جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-25@15:26:55 GMT

محطات أساسية لتحقيق الذات

تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT

محطات أساسية لتحقيق الذات

 

سلطان بن محمد القاسمي

لا يليقُ بنا أن نحسب أيام العمر تمضي دون رؤية واضحة وسبيل بيّن في هذه الحياة. إن أي إنسان يرغب في إدراك الحياة الحقيقية ومعناها، لابد له من محطات يقف عندها لمُراجعة مستقبله وتحديد خطواته. العشوائية هي درب من لا درب له، وهي فوضى لمن لا هدف له، أشبه بالتيه والضياع. للأسف، كثيرٌ منَّا لا يشعر بمأساة ذلك لكثرة ما نقع فيه.

لذا.. سأتوقف عند محطات أراها ضرورية لتكون زادًا لنا في مسيرتنا، تساعدنا في إنعاش الحياة وإدامتها بدلًا من أن نعمل على إنهائها بلا هدف ومُتعة.

وضوح الرؤية وتحديد الأهداف

أولى المحطات التي يجب أن نُوليها اهتمامًا كبيرًا هي تحديد الأهداف ورسمها وصياغتها بشكل واضح ودقيق. الحياة لا يمكن أن تستمر ونحن نتنقل بين أرجائها بلا هدف، نلهو ونلعب وننتظر أن يهلكنا الدهر ونحن في شتات. لذا، يجب أن نتوقف عند هذه النقطة لنرسخ أهدافنا ونُحددها بوضوح، حتى لا نضيع في الأنفاق المُظلمة ونتخبط بحثًا عن بصيص أمل في نهايتها.

تحديد الهدف والغاية، وترتيب الأوراق والجهود لتحقيقه، أمر لا بد منه. لنتأمل الآن بعمق: ما هو هدف كل واحد منَّا؟ مهما كان الهدف، المهم أن يكون ساميًا ونبيلًا. لا ينبغي أن نقعد بلا هدف، فهذا هو بداية الضياع. قد تكون أهدافنا متنوعة ومختلفة، مثل التميز في مجالات متعددة، بلوغ المراتب العليا في العلم، إقامة معهد تعليمي، إنشاء مؤسسة ذات تأثير مجتمعي، خدمة فئة معينة من المجتمع، أو حتى تصنيع معلم حضاري يخلد في الذاكرة.

يمكن أن يكون الهدف أيضًا اختراع جديد يضيف للحياة شيئًا جديدًا، أو أن تكون أستاذًا أو مديرًا، أو تعلم لغة جديدة، وغيرها من الأهداف الطموحة. هذه الأهداف ليست نهائية بل هي مرحلية، فإذا أنجزناها، فإنها تقودنا إلى مستويات أعلى من التَّميز والنجاح. فالمعالي هي غاية النبلاء وهدف المثابرين.

عزيمة لا تلين

بعد تحديد الأهداف، نحتاج إلى عزيمة وإصرار وإرادة قوية لبلوغ تلك الغايات. طريق المعالي ليس سهلًا، ولا يخلو من صعاب وعقبات ومثبطات. الإرادة والمُثابرة هما الطاقة الدافعة والمحركة للسعي الحثيث نحو الأهداف. مُعظم نجاحات العالم سبقتها مئات المحاولات، لكن لا يأس لمن رام العلا. أديسون، قبل اختراعه للمصباح الكهربائي، حاول أكثر من 10000 مرة ولم يُسمها محاولات فاشلة بل تجارب لم تنجح. نتعلم من هذا المخترع الصبر والثقة بالنفس والتفاؤل. وقد قال: "تعلمت 10000 طريقة خطأ لصنع المصباح."

