حتى لاتموت جهود الهدنة في غزة !!
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
ليس من المبالغة في شيء القول إن مبادرة الرئيس الأمريكي للتهدئة في غزة لم تتعثر فقط في أروقة مجلس الأمن الدولي حيث استمرت التعديلات في منطوقها نحو ستة أيام لتتحول من نص قدمته إسرائيل في أواخر مايو الماضي مما أدى إلى اعتراض الجزائر وروسيا والصين عليه ثم إدخال عدة تعديلات عليها لإضفاء بعض المصداقية على تسميتها وتجاوز الاعتراضات التي ظهرت، والتي ينبغي التعامل معها لتأمين النصاب الضروري للموافقة عليها عند التصويت يوم الاثنين قبل الماضي.
وإذا كانت واشنطن قد دعمت رؤيتها وتحركها للتوصل إلى اتفاق هدنة، قد عمدت إلى تقديم موافقة مجلس الأمن في 5 يونيو الجاري على أنها إنجاز كبير يدعم رؤيتها وتحركها إلا أنها سرعان ما وجدت نفسها أمام مشكلة ممتدة ومتعددة الجوانب، وأن الأمر لم ينته عند إقرار مجلس الأمن للمبادرة، بل إن المتاعب بدأت تطرح نفسها بشكل عملي، ولعل ذلك هو من أهم دوافع حماس لإعلان قبولها وعدم قبولها في الوقت ذاته لقرار مجلس الأمن حتى لا تضع نفسها تحت الضغط الإعلامي والسياسي الأمريكي باتهامها أنها لا تريد تنفيذ القرار ولا تريد وقف إطلاق النار كما يزعم وزير الخارجية بلينكن وليس مصادفة أن يرسل بايدن مستشاره للأمن القومي «سوليفان» ليساعد الوزير بلينكن في المفاوضات وحول تفسير معنى موقف حماس بشأن التعديلات التي أظهرت في الواقع خلافات بينهما بشأن التعديلات التي اقترحتها حماس ودعت إلى الأخذ بها حتى يمكنها التوقيع على اتفاق هدنة، وقد بدا ذلك وكأنه تعثر مجددا وتحدثت صحف إسرائيلية – يديعوت احرونوت - عن أن فرص توقيع المبادرة تكاد تكون «منعدمة».
وبعيدا عن الانسياق وراء حالات التضارب والتشتت بين وزراء حكومة نتانياهو، ووراء تضارب تصريحات نتانياهو نفسه التي لا يمكن أن تبعث على الثقة في موقفه إذا تم التوصل بشكل أو بآخر إلى اتفاق هدنة في غزة، فإن الموت السريري لمبادرة بايدن وأمله في إنعاش حملته الرئاسية القادمة يظل أمرا غير مستبعد، بكل ما يترتب على ذلك من نتائج، وهو ما يمكن الإشارة إليه بقدر من التفصيل فيما يلي:
أولا، إن نقطة الخلاف الأساسية والمهمة ، ليست فقط هي من أين تبدأ عملية تنفيذ الجوانب الأساسية لمبادرة بايدن، وما هي الخطوات الأولي لذلك؟ وهل هناك إرادة مشتركة للعمل بين حماس وإسرائيل للسير نحو خطوات التنفيذ الضرورية؟ الجواب معروف بالتأكيد وعلى شاشات التليفزيون، فالخلافات بين الجانبين شاسعة والثقة بينهما معدومة، ولذا فإن الشكوك المتبادلة هي المسيطرة والدور الذي تقوم به أطراف الوساطة هو دور مضن وبالغ الصعوبة ويحتاج إلى توثيق على أكثر من مستوى سياسي وديبلوماسي وإنساني قبل ذلك حتى ولو بدا مستحيلا في ظل الملابسات الراهنة، خاصة وأن الطرفين – حماس وإسرائيل – يقفان على طرفي نقيض وهذا أمر معلن ومعروف فإسرائيل ونتانياهو تحديدا وحتى بايدن يريد إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في فترة مبكرة وبعد ذلك لكل حادث حديث، وحماس تريد إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل من غزة والمهم ضمان ذلك أمريكيا ومن جانب روسيا والصين وتركيا وهو ما كانت حماس قد طلبته من قبل دون أن يتم البت فيه، وقد تتحفظ لواشنطن على ذلك إلا إذا تيقنت من أنه لا غنى عنه في النهاية. وعلى أية حال فإنه ليس هناك من يمكنه تقديم ضمانات موثوقة بالنسبة لالتزام إسرائيل والأمثلة في هذا المجال أكثر من أن تحصى. يضاف إلى ذلك نقطة جوهرية هي أنه إذا كانت إسرائيل هي قوة الاحتلال وهي التي، قامت بكل الدمار والقتل في صفوف الفلسطينيين وبموافقة وتبرير أمريكي وبريطاني وغربي فلماذا لا توقف الحرب من جانبها إذا كانت بالفعل تريد ذلك؟ ولكن نتانياهو لا يريد في الحقيقة وقف الحرب لأنه يعتبر استمرارها أداة لتدمير حماس. وهنا يتضح التناقض فحماس تدعو لوقف القتال بشكل دائم وهي مستعدة لذلك بالفعل ولكن إسرائيل هي التي لا تريد فكيف تحملها واشنطن والغرب مسؤولية لا تريد إسرائيل تحملها وبما يخدم مصالح إسرائيل أيضا فهل تعترف أمريكا والغرب بذلك أم يمارسون الخديعة والتدليس حتى النهاية ؟! من جانب آخر فإنه من غير الممكن أن توقف حماس القتال من طرف واحد، على الأقل تقديرا لدماء عشرات الآلآف من الشهداء والضحايا ووفاء للأرض التي تحارب مع أبنائها دوما وفي كل الظروف. ومن المؤسف أن الحرب قد تطول لأن نتانياهو يريد أن تتاح له فرصة الزعم بتحقيق أهدافه في الحرب، قبل أن تتم محاكمته دوليا قبل أن تتوقف الحرب.
ثانيا، أنه في حين تدرك حماس أن تخليها عن ورقة الرهائن بأي شكل وإطلاقها سراحهم جميعي يلهم يتطلب الحصول على ضمانات دولية للالتزام الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من غزة ولاستمرار عملية الهدنة وبحيث تكون المراحل الثلاثة متتابعة لأنها تخشى الفواصل الزمنية بين المرحلتين الأولي والثانية وبين المرحلة الثانية والثالثة إذا كانت ستكون هناك مرحلة ثالثة جدلا. فهي لا تستبعد تراجع نتانياهو بعد تسلمه آخر رهينة من الفصائل الفلسطينية والعودة إلى الحرب لأي سبب يدعيه لاستكمال أهدافه. وبينما تعرضت وتتعرض حماس لحملة أمريكية وغربية منظمة ومتواصلة لتحميلها مسؤولية عرقلة اتفاق الهدنة حتى الآن على الأقل فإن التأييد الأمريكي والغربي لإسرائيل سيكون جاهزا عند الضرورة وإلقاء المسؤولية على عاتق حماس، في حين أن إسرائيل هي التي تواصل الحرب وحماس هي التي تطلب وقف القتال. وأمام هذا التباين فإنه من المعروف أن التفاوض من جانب الوسطاء يكون حول تاريخ معين يقبل به الطرفين لوقف القتال مؤقتا وبدء التطبيق العملي لإطلاق سراح الدفعة الأولى من الرهائن والمحتجزين . أما ترك المسألة لتتحكم فيها إسرائيل وبالتالي حماس فإنها ستستغرق وقتا طويلا خاصة وأن بايدن يدرك ذلك من منظور مصلحة نتانياهو في البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة. وإذا استمرت واشنطن في موقفها الذي يفتقر إلى الحسم والقوة في التعامل مع نتانياهو فإن مبادرة بايدن التي كانت في الأصل مبادرة إسرائيل قبل نحو عدة أسابيع ستذبلوتفقد الحماسة أو القدرة على تنفيذها ثم التعرض للموت الفعلي أو السريري خاصة وأن إسرائيل وبعض مسؤولي حماس يرون في استمرار القتال مصلحة ما بالنسبة لكل منهما من منطلقات مختلفة بعد أن تحول الدم الفلسطيني للأسف إلى أداة لتعزيز المصالح لنتانياهو ولحماس فالتضحيات الفلسطينية وتصريحات السنوار كانت صادمة، خاصة وأن تضحيات الفلسطينيين التي لم تتوقف طوال السنوات الماضية تزداد مع مرور الوقت ولكن هل التضحيات الفلسطينية هدف في حد ذاته ولا يهم إن تحولت إلى شكل من الإبادة الجماعية بحجة أنها «تضحية ضرورية» وهنا فإن مسؤولية وعبئا ثقيلا يقع على كاهل القيادة في حماية أرواح ومقدرات شعبها وليس تقديم أرواح شعبها بسهولة ضحية لمجازر آلة الحرب الإسرائيلية التي تمارس الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بوعي وتخطيط ودعم أمريكي وغربي. والمأساة أن تتصور بعض القيادات الفلسطينية أنها تعمل من أجل المصلحة الفلسطينية في حين أن التشبث بحكم غزة، حتى ولو كانت أنقاضا، يسبق أية أولوية أخرى وسيظل ذلك مجال جدل وخلافات بين الفلسطينيين وضد مصالحهم الوطنية. برغم أية شعارات على هذا الجانب أو ذاك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مجلس الأمن خاصة وأن إذا کانت من جانب لا ترید هی التی وهو ما
