ضغوط هائلة.. ما الذي ستغيره زيارة نتنياهو لواشنطن بشأن الهدنة؟
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
يتعرض رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو لضغط كبير، داخلي وخارجي، لدفعه إلى إبرام اتفاق مع حركة حماس، تشمل تبادلا للأسرى، إلا أنه يبدي تهربا وتعنتا غير مسبوق، يعزوه أقطاب السياسية والمحلليين الإسرائيليين إلى أسباب شخصية، والخشية من انهيار الائتلاف الحكومي المرتكز على اليمين المتطرف، حال وافق على "الصفقة".
ووسط هذه الحالة، يعتقد الكثير من المحللين الإسرائيليين أن الخناق يضيق على نتنياهو، وتنعدم أمامه سبل المناورة للإفلات من إبرام اتفاق، وسط تساؤلات عن نتائج زيارة نتنياهو إلى واشنطن فيما يتعلق بالحرب على غزة، وإمكانية أن يوقع رسميا على اتفاق للهدنة.
ويزور نتنياهو الولايات المتحدة، الأسبوع المقبل، ومن المقرر أن يلقي كلمة في جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ بالكونغرس في 24 تموز/ يوليو الجاري.
اشتراطات جديدة
استحدث نتنياهو شروطا جديدة الأسبوع الماضي، رأي فيها محللون عرقلة واضحة لمسار المفاوضات، ورغبة من نتنياهو في الإفلات من التوقيع على الاتفاق، خاصة بعد ابداء حركة حماس مرونة واضحة.
اشترط نتنياهو أن "أي اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يجب أن يتيح لإسرائيل مواصلة القتال حتى تحقق أهداف الحرب".
واشترط أيضا أن يشمل الاتفاق "منع تهريب الأسلحة إلى حماس عبر الحدود بين غزة ومصر، ويجب ألا يُسمح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة". ما يعني السيطرة إبقاء السيطرة على محور نتساريم جنوب غزة، بخلاف ما ينص عليه المقترح الأخير للاتفاق.
ضغط داخلي هائل
يتعرض نتنياهو إلى ضغط داخلي هائل، إذ أن المسيرات المطالبة بعقد صفقة تتواصل، وتأخذ شكلا توسعيا، وسط دعوات لتنفيذ عصيان مدني، وذلك بالتزامن مع تصريحات أطلقها قادة جيش الاحتلال، فضلا عن مسؤولين سياسيين وقادة أحزاب إسرائيلية، قالوا فيها إن ظروف إبرام الصفقة نضجت، وإن أي تأخير يضر بمصالح "إسرائيل"، وقد يغلق الباب مستقبلا أمام استعادة الأسرى المحتجزين في غزة.
وفي آخر الضغوط على نتنياهو، تظاهر عشرات الآلاف الأربعاء للمطالبة بإبرام صفقة قبل ذهاب نتنياهو إلى واشنطن، فيما قال وزير الحرب، يؤاف غالانت، لصحيفة يديعوت أحرونوت إنه :إذا لم يتم التوصل إلى صفقة تبادل في غضون أسبوعين، فذلك يعني حسم مصير الأسرى". مؤكدا أن "شروط التوصل إلى اتفاق مع حماس قد نضجت، لكن نتنياهو يزيد من الصعوبات".
ضغوط الميدان
ورغم استمرار المجازر المروعة في قطاع غزة، وتواصل حملة التدمير الممنهجة لكل مقومات الحياة، إلا أن قوات الاحتلال تواجه استنزافا غير مسبوق بفعل استمرار عمليات المقاومة، وتصاعدها على كافة الجبهات، خصوصا جبهتي غزة ولبنان، ما يعني أن قوات الاحتلال تعيش مأزقا حقيقيا.
واعترف جيش الاحتلال قبل أيام في إفادة للمحكمة العليا الإسرائيلية، بوجود نقص حاد في الدبابات والآليات العسكرية، وعلى إثر ذلك، قرر رئيس الأركان تأجيل مناورة لقوات الاحتلال حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 بسبب النقص الحاد في الذخيرة والدبابات التي تضررت بفعل القتال الطويل.
