عربي21:
2025-05-16@15:53:00 GMT

قيس سعيد من عُهدة الزعامة إلى عُهدة الرئاسة

تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT

يبدو أن قيس سعيد قد ختم مرحلة "صناعة الزعيم" ليدخل مرحلة "مسؤولية الرئيس".

1- مرحلة نحت الزعامة

ظل قيس سعيد منذ انتخابه في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 يروّج لنفسه كمُخلّص وكزعيم وطني وإنساني، وظل "يراكم" مفردات الوصم والوشم والذم والبخس لإرباك كل الطبقة السياسية التي حكمت أو عارضت، فقد ابتدع من المفردات ما لم يسبقه إليها أحد في وصم الآخرين (لا حاجة للتذكير بتلك المفردات في زمن يبدو "ساكنا").



وبقدر ما كان يهاجم خصومه كان يجتهد في تمثّل سيرة الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فيُعبّرُ بالكلام وبالأحضان عن حبه للناس وعطفه على الفقراء الذين "نكّل" بهم الفاسدون والمفسدون و"الكارتيلات"، أصحاب "مسالك التوزيع والتجويع". كان يجد خطابُه الهجومي استحسانا لدى طيف واسع من عامة الناس، فيزيد هو من ذاك الهجوم على الطبقة السياسية ويرسل تهديداته ضد اللصوص ويتوعدهم بالملاحقة في البر والبحر وفي السماء.

حتى لا يقاسمه أحد "المجد" ولا يمنّ عليه أحد بدور في نحت "زعامته"، فقد اتخذ مسافة من كل من تقرّبوا منه وحتى ممن بالغوا في التعبير عن مساندته والدفاع عن "مشروعه"، مما اضطر عددا منهم للتراجع واتخاذ مسافة نقدية أو قاطعة، إنها فكرة "الزعامة" التي لا يقبل صاحبُها بأن يكون مدينا لأيّ كان
لقد كان يحاول أن ينحت لنفسه صورة "زعيم" مختلف عن بقية زعماء تونس، فلا يحتفل لا بعيد استقلال ولا بعيد شغل، بل ولا يُلقي على التونسيين خطاب معايدة في المناسبات الدينية، إنما ظل وفيا لمنهجه في "تجريف" كل مكونات المشهد القديم؛ لرسم "مسار" جديد يقول إنه يخدم التونسيين الطاهرين ويساهم في خدمة الإنسانية.

وحتى لا يقاسمه أحد "المجد" ولا يمنّ عليه أحد بدور في نحت "زعامته"، فقد اتخذ مسافة من كل من تقرّبوا منه وحتى ممن بالغوا في التعبير عن مساندته والدفاع عن "مشروعه"، مما اضطر عددا منهم للتراجع واتخاذ مسافة نقدية أو قاطعة، إنها فكرة "الزعامة" التي لا يقبل صاحبُها بأن يكون مدينا لأيّ كان ولا يقبل بتقاسم "المجد"، بما هو غنيمة اعتبارية، مع الآخرين.

2- مرحلة هيبة الرئاسة

منذ كلمته أمام وزيرة العدل يوم 22 أيار/ مايو 2024، وبعد إقالة أهم وزيرين في "حكومته"، لم يتكلم قيس سعيد كلاما سياسيا ولم يهاجم معارضيه، رغم استمرار لقاءاته بعدد من الوزراء والمسؤولين، إذ كانت اللقاءات مرفوقة بموسيقى خاصة بصفحة الرئاسة.

يوم 24 حزيران/ يونيو 2024، وهو ذكرى تأسيس الجيش الوطني، ألقى قيس سعيد كلمة، والملاحظ فيها:

أولا: أنها كانت كلمة مكتوبة، وقد اعتاد الارتجال أو الاستعانة بجذاذة لتذكّر بعض النقاط المسجلة عليها مما قد يكون حريصا على ذكرها.

ثانيا: أنه، على غير عادته، لم يتوجه بأي شتيمة أو تهديد أو اتهام لأطراف داخلية، وإنما كان الخطاب لتأكيد جاهزية القوى الحاملة للسلاح لحماية الوطن بما هو تراب وماء وسماء وثروات، وللتصدي لكل من يحاول "تمزيق" وحدتنا، وللتذكير ببطولات جيشنا منذ مراحل الاستقلال الأولى، وبعد 2011 في تأمين الامتحانات الوطنية والانتخابات، مع التذكير بمؤسسة "فداء" وواجبها تجاه شهداء وأبناء القوات الحاملة للسلاح، ودعوة الشعب إلى تحمل مسؤوليته تجاه جيشنا الوطني.

