على قمة الأكروبوليس فى أثينا تذكرتُ الإسكندرية
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
وقفتُ أمام معبد البارثينون العظيم، ولم أستطع إلا أن أشعر بمزيج من الرهبة والألفة. روعة أثينا ترن داخلى، كصدى للهمسات القديمة للإسكندرية. الشمس تلقى بألوان ذهبية على الأعمدة الرخامية، محوّلة إياها إلى حراسٍ للتاريخ، حماةٍ لقصص لا تنتهى. كمصرى معاصر من الإسكندرية، لا أرى إلا التشابه بين هاتين المدينتين وما قدمتاه من حضارة.
تجوّلتُ فى ساحة بلاكا، قلب أثينا، حيث تمتزج رائحة اللحوم المشوية والزيتون الطازج مع ضحكات السكان المحليين والسياح على حد سواء. وجدتُ مطعمًا صغيرًا، طاولاته الخشبية مظلّلة بكروم العنب، وجلستُ لتناول وجبة. الطعام، بنكهاته الغنية، ذكّرنى ذلك بمطاعم كورنيش الإسكندرية وأسماك البحر الأبيض المتوسط الشهية.
وبينما كنتُ أرتشف كوبًا من عصير البرتقال، بدأتُ أفكارى تتحول إلى شاعر الاسكندرية قسطنطين كافافيس (1863-1933) الذى خلّد الإسكندرية فى أبياته. فجأة، ظهر كفافيس كأنه قد استُحضر بأفكارى، وجدته شخصية طيفية ببدلة بيضاء أنيقة، وتحت عدسات نظارته ذات الإطار الأسود، كانت عيناه تلمعان بحكمة السنين الماضية.
صرخت: «كفافيس، لا أصدق عيني!» ابتسم الشاعر، وجلس مقابلى، قائلًا: «ولا أنا يا عزيزى كمال؛ يبدو أنَّ أثينا لها طريقة فى استحضار البشر والأزمنة».
أخبرته أننى أشعر بالحنين إلى الإسكندرية القديمة، تلك التى قرأت عنها فى الكتب وسمعت عنها فى حكايات الكبار. لكننى أضفت أن المدينة التى أعرفها الآن مختلفة، حديثة، متقلبة المزاج، وسألت الشاعر كيف يمكننى التوفيق بين هاتين الإسكندريتين داخلى.
أجاب أنَّ إسكندرية ذاكرتى والإسكندرية الحالية هما وجهان لعملة واحدة، يتعايشان ويكمّلان بعضهما. وأكد أن مهمتى ككاتب هى غزل خيوطهما معًا، لخلق نسيج يكرّم الماضى ويحتفى بالحاضر. ثم نظر إليّ وقد تحوّل صوته إلى همس وهو يقول إن الشعر هو فن التقاط الزائل قبل أن يخبو، ومنح الصوت للصدى قبل أن يصمت. وأضاف أن الإسكندرية، بطبقاتها التاريخية وتداخل ثقافاتها المتنوعة، هى الملهمة المثالية لمثل هذا المسعى. ودار بيننا حديث.
أنا: قسطنطين، ها نحن معا فى أثينا، ولا أستطيع إلا أن أشعر بوزن التاريخ والجمال من حولنا. كأن الأحجار القديمة تهمس قصصًا عن الحكمة والشوق. تمامًا كما كانت تجسد الإسكندرية، مدينتنا الحبيبة، مثالًا للثقافات والأجناس والألسنة المتنوعة.
كافافيس: أها، الإسكندرية. المدينة التى لا تتوقف عن إلهامنا بخليطها من الشرق والغرب، حيث تلتقى الأساطير اليونانية بالتراث المصرى فى شوارعها وساحاتها. إنها مدينة من التناقضات، حيث يرقص النظام فى أحضان الفوضى على إيقاع متناغم.
أنا: (بعد أن استرجعت أنفاسى من وقع الصورة الشعرية): بالفعل، يا صديقى. هذه الأحجار شهدت صعود وسقوط الإمبراطوريات.
