يورو 2024.. رونالدو وبلاتيني يتصدران أبرز نجوم كأس الأمم الأوروبية عبر التاريخ
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
يورو 2024.. دائمًا ما تحظى بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم بتألق العديد من نجوم الساحرة المستديرة في القارة العجوز، الذين حفروا أسماءهم بحروف من ذهب في تاريخ البطولة، التي انطلقت للمرة الأولى قبل 64 عاما.
وقبل افتتاح النسخة المقبلة لأمم أوروبا يورو 2024 في ألمانيا، فقد شهدت النسخ الـ16 السابقة العديد من الأرقام القياسية لأساطير كرة القدم، في مقدمتهم النجم البرتغالي المخضرم كريستيانو رونالدو، والهداف الفرنسي السابق ميتشيل بلاتيني.
ويمتلك رونالدو نصيب الأسد من الأرقام القياسية للنجوم الذين شاركوا في نسخ سابقة بكأس الأمم الأوروبية، حيث يعد هو الهداف التاريخي للبطولة برصيد 14 هدفا، بواقع هدفين في نسخة 2004 وهدفا وحيدا في 2008، و3 أهداف في كل من 2012 و2016، و5 أهداف في يورو 2020.
كما يعتبر رونالدو الأكثر تسجيلا للأهداف في تاريخ التصفيات المؤهلة للمسابقة بـ41 هدفا، ليصبح الأكثر إحرازا في كل من النهائيات والتصفيات بـ55 هدفا.
ويتربع رونالدو على صدارة قائمة أكثر اللاعبين تواجدا في نسخ كأس الأمم الأوروبية، حيث شارك في 5 نسخ سابقة، بدءا من يورو 2004 بالبرتغال حتى يورو 2020، خاض خلالها 25 مباراة، ليصبح الأكثر لعبا للقاءات في تاريخ المسابقة.
ولعب رونالدو أكبر عدد من الدقائق في أمم أوروبا بـ2153 دقيقة، كما أنه اللاعب الأكثر تحقيقا للانتصارات في تاريخ البطولة بـ12 فوزا، علما بأنه أكثر من حمل شارة القيادة في المسابقة وذلك في 16 مباراة.
وسجل رونالدو هدفا وحيدا على الأقل في النسخ الخمس التي شارك فيها بأمم أوروبا، ليصبح الوحيد الذي هز الشباك في هذا العدد من النسخ، كما أنه الوحيد الذي أحرز هدفين على الأقل في 4 نسخ، والوحيد الذي سجل 3 أهداف على الأقل أيضا في 3 نسخ بالبطولة.
وكان رونالدو هو اللاعب الوحيد الذي أحرز هدفا وحيدا على الأقل في 10 مباريات بأمم أوروبا، كما أنه الوحيد الذي سجل ثنائية في 4 لقاءات بالبطولة.
ويتصدر رونالدو أيضا قائمة أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف من ركلات جزاء، والتي تتضمن أيضا ركلات الترجيح، عقب تنفيذه 3 ركلات ناجحة.
في المقابل، يمتلك بلاتيني عددا من الأرقام القياسية التي لا يستهان بها في تاريخ أمم أوروبا، فهو أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف في نسخة واحدة بتاريخ البطولة، عقب إحرازه 9 أهداف في نسخة عام 1984 التي استضافتها بلاده، ليقود المنتخب الملقب بـ(الديوك) للتتويج بلقبه الأول في المسابقة آنذاك.
كما يعد بلاتيني الوحيد الذي أحرز 3 أهداف (هاتريك) في مباراتين بأمم أوروبا، وذلك في مرمى بلجيكا ويوغوسلافيا في يورو 1984، علما بأنه أكبر اللاعبين سنا تسجيلا لثلاثية في إحدى مباريات البطولة وهو بعمر 28 عاما و364 يوما.
