كنيسة مار جرجس اهدن.. معلم ديني على خارطة السياحة المحلية والدولية
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
أعلن وزير السياحة وليد نصار في الثالث من تموز 2024، وخلال مؤتمر صحافي لمؤسسة البطريرك اسطفان الدويهي ورعية اهدن زغرتا في بكركي، عن قرار بإدراج كنيسة مار جرجس في إهدن على "خارطة السياحة الدينية المحلية والدولية"، وذلك تكريما للبطريرك اسطفان الدويهي الطوباوي العتيد وبطل لبنان يوسف بك كرم، فما هي اهمية هذه الخطوة بالنسبة لاهدن وللكنيسة؟ وماذا عن تاريخها؟
بنيت "كاتدرائية مار جرجس الجديدة بحسب ما كتبه الخوري يوحنا مخلوف بالقرب من الكنيسة القديمة وبدأت الأعمال فيها سنة 1859 ، غير أن الأحداث التي شهدها جبل لبنان ومذابح سنة 1860، وكذلك ثورة يوسف بك كرم ضدّ الأتراك أوقفت البناء زهاء عشر سنوات ثم أكمل سنة 1870 وانتهت الأعمال سنة 1880.
وما يميز بناء هذه الكنيسة، ما ذكره المؤرخون عن "الطريقة التي اعتمدها الإهدنيون أي "العونة "، وهي تعبّر عن روح الإيمان والتضامن فيما بينهم، اذ اصطف الأهالي من مقلع قزحيا ، قرب قرية العربة، حتى ساحة الكتلة وراحوا ينقلون الحجارة من يد الى يد .
شيّد قبة كنيسة مار جرجس المعلّم بولس ابن الشدياق جرجس يمّين سنة 1898 وساعده سركيس مخائيل موسى شكري كرم، وكلاهما من إهدن، وزينّاها بالنقوش الجميلة حتى غدا من بين أجمل قبب كنائس لبنان. وتحتوي سبعة مذابح كبيرة، مذبح مار جرجس في الوسط، مذبح مريم العذراء عن يمينه ومذبح مار يوسف البتول عن شماله على الجانب الأيمن مذبحان : مذبح مار أنطونيوس البادواني، ومذبح القديسة تريزيا الطفل يسوع الذي كان قديماً مذبح مار سمعان العامودي على الجانب الأيسر، مذبح مار يوحنا مارون ومذبح قلب يسوع الأقدس. الموهف(السكرستيا)
في الموهف(السكرستيا) مذبح يقدّس عليه الكهنة أيضاً.
بني الموهف سنة 1884 أي بعد أربعة أعوام بعد الانتهاء من بناء الكاتدرائية مبلغ وقدره ستة آلاف ليرة ذهبية دون أن يباع أي متر من أوقاف الرعية، واشترى حبيب بك كرم شجرة زيتون ووقفها للكاتدرائية دلالة على أن يد الله رافقته في هذا البناء، دون أن يضطر الى بيع قطعة أرض للوقف."
وبدأت أعمال ترميم كنيسة مار جرجس – إهدن في الشهر الثالث من سنة 2016 حيث عمدت اوقاف رعية اهدن – زغرتا الى اقفال الكنيسة الاثرية، وبدأت فيها اعمال التدعيم والترميم بعدما تم اخراج محتوياتها ونقلها الى كنيسة مار بولس المجاورة لها، بعد التشققات التي طالت جدرانها وشكلت خطرا على بنائها وعلى المصلين فيها، وتم تدعيم الكنيسة المهددة من الداخل والخارج بأعمدة "انابيب" وربطها بجسور من الباطون المسلح تحت اساسات الكنيسة المبنية وفق الطرق القديمة "رك حجر" دون أعمدة او "راديه" وذلك لتفادي التشققات التي ظهرت في الجدران والمذابح والسكرستيا مهددةً الكنيسة الاثرية التي بناها الاهدنيون منذ اكثر من 200 سنة على رابية صغيرة وسط البلدة .
ووفق مصادر الرعية فقد بلغ مشروع التدعيم الذي نحو مليون ومئة الف دولار دَفعت تكاليفه الهيئة العليا للاغاثة لان العوامل الطبيعية هي المسؤولة عما آل اليه الوضع راهناً، والتدعيم تمّ وفق دراسة هندسية أشرف على تنفيذها شركة خطيب وعلمي كمستشارين من هيئة الإغاثة وبإشراف مديرية الآثار وبمراقبة وقف إهدن – زغرتا و نفذ المشروع شركة أنطوان مخلوف.
وما يضفي على كنيسة مار جرجس اهمية اضافية هو انها تحتضن رفات البطريرك الدويهي مع مجسم له. كما وتحتضن كنيسة مار جرجس جثمان بطل لبنان يوسف بك كرم، الذي فتح ملف دعوى تطويبه بفضل جهود المهتمين وصلوات الناس، والذي يبعث في حناياها بعضاً من نسمات روحه الطاهرة، وقد ارتبط اسم هذه الكاتدرائية باسم "كرم" ويقصدها الكثيرون لرؤية ظاهرة جثمانه غير البالي، ولطلب شفاعته.
من الطبيعي بعد كل ما ذُكِر، ان تتحول كنيسة مار جرجس وجهة للسياحة الدينية بعد وضعها على خارطة السياحة الدينية المحلية والدولية مع ما يعني ذلك من تنشيط نسبة الزوار والسياحة الدينية في اهدن والمنطقة .