المعرفة كنز لا يفنى

وجود الهدف والإرادة لا يكفيان لتحقيق المراد ما لم يدعمهما المعرفة والتعلم وامتلاك أدوات المسير. المعرفة هي رأس المال الحقيقي. قال تعالى: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ". ورد في الأثر عن بعض العلماء: "من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما معًا فعليه بالعلم أيضًا". العلم سلاح لا غنى عنه، وهو من مدارج السالكين في دروب المعالي. إذا أردنا أن نُواصل المسيرة، فعلينا بالعلم والاستزادة من فيوضه وخيراته.

إدارة الوقت بحكمة

كل ما ذُكر أعلاه يتطلب جدول مواقيت وانتظامًا في الأداء. احترام الوقت هو مناط ذلك كله. ترك الأمور بدون خطة زمنية يعني ضياع الهدف ومرور الأيام دون جدوى. لتحقيق الهدف وبناء رأس المال، يجب أن نضع في الحسبان أنَّ العمر أيام تمر مر السحاب ولن تتوقف لأحد. علينا أن نُجدول إجراءاتنا اليومية أو الأسبوعية أو السنوية لئلا نصل لنهاية العمر ونلوم أنفسنا. الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. نبّه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى نعمة الوقت من خلال الصحة والفراغ: "نِعْمَتانِ مَغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاس: الصِّحةُ والفَراغُ". وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المُقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبًا من حياته... فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته".

هذا لمن أراد أن يعرف نفسه إلى أين هو ذاهب، وهو المنطق المرجو من كل إنسان. لا ينبغي أن نبقى مُتخبطين في متاهات العمر، لا ندري ماذا نصنع. وضع الهدف والإرادة والمثابرة، المستندة إلى رأس مال المعرفة والعلم، هي طريق من رام المعالي، وكل هذا يرعاه الوقت، وما أغلى الوقت، فهو العمر. بالتخطيط والإصرار والمعرفة وإدارة الوقت بحكمة، نستطيع أن نُحقق أهدافنا ونصل إلى قمم النجاح.

وللمقال بقية إن شاء الله.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ما واقع البرنامج النووي الإيراني بعد الضربة الأميركية؟

قال مدير عمليات التفتيش السابق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، روبرت كيلي، إن من المبكر الجزم بحجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني بعد الهجوم الأميركي، مشيرا إلى أن بعض المواقع -كمنشأة أصفهان- ربما تعرضت لتدمير تام، مما قد يشكل ضربة قاصمة للبنية التشغيلية للبرنامج.

وأوضح كيلي، في مقابلة مع قناة الجزيرة من فيينا، أن منشأة فوردو لا تزال المعطيات حولها غير مكتملة، رغم ما أظهرته صور الأقمار الصناعية من وجود أضرار سطحية عقب الضربة، مما يعزز فرضية أن التحصينات العميقة لم تُخترق بشكل كامل.

واعتبر أن الأهمية الكبيرة لمنشأة أصفهان تكمن في كونها مركزا لمعالجة اليورانيوم المستخرج وتعدينه، مما يعني أن تدميرها من شأنه أن يعطل أحد المفاصل الأساسية لسلسلة إنتاج الوقود النووي، ويجعل البرنامج يترنح إن لم يكن قد توقف فعليا.

وفجر اليوم الأحد، أعلنت واشنطن عن تنفيذ ضربات دقيقة استهدفت 3 من أبرز المواقع النووية الإيرانية، هي فوردو ونطنز وأصفهان، وذلك في إطار انخراط مباشر في الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، والتي بدأت منذ 13 يونيو/حزيران الجاري.

الأثر العملياتي

ورغم إعلان إيران نقل كميات من اليورانيوم العالي التخصيب قبل الضربة، فإن كيلي قلّل من الأثر العملياتي لذلك، موضحا أن هذه الكميات لا تشكل تحديا لوجيستيا كبيرا لنقلها أو إخفائها، كما أن غياب أجهزة الطرد المركزي الفاعلة يحدّ من قدرة إيران على الاستفادة منها.