وتضم قائمة محرزي الثلاثيات في تاريخ البطولة 6 لاعبين آخرين هم الألماني ديتر مولر بنسخة 1976، ومواطنه كلاوس ألوفس (1980)، والهولندي ماركو فان باستن (1988)، ومواطنه باتريك كلويفرت (2000)، والبرتغالي سيرجيو كونسيساو (2000)، والإسباني ديفيد فيا (2008).
وأحرز بلاتيني أسرع هاتريك في تاريخ كأس الأمم الأوروبية، عقب تسجيله 3 أهداف في غضون 18 دقيقة في لقاء فرنسا ويوغوسلافيا قبل 40 عاما، كما أنه اللاعب الوحيد الذي أحرز هدفا وحيدا على الأقل في 5 مباريات متتالية بتاريخ البطولة.
وحفلت كأس الأمم الأوروبية أيضا بالعديد من الأرقام التي خلدت أسماء أصحابها حتى الآن، حيث يعد اللاعب الألماني السابق راينر بونهوف الوحيد الذي خاض 3 مباريات نهائية متتالية في تاريخ البطولة، ليصبح اللاعب الأكثر حصدا للميداليات بالمسابقة.
وتوج بونهوف بلقبي 1972 و1980 مع منتخب ألمانيا الغربية على حساب منتخبي الاتحاد السوفييتي وبلجيكا على التوالي في النهائي، فيما اكتفى بالوصافة في نسخة عام 1976 عقب الخسارة بركلات الترجيح أمام تشيكوسلوفاكيا في المباراة النهائية.
وأحرز 3 لاعبين فقط هدفين في نهائي أمم أوروبا عبر التاريخ، حيث يتعلق الأمر بالثلاثي الألماني جيرد مولر وهورست هروبيش وأوليفر بيرهوف.
وسجل مولر ثنائية لمصلحة منتخب ألمانيا في مرمى الاتحاد السوفييتي بنهائي نسخة 1972، وهو ما ينطبق أيضا على هروبيش وبيرهوف، اللذين أحرزا هدفين أيضا في شباك بلجيكا وجمهورية التشيك في نهائي نسختي 1980 و1996 على الترتيب.
من ناحية أخرى، كان البولندي كاسبر كوزلوفسكي أصغر اللاعبين خوضا للمباريات في تاريخ أمم أوروبا، بعدما شارك أمام إسبانيا في يورو 2020 وهو بعمر 17 عاما و246 يوما، فيما كان حارس المرمى المجري جابور كيرالي الأكبر عمرا في لقاءات البطولة، عقب خوضه لقاء منتخب بلاده ضد نظيره البلجيكي في يورو 2016، عندما كان يبلغ 40 عاما و86 يوما.
ويعتبر حارس المرمى الألماني ينس ليمان الأكبر سنا في تاريخ المباريات النهائية بأمم أوروبا، بعدما شارك مع منتخب بلاده ضد نظيره الإسباني في نهائي يورو 2008، حينما كان يبلغ 38 عاما و232 يوما، بينما يعد ريناتو سانشيز الأصغر سنا في لقاءات النهائي، حيث تواجد مع منتخب البرتغال ضد المنتخب الفرنسي بنهائي 2016، وهو بعمر 18 عاما و327 يوما.
وكان السويسري يوهان فونلانتين أصغر اللاعبين سنا تسجيلا للأهداف في تاريخ أمم أوروبا، بعدما زار مرمى فرنسا في يورو 2004، عندما كان يبلغ 18 عاما و141 يوما، في حين يعد الإيطالي بييترو أناستازي الأصغر إحرازا للأهداف في نهائي البطولة، وذلك بعدما هز شباك منتخب يوغوسلافيا في المباراة النهائية لـ(يورو 1968)، حيث كان يبلغ 20 عاما و64 يوما.
وفي السياق ذاته، فقد كان النمساوي إيفيكا فاستيتش أكبر اللاعبين عمرا تسجيلا للأهداف بكأس الأمم الأوروبية، بعدما أحرز في مرمى بولندا خلال يورو 2008، وهو بعمر 38 عاما و257 يوما.
