تجدد الشكايات ضد قطاع الطاكسيات بمدن الشمال مع بداية الصيف
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
يشهد قطاع سيارات الأجرة، بمدن الشمال، كل موسم صيفي مجموعة من المشاكل، إذ تطغى الفوضى التي تؤدي إلى اصطدامات غير متناهية بين السائقين والمرتفقين، مما يحدث موجة من السخط التي تطالب بمزيد من الضبط من جهة، ومن جهة أخرى بضرورة تقنين التنقل بواسط التطبيقات.
وفي هذا الصّدد، تساءلت نجاة حمرية، المستشارة بجماعة تطوان على جدارها عن « المسؤول عن الفوضى العارمة الذي يعرفها قطاع الطاكسي بتطوان في اتجاه مرتيل والمضيق ».
وقالت حمرية: « أتساءل بمرارة عما يكتوي منه المواطن مع حلول موسم الصيف، وهو حرمانه من حقه في التنقل بين الخط الرابط بين تطوان ومرتيل والمضيق ».
وأضافت: « لقد انطلق مسلسل المساومات والمفاوضات والمناورات حول تسعيرة الطاكسي، وهو الأمر الذي يخلق نوعا من التوتر والاحتقان في صفوف المواطنين، فأين هم المسؤولون عن تنظيم القطاع؟ ».
وأبرزت حمرية أن « عدوى الزيادات ابتلي بها أصحاب سيارات الأجرة إسوة بربان الزيادات وطنيا »، في إشارة إلى رئيس الحكومة.
كلمات دلالية المضيق تطوان طاكسيات مرتيلالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المضيق تطوان طاكسيات مرتيل
إقرأ أيضاً:
كيف نفهم الأزمة اليمنية؟
مسعود أحمد بيت سعيد
بدأت الأزمة اليمنية في صيف عام 1994 نتيجة خلافات سياسية حول إدارة الدولة والمؤسسات الحكومية، وقد برزت- آنذاك- بوصفها صراعًا سياسيًا مرتبطًا بتصحيح مسار الوحدة، وعلى هذا الأساس أعلن علي سالم البيض قرار الانفصال في 21 مايو من العام نفسه.
غير أن التحالف الطبقي اليميني والرجعي تجاوز مبدأ الحفاظ على الخيار الوحدوي الديمقراطي بالوسائل السلمية، ولجأ إلى الحلول الأمنية والضم القسري بالقوة المسلحة. وأسهمت هذه الممارسات في إفراغ التجربة الوحدوية من مضمونها، حتى أصبح استمرارها بالصورة التي أُسِّسَت عليها، وبالآليات التي أُديرت بها، أمرًا غير ممكن. في هذا السياق خاض الشمال حربًا هجومية تحت شعار "الوحدة العادلة"، بينما خاض الجنوب حربًا دفاعية تحت شعار "الانفصال الخاطئ"! وقد حُسمت الحرب لصالح الشمال بسقوط عدن في يوليو 1994، غير أن الحراك السياسي والجماهيري لم يتوقف.
ومع تطور الأحداث وسقوط النظام في الشمال لاحقًا، برزت انقسامات واستقطابات حادة في الشمال والجنوب، أدَّت إلى تغيُّر جذري في الخارطة السياسية وتحالفاتها. ووجدت القوى الخارجية، في مناخ مُثقل بالظلم والحرمان والاستبداد، بيئةً مواتيةً لتبرير تدخلاتها. وبناءً على ذلك، أعادت تموضعها على أرضية الخلافات الداخلية، فبرزت قوى ومكوّنات سياسية وعسكرية جديدة متفاوتة النفوذ، بينما تلاشت قوى أخرى أو جرى تطويعها بما ينسجم مع مجرى الأحداث. وخلال هذه التفاعلات، وبرعاية عوامل ومتطلبات خارجية، أُعيد تشكيل المشهد اليمني برُمَّته على أُسس جديدة، فيما ظلّت معظم الممارسات العملية للمكونات اليمنية محكومة بالاعتبارات الداخلية، حتى لو جاءت في إطار تلبية أجندات خارجية.
