في أوقات تحول الأولويات الجيوسياسية والتنويع الاقتصادي المحلي المستمر، من المرجح أن تركز مشاركة دول الخليج مع تونس فقط على مجالات محددة للحفاظ على الاستقرار الاستبدادي في البلاد، في حين أن المساعدة المالية والاستثمار الاقتصادي ستظل محدودة ومرتبطة بشكل أساسي بالدوافع السياسية.

في ضوء هذا، يتوقع تحليل نشره "المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" أن يستمر تراجع دول الخليج عن مزيد من الاستثمار الاقتصادي في تونس، حيث يرى أن دول الخليج تعتبر الآن تونس شريكا مفضلا في الاستقرار الإقليمي وليس شريكًا ضروريًا من حيث الاستثمار الاقتصادي أو التعاون الإنمائي.

تنافس الخليج في تونس

ويقول التحليل، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن دول الخليج لم تعد تسعى  لتحقيق أهداف استراتيجية في تونس، بعد مجئ قيس سعيد، وتراجع الإسلاميين، حيث خففت السعودية والإمارات، اللتان كانتا تتحركان وفق أجندة تقوم في الأساس عل مناهضة الإسلاميين، وقطر، التي كانت تفعل العكس، من اهتمامهم بالساحة التونسية.

اقرأ أيضاً

تونس بلا خبز والأفران تغلق أبوابها ... ما الجديد؟

وبعد أن كانت تونس مسرحا لتنافس دول الخليج عقب ثورات الربيع العربي وسقوط زين العابدين بن علي، لا سيما بعد أن بدأت قطر في دعم حركة "النهضة"، نظرت  القوى الإقليمية المعادية للثورة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى هذه السياسة المؤيدة للإسلاميين المتمثلة في إبراز القوة الإقليمية على أنها تهديد مباشر لنظام الحكم الاستبدادي الملكي.

وخلال عهد حركة "النهضة"،  صعدت قطر لتصبح ثاني أهم مستثمر للحكومة الإسلامية في شكل دعم للميزانية والاستثمار في البنية التحتية التونسية ، مما وفر بعض الاستقرار السياسي، وفي الوقت نفسه خفضت السعودية والإمارات  دعمهما السياسي إلى الحد الأدنى ، مما أثر أيضًا على أنشطتهما الاقتصادية والتنموية في تونس على المدى المتوسط.

الأزمة الخليجية

أما المرحلة الثانية للعلاقات بين الخليج وتونس، فكانت في خضم الأزمة الخليجية عام 2017، حيث تكثفت المنافسة الخليجية في تونس، بين قطر وخصومها في ذلك الوقت (السعودية والإمارات والبحرين)، وتسببت التوترات الإقليمية الخليجية في تونس في زيادة الاستقطاب في الخطاب العام ، حيث قامت بعض وسائل الإعلام بتشويه وشيطنة أطراف النزاع المعنية ، مما أدى إلى تكثيف الانقسام السياسي داخل النظام السياسي التونسي غير المتجانس.

أما الآن، وبعد شيوع مصالحة إقليمية واسعة في دول الخليج، مع رغبة تلك الدول في تعزيز استقرارها للتفرغ لتقدمها الاقتصادي، فقد تراجعت الرغبة الخليجية في تونس بشكل عام، وأصبحت مسارح الصراع في اليمن والعراق والقرن الأفريقي أكثر أهمية لدول الخليج في السنوات الأخيرة ، مما أدى إلى تعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية للخليج في تلك الدول.

اقرأ أيضاً

في عام ثالث من "الانقلاب".. هل تعود تونس من مسار قيس سعيد؟

وفقًا لذلك، أصبحت تونس أقل أهمية خلال المرحلة الثالثة الحالية، لا سيما أن البلاد حققت التحول نحو الاستبداد، وهو ما كان موضع ترحيب من السعودية والإمارات.

على سبيل المثال، أيدت السعودية والإمارات حل البرلمان التونسي، بينما توقفت قطر إلى حد كبير عن دعمها للإسلاميين، حيث سافر سعيد إلى قطر في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 لمناقشة تكثيف التعاون الاقتصادي مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني.

وخلال الاحتجاجات الداخلية التونسية المتزايدة، تحدث الزعيمان عبر الهاتف لاستكشاف إمكانيات الوساطة القطرية بين الأطراف المتصارعة، مما يدل مرة أخرى على الأسلوب البراجماتي الجديد لقطر في صراع السلطة التونسي.

بالإضافة إلى ذلك، لم تنتقد دول الخليج علانية اعتقال زعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي في أبريل/نيسان 2023.

