ديفيد كاميرون، تيريزا ماى، بوريس جونسون، ليز تروس وريتشى سوناك خمسة رؤساء وزراء للمملكة المتحدة من المحافظين سيطروا على مقاليد الحكم لمدة 14 عاما متواصلة حتى ضرب زلزال 4 يوليو 10 داونينج ستريت وبذلك طويت صفحة المحافظين بشكل عاصف بعدما حقق حزب العمال فوزا ساحقا بزعامة كير ستارمر ابن الطبقة المتواضعة الذى يفتخر بمهنة والدته الممرّضة ووالده العامل اليدوى عكس سلفه الملياردير سوناك.
حصل العمال على 410 مقاعد مقابل 131 للمحافظين الذى يشهدون أسوأ نتيجة انتخابية لهم منذ ما يقرب من 200 عام فقد سقط فطاحل الحزب على مستوى دوائرهم الانتخابية أبرزهم جرانت شابس وزير الدفاع وليز تروس رئيسة الوزراء السابقة وبينى موردونت رئيسة مجلس العموم فى حين احتفظ ريتشى سوناك بمقعده وكذلك جيريمى كوربين الذى بعدما نزل كمستقل عقب الإطاحة من زعامة الحزب، اما ستارمر فهو حالة فريدة فى الحياة السياسية فهو تقريبا اول رئيس وزراء لا ينحدر من أسرة عريقة أو ثرية لكنه أثبته تقليد عريق أن من يريد رئاسة الحكومة فعليه أن يمر اولاً من أروقة جامعة أكسفورد العريقة على غرار كل رؤساء الوزراء السابقين.
اعتقد ان هذا التغيير الدراماتيكى سيلقى بظلاله على مجمل القضايا الداخلية الحساسة خاصة ملف الهجرة والخطة المثيرة للجدل التى تبناها سوناك والتى تنص على ترحيل طالبى اللجوء الى رواندا.
فهل ستمثل قيادة المحامى المتمرس منعطفا جديدا فى تاريخ البلاد لاسيما بعد حالة الاستقطاب التى شهدتها الحملة الانتخابية وتعيد زخم حقبة تونى بلير فقد تعهد فى خطاب النصر بأنه سيضع بريطانيا اولاً قبل أهداف ومكاسب الحزب الضيقة وأن فترته ستكون تدشينا لمبدأ التجديد الوطني، يبدو أن الرجل تعلم الدرس جيدا من أخطاء سلفه كوربين الذى دفع ثمنا باهظا لأفكاره اليسارية الراديكالية لذا صارح البريطانيين بأنه لا يملك عصا سحرية لكنه يملك رؤية واضحة وعزيمة حديدية لعودة المصداقية والنزاهة فى السياسيين مرة أخرى فقد تعهد بعدم زيادة الضرائب وإدارة صارمة جدا للإنفاق العام وتقليل تدخلات الدولة فى شئون الاقتصاد إلا فى الاستثمار فى مجال البنية التحتية وهو من شأنه إنعاش النمو وتصحيح وضع المرافق العامة التى تراجع اداؤها منذ إجراءات التقشف 2010 ويريد ايضا اظهار العين الحمراء فى ملف اللاجئين والتقرب المحسوب مع الاتحاد الأوروبى دون الانضمام إليه كل ما سبق كان سببا كافيا فى ان ينال دعما غير مسبوق من اوساط مؤسسات الأعمال والصحافة اليمينية مثل جريدة فايننشيال تايمز ومجلة إيكونوميست لدرجة أن الصحيفة الشعبية الاولى «ذى صن» دعت الجماهير للتصويت لحزب العمال وكأن التاريخ يعيد نفسه حين كان مالكها روبرت مردوخ هو السبب الرئيسى فى انتصار تونى بلير 1997.
