كينيا من الأمل إلى الاضطراب.. الدوافع والأسباب
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
عندما يتزايد الاحتقان السياسي في الدولة الديمقراطية، تكون الانتخابات المبكّرة أو التغيير الوزاري هو الحلّ. لكن في كينيا، حيث القدرة على استيعاب الاحتقان معدومة، يأتي التنفيس عنه في صورة عنف يتكرر عقب كل انتخابات. والاضطرابات الأخيرة التي كان ظاهرها الاعتراض على زيادات ضريبية أقرّها البرلمان لتوفير 2.
كينيا تمثل لمنطقة شرق أفريقيا دولةً متقدمة ديمقراطية ذات مستوى تعليمي جيد، تتمتع بحرية الصحافة، ومستوى نقاش إعلامي رفيع، فضلًا عن ملامح اقتصاد جيد. لذا فإن سقوطها في براثن الاضطراب هو مقدمة لسقوط دول الجوار في ذات الدّوامة. أما نجاتها فتقود شرق أفريقيا إلى فضاء أرحب من التقدّم والازدهار، ومن هنا تكمن أهميتها.
بداية الاحتقان الأخير كانت بتعبئة عامة في منتصف يونيو/حزيران الماضي على شبكات التواصل الاجتماعي، للاعتراض على قانون لفرض مزيد من الضرائب. ورغم اقتحام المتظاهرين البرلمانَ وسقوط ضحايا، فإنّه أقر القانون، قبل أن يضطر الرئيس إلى التراجع عن اعتماده.
تتركز المظاهرات في نيروبي ومركزَي المعارضة؛ كيسومو في الغرب ومومباسا في الشرق، ولكنها انتشرت في 17 مقاطعة من أصل 47 مقاطعة كينية. بعض المحللين يذهبون إلى أن النزعة القبلية هي سبب هذه الاضطرابات، لكن حتى وإن كان الأمر كذلك، فقد كان مطلب المتظاهرين هو تقاسم الموارد والأراضي والمطالبة بالتنمية والرفاهية.
بعد سنوات من الديمقراطية، بات ضروريًا إعادة توزيع السلطة وتهدئة المشكلات الإثنية والعرقية، وإلا فإن الاضطرابات الأخيرة قد تكون سببًا في تجذّر العنف داخل كينيا. فالكيكويو الذين يمثلون 22% من السكان يسيطرون على السلطة منذ حقبة الاستقلال، فيما تواجه جماعات الصيد وجمع الثمار، مثل: أوجيك، وسينغوير، والعوير، وياكو، حالةً من التهميش.
كما ظهرت نزاعات انفصالية في المناطق الساحلية الفقيرة ذات الأغلبية المسلمة تحت شعار: "بواني سي كينيا" (الساحل ليس جزءًا من كينيا). وهناك مجموعات عرقية صومالية ونوبية بلا أوراق جنسية. هذا كله في حاجة ماسّة للعلاج كي لا يتصاعد العنف، في ظل أزمة اقتصادية مركبة تعاني منها كينيا، والعديد من الدول المثقلة بالديون.
الاقتصاد أولًاإن تدهور قيمة العملة الوطنية (الشلن) وارتفاع الإنفاق الحكومي وأعباء خدمة الدين، في الوقت الذي تجاوز فيه الدين العام 68 مليار دولار، يمثل 62.3% من الناتج المحلي، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم، كل ذلك أثار حفيظة الكينيين الذين اشتكوا من زيادة حجم الإنفاق على الدفاع والأمن. ففي عام 2000 كان 165.8 مليون دولار، وصل إلى مليار دولار عام 2023 بزيادة قدرها 503.6%، في الوقت الذي لم تزد فيه قطاعات كالتعليم والصحة والزراعة والصناعة بذات الوتيرة، حيث يبلغ عدد سكان كينيا 55 مليونًا، ثلثهم تحت خط الفقر.
نعم، هناك تهديد من حركة الشباب الصومالية (فرع من تنظيم القاعدة) وعمليات إرهابية، لكن تظل قدرة كينيا على كبح ذلك قائمة.
فيضانات وجفاففي 2022 تعرضت كينيا لجفاف شديد، حتى إن العديد من الأسر فقدت أعدادًا كبيرة من ماشيتها، كما لم تزرع مساحات من الأراضي، وانتشرت أزمة جوع فقد بسببها أطفال أرواحهم، فضلًا عن تسربهم من التعليم.
وفي أبريل/نيسان 2023 تعرضت البلاد لموجة فيضانات غير مسبوقة أدت إلى تدمير محاصيل، وامتد الأثر إلى العاصمة نيروبي المبنية على مستنقعات، والتي تنتشر بها الأحياء العشوائية المفتقدة للصرف الصحي. هذا التناقض بين الجفاف والفيضانات سببه ظاهرة النينو الجوية التي تركت أثرًا سلبيًا على الاقتصاد الكيني.