وهذه المرة الأولى التي يعترف فيها جيش الاحتلال بأنه فقد دباباته في حرب غزة ويعاني من نقص في القذائف، فضلا عن العديد من المقاتلين والقادة الذين أصيبوا أو قتلوا في المعارك.
ماذا تحمل زيارة واشنطن؟
ومعلقا على زيارة نتنياهو إلى واشنطن، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي، حسن مرهج، أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن وخطابه المرتقب في الكونغرس ستحقق له ما يصبو إليه، و"سيعود نتنياهو منتصراً وبمزيد من الأسلحة، ودعم لا محدود".
ولا يرجح مرهج في حديث خاص لـ"عربي21" أن تضمن زيارة نتنياهو إلى واشنطن الوصول إلى صفقة، أو إجبارة والضغط عليه لإتمام أي صفقة.
مرهج يرى أنه لابد من توصيف حقيقي وواقعي لـ"رؤية المشهد السياسي في إسرائيل، والذي في يمسك بخيوطه حتى الآن بنيامين نتنياهو، والواقع يؤكد بأن نتنياهو ليس مستعداً لإعلان هزيمته، وفي المقابل فإن حماس لن تقبل بأقل من وقف النار، أما أمريكا فهي ظاهرياً تصر على التسوية، لكن من تحت الطاولة يبدو أنها موافقة جملةً وتفصيلاً على سياسات نتنياهو.
صعوبة "مد جسر" بين موقفين متناقضين
يقول مرهج، إن المواجهة تدور بين طرفين يرفضان "حل الدولتين"، ويريد كل منهما فلسطين من البحر إلى النهر، وما هو مؤكد حتى الآن أن "إزالة حماس بالقوة العسكرية مهمة صعبة، إن لم تكُن مستحيلة، وضمن ذلك فإن جميع أطراف الصراع تبدو محشورة وكل طرف يبحث عن صيغة لوقف النار في حرب غزة، لكن الصيغة صعبة، وليس صحيحاً قول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن صاحب الرقم الأكبر في جولاته الإقليمية منذ حرب غزة، إن حماس هي العقبة الوحيدة أمام وقف النار، والصحيح أن ما يعرقل الصيغة هو استحالة مد جسر بين موقفين متناقضين تماماً، هكذا كان الأمر عام 1948، وهكذا هو اليوم، وسوف يبقى، حتى لو حدث حل الدولتين".
ما رهانات حركة حماس؟
"من الواضح أن حركة حماس تراهن، من بين أمور عدة، على الثمن الكبير لموضوع المحتجزين والحساسية الإسرائيلية حياله، تطلب في الصيغة شروط المنتصر، فهي ترى نفسها منتصرة على رغم دمار غزة، أو أقله تتقبل المعادلة التي فحواها غزة خسرت وفلسطين ربحت، فيما حكومة نتنياهو تطلب شروط المنتصر، وإن لم تحقق أهدافها المعلنة حين بدأت حرب غزة بعد عملية طوفان الأقصى".
ووفقا للكاتب والمحلل السياسي، فإن "الدول الوسيطة، أمريكا ومصر وقطر، ولا أية دولة تقوم بوساطة تستطيع إيجاد صيغة ترضي طرفين يريد كل منهما أن يبدو منتصراً".
هل يتعرض نتنياهو لضغوط حقيقة؟
يقول مرهج، إنه "من باب الواقعية فإن نتنياهو لا يتعرض لضغوط داخلية قوية تُجبره على توقيع أي اتفاق، فالحرب مستمرة والمفاوضات مستمرة، لكن النتائج صفرية، فوجهات النظر متباعدة شكلاً وموضوعاً ومضموناً، وهذا ما يُعقد التوصل لاتفاق واضح المعالم، خاصة أن نتنياهو يتمسك بالإعلان دائما عن خطوط حمراء تُقرأ من قبل بعض المحللين الإسرائيليين على أنها محاولات لإفشال الصفقة، وذلك بسبب تهديدات وزراء اليمين المتشدد في الحكومة بالاستقالة من الائتلاف الحكومي في حال وافق نتنياهو على صفقة كهذه مع حماس".
