حفل زفاف يتحول لساحة معركة .. فيديو
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
خاص
تحول حفل زفاف في ولاية “أتر برديش” الهندية لساحة معركة عنيفة أسفرت في النهاية عن إلغاء الحفل.
واندلعت المشاجرات عندما اكتشف أهل العريس أن أموال والد العروس لم تكفي لشراء اللحم والسمك واكتفى بالأرز والجبن.
وقام العريس بطرد أهل العروس وغادر الزفاف ولم يتزوجها، في مشهد مؤسف بعد شجار عنيف.
يذكر أن تقاليد الزفاف في الهند يقوم فيها الأب بإنفاق كل مدخراته لتزويج ابنته.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الزواج الهند حفل زفاف
إقرأ أيضاً:
غزة تخوض معركة نزف الدم
غزة- «عُمان»- بهاء طباسي:
في ردهة إحدى المستشفيات الميدانية جنوب قطاع غزة، جلست أمٌ تحتضن طفلها الجريح، تغطي جبينه بقطعة قماش مغمسة بماء بارد، بينما كانت ممرضة تهمس للطبيب بجملة خافتة سرعان ما ارتسمت كغصة في وجهه: «لا توجد وحدات دم من فئة +O في بنك الدم».بين صراخ الجرحى وصمت المختبرات
في لحظات كهذه، لا يُطلب من أحد أن يكون طبيبًا أو خبيرًا في البروتوكولات الصحية؛ ليشعر بأن قطاع غزة يعيش على شفير كارثة، بل يكفي أن تنظر إلى أعين الجرحى، وإلى أرشيف مناشدات يومية تبثها وزارة الصحة عبر وسائل الإعلام، لتدرك أن «الدم» لم يعد مجازًا للحياة، بل أزمة وجودية بأبسط تعريفاتها.
في غزة، باتت الحياة تُقاس بوحدة دم ناقصة، وبقرار ميداني حرج يأخذ منحى وجوديًا: من نعالج؟ من نُنقذ؟ من نترك؟. ورغم المبادرات الشعبية وموجات التبرع الفوري التي تطلقها مؤسسات المجتمع المدني، فإن المفارقة القاتلة التي اكتُشفت مؤخرًا تكمن في أن معظم من يقفون في طوابير التبرع هم أنفسهم مصابون بفقر دم، يعانون من أعراض سوء التغذية، ويُرفض تبرعهم بعد الفحص الأولي، في مفارقة عبثية عنوانها: «شعب يريد أن ينقذ جرحاه، لكنه ينزف معهم من الداخل».
لم يكن بوسع صافيناز زعرب، مدير عام المختبرات في وزارة الصحة بغزة، أن تُخفي قلقها وهي تفتح ملفًا متخمًا بالأرقام الحمراء والخانات الفارغة. تحدّثت بوضوح يعكس حدة الأزمة، فقالت:«منذ بداية الحرب ونحن نعيش في أزمة مزمنة لتوفير وحدات الدم، فالأعداد الكبيرة من المصابين تفوق قدرتنا على التعويض اليومي، رغم الحملات المتكررة والمناشدات عبر مواقع التواصل والمؤسسات الدولية كالأونروا، وأطباء بلا حدود، وUK-MED حتى هذه المساعدات لم تكن كافية لتغطية النزيف اليومي في غرف العمليات".
وكشفت زعرب، بأسى، لـ«عُمان»، عن قرار اضطراري اتخذته وزارة الصحة قد يُعد كسرًا فادحًا للبروتوكول الطبي العالمي لسحب الدم.
وقالت:«وفقًا للبروتوكولات الدولية، لا يُسمح لأي شخص تقل نسبة الهيموغلوبين لديه عن 13.8 غرام/ديسيلتر بالتبرع. لكن في غزة، ولأننا نعيش تحت سيف العجز، نسمح الآن للمتبرعين بنسبة 13، بل حتى 12.5، وهذا خطر كبير على صحتهم».
وتابعت بصوت حزين: «ليس هذا فقط، بل تخطى بعض المتبرعين الخمس مرات في السنة، بينما الحد الأقصى المسموح به عالميًا هو ثلاث مرات فقط، وهذا كله لأننا لا نملك بدائل، ونعيش استنزافًا مريرًا لمتبرعينا وشبابنا».
في إحدى الجداول أمامها، أشارت صافيناز إلى احتياجات القطاع قائلة :«نحتاج يوميًا في غزة من 6500 إلى 7000 وحدة دم ومكوناتها، كي نغطي الحد الأدنى من العجز. لكننا بالكاد نحصل على ما يُغطي يومًا واحدًا من العمليات، فهل يُعقل أن نصرف في مستشفى ناصر 100 وحدة في يوم واحد، بينما لا نستطيع تعويضها إلا بعد أيام؟».
واختتمت حديثها بالعبارة الأكثر مرارة: «جميع المتبرعين، دون استثناء، يعانون من فقر الدم بدرجات متفاوتة، نحن في دائرة مغلقة من النزيف والتجويع، ولسنا نعلم من سينهار أولًا، الجرحى في غرف العمليات أم المتبرعون في مراكز الدم؟».
أطفال يموتون.. قبل أن يولدوا
ومن داخل المستشفيات الميدانية، حيث تعلو صيحات الأطفال وينخفض نبض الوطن، تحدّث مروان الهمص، مدير المستشفيات الميدانية في غزة، بكلمات هزّت جدار الصمت :«57 طفلًا ماتوا جوعًا في غزة، وهذا فقط ما وصل إلى المستشفيات، أما من ماتوا في بيوتهم وأماكن النزوح ولم يُسجّلوا؟ فهم بالعشرات، بل المئات».
