في عصرٍ يمتد فيه ميدان القتال إلى ما وراء الغلاف الجوي للأرض، تسعى الولايات المتحدة إلى تنفيذ مشروع عسكري جديد يهدف إلى حماية أقمارها الاصطناعية من الهجمات السيبرانية.

وإدراكا منها لحجم التهديدات الحالية، أطلقت وزارة الدفاع الأميركية مبادرة جديدة أطلقت عليها اسم "الاحتياطي الفضائي التجاري الموسع" (Commercial Augmentation Space Reserve)، بهدف تعزيز عمليات الفضاء العسكرية عبر التعاون مع القطاع الخاص لدمج المعدات والأجهزة والتقنيات التجارية في أنظمة الأقمار الاصطناعية، مما يعكس أهمية الفضاء المتزايدة واعتبارها ضمن البنية التحتية الحيوية للعالم حاليا، كما أشار تقرير في موقع "ذا كونفرسيشن".

تهديدات سيبرانية في الفضاء

مع تصاعد أهمية الفضاء في العمليات العسكرية، تزداد خطورة الهجمات السيبرانية على الأقمار الاصطناعية حاليا، فقد تتمكن بعض الدول من تعطيل أو التشويش على الأقمار الاصطناعية التي يستفيد منها الجيش الأميركي في عمليات التجسس أو أقمار الاتصالات العسكرية، أو حتى التأثير على المركبات الفضائية التجارية، مما يعني تهديدا مباشرا للأمن القومي الأميركي.

تأتي خطورة التهديدات السيبرانية في الفضاء من إمكانية تنفيذها عن بُعد وبسرية تامة، على عكس الهجمات التقليدية التي قد تترك وراءها أدلة واضحة؛ يمكن تصميم الهجمات السيبرانية لتجنب الكشف الفوري عن منفذيها، مما يسهل على أعداء الولايات المتحدة إلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية الحيوية للبلاد.

على سبيل المثال، قد يؤدي هجوم سيبراني ناجح على أحد الأقمار الاصطناعية العسكرية إلى اختراق الاتصالات الحساسة والسرية للجيش، أو النجاح في التشويش على إشارات أنظمة "جي بي إس"، أو تعطيل أنظمة الإنذار الصاروخي، مما قد يؤدي إلى عواقب كارثية، كما يوضح التقرير.

وفي عام 2022، مع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، استهدفت واحدة من أوائل الهجمات السيبرانية وأكبرها شركة "فياسات" (Viasat)، وهي شركة أميركية للاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، كان يستخدمها الجيش الأوكراني والمدنيون، وعُرف الهجوم حينها باسم "أسيد رين" (AcidRain)، واستهدف أجهزة المودم الخاصة بالشركة، وتسبب في خسائر ضخمة في الاتصالات في بداية الحرب، لكن الأضرار لم تتوقف عند أوكرانيا، بل إن الهجوم تسبب في قطع الاتصالات عن المواطنين الذين يستخدمون اتصالات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في معظم أرجاء القارة الأوروبية.

لذا كانت تلك الهجمة تحذيرا واضحا بالحاجة الملحة لمواجهة مثل هذه الثغرات. إذ أبرز هذا الهجوم السيبراني على شركة "فياسات" سهولة وانخفاض تكلفة الهجمات السيبرانية مقارنة بالأسلحة المعتادة التي يمكن استخدامها لضرب الأقمار الاصطناعية.

وتؤكد مثل تلك الهجمات على الحاجة الملحة لاتباع تدابير صارمة للأمن السيبراني في مجال الفضاء، لأنه تاريخيا لم يكن الأمن السيبراني أولوية قصوى في هذه الصناعة الضخمة، مما أدى إلى خلق فجوات واختلافات واضحة في المتطلبات السيبرانية بين الدول المختلفة، كما يذكر التقرير.

تسعى المبادرة الجديدة إلى معالجة تلك الفجوات عبر تعزيز التوافق بين المعايير العسكرية والتجارية. وتؤكد على أهمية وضع إطار موحد للأمن السيبراني يتماشى مع المعايير العسكرية والتجارية، وهو ما يشمل وضع إرشادات مشتركة، وتحديد أفضل الممارسات اللازمة، وتنفيذ برامج تدريب مشتركة لضمان تجهيز الأطراف المعنية للتعامل مع تلك التحديات الخاصة بالأمن السيبراني في الفضاء.

