لجريدة عمان:
2025-10-13@02:24:57 GMT

عن الفنان الفلسطيني العالمي الذي لا يتوقف

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

عن الفنان الفلسطيني العالمي الذي لا يتوقف

يتابع الفلسطينيون والعرب المهتمون بالسينما مشاهدين وفنانين وإعلاميين صعود الفنان الفلسطيني المقدسي السينمائي، كامل الباشا إلى العالمية من خلال مشاركاته المتعاقبة في أفلام أوروبية يحصل من بعض أدواره فيها على جوائز، وتغطية إعلامية كبيرة، ثمة أهمية مضاعفة لانتشار الفلسطيني في العالم، شارحا ألم شعبه ومفصلا محطات تاريخ احتلال بلاده وحق شعبه في الدفاع عن نفسه واسترداد حقوقه.

قبل عدة سنوات جلست في مسرح القصبة أنتظر مع جمهور كبير افتتاح مهرجان مسرحي عالمي، كان يجلس بجانبي فنان مسرحي، معروف، قبل الافتتاح بقليل، أشار الفنان ناحية كامل الباشا الذي كان يبحث عن مقعد، وهمس في أذني: (هذا هو الفنان الذي لا يتوقف أبدا)، أخذت ملاحظة الفنان على أنها مديح رغم أنها يمكن أن تتحمل غير ذلك، لم أفكر كثيرا في المعنى، لكني أحببت إيقاع الجملة، وظللت أرددها بيني وبيني حين أراه من بعيد: (هذا هو الفنان الذي لا يتوقف)، وصدّقت نفسي على أنها مديح لصديقنا العالمي الذي هو صديق الفنان الذي جلس قربي، كامل بالفعل لا يتوقف عن العمل، جبل دراما لا يخبو ولا ينعس، لا يكاد يخرج من مسرحية كمخرج أو ممثل حتى نراه يدخل في أخرى، مرة كدت أسأله: كامل أين الفنان فيك وأين العادي؟ بمعنى أني أظنك في كل لحظة جزءا من مسرحية أو دور في سينما، متى تكون عاديا، تضيّع نظارتك في مكتبة الجعبة، و تشتري الفقوس من حسبة رام الله؟ وتصافح مهيب برغوثي بحرارة، ثم تشتم زحام سيارات شارع القدس برام الله، (اللعنة مالذي يؤكد لي أن هذه مشاهد عادية،؟ ولماذا لا تكون جزءا من عمل فني يقوم به، يا لمتاهتي!).

رأيته في سوق خان الزيت بالقدس مرة، أحببت أني رأيته هناك، إحساس يشبه نوع صعب وصفه من الطمأنينة، يناسب تماما أن نراه في القدس العتيقة، وهو مقدسي اللهجة و المولد والنشأة، مالحي الأصل (نسبة الى قرية المالحة المهجرة)، رآني كامل قبل أن أصافحه أنظر خلفه وخلفي بحركات متوترة و سريعة: مالك أبو الزوز؟ سألني وهو ينظر حيث أنظر. (ما في إشي كامل بس بدي أتاكد أنك مش بدور سينمائي، عشان ما أشوش عليك، فبشوف إذا في كاميرات ومخرج من بعيد وأجهزة صوت وكذا). ضحك الفنان الذي لا يتوقف، تصافحنا، وتحدثنا قليلا، ذهبتُ بعدها الى جنة حمص أبو شكري الذي دلّني هو قديما عليه، وذهب هو الى عاديته او دوره المخبأ، و لا أدري أكانت صدفة أم لا، في الطريق الى المطعم، رأيت مصورا يحمل كاميرا كبيرة على الكتف، وأمامه شخص يمد جهاز صوت، وأشخاص داخل محل مكسرات يتجادلون، ابتسمت وصّدقت أن كاملا ضحك عليّ، فالفنان الذي لا يتوقف كان يقوم بدور شخص يتجول ويصافح الأصدقاء.

في السنوات الأخيرة برز اسم كامل الباشا عالميا، بدت فلسطين سعيدة بصعود فنان عرفه الفلسطينيون بجديته في العمل وصدقه واحترامه لزملائه، وغنى مضامين أدواره.

عشرات الأفلام الفلسطينية والمسلسلات وأفلام أخرى عربية و عالمية، شارك فيها فنانا المقدسي، وقدم فيها أداء مميزا، حاصلا على جوائز عالمية وعربية لبعض أدواره فيها.

