فاطمة المحرمي: نحن حصاد لحظات اعتقدنا أنّها لن تمر
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
سعد عبدالراضي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةفاطمة المحرمي كاتبة إماراتية شابة، احتفت مؤخراً بأول إصداراتها المتمثل في روايتها «كل مرّ سيمرّ»، والتي تقع في 170 صفحة من القطع المتوسط، ونهج الكاتبة يتكىء على بث الطاقة الإيجابية من خلال سرد مرويات تعبر عن تجارب إنسانية استطاعت تخطي الصعاب، وفي حديثها لـ«الاتحاد» تسلط الضوء على إصدارها، كما يتحدث الناقد عاطف عبد الله عن الرواية وموضوعها وأسلوبها السردي.
في البداية تقول فاطمة عن سر اختيارها هذا النمط الإنساني:«أحب أن أتعلم وأجرب الأشياء التي تصنع لي النجاح، كما أنني على يقين بأن الأيام التي تكسرك هي ذاتها التي تصنعك، وأننا حصاد اللحظات التي اعتقدنا أنّها لن تمر ومرّت».
وتؤكد المحرمي أن العمل يدعو القارئ للتأمل فيما مضى من حياته، كي يصبح أكثر صلابة وقدرة على السير نحو الهدف الذي لا يزال حبيس فكره، وتدفعه لأن ينطلق ويسعى كما فعلت بطلة الرواية، وأن يتأكد أن كل مر سيمر، لأنه يستحق أن يرى قوة نجاحه.. ليصل إلى المكانة التي تليق به.
وتضيف مخاطبة قارئ روايتها:«انطلق لتكون فخوراً بنفسك، واصنع لمن حولك نموذجاً جميلاً يحتذى به، وكن أيقونة النجاح التي كنت تتمناها في حياتك».
وتشير فاطمة المحرمي إلى نشأتها وتأثيرها على توجهها الأدبي قائلة:«نشأت في بيت محب للإبداع وكل من فيه يدعمني، ولولاهم لما صدرت روايتي الأولى»، وتؤكد أنها حرصت قبل البدء في كتابة روايتها على التواجد في صالون الجاحظ الذي تنظمه مكتبة منتزه خليفة، حيث يتم فيه اختيار رواية ومناقشتها، بالإضافة إلى حضور الفعاليات الأسبوعية التي ينظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.
رؤى شبابية
يقول الروائي والناقد السوداني عاطف عبدالله عن رواية «كلُّ مرٍّ سيمرُّ»: الرواية مع أنّها دعوة للمثابرة وتحدي الظروف والصبر على المكاره وتخطي العقبات حتى تحقيق الغايات، إلا أنها جاءت محمّلة بكثير من الرؤى الشبابية للحياة، وبتفاصيل عالم المراهقات، وتشعب العلاقات، والصداقات والجراحات، وتصورات الفنتازيا، وأبعاد عالم الميديا، وتأثيرها المتعاظم في الحياة وتوجهاتها».
ويتابع: الروائية فاطمة المحرمي قصدت أن تترك لحصافة القارئ وخياله استكمال النص الذي تركته مفتوحاً في بعديه الزماني والمكاني، ولم تقيّده بأمكنة محددة معلومة سلفاً للقارئ.
ويؤكد أنه كان من المتوقع بالنسبة للروائية الإماراتية فاطمة المحرمي، نظراً إلى أن هذه الرواية تعد باكورة أعمالها، أن ترتكز على واقع خصب غني بالتفاصيل المدهشة، إلا أنها أبت إلا أن تصنع واقعاً من خيال يصلح لكل الأمكنة، ويتناسب مع كل الأزمنة، ومن خلال التفاصيل الدقيقة استطاعت إيهامنا بواقعية المكان، وعبر تماسك الإيقاع ووحدة نظمه أقنعتنا كذلك بواقعية الزمان.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات الكتابة الإبداعية الكتابة الأدبية
إقرأ أيضاً:
فاطمة العراجي: هل تموت الطبيعة؟
قادتنى الصدفة، وحدها، للجلوس بجوار الفنانة التشكيلية الراحلة الدكتورة فاطمة العرارجي، كان ذلك فى خريف عام 2012 بأحد المناسبات فى النادى السوري بمحطة الرمل بالأسكندرية. كانت تستمع إلى أصوات الموسيقى الصاخبة بإنزعاج، وتراقب رقص الفتيات الصغيرات في صمت مطبق. اقتربت منها، وبادرتها، دكتورة فاطمة، أنا أعرفك تمامًا، كثيرا ما تكلمنا عنك، أنا وصلاح "أقصد ابنها دكتور العمارة الفنان صلاح هريدي، والذي رحل عن عالمنا لاحقًا في عام 2021"، وتمكنت من رسم صورة كاملة عن شخصيتك، أنصتت لكلامي بهدوء، ولكنها لم تفاجأ بحديثى الممل، وبادرتني متسائلة، بصوت خفيض: لماذا لا تكون أفراحنا على الرمال فى مواجهة البحر؟، أو تحت أشجار النخيل فى مدينة إدكو؟، أو في خيم بدوية بسيطة فى صحراء برج العرب؟ . الحقيقة، فاجاتني أسئلتها العجيبة، فأجبت في خوف، تقصدين في الطبيعة؟ وردت هى بإسترخاء: ذكرياتنا يجب أن تكون في الطبيعة، حتى لا تموت ونظل نتذكرها، فهل تموت الطبيعة ؟ . بطبيعة الحال، لم أتمكن من الإجابة على سؤالها الصاعق، تجمدت الكلمات قبل أن يتوقف العقل عن الذهول، فلاحظت هى ذلك، وابتسمت الى قائلة: أنظر الى رقص هذه الفتاة الصغيرة.