مع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، استهدفت واحدة من أوائل الهجمات السيبرانية وأكبرها شركة "فياسات" (الجزيرة) محاولة لسد الثغرات

تمثل المبادرة الجديدة شراكة إستراتيجية بين الجيش الأميركي وصناعة الفضاء التجارية، وتهدف إلى تعزيز الأمن السيبراني للأقمار الاصطناعية العسكرية من خلال دمج التقنيات التجارية المتطورة مع أنظمة الجيش الأميركي. تتجاوز هذه الشراكة العلاقة المعتادة بين الحكومة والمقاولين التقليديين ممن تتعامل معهم وزارة الدفاع في هذا المجال.

لذا يتمثل أحد الأهداف الرئيسية للمبادرة في تحول الجيش الأميركي من الاعتماد على مجموعة محدودة من الموردين إلى طيف أوسع من الشركاء التجاريين.

كما يشير التقرير إلى أن دمج تلك الأجهزة التجارية داخل الأنظمة العسكرية قد يأتي ببعض التحديات، فرغم أن التكنولوجيا التجارية تتفوق على الإمكانات الحكومية، فإنها تأتي بثغرات جديدة. لذا يجب على وزارة الدفاع تقييم تلك المخاطر بعناية والتأكد من عدم الاعتماد المفرط على أي شركة بعينها بهدف تقليل التهديدات المحتملة. وربما يواجه بعض الموردين التجاريين صعوبة في تلبية متطلبات العقود العسكرية الضخمة أو يواجهون عدم استقرار مالي، مما قد يؤثر على عمليات توريد المكونات الحيوية لتلك الأجهزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الهجمات السیبرانیة الأقمار الاصطناعیة الجیش الأمیرکی

إقرأ أيضاً:

المدير العام للأمن يدعو لتوحيد الجهود لمواجهة التهديدات السيبرانية

دعا المدير العام للأمن الوطني، علي بداوي، اليوم الإثنين، إلى توحيد الجهود لمواجهة التهديدات السيبرانية، خلال مشاركته في أشغال الاجتماع الثالث عشر للجنة التوجيهية لآلية الإتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي (أفريبول)، بالجزائر العاصمة.

وحسب بيان للشرطة الجزائرية، ستعرف أشغال الإجتماع التي ستدوم يومي 07 و 08 جويلية، مشاركة مفوض الإتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن. وممثل المفتش العام للشرطة الكينية ورئيس الجمعية العامة للأفريبول.

وكذا المدراء والمفتشون العامون للشرطة، وأعضاء المكتب التنفيذي للأفريبول. ورؤساء المنظمات الإقليمية للتعاون الشرطي والمدير التنفيذي للأفريبول بالنيابة.

ودعا المدير العام للأمن الوطني، في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة، إلى توحيد الجهود لمواجهة التهديدات السيبرانية التي أصبحت اليوم تمثل أحد أهم التحديات الأمنية التي تواجه الأجهزة الشرطية في العالم.

مؤكدا على ضرورة تسخير كل الطاقات لمكافحتها والوقاية منها، ووضع آليات فعالة للتعاون التقني. مع إقامة شراكة مع المراكز المتخصصة لدعم وتطوير الأمن السيبراني.

كما حث المدير العام للأمن الوطني على اتخاذ إجراءات عملية لتنسيق الجهود، لاسيما في مجال تبادل المعلومات والتجارب العملياتية. بما يساهم في رفع القدرات الشرطية لمواجهة التحديات الأمنية المتنامية كالإتجار غير المشروع بالمخدرات والأسلحة وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • مختص: مبادرة ولي العهد بشأن حماية الطفل في الفضاء السيبراني تجسد دور المملكة الريادي
  • أطلقها ولي العهد.. "حقوق الإنسان" يعتمد مبادرة لحماية الأطفال بالفضاء الرقمي
  • مجلس حقوق الإنسان يعتمد بالإجماع قرارًا قدمته المملكة لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي انطلاقًا من المبادرة العالمية “حماية الطفل في الفضاء السيبراني” التي أطلقها سمو ولي العهد
  • انطلاقا من مبادرة ولي العهد.. مجلس حقوق الإنسان يعتمد قرارًا قدمته المملكة لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي  
  • حقوق الإنسان يعتمد قرارًا قدمته المملكة لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي
  • مجلس حقوق الإنسان يعتمد بالإجماع قرارًا قدمته المملكة لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي
  • علماء أمريكيون يستخدمون الأقمار الصناعية لتقييم تعافي الغابات بعد الحرائق
  • المدير العام للأمن يدعو إلى توحيد الجهود لمواجهة التهديدات السيبرانية
  • المدير العام للأمن يدعو لتوحيد الجهود لمواجهة التهديدات السيبرانية
  • الهجمات السيبرانية تدخل ساحة المعارك.. ومصر تضخ استثمارات لتأمين البنية المعلوماتية