بعد أن أعلن الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، الأحد الماضي، استلام كييف صواريخ "جو - أرض" بعيدة المدى من طراز "سكالب" الفرنسية، ربما تتخذ أوكرانيا خطوات جديدة لتعزيز قدراتها العسكرية ومواجهة التمدد الروسي داخل المدن الأوكرانية.

وستزوّد فرنسا أوكرانيا بـ50 صاروخاً بعيد المدى من طراز "سكالب"، ومن المقرر أن يتم تعديل هذه الصواريخ لتستخدم في الطائرات ضمن المنظومة الجوية الأوكرانية خلال الأيام القادمة.

Ukraine received SCALP EG long-range missiles from France. This is an analogue of the British Storm Shadow missile, which is already successfully used by the Armed Forces of Ukraine. More weapons - closer the Victory! Glory to Ukraine! pic.twitter.com/GW6Fl6S2sZ

— Ukraine Front Lines (@EuromaidanPR) August 7, 2023 ماذا نعرف عن هذه الصواريخ؟

صواريخ "سكالب" هي صواريخ إستراتيجية تقليدية وهي نفسها صواريخ "ستورم شادو" البريطانية "كروز"، التي سبق وأن سلّمت لندن كمية منها لكييف.

وتقول وكالة أسوشييتد برس الأمريكية إن مدى هذه الصواريخ يصل إلى 250 كيلومتراً، بينما قال الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند سابقاً إن مداها يصل إلى 400 كيلومتر، ونحو 560 كيلومتراً بحسب سلاح الجو الملكي في بريطانيا.

وتنتج هذه الصواريخ شركة دفاعية أوروبية وهي إم بي دي إيه، ويتم إطلاقها من مقاتلات جوية.. في فرنسا، حيث تشكل هذه الصواريخ جزءاً من الترسانة العسكرية، تقوم مقاتلات من طراز ميراج ورافال وتورنادو بإطلاقها.

وتم تجربة هذه الصواريخ في ليبيا عام 2011 والنتائج كانت جيدة، بحسب ما نقلته وسائل إعلام فرنسية عن مسؤولين عسكريين أنذاك.

وتعمل هذه الصواريخ بحسب تكنولوجيا عسكرية تعرف بـ"أطلق وانسَ" Fire And Forget"، أي أنها تُبرمج قبل إطلاقها ولا يمكن تعديل مسارها بعد ذلك.

ويمكن لهذه الصواريخ التي يصل وزنها إلى 1.7 طن مع الرأس المتفجر، أن تطير بسرعة 800 كيلومتر في الساعة، ويبلغ سعر الصاروخ الواحد منها نحو 850 ألف يورو.

ولهذه الصواريخ أيضاً ميزة أساسية وهي قدرتها على التخفي عن أجهزة الرادارات، وفي 2018 اختبر الجيش الفرنسي نسخة معدلة منها للقوات البحرية.

وهذه الصواريخ هي الأسلحة ذات المدى الأبعد حتى الآن من بين كل الأسلحة، التي سلّمتها الدول الغربية لأوكرانيا، ويقول الجيش الفرنسي إنها بالغة الدقة. 

Ukraine has received long-range SCALP missiles from France, according to Ukraine's Presidential Office

The SCALP missile, which is an analog of a British long-range Storm Shadow missile, can hit targets within the range of up to 290 km. pic.twitter.com/eO5ynwqk0h

— Euromaidan Press (@EuromaidanPress) August 7, 2023 دعم أوكرانيا ميدانياً

وعن تأثير هذه الصواريخ، يقول المتخصص بالشؤون العسكرية بجامعة تافريسكي الأوكرانية، ألكساندروفيتش فوروجتسوف، إن "سكالب" ستدعم القوات الأوكرانية ميدانياً في ظل الضغط الحالي من كييف بسلاح المسيرات واستهداف العمق الروسي والمدن الحدودية. 

وأوضح فوروجتسوف في تصريحات عدة نقاط حول استفادة كييف من هذه المنظومة الصاروخية الفرنسية، قائلاً: "تستطيع القوات الأوكرانية بواسطتها تعطيل اللوجستيات والقيادة والسيطرة الروسية، وستعمل هذه الصواريخ على تمكين أوكرانيا عن بعد، من الدفاع عن أراضيها ضد ضم روسيا أراض جديدة، وكذلك ضرب الأهداف الروسية الأرضية الحصينة ومعاقل الذخيرة والعتاد لتعطيل الإمدادات والتقدم.