ويلفت إلى أنه "رغم التفاؤل الإسرائيلي بالتوصل إلى اتفاق بحكم أن حماس قدمت ما وُصف بالتنازلات، لكن القلق ما زال قائما من إمكانية تدخل اعتبارات سياسية إسرائيلية، قد تؤثر على مشهد التفاوض، وبين هؤلاء وأولئك صرّح البيت الأبيض الأمريكي بأن ما تعلن عنه "إسرائيل" وحماس مخالف لما يتم نقاشه في الغرف المغلقة".
ما فرص وقف إطلاق النار إذا؟
في ظل ما سبق، وفي ظل المعطيات الحالية والتي تتمحور حول الداخل الإسرائيلي أو الدعم الأمريكي وصولاً لغياب موقف عربي واضح يضاف إلى ذلك دعم أوروبي لـ نتنياهو، يعتقد مرهج أن إن فرص الوصول إلى وقف لاطلاق النار هي ضعيفة جداً، ولعل الأحزاب اليمينية ممسكة حتى اللحظة بزمام الأمور، وتريد القضاء على حماس بكافة المسارات والمستويات، وتريد "إسرائيل" قطاع غزة جديد لكن بمواصفات إسرائيلية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية نتنياهو غزة غزة نتنياهو الهدنة دولة الاحتلال زيارة واشنطن المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة زیارة نتنیاهو إلى واشنطن حرکة حماس حرب غزة
إقرأ أيضاً:
مستشار نتنياهو يكشف ملامح رؤيته في غزة: لا دولة فلسطينية أو إعمار دون نزع السلاح
كشف رون دريمر، وزير الشؤون الاستراتيجية وأحد أبرز مهندسي السياسة الإسرائيلية في مكتب نتنياهو، عن خطوط عريضة لرؤية الاحتلال الإسرائيلي لما بعد الحرب في غزة، متحدثا بوضوح عن رفض إقامة دولة فلسطينية، واشتراط نزع سلاح المقاومة، كشرط لأي إعمار أو ترتيبات إدارية في القطاع.
وفي إحدى الحلقات الحوارية عبر بودكاست نُشر مؤخرًا، قال دريمر إن السعودية لن توافق على تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي ما لم تكن غزة قد وُضعت على طريق "تسوية ما"، لكنه استدرك قائلاً إن "القتال العنيف في غزة بات من الماضي"، في إشارة إلى دخول المرحلة السياسية من المعركة، رغم تعثّر محادثات الهدنة.
ملامح "الحد الأدنى" من الأهداف
تحدث دريمر بـ"إيجابية" عن الصفقة التي كانت مطروحة قبل أيام، والتي كان من المفترض أن تؤدي إلى استعادة نصف الأسرى (أحياء وجثامين) مقابل هدنة مدتها 60 يومًا، تُستأنف خلالها مباحثات لإنهاء الحرب إذا توفرت ظروف تحقيق "الحد الأدنى من الأهداف".
وحدد دريمر هذه الأهداف بـ: ( تفكيك البنية العسكرية لحماس - إقصاء الحركة عن الحكم في غزة - ضمان ألا يشكل القطاع تهديدًا أمنيًا للاحتلال الإسرائيلي).
كما رفض فكرة تكرار "نموذج حزب الله في لبنان" داخل غزة، معتبرًا أن مجرد بقاء حماس كسلطة أمر غير مقبول.
وفي رد على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن، الذي قال إن "حماس فكرة لا يمكن القضاء عليها"، شبّه دريمر حماس بـ"النازيين"، موضحا أن القضاء على الحركة لا يعني محوها فكريا، بل نزع سلطتها وقدرتها العسكرية، كما جرى في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأضاف أن حماس موجودة في الضفة الغربية وتركيا وقطر، لكنها لم تنفذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر إلا من غزة، لأنها كانت تملك السلطة والقدرة هناك.
