«أوتشا»: الأزمات الأمنية والمناخية تهدد «الساحل» الأفريقي
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
نيويورك (الاتحاد)
أخبار ذات صلةحذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أمس الأول الخميس من تأثر 32.8 مليون شخص في أنحاء منطقة الساحل الأفريقية بأزمات معقدة، منها انعدام الاستقرار وتدهور الوضع الأمني وآثار تغير المناخ.
وأكد «أوتشا» أن حياة الملايين في منطقة الساحل الأفريقية معرضة للخطر إذا لم تتوفر الموارد الضرورية لمنظمات الإغاثة كي تتمكن من الاستجابة لهذه الأزمات ولدعم الفئات الأكثر هشاشة في المنطقة.
وقال المكتب الأممي إن الجهود الإنسانية تحتاج 4.7 مليون دولار خلال العام الحالي لتلبية الاحتياجات العاجلة لـ20.9 مليون شخص في بوركينا فاسو والمنطقة الشمالية من الكاميرون وتشاد ومالي والنيجر وولايات أداماوا وبورنو ويوبي في نيجيريا. وأضاف أن العنف والصراع المتزايدين في أنحاء منطقة الساحل يهددان الحياة وسبل كسب الرزق، وبسببهما تضطر الأسر إلى الفرار من ديارها، وهو ما يعرقل الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، علاوة على أنه يحرم 2.2 مليون طفل من حقهم في التعليم بسبب إغلاق المدارس، فيما تعرض 1263 مركزاً صحياً للإغلاق.
وحول أزمة تغير المناخ، ذكر مكتب «أوتشا» أن تزايد آثار الأزمة البيئية يفاقم أوجه الهشاشة، مشيراً إلى أنه يوجد في منطقة الساحل مليونَا لاجئ وطالب لجوء و5.6 مليون نازح داخلي، كثيرٌ منهم اضطروا إلى النزوح مرات عدة. وحذّر المكتب أيضاً من أن 16.7 مليون شخص سيعانون من أجل الحصول على الطعام خلال «موسم الجفاف» بين شهري يونيو وأغسطس، موضحاً أن النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة هم الأكثر ضعفاً بوجه خاص.
ولفت المكتبُ الأممي إلى أن العاملين في المجال الإنساني بأنحاء الساحل يقومون بعمل فائق غالباً في أكثر الظروف صعوبة، لكن الأزمات المتشابكة أصبحت أكثر تعقيداً من أي وقت مضى. وبين مكتب «أوتشا» أن الشركاء في مجال العمل الإنساني وفروا مساعدات منقذة للحياة وخدمات الحماية لأكثر من 15.6 مليون شخص في أنحاء منطقة الساحل العام الماضي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أوتشا الأمم المتحدة الساحل الإفريقي تغير المناخ الإغاثة منطقة الساحل ملیون شخص
إقرأ أيضاً:
التخطيط المالي.. درع الأمان في زمن الأزمات
خالد بن حمد الرواحي
صباح جديد، أسواق مضطربة، قرارات مالية معقدة... في ظل تقلبات الاقتصاد العالمي، تجد الحكومات والشركات نفسها أمام معادلة صعبة: كيف يمكن حماية الاستقرار المالي في مواجهة الأزمات المتكررة؟ هل يكفي الاعتماد على إجراءات استجابة سريعة، أم أن التخطيط المالي المسبق هو مفتاح تجاوز الأزمات بأقل الخسائر؟
الأزمات المالية ليست مجرد أرقام في تقارير اقتصادية، بل هي واقع يفرض تحديات قاسية على الأفراد والمؤسسات والدول. ارتفاع معدلات التضخم، الأزمات النقدية، التغيرات في أسعار الفائدة، وحتى الجوائح العالمية، كلها عوامل تؤثر على استقرار الأسواق وتهدد مسارات التنمية المستدامة. ومع تزايد هذه التحديات، يصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: كيف يمكن تعزيز المناعة المالية لمواجهة الأزمات؟ هنا يأتي دور التخطيط المالي كأداة حاسمة تضمن القدرة على تجاوز الأزمات، ليس فقط عبر تقليل الخسائر، بل أيضًا من خلال استغلال الفرص الاقتصادية المتاحة.