تحدّث الهمص عن مجاعة غير معلنة تضرب قطاع غزة، وتحديدًا الفئات الأكثر هشاشة: الأطفال، النساء الحوامل، المرضعات، وكبار السن: «لا رغيف خبز، لا مصاصة، لا حتى شيء يرفع السكر في جسد الطفل، باتوا يقفون أمام التكايا دون أن يظفروا بشيء، وأصبحنا نستقبل عشرات الحالات يوميًا لا نجد ما نسعفهم به».
لكن المشهد الأكثر مأساوية، بحسب الهمص، يكمن في مفارقة التبرع بالدم. يقول: «بعد مناشداتنا المتكررة، توافد العشرات بل المئات من الشباب للتبرع، وكنّا نحمل الأمل من أعينهم، لكن الصدمة أن أكثر من 80% منهم لا يُسمح لهم بالتبرع، فقر في الدم، مناعة منخفضة، وأجساد شبه خاوية... لم نحصل إلا على 20 وحدة من أصل مئة شاب متبرع».
وأضاف لـ«»: «الوضع بات كارثيًا بكل معنى الكلمة، الجوع ضرب كل أركان المجتمع، وحتى من يملك الإرادة والعزيمة، لا يملك عناصر البقاء في دمه».
وبلغة الأرقام القاسية، أشار الهمص إلى أن 33.5% من الشهداء هم من الأطفال، وقال: «استشهد 16287 طفلًا حتى اللحظة، والاحتلال وكأنه يصر على قتل الطفولة، إن لم يكن بالقصف، فبالمجاعة، وإن لم يكن بالدم، فبالجفاف».
من الوريد إلى الوريد
على ركام هذا المشهد الدامي، خرجت بعض المبادرات المدنية كقناديل وسط ظلام الحال. ومن بين هذه المبادرات، برزت حملة «الوريد للوريد» التي أطلقها مركز نور الهدى بقيادة الدكتور شادي أبو الحصين، مدير المركز المتخصص في الثقافة والفنون والنظم الغذائية التكميلية.
يقول أبو الحصين، لـ«عُمان»: «في ظل هذا العدوان الصهيوني المتواصل، ووسط نزيف الدم الجاري في شوارعنا، رأينا أنه من واجبنا الأخلاقي والوطني والديني أن نقف إلى جانب جرحانا، حتى لو بنقطة دم».
ويوضح أن الحملة جاءت استجابة مباشرة لنداء وزارة الصحة التي أعلنت عن نقص حاد في نوعية الدم ووحداته. «فهم لا يعانون فقط من نقص الأدوية، بل أيضًا من نقص الغذاء، ولذلك قررنا أن تكون استجابتنا شاملة: إنسانية، وطنية، نفسية».
وسمّيت الحملة «الوريد للوريد»، في إشارة رمزية إلى أن دم الإنسان يمكن أن يكون الجسر الذي يُنقذ إنسانًا آخر من الموت.
يقول أبو الحصين: «نقطة دم قد تنقذ حياة إنسان بريء، جريحًا كان أو مريضًا، خاصة في ظل المجاعة العامة التي نعيشها في غزة، والتي لم تبدأ مع الحرب بل امتدت على مدار سنوات».
ورغم التحديات، يشير إلى أن الحملة واجهت صعوبات في جمع وحدات دم كافية، ليس لضعف الإقبال، بل لأن غالبية المتبرعين لم يكونوا مؤهلين طبيًا: «هؤلاء الشباب يأتون من المخيمات، من أحياء دُمرت منازلهم، ومن بطون خاوية لم تدخلها وجبة متكاملة منذ شهور، فكيف نطلب منهم أن يمنحوا من دمهم؟».
دم تحت الحصار.. وضمير العالم
هذا ليس تقريرًا عن أزمة صحية عابرة، ولا عن موجة تبرعات موسمية، بل عن جرحٍ مفتوح ينزف على مهل، بينما تُقفل أبواب العالم وتُطوى خرائط الإنقاذ. غزة اليوم تُحاصَر من كل الجهات: قصف لا يهدأ، جوع يحفر في العظام، وعجز صحي يُهدد من تبقّى حيًا.
وزارة الصحة لم تعد قادرة على الالتزام بالبروتوكولات العالمية، بل باتت مضطرة لكسرها حفاظًا على أرواح الجرحى، في مشهد لا يدل على سوء الإدارة بل على فظاعة الحصار. الطواقم الطبية تعيش في مفارقة دامية: تطلب التبرع، ثم ترفضه لأن المتبرع نفسه بات جائعًا وضعيفًا ومرهقًا.
وبينما تمتلئ المستشفيات بصراخ المصابين، تبقى بنوك الدم شبه خاوية، تصرخ بلا صوت: «من يُنقذنا؟».
في حرب غزة، لم يعد الصراع فقط على الأرض، بل انتقل إلى أجساد البشر. الجسد الفلسطيني بات ساحة المعركة الأخيرة: يُقصف من السماء، ويُجوّع من البر، ويُرهق من الداخل. لا دواء، لا دم، لا غذاء، ولا أمل قريب.
أمام هذه الصورة، لا بد أن يتحرك الضمير العالمي، لا بشعارات ولا بمؤتمرات، بل بخطوات عملية: فتح ممرات آمنة، إدخال الإمدادات الطبية والغذائية، وإطلاق حملات تبرع بالدم على مستوى عالمي، لأن ما يحدث في غزة ليس أزمة محلية، بل كارثة إنسانية تهدد الضمير الإنساني ذاته.