يمانيون – متابعات
في ظل استمرار الانحياز الأمريكي لكيان العدو الصهيوني الغاصب.. توقع محللون سياسيون أن يبقى قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن وقف إطلاق النار في غزة “حبراً على ورق”.

فمنذ اللحظة الأولى لانطلاق معركة “طوفان الأقصى” المباركة في السابع من أكتوبر الماضي، وأمريكا تتطوع للدفاع عن الكيان الصهيوني المُحتل وتتبنى ترديد أكاذيبه ودعمه المُطلق سياسيا وعسكريًا في عدوانٍ متواصل خلف أكثر من 37 ألف شهيد وعشرات آلاف الجرحى والمفقودين، في انحيازٍ سافرٍ مكشوف لجريمة الإبادة الجماعية.

ويرى مراقبون أن هذا الأمر الذي لم يعد يخجل منه مسئولو البيت الأبيض، حتى لم تعد الساحة السياسية تفرق بين وزير الخارجية الصهيوني ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي يأتي للمنطقة حاملا صفته اليهودية أمامه مفاخرًا بالدعم المطلق للقتل وسفك الدماء؛ بل أكثر من ذلك ممارسة النفاق والكذب في العلن لخدمة كيان الاحتلال العنصري.

وتبنى مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين الماضي، مشروع قرار أمريكي يهدف إلى التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار على ثلاث مراحل لإنهاء الحرب في غزة، تم اعتماده بأغلبية 14 صوتا وامتناع روسيا عن التصويت، والذي بموجبه، تتضمن المرحلة الأولى “وقفاً فورياً وكاملاً لإطلاق النار مع إطلاق سراح الرهائن، وتبادل الأسرى الفلسطينيين”.

فيما ستشهد المرحلة الثانية منه وقفاً دائماً للأعمال القتالية “مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الآخرين الذين لا يزالون في غزة والانسحاب الكامل للقوات الصهيونية من غزة”، وفي المرحلة الثالثة، ستبدأ “خطة إعادة إعمار كبرى متعددة السنوات لغزة”.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح في نابلس الدكتور رائد دبعي في تصريحات صحفية لوكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا”: “إنه من الواضح أن المقترح الأمريكي في مجلس الأمن ليس وقفاً لإطلاق النار والدليل على ذلك موقف روسيا التي تحفظت على القرار وقال مندوبها: “نحن لا نعرف ما هو الذي سوف تلتزم به “إسرائيل””.

وأضاف: “من الواضح أيضاً أن هذا المقترح منذ طرحه في مسودته الأولى كان محط خلاف كبير، حيث كانت الولايات المتحدة تدعي أن “إسرائيل” موافقة على المسودة الأولى وتطالب حماس بالموافقة عليها، وبعد ضغوط من دول عربية وغير عربية تم تغيير البند إلى مطالبة الطرفين بالموافقة”. .مشيراً إلى أن المسودة الأولى للقرار كانت تتحدث عن دولة فلسطينية من خلال المفاوضات ثم تغير ذلك إلى “حل الدولتين” وألغيت كلمة المفاوضات.

وأردف بالقول: إن هذا يدلل على أن الولايات المتحدة غير جادة ولم تغادر مساحة الانحياز لـ”إسرائيل” بل والشراكة معها.

ورأى دبعي أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد مؤهلة لا سياسياً ولا أخلاقيا لتلعب دور يمكن أن يحمي الضحايا، خاصة أنها جزء من قتل الأطفال والنساء والشيوخ الذين يقتلون بالسلاح الأمريكي.

بدوره، توقع المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، ألا ينفذ الكيان الصهيوني القرار الأممي حتى وإن كانت أمريكا هي التي قدمت مشروع القرار.. قائلاً: “ببساطة، يمكننا أن نقول بأن قرار مجلس الأمن سيبقى حبرا على ورق، لأن “إسرائيل” تعتمد بشكل كلي وأساسي على الولايات المتحدة التي تعتبر شريكاً أساسياً في الحرب على غزة، وهي تعطي الكيان الصهيوني غطاء سياسياً واقتصادياً في تحقيق أهداف بعيدة المنال في حربه على غزة”.

وأضاف: “نحن نعرف جيدا أن “إسرائيل” لا تلتزم بقرارات دولية وقرار مجلس الأمن ما هو سوى أحد ألاعيب أمريكا و”إسرائيل” للتغطية على المجازر الصهيونية في قطاع غزة مثل مجازر رفح وجباليا والنصيرات”.

