أوقفت السلطات البوليفية قائدا ثانيا في الجيش ليل الأربعاء إلى الخميس، بعد محاولة انقلاب فاشلة حاول خلالها قائد القوات البرية خوان خوسيه زونيغا اقتحام القصر الرئاسي من أجل "إعادة هيكلة الديمقراطية" في البلاد، حسب تبريره.

وتقدم الجنرال زونيغا ورجاله أمس الأربعاء عبر شوارع مدينة لاباز وصولا إلى القصر الرئاسي، وتمركزت أمامه 8 عربات مدرعة وأطلقت الغاز المسيل للدموع على كل شخص حاول الاقتراب.

وبعد ساعات من احتلال المكان ومحاولة الدخول إلى المبنى الذي كان يتواجد فيه الرئيس لويس آرسي، انسحب الجنرال الذي يشغل منصبه منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022 مع قواته إلى ثكنة في العاصمة حيث اعتُقل.

وقال الجنرال زونيغا وقد أحاط به عسكريون و8 دبابات إن "القوات المسلحة تحاول إعادة هيكلة الديمقراطية، لجعلها ديمقراطية حقيقية.. ليس ديمقراطية بعض الأسياد الذين يديرون البلاد منذ 30 أو 40 عاما".

وبعد ذلك، أعلن الوزير إدواردو ديل كاستيو في مؤتمر صحفي توقيف مسؤول عسكري آخر هو خوان أرنيز سلفادور قائد القوات البحرية، مشيرا إلى "عسكرييْن انقلابييْن أرادا تدمير الديمقراطية".

ويُحاكم الضابطان بتهمة "الانتفاضة المسلحة والإرهاب".

وقبل توقيفه، قال الجنرال زونيغا لصحفيين إنه تصرف بناء على أوامر رئيس الدولة الذي طلب منه الأحد "التحضير لشيء ما" لزيادة شعبيته.

أنصار الرئيس البوليفي لويس آرسي تجمعوا بالمئات في ساحة القصر الرئاسي بمدينة لاباز (وكالة الأناضول) الرئيس يُندد

من جهته، ندد آرسي (60 عاما) على شبكة "إكس" للتواصل الاجتماعي "بالتحركات غير النظامية لوحدات معينة من الجيش البوليفي".

وقال رئيس الدولة اليساري في خطاب متلفز "ينبغي احترام الديمقراطية".

وسرعان ما أقال الرئيس قائد الجيش وعين قيادة عسكرية جديدة أدت اليمين الدستورية أمامه في القصر الرئاسي، وفقا لمشاهد بثت مباشرة على التلفزيون الوطني.

وخلال تأدية اليمين، قال الرئيس البوليفي "إننا نواجه محاولة انقلابية من قبل جنود قاموا بتلطيخ زيهم العسكري".

وانسحب الجنود المتمردون من أمام القصر الرئاسي في وقت مبكر من المساء. وما إن غادروا المكان حتى خرج الرئيس إلى شرفة القصر لتحية أنصاره الذين تجمعوا بالمئات في الساحة.

وقال آرسي "لا يمكن لأحد أن يسلبنا الديمقراطية التي فزنا بها".

رئاسيات 2025

من جهته، قال الرئيس السابق إيفو موراليس (2006-2019) على منصة إكس، إنه "يتم الإعداد لانقلاب"، متهما الجنرال زونيغا بأنه "على رأس" هذه الحركة.

ومنذ الثلاثاء، انتشرت شائعات مفادها أن الجنرال زونيغا، قد تتم إقالته بسبب تجاوزه لصلاحياته.

وبحسب تلك الشائعات، فإن قائد الجيش أقيل بعد إطلاقه تصريحاة معادية لموراليس الذي كان في السابق حليفا وثيقا لآرسي وبات اليوم أكبر خصم سياسي له في إطار حملة الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

وقال الجنرال زونيغا إنه لن يتوانى عن اعتقال الرئيس السابق إذا ما أصر على الترشح للرئاسة، في تصريح يتنافى والقوانين المرعية في البلاد.