مواكبة لاحتفال تطويب البطريرك اسطفان الدويهي ووضعها على خارطة السياحة الدولية، تم افتتاح مكتبة اهدن التابعة لرعية اهدن زغرتا بالقرب من الكنيسة وهي تضم مجموعة من الكتب الدينية والتماثيل والأيقونات وتماثيل وصور خاصة بالطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي. (الوكالة الوطنية للاعلام).
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: اسطفان الدویهی کنیسة مار جرجس خارطة السیاحة
إقرأ أيضاً:
قلعة "الدَّقَل" في أبها.. معلم تراثي عريق يعود للواجهة بعد ترميمه
عادت قلعة "الدَّقَل" -إحدى أبرز المعالم الأثرية في مدينة أبها-، إلى الواجهة من جديد بعد أن أنهت هيئة التراث التابعة لوزارة الثقافة مشروع التدعيم والترميم الإنقاذي للقلعة؛ للتأكيد على عمقها التاريخي وأصالتها المعمارية، لتكون وجهة تراثية وثقافية بارزة في منطقة عسير.
وتقع القلعة في الجهة الشمالية الغربية من مدينة أبها، وشُيدت على قمة جبل يبلغ ارتفاعه نحو 2342 مترًا فوق مستوى سطح البحر، مما أكسبها موقعًا إستراتيجيًا لمراقبة الطرق التي تمر عبر السلاسل الجبلية المحيطة بها، وفق ما أشار إليه عدد من الباحثين، ومنهم الدكتور غيثان جريس، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد، الذي قدّر تاريخ بنائها بأكثر من 110 أعوام، حيث بُنيت عام 1334هـ.
وشمل مشروع الترميم الذي نفذته هيئة التراث إعادة بناء ما تهدّم من جدران القلعة باستخدام الأحجار المحلية ذاتها التي شُيدت بها في الأصل، مع المحافظة على تفاصيل تصميمها التقليدي، إلى جانب تنظيف ممراتها وأقسامها الداخلية، بما يعزز جاهزيتها لاستقبال الزوار والمهتمين بالتراث.
وفي دراسة أكاديمية أعدّها ونشرها الدكتور محفوظ الزهراني في كتابه "تحصينات مدينة أبها" الصادر عام 2006م، ذكر الباحث أن اسم "الدَّقَل" يشير إلى المنشأة المرتفعة، ويعود في أصله اللغوي إلى "الدَّقَل" كما ورد في "لسان العرب"، وهي الخشبة التي يُشدّ عليها الشراع وسط السفينة، دلالة على الشموخ والارتفاع.
وأظهرت الدراسة أن القلعة شُيدت على تضاريس صخرية صلبة أثّرت على تخطيطها الهندسي، غير أن المعمار التقليدي استطاع التكيّف مع هذه التضاريس، فجاءت القلعة بشكل مستطيل يبلغ طوله 43.6م، وعرضها 16م، بواجهة شمالية شبه دائرية، واستُغلت الانحدارات والصخور الطبيعية في الجهات الشمالية والغربية؛ لتدعيم الاستحكامات الدفاعية.
وتتكوّن القلعة من ثلاث وحدات رئيسة هي وحدة القيادة والسيطرة، ووحدة سكن الجنود، إضافة إلى وحدة الخدمات، ويخترقها ممر مركزي طويل (دهليز) يقسم المبنى إلى جناحين شرقي وغربي، كما تضم القلعة فرنًا حجريًا ضخمًا، كان يُستخدم لتجهيز الخبز للقوات المرابطة، ويصل عرض فتحة الفرن إلى مترين، تعلوه مدخنة بطول 110 سم، وعرض 65 سم.
وفي جانب التخزين، تحتوي القلعة على مدفن محكم لحفظ القمح والحبوب، بُني بأسلوب شبه أسطواني معزول بالحجارة والتراب لمنع تسرب الرطوبة والسوس، إضافة إلى تخصيص مساحة لتحضير طبق "الحنيذ" الذي تشتهر به منطقة عسير، في إشارة إلى البعد الثقافي والاجتماعي للموقع.
واستخدم البناؤون المحليون في تشييد القلعة من مواد خام متوافرة في البيئة المحيطة، كالأحجار الجرانيتية التي تتميز بمقاومتها العالية للتعرية، وجذوع أشجار العرعر لتسقيف الحجرات، إلى جانب الطين، والقصب (الشوحط)، والجص المستورد من إحدى المدن الساحلية على البحر الأحمر، وقد أُضيفت طبقة من الجص إلى الواجهات الخارجية للجدران لتمنح القلعة طابعًا جماليًا وتمنع تسرب المياه.
وقامت تقنية التسقيف التقليدية على وضع جذوع العرعر بشكل متواز، تغطيها أعواد القصب، ثم طبقة من الطين المخلوط بالقش، وتُدك بعناية لتوفير عزل مائي فعّال.
ويُنتظر أن تفتح القلعة أبوابها أمام الزوار والمهتمين بالتراث المحلي عقب مراحل أخرى متتابعة من المشروع، في خطوة من شأنها؛ تعزيز الحضور التراثي في مدينة أبها، وتفعيل البعد الثقافي للمعالم الأثرية في منطقة عسير.
// انتهى //
أبهاقلعة الدَّقَلقد يعجبك أيضاًNo stories found.