الإنساني، فإن قصص العودة تفوق في قسوتها مشاهد النزوح والتهجير، كثيرون رجعوا ليجدوا بيوتهم مهدمة أو منهوبة أو غير صالحة للسكن، فكثير من العائلات تعيش اليوم بين الركام، تصنع من الستائر أبوابا، ومن الأحجار أرائك، ولا تدري أين تذهب.
إعلانبحسب التقارير الأممية، فإن أكثر من 82% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، ولعل المعاين للواقع يكتشف أن النسبة أكبر من ذلك، وذلك ما تجسده درعا بوضوح.
وفي حوران -بالذات- الملقبة "أم اليتامى"، لم يكن الفقر جديدا، لكنه اليوم صار أكثر شراسة ونهشا للإنسان ووضوحا للعيان، ولا سيما أنه يترافق مع انعدام الخدمات وغلاء الأسعار وتراجع الزراعة، وشلل شبه تام في الصناعات المحلية.
تركة ثقيلة
في الوقت ذاته، يبدو أن الحكومة الجديدة لا تزال تعاني من وطأة تركة النظام السابق الثقيلة وهي غير قادرة حتى الآن على تأمين أدنى مقومات الحياة بسبب البنية التحتية التي دمرها وأنهكها النظام المخلوع، فالكهرباء لا تزور منازل السكان إلا لساعات محدودة، وأما مياه الشرب فإنها تصل عبر الصهاريج بأثمان باهظة.
وحتى الخبز الذي هو قوام حياة المواطن السوري، فإنه سلعة "بائسة" من حيث النوعية والقدرة على تحصيلها، فلا يُباع إلا بعد خوض معارك في طوابير طويلة تمتد منذ الفجر، وسط غياب مادة الطحين المدعوم وتراجع في كفاءة المخابز.
وأما عن الوضع الصحي، فإنه لا يقل بؤسا، فالمستشفيات تعمل بطواقم منهكة غير قادرة على تغطية الاحتياج، والأدوية الأساسية إما مفقودة أو باهظة الثمن، فيما تستقبل العيادات الخاصة المرضى الذين يستطيعون دفع أجور المعاينة مع هامش إنساني يتركه الأطباء في عياداتهم الخاصة للمعوزين، لكن عموم الفقراء متروكون أسرى لأوجاعهم.
وبخصوص التعليم، فالمدارس منهكة والمناهج ممزقة والكادر فيه نقص شديد، والطلاب يدرسون في غرف لا تقيهم برد الشتاء ولا حرارة الصيف، فيما أعيد ترميم بعض المدارس بجهود المغتربين بينما بقي كثير منها خارج الخدمة بسبب آثار الحرب المدمرة؛ ففي إحدى المدارس القريبة من مركز المدينة، لا يتجاوز عدد المدرسين 3، بينما الصفوف تعج بأكثر من 50 طالبا في الغرفة الواحدة وما هذا إلا نموذج لصورة كبيرة موجعة.
إعلان
عزيمة وإرادة
ومع ذلك تظل المدينة تنبض بما تبقّى من إصرار وعزيمة وإرادة، فالناشطون المحليون ينظّمون دورات تعويضية، ويشكلون فرقا تطوعية خدمية في مختلف المجالات.
وعلى الرغم من كل هذه القسوة في المعيشة، فإن المدينة لا تفقد روحها، فالناس في درعا معجونون بمعنى الانتماء لوطن ينهض بهم، وقد اعتادوا أن يبنوا من الرماد حلما جديدا. ولا تزال الأمسيات تجمع العائلات حول أحاديث الواجب والهمة والانطلاق، والريادة في العمل وضرورات البذل والعطاء.
ولا تزال المساجد في درعا مراكز انطلاق العمل والبناء والمبادرات للنهوض، كما كانت من قبل مراكز انطلاق الثورة لهدم الاستبداد؛ فدرعا بعد التحرير ليست مدينة خرجت من الحرب فحسب، بل هي تحاول أن تبني نفسها خارج ذاكرة الحرب وداخل صراع جديد عنوانه الصمود، وهي إذ تقف على عتبة المستقبل، لا تنكر وجع الحاضر، لكنها تصر على أن تكون ذات صباح قريب، فهي مدينة تستحق الحياة.