أما النجم الإيطالي ليوناردو بونوتشي، فهو أكبر لاعب سنا إحرازا للأهداف في المباريات النهائية في المسابقة القارية، عقب تسجيله في شباك منتخب إنجلترا بنهائي يورو 2020، حيث كان يبلغ 34 عاما و71 يوما.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: رونالدو اليورو يورو كأس الأمم الأوروبية يورو 2024 كرستيانو رونالدو تصفيات يورو 2024 قرعة تصفيات يورو 2024 نهائيات يورو 2024 موعد قرعة يورو 2024 اليورو 2024 قرعة يورو 2024 بطولة يورو 2024 بطولة اليورو 2024 المانيا يورو 2024 جدول مباريات يورو 2024 يورو 24 کأس الأمم الأوروبیة فی تاریخ البطولة تسجیلا للأهداف على الأقل فی أمم أوروبا للأهداف فی من الأرقام وهو بعمر فی نهائی أهداف فی کان یبلغ فی نسخة فی یورو کما أنه یورو 2020 فی نسخ
إقرأ أيضاً:
المفاوضات السورية-الإسرائيلية: تاريخ من الأخطاء والدروس
لطالما كانت المفاوضات السورية الإسرائيلية فصلا غامضا. تارة يُنفى وجودها، وتارة يُسرب منها ما يكفي لإثارة الجدل العام. اليوم، يبدو أن إسرائيل تسعى لنقل ملف الجولان إلى منطقة تفاوضية أخرى عبر استغلال ملف الدروز حاليا و"قسَد" لاحقا، بهدف جعل المنطقة الجنوبية السورية برمتها خالية من السلاح، وهو ما يمثل تحديا جديدا ومعقدا للدولة السورية الناشئة.
من الضروري أن نتوقف اليوم، بوعي نقدي وتحليل عميق، أمام دروس الماضي التفاوضي الطويل لنفهم بوضوح: هل كانت السلطات السورية حقا تفاوض من أجل الوطن وسيادته، أم كانت تناور فقط من أجل بقائها؟
وقد بدأت قصة التفاوض السوري الإسرائيلي فعليا مع احتلال إسرائيل مرتفعات الجولان 1967، ليصبح هذا الاحتلال نقطة الارتكاز لأي حديث عن السلام أو الصراع.
جدلية الأرض والسلطةمحطات ما قبل المفاوضات ما بين 1967 و1973:بين عامي 1967 و1973، وقبل أن تندلع حرب أكتوبر/ تشرين الأول، هل شهدت العلاقة السورية الإسرائيلية أي مفاوضات؟ الجواب الصريح: لم تحدث مفاوضات مباشرة، لكن جرت محاولات دبلوماسية متعددة، فشلت جميعها في تحقيق أي اختراق.
قرار أممي ضاع أدراج الرياح: القرار 242 (نوفمبر/تشرين الثاني 1967)بعد احتلال الجولان وسيناء والضفة الغربية في حرب 1967، صدر قرار مجلس الأمن 242. هذا القرار دعا إلى مبدأين أساسيين: انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة، والاعتراف بحق كل دولة في العيش بسلام داخل حدود آمنة.
كان موقف سوريا حاسما ورافضا للقرار، خاصة أنه يحكمها حزب قومي أيديولوجي [البعث] تسلم السلطة بحجة أن الحكم قبل 1963 كان انفصاليا، والقرار الصادر لم يُشر صراحة إلى "الانسحاب الكامل"، واعتبرته مساويا بين الجلاد والضحية.
أما إسرائيل، فقد قبلت القرار نظريا لكنها رفضت الانسحاب الكامل، وخاصة من القدس والجولان. وهكذا، وُلد القرار كبذرة أمل للحل في المنطقة، لكنه سرعان ما ضاع أدراج الرياح بين تباين التفسيرات ورغبة إسرائيل في السيطرة على القدس ومرتفعات الجولان الإستراتيجية.