من هنا، ظهرت انقسامات وتحالفات داخلية ترافقها خطابات إعلامية موجهة لإرضاء أطراف إقليمية، بينما بَقِيَتْ القناعات الحقيقية لهذه القوى بانتظار ظرفٍ يسمح بالتعبير عنها، وهو ما استعصى فهمه على بعض القوى الإقليمية. غير أن الغائب الأكبر ظل الإطار الوطني الجامع القادر على تمثيل تطلعات الشعب اليمني، والتعبير عن هويته ذات الجذور التحرُّرية الرافضة للهيمنة والوصاية. وتراجعت النزعتان التحررية والوحدوية- اللتان تمثلان القاسم المشترك بين اليمنيين- إلى موقع ثانوي تحت ضغط الأحداث ومتطلبات الدعم الخارجي، رغم بقائهما حاضرتين في الخطاب السياسي والإعلامي.
ويمثل هذا التراجع جوهرَ الإشكالية التي تولَّدت عنها سائر المشكلات، ومهَّدت لإطالة أمد الأزمة التي أُريد لها أن تستمر وتُغذِّي الانقسام الجغرافي والاجتماعي والنفسي والسياسي. وبعد حرب طاحنة استُخدمت فيها إمكانات إقليمية واسعة، تحوَّلت معظم القوى السياسية والعسكرية- بوعيٍ أو من دونه- إلى أدوات تُمرِّر خيارات وثيقة الصلة بالأجندات الخارجية. ورغم مشروعية كثير من المظالم التي يطرحها الجنوبيون استنادًا إلى التجربة السابقة، فإنَّ الدفع باتجاه الانفصال- مهما كانت مُنطلقاته- ينسجم في جوهره مع مصالح قوى إمبريالية وكولونيالية وقوى إقليمية متداخلة معها.
ومع إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي ثم إشراكه في بنية المجلس الرئاسي، تكشَّفت أبعاد حرب ممتدة لعقود، واتضح اتجاه المسار السياسي. ومن المفارقات أن يجتمع في المجلس ذاته ممثلو الشرعية- الذين خاضوا حروبًا شرسة دفاعًا عن الوحدة- مع قوى ترفع صراحةً شعار الانفصال، في تركيبةٍ فرضتها أولويات التحالفات الإقليمية والدولية رغم تناقضاتها الظاهرة. وقد أفرزت السنوات الماضية وقائعَ مدمرة على المستويات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية، خلقت مُعطى موضوعيًا يصعب تجاوزه، في ظل هيمنة قوى مُنخرطة في تحالفات إقليمية ودولية معقدة. ومع ذلك قد تُفضي المُتغيِّرات الجديدة إلى تحوُّلات في المزاج الشعبي نحو التمسُّك بما هو أَسْمَى، وبما يليق بتضحيات الشعب اليمني في الدفاع عن حريته ووحدته واستقلاله.
وقد شهدت الساحة اليمنية مؤخرًا تطورات لافتة؛ أبرزها سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت والمهرة، فضلًا عن القصر الرئاسي في معاشيق بعدن؛ بما يحمله ذلك من دلالات سياسية ورمزية. وتمثل هذه الخطوة منعطفًا مهمًا في مسار الصراع وآليات إدارته، وتُشير إلى أننا أمام مفصل تاريخي يوشك على الطي؛ تمهيدًا لمرحلة جديدة قد تقوم على صراعات محتملة (شمال- شمال) و(جنوب- جنوب)، مع احتمال تجدُّد الصراع بين الشمال والجنوب، وظهور تحالفات داخلية وخارجية جديدة، بالنظر إلى طبيعة الاصطفافات الراهنة التي تبدو مؤقتة وغير مستقرة.
لذا.. من الضروري إعادة قراءة المشهد في ضوء المستجدات، والانطلاق من الواقع الموضوعي ومجاراة تحوّلاته واستحقاقاته المقبلة؛ فعلى المستوى الإقليمي تلوح مؤشرات على أُفول مشروع وصعود آخر، بينما على المستوى اليمني نجح المشروع المعادي لليمن- أرضًا وشعبًا ومستقبلًا- في تدميره أولًا، ثم دفعه نحو على سكة التقسيم ثانيًا.
وعليه.. يمكن القول إنَّ مسألة انفصال الجنوب اليوم تبدو أكثر وضوحًا وقابلية للتنفيذ من أي وقت مضى؛ إذ تُشير المعطيات السياسية والميدانية إلى اقتراب هذا الخيار- بما له وما عليه- من التحوُّل إلى واقعٍ، رغم تعدد العقبات التي لا تزال تقف في طريقه.
رابط مختصر