بالتأكيد لن تخدع هذه النتيجة المفاجئة ستارمر ورفاقه لأنهم يدركون ان الاغلبية الكبيرة التى حصلوا عليها ليست دائمة أو مضمونة إذا ما عجزوا عن الوفاء بوعودهم الانتخابية فطبيعة الشخصية البريطانية تتسم بالبراجماتية لحد البرود السياسى وليس لديها أى شىء اسمه الولاء الحزبى والدليل هذا التقلب العنيف فى التصويت العقابى من أغلبية مطلقة للمحافظين 2019 الى أغلبية مطلقة للعمال 2024 الرسالة ببساطة شديدة ان من سينجز المهمة ويحقق المطالب هو من سيحكم بغض النظر عن توجهاته السياسية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ملف الهجرة
إقرأ أيضاً:
وثيقة مسرّبة تكشف خطة توني بلير لإدارة قطاع غزة
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، في تقرير لمراسلها أرئيل كاهانا، أن الخطة التي تحمل عنوان "الهيئة الانتقالية الدولية لغزة" (GITA) تقترح إقامة إدارة مؤقتة تمتد بين 3 و5 سنوات، يعقبها نقل السلطة إلى "سلطة فلسطينية إصلاحية" لم تحدد ملامحها بشكل واضح.
ووفق الصحيفة، فإن الوثيقة تنص على تشكيل مجلس إدارة دولي يضم من 7 إلى 10 أعضاء من رجال الأعمال والدبلوماسيين والخبراء الاقتصاديين، يتولى بلير رئاسته ويتمتع بصلاحيات كاملة في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد.
ويُتوقع أن يكون المقر المؤقت للهيئة في مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء بمصر أو بالدوحة في قطر.
وأوضحت الصحيفة أنه إلى جانب بلير، فإن الأسماء المطروحة تشمل نائبة رئيس وزراء هولندا السابقة سيغريد كاغ التي ستتولى منصب نائبة الرئيس للشؤون الإنسانية، والأميركي مارك روان رئيسا لصندوق الإعمار، والمصري نجيب ساويرس مسؤولا عن الاستثمارات الإقليمية، والإسرائيلي الأميركي آريه لايتستون ممثلا لاتفاقات أبراهام، إلى جانب ممثل فلسطيني "رمزي بلا صلاحيات تنفيذية حقيقية" لم يُكشف عن اسمه.
وبحسب المراسل كاهانا، فإن هذا الهيكل يعكس النهج الذي ستكون الإدارة بموجبه في يد جهات دولية، في حين ستظل المشاركة الفلسطينية في الغالب رمزية.
وتقضي الخطة أيضا بتعيين مديرين فلسطينيين "حياديين" لإدارة القطاعات العامة تحت إشراف المجلس الدولي، وإنشاء مجلس استشاري محلي من دون صلاحيات تنفيذية.
الهيئة ستتولى كافة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية من دون أن يكون لأي جهة فلسطينية حق إلغاء قراراتها
كما تشمل تأسيس "صندوق إعادة إعمار غزة والاستثمار" بتمويل من دول الخليج واستثمارات غربية وقروض دولية، يعمل وفق نموذج ربحي تشارك فيه الشركات في عوائد مشاريع الإعمار.
وفي المجال الأمني، تقترح الوثيقة نشر قوة متعددة الجنسيات تحت رعاية الأمم المتحدة أو بقيادة أميركية، مع حظر أي فصيل فلسطيني مسلح خلال الفترة الانتقالية، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بإشراف دولي.
وتؤكد كذلك أن الهيئة ستتولى كافة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية من دون أن يكون لأي جهة فلسطينية حق إلغاء قراراتها.
وتحدد الوثيقة 3 مراحل لتنفيذ ما جاء في الخطة، تبدأ بفترة تحضيرية مدتها 3 أشهر، ثم انتشار أولي لفترة 6 أشهر، تليها أخيرا مرحلة إعادة إعمار تستمر من عامين إلى 3 أعوام، قبل نقل الحكم تدريجيا إلى "سلطة فلسطينية إصلاحية"، وهو مصطلح لا يزال مبهم الدلالة، على حد تعبير الصحيفة الإسرائيلية.