إعلان جهود أممية بلا ثمار: مهمة غونار يارنغ (1967-1971)كُلف غونار يارنغ بمتابعة تنفيذ القرار 242، وقام بجولات مكوكية بين دمشق وتل أبيب، محاولا جس نبض الطرفين.
أبدت إسرائيل استعدادا للنقاش دون الالتزام بالانسحاب الكامل، فقد كانت راغبة في تسويق نفسها كدولة عقلانية قابلة للتفاوض. في المقابل، أصرت سوريا على مبدأ عدم التفاوض مع إسرائيل قبل الانسحاب الكامل من الجولان، لأسباب بنيوية في النظام.
كتب يارنغ في تقريره أن إسرائيل ترفض الانسحاب الكامل، وسوريا ترفض الاعتراف أو التفاوض مع الاحتلال. كانت الجهود الدولية عبثية بين إرادتين متناقضتين.
التركيز على جبهات أخرى: وساطات أميركية (نيكسون وكيسنجر)في تلك الفترة، لم يركز الرئيس الأميركي نيكسون ووزير خارجيته كيسنجر على المسار السوري بشكل جاد، كان تركيزهما ينصب على مصر والأردن، بينما ظلت سوريا متشددة في خطابها ورفضها التفاوض دون انسحاب إسرائيلي مسبق.
لم تكن دمشق مستعدة للتنازل عن أوراقها قبل أن تفرض واقعا جديدا على الأرض.
مسار المفاوضات بين سوريا وإسرائيلاتفاق فض الاشتباك (1974): تهدئة الجبهة وترتيب البيت الداخليكان هذا الاتفاق، الذي توسط فيه وزير الخارجية الأميركي الأشهر هنري كيسنجر، نقطة البداية العلنية للمفاوضات بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول.
يومها، لم يكن هدف النظام السوري تهدئة الجبهة بهدف استعادة الجولان فورا، بل كان هدف حافظ الأسد الأساسي إعادة ترتيب بيته الداخلي الذي لم يستقر بعد، وتعزيز شرعيته الإقليمية والدولية بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول التي أحدثت تحولا في المشهد الإقليمي.
أما هدف إسرائيل من الاتفاق، فكان باعتباره خطوة نحو تحييد الجبهة السورية جزئيا، وضمان أمن حدودها بعد قضمها أراضي واسعة من دول الجوار والتفرغ لملف مصر والأردن.
مؤتمر مدريد (1991): مناورة لكسب الوقت وتجنب العزلةبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتغير موازين القوى العالمية، جاء مؤتمر مدريد كمحاولة أميركية طموحة لجمع الأطراف العربية والإسرائيلية. دخلت دمشق المفاوضات بخطاب قومي حاد، لكنها في الواقع التزمت بقواعد اللعبة الدولية.
كان واضحا أن حافظ الأسد يفاوض ليكسب الوقت ويتفادى العزلة السياسية، ويستوعب المتغيرات الدولية وحرب الخليج، لا ليكسب الأرض. أما الهدف الإسرائيلي، فكان يكمن في كسر العزلة الإقليمية دون تقديم تنازلات جوهرية.
مفاوضات جنيف (1999-2000)في عهد حافظ الأسد، وتحت رعاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون، بلغت هذه المفاوضات السرية ذروتها. كادت دمشق أن توقع اتفاقا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، لكن في لحظة درامية عُرفت لاحقا، رفض الأسد الأب التوقيع على الخريطة بعد اكتشافه أنها لا تعيده إلى خط الرابع من يونيو/ حزيران 1967 بالكامل.
وتكرست بعدها مقولة: "لا مفاوضات دون سيادة كاملة". لكن السؤال الجوهري الذي طرحه السوريون: هل كنا نفاوض حقا من أجل السيادة الوطنية الكاملة، أم من أجل تعزيز صورة "الزعيم" وشعار الممانعة؟ خاصة أن حافظ الأسد كان مريضا ويريد تخليد ذكراه كزعيم عروبي.