وفقًا لتقرير البنك الدولي (2023)، فإن الدول التي تتبنى استراتيجيات تخطيط مالي متقدمة تقلل من آثار الأزمات الاقتصادية بنسبة 40%، مقارنة بتلك التي تعتمد فقط على ردود الفعل العشوائية. فالتخطيط المالي لا يعني فقط إعداد ميزانيات أو تقليل التكاليف، بل يشمل إدارة المخاطر المالية بذكاء، وتحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات، وتعزيز الشفافية المالية التي تضمن ثقة المستثمرين والأسواق. وعندما يكون التخطيط المالي مستندًا إلى بيانات وتحليلات دقيقة، فإنه يصبح أداة استباقية تحمي الاقتصادات من الوقوع في الأزمات المتكررة.
في هذا السياق، تبرز رؤية "عُمان 2040" كخريطة طريق تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام، قادر على مواجهة التحديات المالية العالمية. تحقيق هذه الرؤية لا يقتصر على تحسين الأداء الاقتصادي، بل يتطلب تبني سياسات مالية ذكية تستند إلى الشفافية والاستدامة، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، ودعم الابتكار في القطاعات الإنتاجية لضمان تنوع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية المتقلبة. ومع وجود خطة مالية واضحة، يصبح الاقتصاد أكثر قدرة على استيعاب الأزمات المالية والتكيف مع التغيرات الاقتصادية المفاجئة.
في ظل هذه التحديات، يصبح دور القيادة المالية أكثر أهمية من أي وقت مضى. وكما يقول وارن بافيت، أحد أبرز المستثمرين في العالم: "لا تختبر قوة المدّخرات إلا عندما ينحسر المد، وحينها فقط ترى من كان يسبح دون خطة مالية". فالقائد المالي الناجح لا ينتظر وقوع الأزمة حتى يبدأ في البحث عن الحلول، بل يضع استراتيجيات استباقية تضمن الاستقرار المالي حتى في أصعب الظروف. وهذا ما يميز المؤسسات الناجحة، حيث لا تكتفي بإدارة الأزمات عند حدوثها، بل تضع خططًا مالية مرنة تستبق التغيرات، مما يمنحها القدرة على التأقلم مع الظروف الاقتصادية غير المستقرة.
لكن، التخطيط المالي لم يعد يقتصر على الأرقام والتوقعات التقليدية، بل أصبح يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا المالية، التي توفر أدوات تحليل متقدمة، وتساعد في توقع المخاطر المالية قبل وقوعها. تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD 2023) يؤكد أن تبني التقنيات المالية الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، يعزز دقة التوقعات المالية بنسبة 60%، مما يسمح للحكومات والشركات بوضع خطط أكثر فاعلية ومرونة في مواجهة الأزمات المالية. ومن هنا، فإن الاستثمار في التكنولوجيا المالية أصبح ضرورة وليس خيارًا لضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل.
في النهاية، التخطيط المالي ليس مجرد استراتيجية اقتصادية، بل هو صمام الأمان الذي يحمي الاقتصاد من التقلبات غير المتوقعة، ويضمن استدامته على المدى الطويل. المؤسسات والدول التي تتبنى استراتيجيات مالية متوازنة ومستدامة هي التي تستطيع تجاوز الأزمات بأقل الأضرار، بينما تظل الاقتصادات غير المستعدة رهينة للأزمات المتكررة. وهنا يأتي السؤال الأهم: هل نحن مستعدون لتطبيق استراتيجيات مالية تضمن لنا اقتصادًا مستدامًا؟ وهل نمتلك الرؤية المالية التي تحمينا من التقلبات الاقتصادية، أم أننا ننتظر الأزمة القادمة دون استعداد حقيقي؟