كافافيس: نعم، الإسكندرية هى قصيدة فى ذاتها، لوحة حية حيث يتداخل التاريخ والحداثة. كما يلتقط الفن اللحظات الزاهية، كذلك تلتقط الإسكندرية جوهر الخلود وسط تغيرات الحياة.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
بعد تسببه فى وفاة 18 فتاة وسائق.. تعرف على العقوبة التى يواجهها سائق الطريق الإقليمى
تنظر محكمة جنايات المنوفية، الثلاثاء القادم، أولى جلسات محاكمة سائق ومالك السيارة المتسببة في حادث الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، والذى راح ضحيته 18 فتاة وسائق الميكروباص الذى كان يقلهم أثناء توجههم للعمل وإصابة 3 آخرين، و يوضح اليوم السابع فى النقاط التالية عقوبة القيادة تحت تأثير المخدر فى قانون المرور.
تصدى قانون المرور بحسم لكل الحالات التى قد تتسبب فى حوادث الطرق، وفى مقدمتها قيادة السيارات فى حالة سكر أو تحت تأثير المخدر بعقوبات تصل إلى سحب الرخصة والحبس.
وفى هذا الصدد، جاءت المادة (76) لتقضى بمعاقبة كل من قاد مركبة وهو تحت تأثير مخدر أو مسكر أو السير عكس الاتجاه فى الطريق العام داخل المدن أو خارجها بالحبس مدة لا تقل عن سنة.
ووفقا للمادة القانونية، فإنه إذا ترتب على القيادة تحت تأثير مخدر أو المسكر أو السير عكس الاتجاه إصابة شخص أو أكثر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه.
وأفادت المادة بأنه حال ترتب على ذلك وفاه شخص أو أكثر أو إصابته بعجز كلى يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه.
وتقضى المادة القانونية، بأنه فى جميع الأحوال يقضى بإلغاء رخصة القيادة، مع عدم جواز منح رخصة جديدة إلا بعد مرور مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها عليه.
وقالت النيابة العامة فى بيان لها يوم 1 يوليو الجاري، إنه إلحاقًا ببيانيها بشأن التحقيقات التي تجريها في الحادث المروري الذي وقع أعلى الطريق الإقليمي بدائرة مركز أشمون بمحافظة المنوفية، أمرت النيابة العامة بإحالة سائق ومالك السيارة المتسببة في الحادث محبوسَين إلى محكمة الجنايات المنعقدة بجلسة يوم الثلاثاء 8 يوليو.
أولا: التهم المنسوبة للمتهم الأول
- اتهام السائق بتعاطي جوهري الحشيش والميثامفيتامين المخدرين
- ارتكاب جريمتي القتل والإصابة الخطأ، حال قيادته السيارة عكس اتجاه الطريق العام، وبرخصة لا تجيز له قيادتها، وتحت تأثير المواد المخدرة، وبحالة ينجم عنها الخطر
- فضلًا عن إحداث تلفيات بالأعمال الصناعية الكائنة بالطريق العام، وإتلاف مركبة مملوكة للغير بإهماله.
ثانيا: التهم المنسوبة للمتهم الثاني
- أسندت النيابة العامة إلى مالك السيارة جنحة السماح للسائق بقيادتها حال علمه بعدم حصوله على رخصة تجيز له ذلك، مما أدى إلى وقوع الحادث الذي أسفر عن وفاة تسعة عشر مواطنًا، وإصابة ثلاثة آخرين، وإلحاق تلفيات بممتلكات الغير.
وأقامت النيابة العامة الدليل على المتهمَين مما أسفرت عنه التحقيقات، من ثبوت خطأ السائق بمفرده، وتسببه في وقوع الحادث دون وجود أي عوامل خارجية ساهمت في حدوثه، حيث حاول تجاوز السيارة التي أمامه، بأن تعمد السير في الاتجاه المعاكس للطريق العام، متخطيًا الحاجز الفاصل بين الاتجاهين، حال كونه واقعًا تحت تأثير المواد المخدرة، مما أدى إلى اصطدامه بسيارة نقل ركاب ووقوع الحادث.
وقد مكنه مالك السيارة من قيادتها رغم علمه بعدم حصوله على رخصة تجيز له قيادة تلك المركبة.