من جانبه قال الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات في مصر الدكتور مختار غباشي: “إن إشكالية المقترح الأمريكي لوقف الحرب في غزة هي أن المقترح لا يتعهد صراحة بوقف إطلاق النار ولا بانسحاب صهيوني كامل من غزة ولا بمسألة إعادة الإعمار خلال وقت معين”.. مؤكداً أن المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني تعُقد وتيرة الوصول إلى توافق بين حماس والكيان الغاصب، حيث ارتكبت قوات العدو مجازر في النصيرات وقبل ذلك في مخيم جباليا ومستشفى الشفاء ومستشفى ناصر.

وحذر غباشي من أن تطور الصراع الفلسطيني الصهيوني قد يفضي إلى انفجار الأوضاع في الشرق الأوسط خصوصاً إذا احتدم الصراع داخل الساحة اللبنانية أو تطور الصراع في البحر الأحمر بمشاركة القوات المسلحة اليمنية أو انغمست فصائل المقاومة العراقية في الصراع وبدأت في استهداف القواعد العسكرية الأمريكية التي تقف بشدة خلف هذا الكيان الغاصب.

هذا وتدرك الأوساط السياسية في المقاومة الفلسطينية والعالم أجمع أنّ “أمريكا لم تكن وسيطا نزيها منذ بداية الحرب”، وليس أدلّ على ذلك من الفيتو الأمريكي الذي عرقل قرارات أممية دعت لوقف العدوان، وما زالت أمريكا تتبجح بمنح طفلها المدلل (الكيان الصهيوني) في المنطقة شيكا مفتوحا بالسلاح لتؤكد شراكتها المطلقة بالعدوان على الشعب الفلسطيني بأشكاله كافة، وآخرها مجزرة النصيرات.

وفي هذا الشأن يؤكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، في تصريحاتٍ صحفية، أنّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يتصرف كأنه وزير خارجية الكيان الصهيوني، ويعمل على تبرئته رغم أن الكيان هو الذي عارض قرار مجلس الأمن ومقترحات الرئيس الأمريكي جو بايدن.

ويقول البرغوثي: إن بلينكن منهمك في لعبة خطيرة تهدف لتبرئة “إسرائيل” من مسؤوليتها في رفض وعرقلة التفاوض، في حين أن المقاومة قبلت بقرار المجلس ومقترح بايدن، ودخلت في عملية التفاوض، بحسب وكالة صفا.

وأوضح البرغوثي أن الموقف الأمريكي فقط يريد تبرئة نتنياهو وإلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية التي أبدت مرونة عالية في التفاوض حول المقترح بما تضمنه من ملاحظات حول رفض الانسحاب الكامل.

ويُشار إلى أنّ أمريكا استخدمت الفيتو لمصلحة الكيان الصهيوني أكثر من 45 مرة، وتغطي على جرائمه وعدوانه، وفي أكثر من مرة تقفز عن جرائم الحرب والإبادة التي تمارس في غزة وتنكر ذلك في العلن على لسان رئيسها بايدن، وأكثر من ذلك لوحت بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية.

فيما يؤكد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم حمامي، أن هذا الانحياز الأمريكي الأعمى والفج للكيان الصهيوني دفع بلينكن من خلال تصريحاته إلى اتهام المقاومة بعرقلة التوصل لاتفاق ما يثبت أن أمريكا هي من تقود العدوان على غزة، وأنها هي من تفاوض نيابة عن هذا الكيان.

وشدد حمامي على أنّ أمريكا تكذب في كل شيء حول العدوان والمفاوضات، وبالتالي لا يمكن أن تكون لا وسيطا ولا ضامنا لأي اتفاق؛ بل أكثر من ذلك يشدد على أنها “الراعي الرسمي للإبادة الجماعية”.

الجدير ذكره أن المقاومة وبحسب ما يراه المراقبون، تستند في مفاوضاتها على قوتها في الميدان وما أنجزته خلال تسعة أشهر من الحرب وتكبيد الكيان الغاصب خسائر فادحة، كما تستند إلى أن مطالبها مشروعة لتحقيق ما يصبو إليه الشعب الفلسطيني ولو مرحلياً، أما ما يواجُهه الكيان الصهيوني ومعه أمريكا في التفاوض مع حماس والمقاومة فلم تعتده واشنطن و”تل أبيب” في المفاوضات مع الفلسطينيين خاصة منذ اتفاق أوسلو، إذ كان ما يعُرض عليهم يتم القبول به وكان يسُاعد في ذلك الضغوط التي تمارسها بعض الدول العربية على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في حينها.

وختاماً.. يستبعد المراقبون أن يستمر الشد والجذب في مفاوضات الهدنة حتى يقول الميدان كلمته مُجدداً، وتدرك حكومة العدو الصهيوني أن الفضاء الممكن أمامها هو وقف إطلاق النار بشكل نهائي لوقف الحرب والحيلولة دون امتدادها إلى لبنان، ودخول الكيان الغاصب في دائرة يصعب الخروج منها لمحاولة العودة لما قبل معركة “طوفان الأقصى.”. فلم يعد من شك أنّ أمريكا ستواصل ممارسة سياسة الانحياز الأعمى لهذا الكيان الذي انتهجته معه منذ بداية احتلاله لفلسطين.

– السياسية/ مرزاح العسل

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الکیان الصهیونی قرار مجلس الأمن الکیان الغاصب إطلاق النار أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

صنعاء تُغلق الأجواء وتفتح جبهة الاقتصاد .. الكيان الصهيوني تحت الحصار الجوي

يمانيون / خاص

تتوالى الصدمات على الاقتصاد الصهيوني، وهذه المرة من الجو، بعد أن تسبب الحظر الجوي الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على الطيران المتجه إلى الكيان الصهيوني، في شلّ حركة الشحن الجوي بنسبة تصل إلى 80%، متسببًا بأزمة غير مسبوقة في مطار اللد “بن غوريون”، طالت قطاعات حيوية أبرزها السياحة والصادرات.

وفي قراءة تحليلية على قناة “المسيرة”، أكد الباحث والخبير في الشؤون الاقتصادية عماد عكوش أن الحظر اليمني يمثل “صدمة اقتصادية كبيرة للكيان”، مشيرًا إلى أن مطار بن غوريون شهد خلال عام 2023 عبور 22 مليون مسافر، إلا أن هذا العدد تراجع إلى 14 مليونًا فقط في 2024، نتيجة تراجع عدد شركات الطيران إلى 25 فقط بعد أن علّقت أكثر من 19 شركة عالمية رحلاتها.

شريان تصدير بـ15 مليار دولار يتوقف : 
وأضاف عكوش أن مطار بن غوريون يُعد البوابة الأساسية لـ80% من عمليات الشحن الجوي الإسرائيلي، حيث يتم عبره تصدير ما يزيد عن 15 مليار دولار من المنتجات، تشمل:
3 مليار دولار من أجهزة الاتصالات
3.18 مليار دولار من الأدوات والمستحضرات الطبية
6.56 مليار دولار من المجوهرات والألماس
وأشار إلى أن المطار يشكل أيضًا حلقة الوصل الجوية الأساسية لجيش العدو الصهيوني في عملياته العسكرية، ما يجعل تأثير الحظر أعمق من مجرد تعطيل تجاري، بل يمتد إلى الجانب الأمني والعسكري.

السياحة تنهار والحجوزات تُلغى : 
وفيما يتعلق بالقطاع السياحي، لفت عكوش إلى أن الكيان يعتمد بشكل كبير على السياحة، لاسيما السياحة الدينية اليهودية، خصوصًا في موسم الصيف، إلا أن أغلب شركات السياحة العالمية ألغت حجوزاتها إلى الأراضي المحتلة، بعد أن كانت قد رتبت برامجها قبل أشهر.
وأوضح أن هذا التعطيل ألحق خسائر كبيرة بسلاسل التوريد السياحية، كما أن إسرائيليين في الخارج اضطروا لتمديد إقامتهم بفعل توقف رحلات العودة، ما زاد من أعبائهم المالية وكشف هشاشة القطاع الجوي في وجه التهديدات الإقليمية.

مقالات مشابهة

  • موقع عبري: ضربة مطار “بن غوريون” تُغلق سماء “الكيان”.. وشركات الطيران تغادر بلا رجعة
  • لجنة نصرة الأقصى تدعو للخروج المليوني في مسيرات “لا أمن للكيان وغزة والأقصى تحت العدوان”
  • المشاط: لن نتراجع.. وصواريخنا ستصل أهدافها في صيف ساخن للكيان الصهيوني
  • الكيان الصهيوني وتاريخ النازية
  • وزير “البيئة” يرفع الشكر للقيادة بمناسبة الموافقة على تنظيم “هيئة الأمن الغذائي”
  • حكومة السوداني :الكيان الصهيوني تجاوز كلّ الاعتبارات الإنسانية والقانونية في حربه على غزة
  • الضربات اليمنية تُربك مطار اللّد “بن غوريون” وتُعطّل حركة الشحن في قلب الكيان
  • صنعاء تُغلق الأجواء وتفتح جبهة الاقتصاد .. الكيان الصهيوني تحت الحصار الجوي
  • بينهم 30 جثة متفحمة.. الكيان النازي يرتكب محرقة جماعية بحق النازحين في مدرسة “الجرجاوي”
  • الجولان في قبضة الاحتلال.. كيف يغذّي الاستيطان أطماع الكيان الصهيوني؟