كلمة الرهاب “فوبيا” هي مصطلح طبي إنجليزي مشتقة من الرهبة وهو الشعور بالخوف والقلق المبالغ فيه، وعندما يضاف لها كلمة “الاجتماعي” يكون المقصود بذلك هو “اضطراب القلق الاجتماعي” وهو المؤدي لانعزال الشخص المصاب به والشعور بأنه تحت المجهر وأنه مُراقب من قبل الآخرين في تصرفاته أو عند التعامل معهم، فتجده يحاول قدر الإمكان تجنُّب هذه المواقف أو تحملها في حالة من الخوف والقلق الشديد.
ويُعدّ الرهاب الاجتماعي من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً حيث يصاب ما بين 7-12 شخص من كل 100، وغالبا ما تكون مرة واحدة على الأقل في حياتهم في سن الطفولة أو أثناء المراهقة ويزداد عند النساء بمعدل مرة ونصف عن الرجال، وهو من الاضطرابات النفسية المزمنة التي قد تستمر لعشرات السنين أو مدى العمر في حالة عدم علاجها، وتؤثر سلباً على حياة الشخص اليومية والاجتماعية والعملية.
إن من أهم العوامل المسببة للرهاب الاجتماعي هي المواد الجينية (الوراثة)، والسمات الشخصية كالخجل والخوف والانطواء وضعف الثقة بالنفس، وطريقة التفكير كالنظرة السلبية للذات، أو التشاؤم المفرط، أو التركيز على الذات والأعراض الجسدية، أو أساليب التربية الخاطئة للأطفال والتي قد تكون فيها العاطفة شبه منعدمة، وكذلك التجارب السيئة مع الآخرين والمواقف المؤلمة، أو الظروف المرهقة نفسياً كوفاة شخص عزيز أو الانفصال عن شريك الحياة.
ولمعرفة أعراض الرهاب الاجتماعي، هناك ثلاثة أنواع من الأعراض تظهر على المريض، أولها هي الأعراض النفسية مثل الخوف من المواقف والأحكام السلبية من الآخرين، والقلق من الشعور بالإحراج والإهانة أو الخوف من ظهور الأعراض الجسدية وملاحظة ذلك من الآخرين، والخوف من المواقف الاجتماعية والتفكير فيها بشكل مُفرط وتَوَقُّع أسوأ النتائج، أما الأطفال فيكون البكاء أو نوبات الغضب أو التعلق بالوالدين أو عدم التحدث اجتماعياً هو السائد في تصرفاتهم، تليها الأعراض الجسدية والتي تكون مثل الارتجاف أو الاهتزاز مع التعرق المفرط واحمرار الوجه، وتسارع ضربات القلب مع صعوبة في التنفس وتوتر العضلات والشعور بالدوار، وآخرها هي الأعراض السلوكية مثل تجنب المناسبات الاجتماعية أو تجنب التعامل مع الغرباء أو بدء الحديث معهم أو دخول مكان به غرباء أو استخدام أماكن الخدمات العامة خوفا من الإحراج، أو عدم الذهاب إلى المدرسة للطلاب أو العمل للموظفين، وتجنب التواصل البصري مع الآخرين أو تناول الطعام معهم أو أمامهم، والهروب من المواقف التي يكون الشخص فيها محور اهتمام.
وأختم بعلاج الرهاب الاجتماعي والذي غالبا ما يتم على عدَّة مراحل مهمة تبدأ بمرحلة العلاج المعرفي السلوكي وذلك من خلال تَعلَّم الشخص طرق مختلفة للتفاعل مع الأفكار والمشاعر التي تتأثر بها سلوكياته وعواطفه الخاصة ومواجهتها ومقاومتها وتعديل السلوك لذلك يُسمِّيها البعض “العلاج بالمواجهة”.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة تعلم مهارات جديدة عن طريق “الانضمام لمجموعات الدعم” لتعلم كيفية التواصل البصري والمحافظة عليه وإظهار لغة الجسد وتعابير الوجه وعدم التردد في بدء الحديث مع الآخرين والاستماع لهم والاستمرار في المحادثة وإدارة الحوار وحسن الظن بالآخرين، حيث يساهم ذلك في تحسين ردود الأفعال تجاه المواقف والأحداث التي تثير القلق والرهبة وكيفية استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية للتعايش الاجتماعي بطريقة تدريجية.
ونصل بعدها لآخر مرحلة من العلاج للكبار وهي مرحلة العلاج الدوائي (والتي لا أحبذها أنا شخصيا) ولكن قد يضطر لها بعض الاخصائيين النفسيين بوصف بعض الأدوية للتخفيف والحد من أعراض الرهاب الاجتماعي كمضادات الاكتئاب والقلق، ومُثَبِّطَات بيتا أو “حاصرات بيتا” التي تخفف من الأعراض الجسدية المرافقة للحالة النفسية مثل التعرق أو الرعشة أو زيادة معدل ضربات القلب وتساعد في التخلص من الرهاب الاجتماعي وأعراضه.