وكانت بريطانيا أعلنت في مايو (أيار) الماضي أنها ستسلم أوكرانيا أسلحة متطورة، و ردت روسيا محذرة من أن بريطانيا تخاطر في الانزلاق إلى مواجهة مباشرة معها، خصوصاً ما إذا تم استهداف الأراضي الروسية بهذه الأسلحة.

ولكن الرئيس ماكرون ألمح أن كييف تعهدت بألا تستهدف الأراضي الروسية، مضيفاً أن تسليم السلاح "يتناسق مع الرؤية الفرنسية التي تريد لأوكرانيا أن تدافع عن أراضيها".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الحرب الأوكرانية فرنسا هذه الصواریخ

إقرأ أيضاً:

تحليل رقصة صواريخ إيران التي أرهقت خورازميات ثاد

في ليلة الـ16 من يونيو/حزيران 2025، لم تكن السماء فوق تل أبيب مسرحا لمعركة تقليدية، بل خشبة رقص قاتلة. صواريخ فرط صوتية انطلقت من عمق إيران، لا تصيح ولا تزمجر، بل تنساب بسرعة تتحدى الإدراك، وتؤدي حركاتها المعقدة بين طبقات الغلاف الجوي كراقص محترف يتفادى كل يد تمتد لإيقافه. أمام هذا الأداء التقني الفائق، بدت خوارزميات "ثاد" -أكثر منظومات الدفاع الأميركية تقدما- كأنها تراقب رقصة لا تفهم خطواتها، ولا تعرف متى ولا أين ستنتهي.

إن ما يجعل تلك الصواريخ ترقص بهذا التمرّد ليس سرعتها الخارقة فحسب، بل قدرتها على كسر كل قواعد الاشتباك المعروفة. فهي لا تتبع مسارا ثابتا، ولا تكتفي بالتحليق بسرعة تفوق 5 أضعاف سرعة الصوت، بل تتحول رؤوسها الحربية إلى أجسام انزلاقية مناورة، تغيّر اتجاهها وارتفاعها كما يشاء مصمّموها، متجنبة أي نقطة اعتراض محتملة. فهذا النمط الجديد من الحركة لا يمنح منظومات مثل "ثاد" سوى ثوانٍ قليلة للتعامل مع تهديد لا يسير وفق منطق الخوارزميات، بل يراوغها كما لو كان يعرف كيف تفكّر.

رقصة الصواريخ الإيرانية التي استطاعت التغلب على خوارزميات "ثاد" لديها خصائص محددة مكنتها من أن تؤدي رقصتها الليلة باقتدار.

إعلان – الرقص في المنطقة العمياء

كان من المفترض أن يُغطي رادار "إيه إن/تي بي واي- 2" (AN/TPY-2) التابع لمنظومة "ثاد" السماء كما تغطي العين المدربة ساحة المعركة، بدقة تتجاوز الألف كيلومتر، لكن الرادار الأميركي، رغم قوته، صُمم لينظر إلى الأعلى، لا إلى الزوايا المائلة للغلاف الجوي. والصواريخ الإيرانية لم تأتِ من العلو، بل انزلقت في ارتفاعات ماكرة تتراوح بين 30-50 كيلومترا، وهي المنطقة الرمادية التي تُعرف تقنيا بـ"تحت أفق الكشف" (underflying detection horizon). وهناك، بين صمت الرادار وتأخر القرار، وجدت هذه الصواريخ مساحتها الحرة للرقص بعيدا عن أعين الخوارزميات.

شرح لمنظومة ثاد للدفاع الجوي (الجزيرة) – مناورة داخل المتاهة الخوارزمية

الرادار قد يراك، لكن هل يعرف أين ستذهب؟ هنا يبدأ الرقص الحقيقي. فالصواريخ الفرط صوتية الإيرانية لا تندفع بخط مستقيم وهو ما يفسر الرقصات التي كنا نشاهدها في سماء حيفا وتل أبيب، بل تُراوغ كأنها تدرك مسبقا كيف يفكر النظام المعادي. ففي كل ثانية، تُغير اتجاهها وارتفاعها، مما يُربك خوارزميات التتبع التي صُمّمت أصلا للتعامل مع أهداف تسلك مسارا شبه ثابت.