مفاوضات غير مباشرة عبر تركيا (2008): بحث عن شرعية دولية لا اختراق حقيقيفي عهد الرئيس بشار الأسد، بدأت وساطة تركية مباشرة من الرئيس رجب طيب أردوغان لعقد اتفاق سوري إسرائيلي. حينها، قدمت دمشق وثيقة غير مسبوقة تضمنت تنازلات أمنية، وحتى ترتيبات مشتركة محتملة في الجولان المحتل.
إعلانكان الهدف الرئيسي لبشار كسر العزلة السياسية بعد مشاركته في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكن فجأة انهارت المحادثات بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في نهاية العام، ليتحول الخطاب الرسمي إلى شعار "الممانعة".
الواقع أن مفاوضات بشار الأسد، شأنها شأن مفاوضات والده، لم تكن أبدا تدور حول الأرض بمعناها الكامل، بل كانت تدور في جوهرها حول السلطة والبقاء.
كان التفاوض مجرد تكتيك لرفع العقوبات الدولية، وكسب الاعتراف الإقليمي، وشراء الوقت، باعتبارهم عائلة عروبية مقاومة ممانعة للتطبيع.
تجارب مفاوضات إقليمية: دروس يجب أن نتعلمهامقارنة بتجربتنا، مضى الرئيس المصري أنور السادات إلى كامب ديفيد بجرأة غير مسبوقة، فاستعاد سيناء بالكامل مقابل السلام المنفرد، ودفع ثمنا سياسيا باهظا على الصعيد العربي بتفكيك المنظومة.
أما الفلسطينيون فقد دخلوا أوسلو مضطرين، في لحظة انهيار إقليمي وعربي، لكنهم أخطؤُوا حين تنازلوا عن جوهر قضيتهم مقابل وعود مستقبلية لم تتحقق. أما الأردن في وادي عربة، فقد فاوض بهدوء وواقعية باعتباره دولة ضعيفة الموارد تحيطه دول إقليمية كبرى، وحافظ على حدوده، وربح استقرارا هشا في ظروف إقليمية معقدة.
تُظهر هذه التجارب الإقليمية بوضوح أن النية الصادقة بالتفاوض، ومعرفة سقف المطالب الواقعي، وفهم طبيعة الخصم ونقاط قوته وضعفه، كلها شروط حاسمة لأي نجاح تفاوضي مستقبلي.
أخطاء المفاوض السوري: بوصلة للمستقبلمن كل هذه التجارب، يبرز الخطأ الأكبر في أداء المفاوض السوري تاريخيا، وهو خطأ مركب ومتجذر في بنية النظام وطريقة تعاطيه مع قضايا الوطن المصيرية:
الخطأ الأول: المفاوضة بلا خريطة طريق واضحة، وبلا سند شعبي حقيقي يُضفي الشرعية على قراراته. هذا الغياب للرؤية الإستراتيجية والشرعية الشعبية جعل المفاوض السوري يدخل الطاولة وهو يخشى من كشف نواياه الحقيقية، أو ربما لا يمتلك نوايا واضحة من الأساس. في المقابل، يبدو الخصم أكثر وضوحا منه في تحديد الأهداف والمطالب، مما يمنحه اليد العليا في أي جولة.التفاوض من موقع ضعف داخلي، أو من خلف ظهر الشعب، هو وصفة مضمونة للفشل، لأنه يفقد المفاوض أهم أوراقه: الإرادة الوطنية الجامعة.
الخطأ الثاني: أن التفاوض كان لذاته، لا من أجل تحقيق نتيجة ملموسة. لم يكن الهدف هو الوصول إلى حل شامل وعادل، بل كان الهدف هو "الجلوس على الطاولة" بحد ذاته.جلس الأسد الأب أكثر من عقد من الزمان في مفاوضات لا يريد منها حلا شاملا، بل تسكينا مؤقتا للأوضاع، أو استخدامها كواجهة دبلوماسية لتخفيف الضغوط الدولية. والابن استخدم التفاوض كورقة في لعبة الأمم المعقدة، لرفع العقوبات أو كسب اعتراف إقليمي، لا كورقة في مشروع وطني للتحرير واستعادة الحقوق.