من مسلسلاته: بيت الارباب وخارج السيطرة والغرفة رقم 207 وهجمة مرتدة والسهام المارقة وأخيرا: (مسلسل دواعي السفر) الذي حصل على نسبة مشاهدات عالية، وأفلامه : برتقالة من يافا والعشاء الأول وذكرنا وأنثانا وجزر فلسطين وحمزة وصالون هدى وعشب طري والطريق وقضية رقم 23 والعديد من الأفلام والمسلسلات.

إذا رأيتم رجلا في الشارع الرئيسي يمشي بهدوء، شارد الذهن، ثم فجأة قاطعا الشوارع الفرعية باضطراب، يسيل من عينيه حوار مسرحي، وتتصايح في فمه شخصيات مسرحية، أو تقف على أبهامه منصة مسرح، فاعرفوا انه كامل الباشا.

لن أتعبت كثيرا في البحث عن كلمة تلخص بدقة شخصية الفنان كامل الباشا.

المثابرة، المثابرة المثابرة. لا كلمة أخرى، لا تسألوه عن صحته، فما دام يعمل فهو بصحة جيدة..

(أنا قادم من المسرح). قالها كامل أمام جمهور المهرجان السينمائي وكأنه يذكرهم:( اوعوا تفهموني غلط و اتفكروا اني ممكن أخون بيتي).

نحبك كامل ونرجوك: لا تتوقف.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کامل الباشا

إقرأ أيضاً:

كامل إدريس.. حين يسقط رجل الدولة في فخّ الهتاف

أحمد عثمان جبريل

لا يُقاس سقوط رجُل دولة بمجرد زلة لسان أو بلحظة عاطفية عابرة؛ بل يقاس بقدْر الفجوة بين ما يُفترض أن تمثّله مكانة المسؤول وبين ما تُسجّله أفعاله من خيبات واهتزازات رمزية. كامل إدريس لم يأتِ من الشارع؛ لم يأتِ محمّلاً بشعارات عفوية أو بصفاقات حشود.. جاء من مؤسسات أممية ودولية تعلّم فيها لغة البروتوكول، وفهم فيها معنى المقام، وحمل على كاهله ثقافة لا تسمح بالانزلاق في مهرجانات الولاء. لذا فإن هتافه “يعيش أسياس” لا يُقرأ كزلّة لحظة، بل كانهيار لمعنى الدولة في لحظة هي أحوج ما تكون إلى وقارٍ وصرامة.

«الكلمة بمقدار ما تُضيء تُحاكم؛ ومن يطلقها دون حساب يترك أثرها لا يُمحى.»
— نجيب محفوظ

1
حين يخرج رجل من رحم المؤسسات الدولية ليُمثّل أمة مكلومة، لا يُنتظر منه أن يردّد الهتافات، بل أن يصون المعاني.

كامل إدريس، الذي جاء ومن دهاليز الأمم المتحدة، ليس رجلاً جديد العهد بالبروتوكول. يعرف ما يعنيه أن تكون رئيس وزراء، وما الذي تُمليه هيبة المنصب من اتزان وتوازن. لذا، فإن مشهده وهو يهتف باسم أسياس أفورقي، ليس خطأ بروتوكوليًا، بل سقوطٌ مفاهيمي لرجلٍ كان يُفترض أن يُجسّد مقام الدولة، لا أن يجرّدها من رمزها.

2
لا يمكن النظر إلى هذا الفعل على أنه زلّة عابرة، في وقتٍ تشهد فيه البلاد واحدة من أعقد مراحلها السياسية والإنسانية.. السودان يعيش لحظة عطش إلى من يُمثّله بكرامة، لا إلى من ينزلق في مهرجانات الولاء المجاني.. الهتاف باسم طاغية يختزل أكثر من فعل شخصي؛ هو إهانة لشعبٍ خَبِر معنى الثورة، ودفع دماءً غزيرة ليقف حُرًّا، لا تابعًا.

3
ما يجعل المشهد أكثر إيلامًا أن هذا ليس أول انزلاق يُسجَّل في فترة وجيزة من تولّي إدريس مهامه، بل واحد ضمن سلسلة أخطاء سياسية وبروتكولية وإعلامية متلاحقة، تُظهر أن الرجل – رغم مؤهلاته الدولية – إما أنه محاط بمن يضلّلونه، أو أنه فقد القدرة على التمييز بين مقتضيات رجل الدولة، ومغريات الطلة الاحتفالية.