وتعتمد منظومة "ثاد" على خوارزميات مثل "كالمان فلتر" (Kalman Filter)، التي تحاول باستمرار تقدير موقع الهدف وسرعته عبر سلسلة من الحسابات اللحظية. ومع كل مناورة مفاجئة، تبدأ الخوارزمية بإعادة الحساب. فإذا أضيف إلى ذلك وجود احتماليات متعددة للمسار -كما في خوارزمية (Multi-Hypothesis Tracking)- يصبح النظام منشغلا بمطاردة أشباح الحركة أكثر من الهدف الحقيقي نفسه.

– اللحظة التي تنهار فيها الحسابات

السرعة هنا ليست مجرّد رقم، بل عدوّ زمني للخوارزميات. حين تنطلق الصواريخ الإيرانية بسرعة تتجاوز ماخ 13 (Mach 13) -أي أكثر من 4 كيلومترات في الثانية- تتحول نافذة اتخاذ القرار داخل منظومة "ثاد" إلى لحظات خاطفة، بالكاد تكفي للرصد، فضلا عن التحليل أو إصدار أمر اعتراض.

إعلان

خوارزميات مثل "تتبع وأنت تمسح" (Track-While-Scan)، والمخصصة لمتابعة أهداف متعددة لحظيا، تجد نفسها في سباق مع سيل من البيانات المتغيرة، حيث لا يكفي أن ترصد، بل يجب أن تتوقع، وأن تفعل ذلك أسرع من سرعة الحركة نفسها. وفي تلك الثواني القليلة، تتجمّد المنظومة في حالة أشبه بـ"شلل رقمي"، تفقد فيه القدرة على الإمساك بمسار ثابت للهدف، لأن الهدف نفسه لا يملك مسارا واحدا.

وأشار تقرير رسمي صادر عن مكتب تقييم الأداء في وزارة الدفاع الأميركية (DOT&E) في عام 2023 إلى هذا العجز بوضوح، إذ ذكر "تُشكّل الصواريخ الأسرع من الصوت تحديا للجداول الزمنية الحالية لأجهزة الاستشعار والصواريخ الاعتراضية، مما يتطلب إعادة النظر بشكل كامل في تسلسل الاشتباك" .

– الرقص بين الطبقات… حيث لا أحد يرى

تُصمم الأنظمة الدفاعية الحديثة على شكل طبقات متداخلة: طبقة عليا تعترض الصواريخ في الفضاء، مثل "إس إم-3" (SM-3)، وطبقة متوسطة مثل "ثاد"، وأخرى منخفضة مثل "باتريوت". ومن الناحية النظرية، يخلق هذا التدرج حزاما متعدد المراحل من الحماية. ولكن عند التطبيق، توجد بين هذه الطبقات فجوات تشغيلية تُعرف في العقيدة الدفاعية بـ"defense layer seams"، وهي مناطق يختلط فيها من يتولى مسؤولية الرصد، ومن يصدر أمر الاعتراض، ومن يمتلك القدرة على التنفيذ.

كما صُمّمت الصواريخ الفرط صوتية الإيرانية لتضرب بدقة داخل هذه المنطقة الرمادية. فهي لا ترتفع كثيرا لتواجه "إس إم-3″، ولا تهبط مبكرا كي تُعالج بفعالية من باتريوت، بل تبقى في النطاق الزمني والمكاني الذي يربك التوزيع الوظيفي بين الأنظمة.

وهذه الفجوات ليست مجرد مساحات خالية في السماء، بل مساحات خالية في القرار، حيث يمر الصاروخ، لا لأنه أسرع فقط، بل لأن الأنظمة تتردّد فيمن يرد أولا.