أما الأطفال المصابين بالرهاب الاجتماعي فيضاف لهم “العلاج الأسري” وهو مساهمة الأسرة في علاج الرهاب عند الأطفال بالرسائل الإيجابية وزرع الثقة بنفس الطفل وتشجيعه على التواصل الاجتماعي وغيرها من الدعم الأسري.
وكذلك “العلاج باللعب” وتعني قدرة الأطفال على التعامل مع مشاعرهم باللعب وربطها بالتجارب الإيجابية.
و”العلاج الجماعي” وهو تعلم الطفل مهارات اجتماعية للتواصل مع الأطفال الآخرين.
وأخيرا “العلاج المعرفي القائم على اليقظة الذهنية” الذي يساعد الأطفال على الشعور بالراحة والتحكم من خلال اليقظة الذهنية.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الرهاب الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
بنسعيد: انسجام الأغلبية لا يلغي إمكانية وجود تباينات بينها في الرؤى أو المواقف
أكد محمد المهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية بحزب الأصالة والمعاصرة ووزير الشباب والثقافة والتواصل، أن مكونات الأغلبية الحكومية تشتغل في انسجام تام، التزاماً بمضامين ميثاق الأغلبية، وحرصاً على خدمة الصالح العام، مشدداً في الوقت نفسه على أن هذا الانسجام لا يلغي إمكانية وجود تباينات في الرؤى أو المواقف، باعتبارها “ظاهرة طبيعية وصحية في أي عمل جماعي ديمقراطي، مادامت لا تمس بجوهر الالتزام بالبرنامج الحكومي والأهداف المشتركة”.
وفي كلمته خلال انعقاد دورة المجلس الوطني لحزبه أمس، شدد بنسعيد على أن القيم التي يدافع عنها الحزب لا يمكن اختزالها في عمل الوزراء فقط، موضحاً أن رؤساء مجالس الجهات والجماعات يمثلون امتداداً لهذه القيم على المستوى الترابي، إلى جانب كل مناضل ينتمي للحزب، مما يستدعي “ترجمة هذه المبادئ إلى برامج جهوية وإقليمية، وفي التعامل اليومي مع المواطنين، لأن سياسة القرب هي المفتاح لبناء الثقة وتعزيز مكانة الحزب في المجتمع”.
واعتبر بنسعيد أن تحقيق التنمية الشاملة يقتضي تجاوز الحسابات السياسوية الضيقة، والانخراط الجماعي في تنزيل المشاريع ذات الأثر المباشر على المواطنات والمواطنين، لافتاً إلى أن “المنطق الانتخابي جزء من العمل السياسي، غير أن الهدف اليوم هو الإنسان ومدى إسهامه في الدينامية الاقتصادية الوطنية”.
واستعرض الوزير التحولات الكبرى التي عرفها المغرب خلال الـ25 سنة الأخيرة، مشيراً إلى أن الناتج الداخلي الخام انتقل من حوالي 45 مليار دولار إلى أزيد من 150 مليار دولار، بفضل بنية اقتصادية صلبة، وتطور كبير على مستوى البنيات التحتية والتعليم والصحة والتكنولوجيا والصناعة.
وفي هذا السياق، قال بنسعيد إن المغرب مقبل على مرحلة جديدة تقوم على فلسفة اقتصادية ترتكز على الذكاء الاصطناعي، والرقمنة، والصناعات الثقافية والإبداعية، التي ستشكل رافعات جديدة للنمو لما بعد 2030، مبرزاً أن “تنظيم المغرب لمونديال 2030 ليس مجرد رهان رياضي، بل فرصة تاريخية لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة تُعيد الإنسان إلى قلب السياسات العمومية من خلال خلق فرص الشغل، وتطوير النسيج المقاولاتي، والانفتاح على العالم”.
من جهة أخرى، نوه بنسعيد بالتفاعل الإيجابي لوزراء الحزب مع غرفتي البرلمان، وحضورهم الدائم في الجلسات العامة واللجان الدائمة، إلى جانب الأداء المتميز لنواب ومستشاري الحزب، وحرصهم على الدفاع عن القضايا ذات الأولوية للمواطنين.
كما أشاد بالدور المتنامي الذي تلعبه أكاديمية الحزب في إنتاج الأفكار وصياغة السياسات، وبالمشاركة الوازنة لأعضاء المجلس الوطني داخل اللجان الموضوعاتية، مشيراً إلى أهمية العمل الجاري على إعداد البرنامج الانتخابي لسنة 2026، ومثمناً الحضور القوي لمنظمة النساء ودورها في الدفاع عن قضايا المناصفة ومساهمتها في النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة.
واختتم بنسعيد كلمته بالتأكيد على الدينامية التنظيمية التي يشهدها الحزب، من خلال المؤتمرات الجهوية والإقليمية، واللقاءات التواصلية مع المنتخبين، والجهود التي يبذلها مناضلو الحزب لتعزيز حضوره كقوة سياسية وتنظيمية متجذرة في المجتمع المغربي