4
ولا يمكن الحديث عن هذه السقطات دون التطرّق إلى طاقم المستشارين. فهؤلاء ليسوا مجرد موظفين في الظل، بل رُكّاب السفينة الحقيقيين. فإما أنهم يفتقرون للرؤية، أو أنهم متواطئون في تقديم صورة هشّة لرئيس الوزراء. في كلتا الحالتين، المسؤولية الأخلاقية والإدارية تفرض إعادة النظر في هذا الفريق، لأن الفشل لم يعد يُغطّيه الصمت.

5
وتحت هذه الانزلاقات، يطفو سؤال مقلق بدأ يهمس به الشارع: هل كامل إدريس بكامل لياقته الذهنية؟ هل نُواجه فقط سوء تقدير، أم أننا أمام قصورٍ وظيفي ينعكس على صورة الدولة؟ لسنا هنا في مقام التشخيص، لكن من حقّ الدولة، والشعب، والمؤسسة أن تتحرّى عن سلامة ممثلها، لا حرصًا عليه وحده، بل على من يُمثّلهم.

6
الهتاف لأسياس لم يكن مجرّد انفعال؛ بل رسالة خاطئة. لأمة تُصارع للبقاء، ليس من المقبول أن يُرسَل إليها هذا النوع من الرموز — رجلٌ لا يُنتخب، ولا يتغيّر، ولا يسمع غير نفسه. ومن يهتف له، يفتح بابًا واسعًا للشك في مدى إدراكه لقيمة التفويض الشعبي وكرامة الشعب الذي يُمثّله.

7
البرهان، الذي أسند هذا المنصب، يتحمّل بدوره مسؤولية ما يحدث. إن لم يتدخل الآن لإصلاح هذا المسار، فسيدفع ثمن الصمت على انحدارٍ علني، يوشك أن يبدّد ما تبقى من صورة الدولة. البداية يجب أن تكون بإقالة المستشارين الذين سمحوا بهذا الانهيار، أو لم يوقفوه. فصورة القيادة تُصاغ من ظلال المحيطين بها.

8
ما نطلبه ليس أكثر من الحد الأدنى: رجل مسؤول، متّزن، لا يُحرج الدولة، ولا يُنقص من قيمتها، ولا يُراكم الخيبات. إن لم يكن كامل إدريس قادرًا على أن يكون هذا الرجل، فإن الأدب الوطني يقتضي أن يرحل. لا إهانة في الانسحاب حين تعجز عن حمل الاسم. الإهانة الحقيقية هي أن يبقى ممثل الدولة صدىً، لا صوتًا.

9
بقى أن نقول:” لسنا شعبًا بلا ذاكرة. ولسنا ممن يُلدغون مرتين دون أن يستفيقوا.. من يعبث بكرامة هذا الشعب الأبي سيجد نفسه خارج سياقه، مهما علا صوته.. الكراسي لا تُبقي على أحد؛ وحده الوفاء لمعنى الشعب و الدولة هو ما يُخلّد القادة.. وعلى من اختار الهتاف، أن يدرك أنه لم يُصفّق وحده .. بل صفع قلوبًا تعبت، وأرواحًا لم تعد تقوى على المزيد”.
إنا لله ياخ.. الله غالب.

الوسومأحمد عثمان جبريل

مقالات مشابهة

  • ما الذي سيدمّر أميركا في صراع النظام العالمي الجديد؟
  • عند شراء سيارة جديدة.. هل يتوقف برنامج حساب المواطن؟
  • “قصر الباشا الغامض”.. فندق مصري يثير الذعر والسؤال: خيال أم حقيقة؟
  • كامل إدريس.. حين يسقط رجل الدولة في فخّ الهتاف
  • مصطفى كامل يكشف سبب أزمة والدته الصحية ويطالب بالدعاء لها
  • «جرعة أنسولين منتهية الصلاحية».. مصطفى كامل يتصدر الترند بعد تعرض والدته لوعكة صحية
  • فيلم فيها إيه يعني .. إيرادات خيالية ليلة أمس الجمعة
  • من هو مروان البرغوثي؟ .. الزعيم الفلسطيني الذي ترفض إسرائيل الإفراج عنه
  • أنسولين منتهي الصلاحية.. والدة مصطفي كامل تتعرض لأزمة صحية
  • فيها حاجة حلوة