– سحابة التشويش: عندما تتجاوز الضوضاء سرعة القرار

في ساحة الحرب الحديثة، لم يعد التحدي فقط في اعتراض صاروخ واحد ذكي، بل في التمييز بين الحقيقي والوهمي ضمن عاصفة من الإشارات. هذا ما يُعرف عسكريا باسم "الإغراق الدفاعي" (Saturation Attack)، وهو تكتيك يقوم على إطلاق عدد كبير من الأهداف -صواريخ، طائرات مسيرة، شراك إلكترونية- في وقت متزامن لتجاوز طاقة المعالجة القصوى لمنظومات الدفاع الجوي.

إعلان

ووفق دراسة لمؤسسة راند (RAND) نشرت عام 2022، فإن الإغراق الدفاعي الفعال لا يكتفي بإرباك الرادار، بل يصيب مركز القرار بالشلل اللحظي، إذ تشير الدراسة إلى أنه "يمكن أن تؤدي هجمات التشبع إلى إرباك ليس فقط أجهزة استشعار الرادار، ولكن أيضا دورات صنع القرار البشرية والخوارزمية التي يجب أن تحدد التهديدات الحقيقية وتعطي الأولوية لها وتتعامل معها".

– الراقص الذي يقرر خطوته القادمة وحده

لم تعد المناورة في الجيل الجديد من الصواريخ الفرط صوتية، مجرد استجابة مُبرمجة مسبقا، بل خيار لحظي يتخذه الرأس الحربي بناء على ما "يراه" في السماء. فبعض التقارير الغربية -منها تقرير لمركز راند حول "الاستقلالية القتالية في الذخائر التفاعلية"- تُشير إلى أن دولا مثل إيران والصين بدأت بتجريب خوارزميات ذكاء اصطناعي داخل أنظمة التوجيه، لاتخاذ قرارات حركة ذاتية في الزمن الحقيقي.

وبهذا المفهوم، لا يعود الرأس الحربي مجرد مقذوف موجه، بل يتحول إلى راقص منفرد على مسرح السماء، يغيّر خطوته مع كل نبضة رادارية، لا لأنه مبرمج على الحركة، بل لأنه أصبح يفهم ما يدور حوله ويتصرّف بناء على ذلك.

عندما تكسر الرقصة التوقعات تكون النهاية

ما يجعل الصواريخ الفرط صوتية الإيرانية بهذا القدر من الخطورة، ليس امتلاكها لميزة واحدة، بل تراكب 5 طبقات من التهديد: سرعة خارقة، مناورة لحظية، مسارات منخفضة، شراك تشويشية، وخوارزميات ذكاء اصطناعي تجعل من الرأس الحربي كيانا مستقلا في اتخاذ القرار.

فكل واحدة من هذه الطبقات تُربك خوارزميات "ثاد"، لكن اجتماعها معا يجعل من كل محاولة اعتراض، أشبه بمحاولة الإمساك براقص قرر ألا يتبع الموسيقى التي تعرفها.

أمام هذا النوع من التهديد، لا يعود السؤال: "هل يستطيع النظام اعتراض الصاروخ؟"، بل يصبح: "هل يفهم النظام أساسا ما يراه؟".

الخطر الحقيقي لم يعد في الصاروخ، بل في اللحظة التي تصبح فيها الخوارزمية نفسها، هي الطرف الأبطأ في المعركة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • روسيا تعيد 1245 جثة إلى أوكرانيا وتكمل عملية أرجاع 6057 جثة
  • السفير الروسي في مصر: الغرب يستخدم أوكرانيا لضرب روسيا و”المنطقة العازلة” تحمي أمننا القومي
  • تعرف على أهم الصواريخ الباليستية التي تملكها إيران (إنفوغراف)
  • تحليل رقصة صواريخ إيران التي أرهقت خورازميات ثاد
  • الكشف عن عدد الصواريخ والمسيرات التي أتجهت إلى الداخل المحتل
  • روسيا تسلم أوكرانيا جثث 1200 من قتلى الحرب
  • ضمن اتفاق سابق بين البلدين.. أوكرانيا تتسلم 1200 جثة من روسيا
  • باسم سليماني.. إيران تكشف طبيعة الصواريخ الأخيرة التي استهدفت بها إسرائيل
  • ما هي الصواريخ الفرط صوتية التي استخدمتها إيران ضد إسرائيل ومداها وسرعتها؟
  • زيلينسكي: أوكرانيا أوقفت تقدم القوات الروسية في منطقة سومي