تُسقِط الانتخابات الإيرانية، جولة بعد أخرى، الدعاية الغربية التي كانت تسوق لفكرة أنَّ الانتخابات في إيران معلبة وموجهة ومطبوخة، وأن النظام السياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية غير ديمقراطي.
محاولات التشويه التي لم تتوقف، أفشلتها إيران من خلال تكريسها رسالة الثورة الإسلامية القائمة على أساس التوليف بين المبادئ الإسلامية والآليات الديمقراطية، جمعت الثورة بين مفهومين لم يكن متصوراً أن ينصهرا، هما الجمهورية والإسلامية في بوتقة واحدة.


هذه التوليفة أنتجت حيوية سياسية مفتقدة في أغلب دول المنطقة، وقد أدت الانتخابات المتوالية دوراً كبيراً في هذا المجال، وساهمت في تجديد حيوية المجتمع الإيراني ونخبته السياسية من دون أن يتعرض النظام للاهتزاز أو للانكشاف أمام الخارج.
الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة منذ انتصار الثورة الإسلامية، تأتي في هذا السياق، وهي تدفع إلى التوقف عند مجموعة استنتاجات ومعطيات:
أولاً: لقد أضفى وجود مرشحين ينتمون إلى التيارات المتباينة والمختلفة (تحت سقف الثورة) حيوية على المشهد، وجاءت المناظرات التلفزيونية التي حصلت لتطرح القضايا والعناوين التي تهم الناخب الإيراني، وليدلي كل مرشح بدلوه بهدوء واحترام متبادل بعيداً عن الشتائم والاتهامات والشخصنة والفضائحية التي تشهدها الانتخابات في عدد من الدول الغربية، بدليل المناظرة الرئاسية الأمريكية التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي.
ثانياً: لقد جرت مراحل هذه الانتخابات بسلاسة لافتة مع أنها أتت في ظروف استثنائية بعد رحيل مفاجئ للرئيس رئيسي. حصلت التحضيرات خلال فترة لا تتخطى 50 يوماً، ما يعكس قدرة إدارية عالية لدى الدولة الإيرانية، كما حظيت بتغطية إعلامية داخلية جيدة، وعكست الصحف الإيرانية نبض الشارع ومزاجه، فكان الإعلام مرآة عاكسة لما يجري، وأتيحت للمتنافسين فرص متكافئة ومجانية في الإطلالات الإعلامية.
ثالثاً: جرت الانتخابات وسط ترقب نتائج غير محسومة، أجمع المراقبون والمحللون والخبراء الانتخابيون على أن الشعب الإيراني سيصنع هذه المرة أيضاً المفاجآت الانتخابية، وما يؤكد هذا الأمر أن الشعب هو المقرر، وأن الانتخابات ليست مبرمجة أو معلبة، وكما هو معلوم، كلما ارتفع منسوب عدم اليقين قبل أي انتخابات، وكلما كانت النتائج مفاجئة ومغايرة للتوقعات، ازدادت الثقة بنزاهتها.
أما عندما صدرت نتائج الدورة الأولى، فقد تبين أنها أبعد ما تكون عن نسب التسعين % المتداولة في العديد من دول المنطقة، وانتقلت الانتخابات إلى مرحلة الجولة الثانية التزاماً بالقوانين، ما يؤكد أن الدولة الإيرانية هي دولة مؤسسات وقانون.
رابعاً: شكَّل تعدد المرشحين حتى ضمن التيار الواحد، وخصوصاً التيار المبدئي، دليلًا على عدم وجود “مايسترو” أو مبرمج للانتخابات التي كانت ترجمة طبيعية للمشاريع والبرامج والمقاربات المختلفة والمتنوعة في الساحة السياسية الإيرانية.
خامساً: تجري الانتخابات الايرانية في ظل منسوب جيد من الاستقرار الأمني والسياسي؛ ففي وقت يحذر الرئيس الفرنسي، الذي تخوض بلاده انتخابات تشريعية، من حصول حرب أهلية في فرنسا على خلفية الانقسامات الواقعة في بلاده، وتشهد الولايات المتحدة الأمريكية ازدياد القلق من الانعكاسات الخطيرة للانتخابات الرئاسية على السلم الأهلي الأمريكي، تخوض إيران الانتخابات في جو من التنافس الصحي، وفي ظل ضوابط تضمن استقرار البلاد، وفي إطار مبادئ النظام الإسلامي التي تكرست عبر الاستفتاء الشعبي.
في إيران، لا حديث عن حروب أهلية في زمن الانتخابات، بل تظهر التجربة الديمقراطية الإيرانية أن هناك إمكانية لتنظيم معارضة من دون أن يراق على جوانبها الدم أو يُزج نشطاؤها في السجون ويطاردون حتى الموت، كما هو سائد في العديد من الدول في العالم.
سادساً: لا يمكن فصل المشهد الانتخابي عن واقع وحقيقة أن إيران من أكثر الدول استهدافاً، وبشكل معلن، من الولايات المتحدة الأمريكية. تتعرض إيران لحجم من التهديدات والضغوط الإعلامية والاقتصادية غير المسبوقة في التاريخ، ورغم كل هذا، يحافظ النظام على ثباته ويتحقق الانتظام الدستوري.
صمدت طهران في وجه التحديات على مدى 45 عاماً. منذ العام 1979م، تغيرت صورة العالم الإسلامي من المغرب إلى إندونيسيا، انقلبت أنظمة، واختفت حكومات، وتغيرت الأولويات والتحالفات في عدد من الدول العربية، لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تتغير، وحافظت على مبادئها الاستراتيجية ومواقفها تجاه القضايا الأساسية، وها هي اليوم، وعلى الرغم من الأعاصير التي تعصف بالمنطقة، تنجز الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة محافظة على حضورها الفاعل والوازن في الإقليم.
تنتظر إيران رئيسها الجديد ليمسك بالزمام ويعين السفينة على الصمود والثبات في وجه التحديات التي لم تتوقف، والتي لا تزال تلوح في الأفق، وعلى هذا الطريق، تقدم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأفكار وتصنع النموذج الذي يحتذى ويحترم.

