إسرائيل أعجز من أن تشنّ حربًا شاملة ضد لبنان
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
ما يمكن استنتاجه مما خلصت إليه القمة الفرنسية – الأميركية التي جمعت الرئيسين إيمانويل ماكرون وجو بايدن في قصر الإليزيه في باريس السبت الماضي، بالنسبة إلى الملف اللبناني، هو أن إسرائيل لن تجسر على شنّ حرب شاملة على لبنان، وستكتفي بما تقوم به من اعتداءات واسعة على القرى الحدودية.
فإذا كانت يد تل أبيب غير مقيّدة في قطاع غزة على رغم الاعتراضات التي تواجهها عالميًا وحملات الشجب والادانة، فإنها تبدو عاجزة عن جرّ لبنان إلى مواجهة مفتوحة، وذلك بسبب أن وضعية لبنان تختلف عن وضعية القطاع، وإن حاول "حزب الله" ربط الجبهة الجنوبية بالجبهة الغزاوية انطلاقًا من مبدأية "وحدة الساحات".
فإدخال لبنان في حرب مفتوحة على غرار ما هو حاصل في قطاع غزة يعني بالنسبة إلى العالم الغربي ضرب الاستقرار في المنطقة، مع ما يمكن أن يكون لذلك من تأثير مباشر على الاستقرار العالمي. من هنا جاء الاهتمام الأميركي – الفرنسي في قمة باريس، من حيث تقدّم الملف اللبناني في أولويات الدولتين لا سيما لجهة الموازاة والتساوي بين السعي الى منع الحريق الإقليمي من الامتداد الى لبنان والإلحاح على انتخاب رئيس للجمهورية، وهو أمر بالغ الدلالات لجهة اقتران الجهود المشتركة للتوصل الى حل مزدوج للملف اللبناني بهذين الشقين.
إلاّ أن الملف الرئاسي، على رغم أهميته بالنسبة إلى الأميركيين، فقد تّركت تفاصيله إلى اللقاء الذي سيجمع الرئيس الفرنسي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة الدول الصناعية، الذي سيعقد في روما، مع اقتناع باريس بالدور المهم، الذي يمكن أن تقوم به الرياض في دفع الجهود المبذولة لتسريع إتمام الاستحقاق الرئاسي، وعدم ترك لبنان مشرّع الأبواب على كل الاحتمالات السيئة، التي يمكن أن تنجم عن استمرار الفراغ في سدّة الرئاسة.
فباريس المهتمة بالوضع اللبناني من بوابة الملف الرئاسي عبر موفدها جان ايف لودريان تعوّل كثيرًا على الدور السعودي في هذا المجال، وذلك نظرًا إلى العلاقة الوطيدة، التي تربط بين المملكة ومختلف الشرائح اللبنانية، وبالأخص الفريق الذي يتماهى مع السياسة الانفتاحية، التي تنتهجها المملكة بعد اعلان بكين، مع نظرتها الشاملة لقضايا المنطقة، خصوصًا أن الرياض لم تتعاطَ مع الأزمة الرئاسية اللبنانية من زوايا ضيقة، بل حرصت منذ اللحظة الأولى للشغور الرئاسي على عدم الدخول في تفاصيل الأسماء، وبقي دورها محصورًا من ضمن سقوف اللجنة الخماسية، مع تشديدها على أهمية التوافق اللبناني – اللبناني على اختيار الرئيس، الذي يستطيع أن يعيد لبنان إلى الحضن العربي.
وعليه، فإن تحرك لودريان الخارجي بوجهه اللبناني، سواء عبر المحادثات التي أجراها في الفاتيكان، أو عبر التواصل المستمر مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، ستكون له تأثيرات مباشرة على الملف الرئاسي في مرحلته المتقدمة، على رغم الضباب، الذي يلف المنطقة الفاصلة بين "ساحة النجمة" وقصر بعبدا، وذلك لكثرة ما يثار من غبار سياسي لا بدّ من أن ينجلي في أسرع وقت، لأن ما تراه فرنسا من بعيد لا يستطيع أن يراه الذين يتعاطون بالملف الرئاسي من مسافة قصيرة، خصوصًا في ما يتعلق بالمستقبل السياسي للبنان، إذ أن ما حذّر منه لودريان في آخر زيارة له لبيروت عن خشيته من زوال لبنان السياسي كما هو عليه راهنًا لم يكن مجرد زّلة لسان، بل نتيجة قراءة فرنسية واقعية لما يُعدّ للبنان من ضمن التسويات الكبرى في المنطقة، والتي قد يعاد فيها رسم الخارطة السياسية لدولها.