هذا التكتيك، وإن منح النظام بعض الأنفاس المؤقتة، إلا أنه أضاع فرصا تاريخية لاستعادة الأرض.
الخطأ الثالث: غياب الابتكار في الطرح التفاوضي. فمعظم ما قُدم من جانب عائلة الأسد كان تقليديا، يعتمد على استرجاع المبادرة العربية للسلام، أو الالتفاف حول خطاب "السلام مقابل الأرض"، دون تفاصيل عملية أو رؤى خلاقة. لم يحاولوا طرح مبادرات حقيقية تضعنا في موقع الفاعل الذي يقترح الحلول، لا المتلقي الذي ينتظر التنازلات.في عالم التفاوض المعاصر، الابتكار في الأفكار، وتقديم حلول غير تقليدية للمشاكل المعقدة، يمكن أن يغيرا ديناميكية الجلسات ويخلقا مساحات جديدة للاتفاق، وهو ما افتقدناه بشدة.
هل نتعلم من الماضي لنصنع مستقبلا أفضل؟إذا كنا نحلم بمفاوضات مستقبلية واعدة، فإن علينا أن ندرك هذه الدروس بعمق، وأن نعمل على:
بناء موقف وطني موحد وشرعية شعبية حقيقية: التفاوض دون سند شعبي وشرعية وطنية هو مغامرة خاسرة حتما. يجب أن يكون الشعب هو صاحب القرار والداعم الأكبر للمفاوض، وأن يكون الموقف التفاوضي نابعا من إجماع وطني حقيقي. امتلاك جرأة الطرح وابتكار الحلول: يجب ألا نخجل من طرح تصورات جديدة ومبتكرة تحفظ الحقوق الوطنية وتدير الواقع بذكاء، بدلا من التمسك بالخطاب التقليدي الذي لم يعد يفضي إلى شيء. يجب أن نكون السباقين في تقديم المبادرات التي تعكس رؤيتنا لمستقبل المنطقة، لا مجرد ردود أفعال على مبادرات الآخرين. فهم الخصم كما هو، لا كما نتخيله: إسرائيل دولة لا تهادن إلا من موقع القوة، ولا تقدم التنازلات إلا عندما تشعر أن البديل الإستراتيجي سيكون أكثر كلفة عليها. يجب فهم هذه العقلية بعمق، ودراسة نقاط قوتها وضعفها، وكيفية استغلالها لصالح الموقف التفاوضي السوري. التفاوض ليس صراعا عاطفيا، بل هو عملية عقلانية تتطلب فهما دقيقا للطرف الآخر. إدراك أننا لا نفاوض من أجل السلام فقط، بل من أجل الكرامة والسيادة: السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من موقع القوة والندية.المفاوضات في هذا السياق، إذا ما تمت، يجب أن تكون ذات إستراتيجية واضحة المعالم:
إعلان هدفها الأول والأخير هو استعادة السيادة الوطنية على الأراضي المحتلة بطريقة أو بأخرى. ترسية أمن واستقرار حقيقيين في المنطقة الجنوبية، لا عبر التنازل عن السيادة أو جعلها منطقة خالية من السلاح على حساب الأمن القومي، بل عبر اتفاقيات عادلة تضمن حقوق الجميع وتنمية المنطقة. بناء دولة قوية ومستقرة داخليا، قادرة على حماية حدودها ومصالح شعبها.إن سجل المفاوضات السورية الإسرائيلية يمثل كنزا من الدروس والتجارب المريرة، ليس لاستيعاب هذه الدروس لعدم تكرارها لاحقا، بل لتشكيل بوصلة للمستقبل، تضمن تحقيق سيادة سوريا ومصالحها الوطنية العليا في أي مسار تفاوضي قادم.
المستقبل الحقيقي لسوريا يكمن في قوتها الداخلية، في وحدتها، وفي قدرتها على التفاوض من موقع المبادئ والكرامة، لا من موقع الضعف أو الحاجة للبقاء.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline