مرارة تملأ نفوس مسلمي نيس الفرنسية في عيد الأضحى
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
"ما عدنا نعرف طعم الفرح"، بهذه الكلمات الحزينة عبّر مسلمون في نيس جنوب فرنسا عن مشاعرهم قبل الاحتفال بعيد الأضحى، كاشفين عن المرارة التي تملأ نفوسهم بعد الخطابات السياسية المتهجمة عليهم والضغوط المستمرة التي يواجهونها منذ أشهر.
يقول رئيس اتحاد مسلمي منطقة جبال الألب البحرية عثمان عيساوي، وهو إمام مسجد في المدينة التي يعيش فيها نحو 20 ألف مسلم، إنهم يشعرون أنهم ليسوا "كاملي المواطنة"، وذلك لما يعيشونه من "أفعال معادية للإسلام" في المدارس الثانوية والجامعات، وبسبب "النظرة السلبية إلى المحجبات، وعمليات التفتيش بدون سابق إنذار في المساجد.
الشعور بالضيق والانزعاج ليس جديدا، فلطالما كان الإسلام موضوعا منتظما في الحملات السياسية بالمنطقة، لكن مشاعر كراهية المسلمين تأججت إثر تداعيات طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة.
فقد نصب رئيس البلدية كريستيان إستروسي العلم الإسرائيلي أمام مبنى البلدية، ومنع المحافظ تنظيم مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين بحجة أن هذه المنطقة كانت من بين الثلاث الأولى التي تسجل أكبر عدد من الأعمال المعادية لليهود.
رفضت المحكمة الإدارية حظر المظاهرات، لكن المنع لم يتوقف إلا في يناير/كانون الثاني الماضي. وفي فبراير/شباط الماضي، أمر المحافظ بإغلاق مكتبة إسلامية صغيرة بدعوى أنها تحتوي على كتب أصولية، وهو قرار ألغته المحكمة الإدارية أيضا لأن تلك الكتب كانت معروضة للبيع في المكتبات العامة.
ولإعطائه فكرة عن عملها، دعت مديرة المكتبة المحافظ لشرب الشاي في متجرها، حيث تبيع منذ عقدين الأوشحة والعباءات وسجادات الصلاة فضلا عن الكتب، لكنها لم تتلق أي رد!
وبالمثل، هيمن غياب الحوار على أزمة مدرسة ابن سينا، وهي مؤسسة إسلامية غير متعاقدة مع وزارة التربية الوطنية، تستقبل نحو 100 طالب، وقد أمر المحافظ بإغلاقها في مارس/آذار الماضي بناء على طلب الوزارة.
شعور بالظلمحافظت هذه المدرسة على تقديم تعليم عالي الجودة، وتفوق طلابها في امتحانات الإعدادية، وفي المدارس الثانوية العامة. لكنها لم تفِ بمتطلبات قانون مكافحة الانفصالية من حيث إبداء الشفافية بشأن مصدر تمويلها.
هنا أيضا، قضت المحكمة الإدارية في إجراءات مستعجلة بأن الأخطاء المذكورة في حسابات المؤسسة لا تبرر إغلاقها، ويُنتظر أن تصدر حكمها بشأن قرار الإغلاق في نهاية يونيو/حزيران الجاري.
ومن المفارقات أن طلبات التسجيل في هذه المدرسة قد ازدادت مرتين، وستقوم بإنشاء فصل دراسي إضافي في سبتمبر/أيلول المقبل، لكن القائمين عليها يشعرون "بالظلم" و"القسوة"، ويقول مديرها إيدير عرب "لدينا مشروع صغير يعمل في حي ينهار فيه كل شيء، فلماذا نغلقه؟".
ينتمي معلمو المدرسة إلى مختلف الأديان، ويرتدي الداخلون إليها أزياء وملابس من مختلف الثقافات. وقد ظلت الإدارة لسنوات عديدة تطلب من وزارة التربية التعاقد معها، دون جدوى.
يقول عرب بأسف "يتحدثون عن الانفصالية، لكننا نحن الذين نعاني هذه الانفصالية"، معربا عن شعور بالظلم لأن رئيس البلدية تهجم عليها من دون تحفظ.
ومع حلول عيد الأضحى، رفضت المحكمة السماح بذبح الأضاحي في الموقع الأخير الذي كان المسلمون يذبحون فيه، وتمت مصادرة أكثر من 600 رأس من الأغنام و45 رأسا من الماشية هناك في نهاية مايو/أيار الماضي، ولم يبق للمسلمين في نيس سوى خيارات محدودة لذبح أضاحيهم، بينما تمت الموافقة على 5 مواقع في منطقة فار المجاورة، لذلك قرر العديد من العائلات في نيس إرسال أموال الأضاحي إلى الخارج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
اغتيال الجنرال كليبر..طعنة في قلب الحملة الفرنسية على مصر.. ماذا حدث؟
في واحدة من أكثر الحوادث دلالة على مقاومة المصريين للاحتلال الفرنسي، سقط الجنرال “جان باتيست كليبر”، قائد الحملة الفرنسية على مصر، قتيلاً في قلب القاهرة يوم 14 يونيو عام 1800، على يد الشاب السوري “سليمان الحلبي”، في حادثة لا تزال مثار جدل تاريخي وتحليل سياسي حتى يومنا هذا.
من هو كليبر؟كان الجنرال كليبر أحد أبرز القادة العسكريين الفرنسيين الذين خدموا تحت إمرة نابليون بونابرت.
وبعد انسحاب نابليون المفاجئ من مصر عائدًا إلى فرنسا في أغسطس 1799، أسندت قيادة الحملة الفرنسية لكليبر، الذي واجه أوضاعًا مضطربة في مصر تمثلت في ثورات شعبية مستمرة وأزمات داخلية.
سعى كليبر إلى إعادة بسط السيطرة الفرنسية على البلاد من خلال مفاوضات مع العثمانيين، ثم لاحقًا عبر سياسة عسكرية قمعية ضد المقاومين، خاصة في القاهرة والصعيد، ما زاد من غضب المصريين والعرب من وجوده.
سليمان الحلبي الطالب الذي دوّن اسمه في التاريخولد سليمان الحلبي في مدينة حلب عام 1777، وجاء إلى القاهرة للدراسة بالأزهر الشريف.
خلال فترة دراسته، تأثر بمشاهد الاحتلال الفرنسي وممارسات جنوده، فتبلورت لديه فكرة تنفيذ عملية اغتيال رمزية ضد رأس الاحتلال نفسه.
تسلل الحلبي إلى مقر إقامة كليبر في حديقة قصره بحي الأزبكية، متنكرًا في زي متسول.
وعندما سنحت له الفرصة، وجه إليه أربع طعنات قاتلة بسكين صغير، أنهت حياة الجنرال على الفور.
القبض والمحاكمةلم يتمكن سليمان من الهرب، إذ أُلقي القبض عليه بعد ساعات، وتعرض لتعذيب شديد أثناء التحقيق.
وقد أدين في محاكمة سريعة، ثم أعدم بطريقة وحشية تمثلت في الإعدام بالخازوق، وهي وسيلة إعدام بالغة القسوة، وذلك أمام حشد كبير في ميدان عام بالقاهرة.
ردود الفعل والتأثير التاريخيأثار اغتيال كليبر صدمة لدى الإدارة الفرنسية في مصر، وأدى إلى ارتباك مؤقت في صفوف الاحتلال، لكنه أيضًا زاد من حدة البطش ضد الشعب المصري.
أما بالنسبة للمؤرخين العرب، فقد اعتُبر الحلبي بطلًا قوميًا، ومثالاً على التحدي الفردي في وجه الاستعمار.
وفي المقابل، نقل الفرنسيون جمجمة سليمان الحلبي إلى متحف الإنسان في باريس، حيث ظلت هناك لعقود طويلة كـ”تذكار غريب” من تركة الحملة الفرنسية.