عودة الاستبداد

ويخلص التحليل إلى أنه من وجهة نظر دول الخليج، انت عودة الاستبداد في عهد سعيد نجاحًا يجب الحفاظ عليه - ولكن ليس بأي ثمن، وبما أن الصراعات الإقليمية الأخرى تستحق المزيد من الاهتمام والجهد، فإن الاستثمارات الخليجية في تونس على الجبهات السياسية والمالية والاقتصادية محدودة.

اقرأ أيضاً

العلاقات القطرية التونسية تحفز المنافسة بين دول الخليج

وشكل عام، في حين كان "تسييس" المساعدات الخليجية أمرًا ضروريًا في فن الحكم الاقتصادي الخليجي في مواجهة تونس في أعقاب الانتفاضات العربية، كانت الأحجام منخفضة بشكل ملحوظ مقارنة بالمتلقين الرئيسيين الآخرين للمساعدات الإنسانية الخليجية مثل اليمن، على سبيل المثال.

ومن الناحية الاقتصادية، إذا تم وضع تونس في منظور إقليمي ، فإنها تلعب فقط دورًا ثانويًا في الاستثمارات الخليجية العربية، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي اثني عشر مليون نسمة، ولا تزال سوقًا صغيرة تعتمد بشكل أساسي على الواردات من الدول الأوروبية.

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: استثمارات خليجية قيس سعيد السعودیة والإمارات دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

نائبة: مصر تدعم فلسطين بالمواقف والمساعدات

أكدت النائبة نيفين الكاتب عضو مجلس النواب ، و عضو مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلى التنموي ، أن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية هو موقف ثابت ومشرّف، يستند إلى مبادئ راسخة من التضامن والدعم الكامل للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل نيل حقوقه المشروعة، مشددة على أن مصر كانت ولا تزال في طليعة الدول التي تقدم الدعم الإنساني الحقيقي للأشقاء في غزة، خاصة منذ بداية الأزمة الأخيرة.

وأوضحت النائبة أن مصر قدمت ما يزيد عن 80 % من إجمالي المساعدات الغذائية والطبية التي وصلت إلى قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، من خلال معبر رفح البري، في ظل ظروف إنسانية كارثية يعاني منها المدنيون الفلسطينيون.

"طفولة تحت الحصار".. سوء التغذية يهدد أطفال غزة بـ8 مضاعفات صحية ونفسية خطيرة47 شهيدا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة منذ فجر اليوم

وأضافت أن هذه الجهود تجسد الدور الإنساني والتاريخي الذي تضطلع به مصر تجاه القضية الفلسطينية بعيدًا عن أي مزايدات أو شعارات فارغة.

وفي السياق ذاته، رفضت النائبة نيفين الكاتب بشدة محاولات الجماعة الإرهابية استغلال القضية الفلسطينية للتحريض ضد الدولة المصرية، عبر دعوات مشبوهة لتنظيم تظاهرات أمام السفارات المصرية في الخارج وتشويه صورة مصر، مؤكدة أن هذه التحركات تهدف فقط إلى الإساءة للدولة المصرية وخدمة أجندات لا تمت للقضية الفلسطينية بصلة.

وشددت على أن الوعي الشعبي داخل مصر وخارجها بات قادرًا على التمييز بين من يقدم دعماً حقيقيًا على الأرض، كما تفعل مصر، وبين من يستخدم القضية كورقة للابتزاز السياسي أو الإعلامي، داعية أبناء الجاليات المصرية والعربية إلى الالتفاف حول الموقف الرسمي المصري الداعم للقضية الفلسطينية بالقول والفعل، والوقوف ضد كل محاولات التحريض والتزييف.

طباعة شارك غزة مجلس النواب النواب التضامن

مقالات مشابهة

  • «My Beauty».. وجهة الجمال الأولى للمرأة الخليجية بطموح عالمي
  • قرعة كأس الخليج للشباب.. السعودية وقطر في المجموعة الأولى
  • هدنة تحت النار.. والمساعدات تكشف زيف الاحتلال
  • الأردن والإمارات تنفذان ثلاث عمليات إنزال جوي للمساعدات على غزة
  • الصناعة السعودية تحقّق قفزات نوعية منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة
  • سلطنة عمان شريك فعال في المنصة الموحدة لرياضة المرأة الخليجية
  • 5 إشارات خطر تشهدها تونس مع قيس سعيد
  • نائبة: مصر تدعم فلسطين بالمواقف والمساعدات
  • الأسهم الآسيوية تتراجع وسط عدم يقين بشأن أسعار الفائدة الأمريكية
  • أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى في 3 أسابيع.. وخام برنت يسجل 68 دولارا