من هنا، فإن ما يجري على الجبهة الجنوبية من مناوشات لا تخلو من الحماوة، لا يمكن فصله عن المسار العام، وما له علاقة بما يُرسم ويُخطَّط له، بدءًا من البحث الجدّي عن حل مستدام للقضية الفلسطينية، وصولًا إلى تكريس حيادية لبنان. وهذا ما يطالب به الفاتيكان، الذي يبدي حرصًا شديدًا على بقاء الصيغة اللبنانية على فرادتها كنموذج للتعايش الحضاري، الذي يميزّ اللبنانيين عن سواهم من شعوب المنطقة، وهو النقيض لمفهوم الأحادية المطلقة في التجّذر التاريخي بمنطق عرقي قاتل ومدّمر. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تهديد من «سجن رومية» اللبناني: سنحرق السجون كما أحرقتم مستقبلنا
تشهد السجون اللبنانية توتّرًا متزايدًا، بعد صدور بيانات تهديدية من نزلاء سجن رومية المركزي، أكبر سجون لبنان، أعربوا فيها عن استعدادهم لتنفيذ تصعيد غير مسبوق، ملوّحين بإحراق السجون احتجاجًا على ما وصفوه بتجاهل السلطات لمعاناتهم المستمرة وسوء أوضاعهم.
وفي بيان متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقّع باسم “شبكة من السجناء اللبنانيين”، جاء تحذير شديد اللهجة: “سنحرق السجون كما أحرقتم مستقبلنا”، مؤكدين أن محاولات تسوية أوضاع السجون عبر حلول جزئية لن تُجدي نفعًا، خاصة إذا اقتصرت على ملف السجناء السوريين دون غيرهم.
وأضاف البيان: “السلطة في لبنان قوية على الضعيف ومتواطئة مع القوي، وسبق أن حذرنا في بياننا الأول من أي حلول غير عادلة أو مجتزأة. نحن اليوم جهزنا أنفسنا لتصعيد يقلب الطاولة على الجميع. لقد خسرنا كرامتنا كبشر ولم يعد لدينا ما نخسره”.
وفي بيان ثانٍ، جدّد النزلاء تحذيرهم من استمرار ما وصفوه بـ”تجاهل معاناة المساجين”، معتبرين أن جميع الجهات السياسية والدينية والقضائية والإعلامية في لبنان تتحمّل مسؤولية ما قد يحدث في حال بقيت الأزمة من دون حلول جذرية.
وشدد البيان على أن “تسول الحلول من المسؤولين لم يعد ينفع”، داعيًا إلى مقاربة شاملة لمعالجة ملفات السجناء اللبنانيين من مختلف الجنسيات، وليس فقط ملف الموقوفين السوريين، محذرين من أن التمييز بين السجناء قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة.
ويعاني سجن رومية منذ سنوات من اكتظاظ شديد وظروف معيشية وصحية صعبة، وسط تأخر مستمر في المحاكمات وغياب برامج تأهيلية أو إصلاحية حقيقية، وفي ظل الأزمة الاقتصادية والانهيار المؤسسي في لبنان، تصاعدت احتجاجات السجناء، وكان آخرها تلويح بحرق السجون كمحاولة يائسة للفت الأنظار إلى أوضاعهم.
ودعا السجناء، عبر بياناتهم، إلى تبني “حلول جذرية لاستعادة كرامتهم”، محمّلين السلطة بمختلف مستوياتها المسؤولية عن أي تصعيد قد يحدث داخل السجون.
حتى الآن، لم تصدر وزارة الداخلية أو مديرية السجون أي بيان رسمي للرد على هذه التهديدات، بينما تتصاعد الدعوات من منظمات حقوقية وناشطين لبنانيين إلى تحرك سريع، لتفادي أي انفجار أمني محتمل داخل السجون.