وأضاف "من الناحية القانونية، هو غير مؤهل، ولم يعد بإمكانه أن يكون رئيسا لهذا البلد".

وأضاف أن الجيش "هو الذراع المسلحة للبلاد وسندافع عن الدستور مهما كان الثمن".

وتولى موراليس رئاسة بوليفيا من 2006 إلى 2019، بعد أن أعيد انتخابه في عام 2009 ومرة أخرى في عام 2014.

وفي 2019، استقال من الرئاسة وسط اضطرابات اجتماعية واتهامات بتزوير الانتخابات.

ويشهد حزب "الحركة نحو الاشتراكية" الحاكم في بوليفيا، انقساما بين آرسي وموراليس اللذين كانا حليفين في السابق وأصبحا خصمين في الانتخابات الرئاسية للعام 2025.

ويسعى إيفو موراليس إلى الترشح نيابة عن "الحركة نحو الاشتراكية"، ويتهم لويس آرسي الذي لم يتقدم بعد بطلب الترشح رسميا بالفساد والتسامح مع تهريب المخدرات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجنرال زونیغا القصر الرئاسی

إقرأ أيضاً:

بين خيار الديكتاتورية والديمقراطية الفاشلة

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

منذ بدء الخليقة والإنسان يبحث عن إلهٍ يعبده ويستعين به ويلجأ إليه، وهي حالة فطرية- على ما يبدو- فُطر الإنسان عليها ليبحث عن قوة تفوق قوته ليستعين بها في الشدائد ومُلمات الدهر.

لذا رأينا هذا الإنسان عبر تاريخه يبحث عن الإله في الطبيعة أولًا، متمثلًا في الشمس والقمر، وتقديس الظواهر والمنافع؛ كالنار والبقر، وصولًا إلى عصور الرسالات السماوية بجلاء دعواتها كأديان سماوية، وكذلك رموز التنوير والإصلاح ومؤسسي الأديان الوضعية كالبوذية والهندوسية وغيرها، والتي لم تخرج في تعاليمها العميقة عن جوهر الفطرة والرسالات السماوية، من حيث الدعوة إلى الصلاح والخيرية في العمل والعبادة.

ومنذ نشوء المجتمعات وتحولها من مكونات صغيرة وتشكلها إلى ما يُشبه تكتلات المجتمعات الكبيرة والدولة في القرون المتأخرة، أتتْ الحاجة إلى منظومات وقواعد بشرية تنظم العلاقات بينهم وتحفظ الحقوق لهم؛ حيث نشأت الفرضيات وتعددت النظريات لتحقيق ذلك الهدف بصورة تواكب عصر الدولة وأطوارها ومراحلها وتتناغم معه.

العالم اليوم- وخاصة بشقه الغربي- في حيرة حقيقية في بحثه عن "إلهٍ" جديد مُعاصر يُلبي متطلبات الدولة ويحافظ على حقوق الشعب، ويعصم الدولة من الانهيار في عصر العولمة وإعلام الشعوب؛ فقد اختُبرت نظريات الديمقراطية الغربية في موضعين قريبين جدًا، وهما جائحة "كورونا" و"طوفان الأقصى"؛ حيث تبين للعالم مدى هشاشة الديمقراطية الليبرالية الغربية، وحجم غياب الدولة الوطنية في مفاصلها، ومدى حاجتها للإصلاح والتغيير بعد التراجع الشعبي الكبير في الإقبال على صناديق الاقتراع واعتبارها زبونية سياسية بامتياز.