وإذا علمنا أن القطاع الزراعي يستوعب 80٪ من حجم العمالة في البلاد، ومعظمه يتكون من مزارع أسرية صغيرة، يمكن تخيّل الضرر الذي أصاب الشعب الكيني، واقتصاد الدولة عمومًا، فالثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك تشكل 27% من الناتج المحلي الإجمالي، و60% من حصيلة الصادرات السلعيّة، وتصدر كينيا 22% من صادرات الشاي العالميّة، وهي رابع مصدر للزهور على الصعيد الدولي، وتتنوع صادراتها من الفواكه والخضراوات.
إلى جانب ذلك، تستورد كينيا 30% إلى 50% من احتياجاتها من الحبوب، وأغلب وارداتها في هذا المجال تأتي من أوكرانيا، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لترفع أسعار الحبوب وتضر بميزان المدفوعات، وترفع أسعار الخبز، بالتواكب مع ارتفاع أسعار الغاز، مما أضر بالمواطن البسيط وساعد على زيادة الاحتقان.
اضطراب الجوارمثلت الاضطرابات في دول الجوار مشكلة لكينيا، فقد شهدت البلاد استقرارًا وانتعاشًا وجيزًا بعد استقلال جنوب السودان، ومد خط سكة حديدية من أوغندا إلى ميناء مومباسا الكيني، ولكن الاضطرابات في الصومال وإغلاق الحدود حتى 2023 كان لهما تأثيرهما السلبي، ولا سيما مع تعاطف بعض الكينيين مع حركة الشباب الصومالي نتيجة الفقر، زاد من هذا مشكلاتُ ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين والتي انتهت إلى حكم محكمة العدل لصالح الصومال بمنحه مائة ألف كيلومتر غنية بالأسماك وثروات النفط والغاز، وهو ما لم تقبله كينيا وبقي مثار نزاع بينهما.
والخلاصة أن كينيا دولة على عتبة تطور غير مسبوق إذا استطاعت معالجة تلك المشكلات.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
رئيس كينيا يستقبل عبدالله بن زايد ويشهدان توقيع 7 مذكرات تفاهم واتفاقيات بين البلدين
استقبل فخامة الدكتور ويليام ساموي روتو، رئيس جمهورية كينيا، سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، في مستهل زيارة عمل يقوم بها سموه إلى العاصمة نيروبي.
ونقل سموه إلى فخامته تحيات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وتمنياتهم لجمهورية كينيا وشعبها بمزيد من التقدم والازدهار.
من جانبه، حمل فخامة الدكتور ويليام ساموي روتو سموه تحياته إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، مع تمنياته لدولة الإمارات بدوام الازدهار والرخاء.
ورحب فخامته بسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والوفد المرافق، حيث جرى بحث مختلف أوجه العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة، لاسيما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والسياحية والطاقة، بما يسهم في دعم الأهداف التنموية في البلدين الصديقين.
وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات وجمهورية كينيا الصديقة ترتبطان بعلاقات تاريخية متميزة، شهدت نمواً وتطوراً على مدار عقود، معرباً عن اعتزازه بزيارة كينيا ولقاء فخامة الدكتور ويليام ساموي روتو.
وأشار سموه إلى أن هذه الزيارة تعكس الحرص على ترسيخ علاقات مزدهرة ومتطورة مع كينيا، وكذلك تعزيز جسور التعاون التنموي مع الدول الأفريقية الصديقة، بما يعود بالخير على شعوبها.
وتوجَّه سموه بالشكر إلى فخامة الرئيس الكيني على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مشيداً بالإنجازات التنموية التي حققتها كينيا على مختلف الأصعدة.
وشهد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وفخامة الدكتور ويليام ساموي روتو توقيع 7 مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون بين البلدين.
وقد شملت، مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري، وقعها معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة، ومعالي روزليندا سويبان تويا، وزيرة الدفاع بالجمهورية الكينية، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال النقل، وقعها معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، ومعالي ديفيس تشيرشير، وزير الطرق والنقل الكيني.
كما تم التوقيع على الاتفاقية الإطارية الثنائية بشأن التنمية الاقتصادية ووقعها معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان ومعالي جون مبادي وزير الخزانة الوطنية والتخطيط الاقتصادي.
وشملت أيضاً التوقيع على اتفاقية بشأن التعاون والمساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الجمركية، ووقعها معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وهمفري واتانغا المفوض العام لهيئة الإيرادات الكينية.
وتضمنت مذكرة تفاهم بين اتحاد غرف التجارة والصناعة في دولة الإمارات والغرفة الوطنية الكينية للتجارة والصناعة بشأن تأسيس مجلس الأعمال الإماراتي - الكيني المشترك، وقعها سعيد مبارك الهاجري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، والدكتور إريك روتو، رئيس الغرفة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة، وقعها الدكتور سالم إبراهيم النقبي، سفير الدولة لدى جمهورية كينيا، وأليكس كاماو واشيرا، وكيل وزارة الطاقة والبترول لشؤون الطاقة.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين «قطارات الاتحاد» و«كينيا للقطارات»، وقعها شادي ملك، الرئيس التنفيذي لشركة قطارات الاتحاد، وفيليب جي ماينجا، مدير عام شركة السكك الحديدية الكينية.
حضر اللقاء معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة، وسعيد مبارك الهاجري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، والدكتور سالم إبراهيم النقبي، سفير الدولة لدى جمهورية كينيا.