إعلامية لبنانية

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين بعددٍ من المدن الجديدة

تابع المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، جانباً من مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" بمحوري محدودي ومتوسطي الدخل بعددٍ من المدن الجديدة، والتي يتم تنفيذها في إطار استكمال خُطة الدولة لإتاحة الوحدات السكنية لمختلف شرائح الدخل من المواطنين، بجانب الوحدات السكنية البديلة لسكان المناطق العشوائية.

أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025توقعات بانخفاض صادرات الصين للولايات المتحدة بقيمة 485 مليار دولار بحلول2027

وفي هذا الإطار، أشار وزير الإسكان إلى أن استراتيجية الوزارة فى توفير الوحدات السكنية تعتمد على 3 محاور، وهى دعم شريحة محدودى الدخل بتوفير وحدات الإسكان الاجتماعى المدعومة، ومساندة أصحاب الدخول المتوسطة بتوفير الوحدات المناسبة لهم، وإتاحة الوحدات الفاخرة لأصحاب الدخل الأعلى بسعرها الحقيقى، واستغلال عائد بيع هذه الوحدات في دعم الشرائح المستحقة.

وشدد وزير الإسكان على دفع العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها، والالتزام بالتوقيتات الزمنية للأعمال، ومراعاة تنفيذ مشروعات الخدمات المختلفة بالتزامن مع تنفيذ العمارات السكنية.

وفي هذا الإطار، أعلن المهندس محمد عبدالمقصود، رئيس جهاز مدينة أكتوبر الجديدة، تقدم الأعمال بمشروع وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين"، المرحلة السادسة، بالمدينة بإجمالي ٥٥ ألف وحدة سكنية وبتكلفة اجمالية تتخطى الـ ٣٢ مليار جنيه والمتوقع بدء التسليم المرحلي لهذه المرحلة بداية من أكتوبر المقبل.

بدوره، تفقد المهندس أحمد رشاد، رئيس جهاز تنمية مدينة العبور، أعمال تنفيذ المرحلة الثانية لمشروع "روضة العبور"، والذي يعتبر واجهة عمرانية متكاملة متعددة الاستخدامات، حيث يضم المشروع 134 عمارة بها أكثر من 5 آلاف وحدة سكنية وتجارية وإدارية، على مساحة تمتد ( لـ ٢٠٠ فدان).

 وشملت جولة رئيس جهاز العبور، متابعة أعمال التشطيبات الداخلية والخارجية وتنسيق الموقع العام خاصة بالمناطق المطلة على استاد السلام، مؤكدًا أهمية الالتزام بالجداول الزمنية والمواصفات الفنية لتسليم المشروع بأعلى جودة.

وقام المهندس أحمد عبد الجابر عبد اللاه، رئيس جهاز مدينة بني سويف الجديدة، ومسئولو الجهاز، بجولة تفقدية لمتابعة الأعمال الجارية بعمارات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين"، حيث شملت الأعمال الجاري تنفيذها الهيكل الخرساني والحوائط وصب الخرسانة العادية والقواعد المسلحة وأعمدة وأسقف عمارات بالمشروع، بجانب تفقد أعمال الحفر والإحلال لباقى عمارات المشروع.

وقام المهندس أحمد مصطفى محمد، رئيس جهاز مدينة المنيا الجديدة، ومسئولو الجهاز بجولة تفقدية لمتابعة موقف عمارات "سكن لكل المصريين - المرحلتين الخامسة والسادسة"، مشدداً على جودة أعمال التشطيب للوحدات وسرعة الانتهاء من الأعمال والبدء في تسليم الوحدات طبقا لخطة صندوق الإسكان الاجتماعي.

 كما تابع موقف أعمال الموقع العام للمشروع، مشدداً على اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتقاعسين.

طباعة شارك شريف الشربيني والمرافق والمجتمعات العمرانية

مقالات مشابهة

  • وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين بعددٍ من المدن الجديدة
  • لأول مرة.. هولندا تدرج الاحتلال الاسرئيلي ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • لأول مرة… هولندا تدرج إسرائيل ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • الخارجية الإيرانية: لم ولن نعترف بالاحتلال الإسرائيلي وسياستنا تجاهه لن تتغير
  • برنامج "آفاق الدرعية" يعود بنسخته الثالثة لصناعة جيل واعد ومبدع
  • تبرع قطري بلا شروط.. تفاصيل مذكرة اتفاق الطائرة الرئاسية المُهداة لترامب
  • عاجل | الوكالة الوطنية للأمن في هولندا: إدراج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • انتخابات فاشلة مزورة لتدوير نفس الوجوه التي دمرت البلاد والعباد
  • استشهاد 6 أشخاص وإصابة22 آخرين في هجوم إرهابي على محكمة جنوب شرقي إيران