قيس سعيد دخل مرحلة "التعاقد" لا بمفهوم "العقد الاجتماعي" لروسو، وإنما بمعنى تحديد المهام والمسؤوليات في نص مكتوب يذهب مباشرة الى الأهداف العملية، بعيدا عن الأسلوب الإنشائي التقليدي الذي كثيرا ما أوقع صاحبه في أخطاء تواصلية أو في سوء فهم أو سوء تأويل
ثالثا: تأكيد الخطاب على السيادة الوطنية ورفض أي قواعد عسكرية على ترابنا الوطني، دون امتناع عن تعاون تقليدي مع دول أخرى ضمن مبدأ السيادة (ردّا على ما قيل من تواجد قوات روسية بالجنوب التونسي)، ورفض "التوطين" غير القانوني (تفاعلا مع انعاج عدد من المواطنين من تواجد كثيف لأفارقة بعدد من المدن التونسية).

ما يمكن أن يستنتجه أي مشتغل على اللغة/ الخطاب هو التالي:

- أن قيس سعيد دخل مرحلة "التعاقد" لا بمفهوم "العقد الاجتماعي" لروسو، وإنما بمعنى تحديد المهام والمسؤوليات في نص مكتوب يذهب مباشرة الى الأهداف العملية، بعيدا عن الأسلوب الإنشائي التقليدي الذي كثيرا ما أوقع صاحبه في أخطاء تواصلية أو في سوء فهم أو سوء تأويل.

- أن موضوع الرئاسة في عُهدتها القادمة قد حُسم وفق قاعدة "بقاء أو فناء"، وأن هذا الحسم ليس بعده تراجع، بل "انتصار" أو "استشهاد".

- أعتقد أن قيس سعيد، وبداية من تاريخ كلمته تلك بحضرة قادة الجيش، قد أعلن مرحلة "العبور"، وكان قد قال هذه الكلمة في خطاب شفوي سابق، وأن دورة ما بعد 2024 هي ضمن مسار 25 تموز/ يوليو مهما كانت احتجاجات المعارضة وضغوط الخارج.

3- عناد سعيد وتردد المعارضة

العقل السياسي لا يعبر عما يشتهي وإنما بعبر عما يرى وعما يقوله الواقع وتشهد به الوقائع، ولا يكفي مواجهة من "يفعل" ويصنع الأحداث ويفرض طبيعة المعركة بالسخرية والشتائم، فذاك سلاح الضعفاء لا يغير موازين قوى ولا يؤثر في مسار التاريخ، كما أن الاعتماد على المنظمات الحقوقية الأجنبية أو على الاتحاد الأوروبي وأمريكا، سيسمح لخصوم المعارضة باتهامها في مبدئيتها وفي وطنيتها، خاصة وقد انكشف بعد طوفان الأقصى زيف القيم الكونية لدى القوى الغربية؛ بما هي لوبيات وأنظمة حكم رغم معارضات شعبية واسعة خاصة في الجامعات.


المعارفي الوقت الذي تبدو فيه المعارضة مترددة وغير منسجمة، يتابع التونسيون نشاطا ميدانيا مكثفا يقوم به قيس سعيد، وقد يُفهم على أنها حملة انتخابية سابقة لأوانهاضة التونسية ما زالت في وضع تردد وحالة انقسام، خاصة وأن قيس سعيد يعتمد معها أسلوب "الغموض" من ناحية، ولا يكف من ناحية أخرى عن جرّ منافسيه إلى المحاكم لإرباكهم ولوضعهم تحت طائلة القانون الانتخابي الذي يمنع ترشح من هو في حالة تتبع قضائي.

وفي الوقت الذي تبدو فيه المعارضة مترددة وغير منسجمة، يتابع التونسيون نشاطا ميدانيا مكثفا يقوم به قيس سعيد، وقد يُفهم على أنها حملة انتخابية سابقة لأوانها، خاصة بعد اتخاذ قرار الترفيع على دفعتين بنسبة 14.5 في المائة في الأجور المضمونة في القطاع الخاص تشمل مجموعة من النشيطين والمتقاعدين.