خروج الملايين من الفرنسيين إلى الشارع لأكثر من عامين لم يُغيِّر شيئًا من نهج الحكومة وسياساتها، كما كشف عن حجم الفجوة والجفوة بين الشارع والمؤسسات التي تدعي تمثيل الشعب والحرص على مصالحه والصالح العام للدولة. ثم أتى "طوفان الأقصى" ليُزلزل عروش ونظريات الديمقراطية الليبرالية في الغرب، وليظهر حجم القمع والبطش المُدخر لدى الحكومات الغربية لمواجهة المطالب التعبيرية والمعيشية الشعبية التي تندرج تحت مظلة الحقوق والحرية والديمقراطية.

البُعبُع الذي يلوح به الغرب عادة لقمع معارضي ممارسات الديمقراطية البشعة، هو العودة إلى الديكتاتورية، رغم ممارسة الساسة في الغرب لها بلا وعي؛ حيث يتجلى التفرد بالسياسات والقرار والمصير إلى حد كبير. والديكتاتورية شكل من أشكال الحكم المُطلق؛ حيث تكون سُلطات الحكم محصورة في شخص واحد أو مجموعة معينة كحزب سياسي أو دكتاتورية عسكرية. وهي حالة مطلوبة لضبط الدولة وتخطي الفلتان بعد الحروب الخارجية أو الأهلية أو تشظي الدولة وغياب هيبتها. وفي التاريخ نماذج عدة من الديكتاتورية بأنواعها المُستبِد والمُستنير، والتي بفضلها تم الحفاظ على الدولة وتحقيق القوة والتنمية بها ومن أمثال ذلك: بيسمارك في ألمانيا وستالين في روسيا وحكم العسكر في كوريا الجنوبية والجنرال فرانكو في إسبانيا، وكذلك لي كوان في سنغافورة ومهاتير محمد في ماليزيا كنماذج للديكتاتور المُستنير.

كتب العديد من المفكرين في الغرب كتب تحمل تشريح علمي للديمقراطية وما وصلت إليه من حاجة للتغيير والتطوير، ولعل من أبرزها كتاب "الديمقراطية.. الإله الذي فشل" لهانز هيرمان هوبا (وهو اقتصادي ألماني أمريكي)، والذي يصف به الديمقراطية بـ"الإله الذي فشل" في تحقيق غايات الناس والدولة العصرية.

وكذلك كتب "نهاية الديمقراطية" و"نهاية ديمقراطية تايشو" و"نهاية الديمقراطية الموجهة" و"نهاية الديمقراطية ماري جيهينو" و"الإسلام والديمقراطية" و"اختراع الديموقراطية".

العالم اليوم في مُفترق طرق حقيقي- وإن لم يُعلن عن ذلك- في بحثه عن نظريات وأدوات تواكب عصره وتلبي رغبات الشعوب وتطلعاتها نحو تحقيق العدالة والحرية والحفاظ على الدولة الوطنية بأقل التكاليف على الدولة والمجتمع مقارنة بالديمقراطيات الحالية بكافة أنواعها.

قبل اللقاء.. الشعوب اليوم لم يعد همها أن تحكم؛ بل كيف تُحكم.

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • توقيف شخص في طرابلس... هدّد قائد شرطة البلديّة
  • بعد الإشكال الذي أوقع 3 جرحى أمس.. الجيش يُداهم منازل في حوش العرب
  • الجيش الأردني يعلن إحباط محاولة تسلل طائرة مسيرة جنوبي البلاد
  • قائد الجيش الإيراني: إسرائيل تدرك عجزها عن المواجهة المباشرة ولا نستبعد الحماقات
  • بين خيار الديكتاتورية والديمقراطية الفاشلة
  • ديفيد زيني حصان طروادة الذي يتحدى به نتنياهو الجيش والقضاء
  • الجيش يسقط طائرة مسيّرة حاولت اجتياز الحدود من الواجهة الغربية
  • الرئيس عون: نجاح الانتخابات يؤكد حيوية الديمقراطية
  • ترامب: لن ننشر الديمقراطية تحت تهديد السلاح بعد الآن.. ليست مهمة الجيش
  • من قائد الجيش.. رسالة إلى العسكريين بعد إنتهاء الإنتخابات