في لوحة "السيجة" تدهشني هذه الانحناءات فى جسد الإنسان، تتداخل الخطوط البيضاء وحركة الأقدام الحافية، تبدو كرقصة بدائية في معبد مقدس. وجوه نسائية صامتة، ربما هن أرواح المكان، ونباتات بسيطة تجلس في وحدة الظل على نوافذ رُسمت بألوان ترابية دافئة. لون الطين يظهر بوضوح، ثمة سكون عميق يلف اللوحة، دعوة للتأمل في ثبات وحركة الإنسان وسط تربة الوجود.
أما لوحة "الصيادين" فترسم فاطمة العراجي بها علاقة الصياد بالبحر. ترسم الأجسام العارية بفرشاة الملح. وجوه الرجال، سمراء كرمال الشاطئ، يحملون على رؤوسهم السمك في سلال من الخوص بألوان تتداخل مع لون البحر وألوان قواربهم. القوارب على الشاطئ تظهر بنفس لون الرمال. الشباك تبدو مسمرة على قوائم خشبية، بزاوية حادة، وتقف كحاجز أمام الصيادين، وفي نفس اتجاه حركتهم. ثمة إحساس غريب يلف المنظر، رحلة الصيد هي جزء من علاقة الصيادين بالبحر، فسلال السمك الممتلئة ليست دلالة على انتصارهم، إنما انتصار للبحر في إقناعهم بالبقاء .
تولد الحياة، مرة أخرى، كشكل بصري غامض في لوحة "شجرة مشرقة". إنها ليست مجرد شجرة، بل هي أصابع ضوء متصاعدة نحو السماء في اتجاهات عدة، بلا أوراق. جذورها تحجب بتكوين عجيب متشبث بالأرض، يشبه شواهد القبور، أوجسد امرأة منتحرة، ترقد في سلام. خلفها أربعة أجسام نصف دائرية، تبدو وكأنها رؤوس أجساد مدفونة، لغرباء جاءوا من سنوات طويلة وعاشوا في ظلال هذه الشجرة، وماتوا بجوار جذورها. وعين زرقاء تطفو من كائن خشبي، يبدو كحيوان خرافي يختطف الأرض، يمتص سوائل الشجرة، ويكتم أسرار المرأة المنتحرة، ويحفظ تاريخ هؤلاء الأغراب.
الخلاصة، رسمت فاطمة العرارجي لوحاتها بألوان الزمن، كانت تحاول حسم جدلية "الإنسان، المكان والزمان" ، لذلك نرى حركات الجسد في أعمالها، تتشابك مع عناصر تحمل بصمات الماضي، كما نرى ملامح الوجوه، وكأنها أرواح معلقة بين الحاضر والذكرى، تتنفس مأساة المدن وتغني بلغة القرى. الزمن عندها ليس خطًا مستقيمًا، بل طبقات متراكمة تكشف عن تأثير الحياة على الروح والمكان. ثمة حوار صامت بين الفرد ومحيطه، بحث دائم عن معنى الوجود في تقاطع هذه الثلاثية الأزلية. ولكن، ورغم مرور كل هذه السنوات، ظلت كلماتها، للآن، تتردد في أذني، وصورتها خالدة في ذاكرتي. وما دامت كل هذه المعاني لا تزال تعيش حية بداخلي، فهذا يعني أن الزمن وحده قد أجاب على سؤال فاطمة العرارجي. لا يا سيدتي، الطبيعة لا تموت!.