إقرأ أيضاً:
حاكم دارفور يدعو لتكثيف جهود استعادة الأمن والاستقرار في السودان
دعا حاكم إقليم دارفور إلى تكثيف الدعم المحلي والدولي للجهود الهادفة إلى استعادة الأمن والاستقرار في السودان، مؤكداً أن حماية المدنيين تمثل أولوية قصوى في ظل الأوضاع الراهنة.
واتهم الحاكم قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات وصفها بالوحشية بحق المدنيين في إقليم دارفور، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الاعتداءات وضمان سلامة المواطنين وحمايتهم من العنف المستمر.
ولقى مواطن سوداني مدني مصرعه وتعرض آخرون للإصابة جراء هجوم للدعم السريع في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان.
وأشارت مصادر سودانية إلى أن هجمات للجيش السوداني أسفرت عن تدمير ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع.
واستهدفت مُسيرات الجيش السوداني تستهدف عدة مواقع للدعم السريع في شمال كردفان.
اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا
وأصدرت وزارة الخارجية السودانية، في وقت سابق، بياناً قالت فيه إن مليشيا الدعم السريع ارتكبت أمس مذبحة في مدنية كلوقي جنوب كردفان.
وأشارت الوزارة إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل 79 مدنياً بينهم 43 طفلاً.
وأدان برنامج الأغذية العالمي الهجوم الذي استهدف شاحنة ضمن قافلة إنسانية شمال دارفور بغرب السودان، مطالباً بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين عن الحادث لضمان حماية المساعدات الإنسانية.
وقالت شبكة أطباء السودان، في وقتٍ سابق، إن الحصار المفروض على مدينتي الدلنج وكادوقلي يعرض حياة آلاف المدنيين للخطر.
وأضافت: "وفاة 23 طفلاً بسبب سوء التغذية الحاد خلال شهر بمدينتي الدلنج وكادوقلي بجنوب كردفان".
وقالت منظمة الهجرة الدولية، في وقتٍ سابق، إن تصاعد القتال في كردفان يُجبر سكانها على النزوح.
وذكرت مصادر سودانية أن هناك مواجهات اندلعت داخل مدينة بابنوسة في غرب كردفان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقالت شبكة أطباء السودان إنه تم تسجيل 32 حالة اغتصاب مؤكدة خلال أسبوع لفتيات من مدينة الفاشر وصلن إلى طويلة.
ويأتي ذلك في إطار الكشف عن جرائم الدعم السريع في السودان خلال الفترة الأخيرة.
وأشارت مصادر سودانية إلى أن الجيش السوداني بدأ في بسط سيطرته على بلدة أم دم حاج أحمد بولاية شمال كردفان.
وذكرت المصادر أن الجيش السوداني يبدأ عملية عسكرية واسعة النطاق.
وقال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إنه لا نهاية للحرب إلا بالقضاء على ميليشيا الدعم السريع.
وأضاف قائلاً: "سنواصل القتال ضد ميليشيا الدعم السريع".
وأعلن البرهان التعبئة العامة من منطقة السريحة بولاية الجزيرة.
وطالب مجلس حقوق الإنسان بتحقيق عاجل لتحديد المسؤولين عن الانتهاكات في الفاشر.
وأصدر مجلس حقوق الإنسان مشروع قانون يهدف إلى إدانة انتهاكات الدعم السريع في الفاشر