وأشار إلى أن البرنامج الإيراني اعتمد في بداياته على تقنيات حصلت عليها طهران من باكستان، واصفا الرواية الإيرانية بشأن "الاعتماد الكامل على المعرفة الذاتية" بأنها لا تعكس الحقيقة الكاملة، رغم التطويرات اللاحقة التي أدخلتها إيران على هذه التقنيات.

وفي السياق نفسه، ردّ كيلي على تصريحات إيرانية تتعلق بإمكانية إعادة بناء البرنامج في وقت قصير، مشددا على أن المعرفة المتوفرة لا تكفي وحدها، وأن امتلاك البنية التحتية والأدوات المتقدمة شرط أساسي لتشغيل البرنامج مجددا، لا سيما في ظل استهداف منشآت ومرافق حيوية.

إعلان

واعتبر أن اغتيال عدد من العلماء الإيرانيين لا يعني بالضرورة انهيار قاعدة المعرفة، لافتا إلى أن مثل هذه البرامج عادة ما تضم آلاف الكوادر المدربة، مما يجعل من الصعب القضاء على القدرات البشرية بشكل كامل، لكنه أكد أن المجتمع العلمي الدولي يجب أن يدين عمليات الاغتيال دون تردد.

تطور خطير

وبشأن تهديد طهران بالانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، قال كيلي إن ذلك قد يؤدي إلى إنهاء خضوع إيران لنظام التفتيش الدولي، وهو تطور خطير، لكنه أشار إلى وجود بنود قانونية تمكّن الوكالة الدولية من مراقبة البرنامج حتى في حال الانسحاب الرسمي من المعاهدة.

ولمّح إلى أن إيران ترى في الانسحاب خطوة مبررة بعد تعرضها لهجمات عسكرية مباشرة، وهو ما قد يغيّر من نهجها في التعامل مع المجتمع الدولي، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والرقابي حول برنامجها النووي في المستقبل القريب.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المنطقة واحدة من أعنف موجات التصعيد بين إيران وإسرائيل، إذ تبادل الطرفان الضربات المباشرة بالصواريخ والطائرات المسيّرة، في تصعيد غير مسبوق منذ عقود، مما يهدد بانزلاق المنطقة إلى صراع أوسع يصعب احتواؤه.

وفجر الأحد، أعلنت إيران أنها أطلقت دفعتين من الصواريخ استهدفت مواقع عسكرية ومدنية في تل أبيب وحيفا ونيس تسيونا، مخلّفة دمارا واسعا، وذلك في أول ردّ مباشر على الضربات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت منشآتها النووية ومرافقها الدفاعية.

وتواصل الولايات المتحدة التأكيد على أن تحركها الأخير جاء لحماية أمن إسرائيل ومنع إيران من امتلاك قدرات نووية تهدد الاستقرار الإقليمي، بينما تؤكد طهران أن الضربات ستزيدها تصميما على تعزيز قدراتها الدفاعية والنووية في وجه ما تصفه بـ"العدوان السافر".

مقالات مشابهة

  • نائب ليبي ينتقد “الوهم السياسي” ويدعو للنهوض بالعلم والصناعة
  • نسينا الوقت بدل الضائع.. تعليق ساخر من مدرب الترجي بعد وداع المونديال
  • «أحلام في حدائق الموت» للكاتب سالم البحري رواية الهشاشة الإنسانية وتفكيك الذات وسرديات الهوية
  • مسؤول ألماني : حان الوقت لتحقيق وقف إطلاق نار في غزة
  • لا تدع العمر يسلبك ابتسامتك.. هكذا تحافظ على أسنانك مدى الحياةً
  • المغنية الأمريكية سترايسند تجد «سر الحياة» في ألبومها الجديد
  • “حين تلتقي الهندسة بالعلم ـ عالم المختبرات”… محاضرة في جامعة حمص
  • هالة السعيد: التكنولوجيا المالية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مصر
  • اقبلوا على الحياة بالجد والرضى تسعدوا
  • ما واقع البرنامج النووي الإيراني بعد الضربة الأميركية؟