لا احتلال.. ولا إعمار مع السلاح
نفى دريمر نية الاحتلال الإسرائيلي احتلال غزة أو البقاء فيها عسكريًا، لكنه شدد على أن أي جهة ستتولى إدارة القطاع يجب أن تتولى أولًا تجريده من السلاح، ثم الانخراط في عملية "نزع التطرف"، بحسب تعبيره، من خلال تغيير المناهج التعليمية، بالتعاون مع شركاء عرب مثل الإمارات، وأثنى على "الإصلاحات" السعودية في هذا السياق.
وأكد أن "من نفذ هجوم السابع من أكتوبر لن يكون له مكان في غزة"، تمامًا كما لم يبقَ للنازيين أي وجود في ألمانيا، على حد قوله.
قال دريمر صراحة إن إقامة دولة فلسطينية "غير مطروحة على الإطلاق" في المدى المنظور، مضيفًا أن "نسبة تأييد الجمهور الإسرائيلي لذلك أقل من صفر".
وأضاف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن يمنح الفلسطينيين "فيتو" على اتفاقات التطبيع الجارية مع دول عربية، في إشارة إلى تقاطع المواقف بين الاحتلال الإسرائيلي وإدارة ترامب.
وأشار إلى أن تقليص قدرات حماس سيُسهّل على أي جهة "محلية أو إقليمية" إدارة غزة لاحقًا، دون الحاجة إلى تدخلات عسكرية إسرائيلية متكررة، قد تُقوّض أي سلطة مستقبلية.
الغزيون "كان يجب تهجيرهم"
عبّر دريمر عن رفض الاحتلال الإسرائيلي لإعمار غزة في ظل وجود أكثر من 20 ألف مسلح، وقال إنه "لا أحد سيموّل إعمار القطاع إذا كانت الحرب ستعود بعد عشر سنوات".
واعتبر أن "حرب الجبهات السبع" شارفت على نهايتها، وأن الحرب في غزة هي الأخيرة لعقود، رغم تراجعه لاحقًا بالتعبير عن احتمال وقوع حروب لاحقة.
وانتقد دريمر مصر لإغلاقها معبر رفح أمام المدنيين خلال الحرب، قائلًا إن "استقبال المدنيين مؤقتًا في سيناء كان سيساهم في تقليل الخسائر البشرية، وتسريع إنهاء الحرب"، معتبرًا أن الغزيين كانوا سيعودون لاحقًا، وكان يمكن تجنيبهم ويلات الحرب.
اغتيالات بـ"ميزان خسائر".. وتجويع محسوب
كشف دريمر أن الاغتيالات الإسرائيلية تُدار بمنطق "حجم الهدف"، ما يبرر برأيه مقتل عشرات المدنيين عند استهداف قائد ميداني كبير، تحت مظلة "الحرب على الإرهاب".
وفي واحدة من أكثر التصريحات إثارة للجدل، اعترف بأن الاحتلال الإسرائيلي يراقب مستوى الغذاء في غزة ويسمح بإدخال كميات محدودة عندما تسوء الأوضاع بشكل قد يستفز الرأي العام العالمي، قائلاً: "نخنق الناس دون أن نتركهم يموتون، حتى نتفادى الضغوط الدولية".
يشير مراقبون إلى أن أهمية تصريحات دريمر لا تنبع فقط من محتواها، بل من كونه مهندس السياسة الإسرائيلية في الكواليس، والمبعوث الدائم لتنسيق المواقف مع واشنطن، مما يجعل رؤيته مؤشّرًا دقيقًا على الاتجاهات الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، في وقت يتركّز فيه اهتمام الإعلام على شخصيات هامشية مثل بن غفير أو ليبرمان.
وبينما تتعثر مفاوضات الهدنة، ويضاعف الاحتلال الإسرائيلي ضغطه العسكري والسياسي على غزة، تكشف تصريحات دريمر عن طبيعة المعادلات القاسية التي ترسمها تل أبيب لما بعد الحرب، في ظل تجاهل دولي متواصل للجرائم والانتهاكات، وتواطؤ معلن أو صامت من حلفاء إسرائيل في الغرب.