وقد ورد في صفحة الرئاسة بعد لقاء جمع قيس سعيد بوزير الشؤون الاجتماعية يوم 27 حزيران/ يونيو ما يلي: "وتناول هذا اللقاء جملة من المحاور من بينها الترفيع بنسبة 7 في المائة في الأجور الدنيا المضمونة في القطاع الخاص بالنسبة للنشيطين وذلك انطلاقا من الشهر القادم مع أثر رجعي بداية من 1 أيار/ مايو 2024، وزيادة ثانية بنسبة 7.5 في المائة بداية من أول كانون الثاني/ يناير 2025، وهو ما سيترتب عليه آليا الترفيع في جرايات المتقاعدين في القطاع الخاص بأثر رجعي أيضا بداية من 1 أيار/ مايو 2024 وكذلك بداية من أول يناير 2025 والذي سيشمل حوالي مليون متقاعد".

ويُتوقعُ أن تُتخذ إجراءات أخرى تتعلق بالفئات الاجتماعية الضعيفة، وهو سيوفر خزانا انتخابيا لمترشح ليس له حزب ولا يؤمن بدور للأحزاب ولا للمنظمات والكيانات الوسيطة.

x.com/bahriarfaoui1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قيس سعيد الزعامة تونس الرئاسة تونس الانتخابات الرئاسة الزعامة قيس سعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن قیس سعید بدایة من

إقرأ أيضاً:

المتحدث باسم الرئاسة الروسية: من الصعب الحديث عن استئناف الشراكة مع الناتو

يمانيون../ قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية “الكرملين” دميتري بيسكوف، إنه من الصعب الحديث عن استئناف الشراكة مع حلف شمال الأطلسي “الناتو”، في وقت يشارك فيه الحلف عمليا بشكل فعال في العمليات القتالية ضد روسيا.

وأضاف بيسكوف في تصريح أورده موقع “روسيا اليوم” اليوم الجمعة “من الصعب الحديث عن استئناف أي شكل من أشكال الشراكة، أو أي نوع من الحوار، في وقت يخوض فيه حلف الناتو حربا فعلية ضد روسيا”.

وأكد مسئولون أمنيون عملوا سابقا في أجهزة أمن وهياكل الناتو أن “التقارب” بين واشنطن وموسكو يزيد من مخاوف دول الحلف ويجعلها تفكر مليا في مخاطر تبادل المعلومات الاستخباراتية مع واشنطن.

ونقلت صحيفة “بوليتيكو” في تقرير لها عن المسؤولين السابقين أن محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحسين العلاقات مع روسيا أدت إلى تعزيز الشكوك حول هذا التعاون الاستخباراتي بين دول “الناتو” وواشنطن.

وأشار التقرير إلى أن “تبادل المعلومات الاستخباراتية داخل الناتو كان يعاني منذ فترة طويلة من عدم الثقة بين الأعضاء التقليديين في الحلف والدول التي انضمت إليه من أوروبا الوسطى والشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وتفاقم عدم الثقة بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، بسبب المواقف المؤيدة لروسيا من قبل دول مثل المجر وسلوفاكيا، ومحاولات ترامب لتحسين العلاقات مع موسكو، مما يهز أركان الحلف ويجعل الدول تفكر في مخاطر تبادل المعلومات الاستخباراتية مع واشنطن”.

مقالات مشابهة

  • المتحدث باسم الرئاسة الروسية: من الصعب الحديث عن استئناف الشراكة مع الناتو
  • استطلاع: تراجع مستمر في شعبية ائتلاف نتنياهو وتصاعد فرص المعارضة
  • المعارضة مشلولة.. الفريق الإشتراكي يعلن وقف كل أشكال التنسيق لتقديم ملتمس الرقابة
  • قبقبة معارضي الإنقاذ للمنشقين عنه: توبة قبل الغرغرة
  • كاتب إسرائيلي يدعو المعارضة الإسرائيلية لـ إسقاط نتنياهو
  • البابا لاون يزور الرئاسة العامة لرهبنة القديس أوغسطينوس
  • زعيم المعارضة بدولة الاحتلال : ترامب سئم من رئيس الحكومة نتنياهو
  • السلطات التنزانية تعتقل أحد رموز المعارضة وتمنعه من السفر
  • زعيم المعارضة التركية: لسنا جزءًا من إعداد الدستور الجديد
  • الرئاسة الفلسطينية ترحب بإعلان الرئيس الأميركي رفع العقوبات عن سوريا