هناك حراك سياسي يجري من حولنا عنوانه الرئيسي الوصول إلى حكومة جديدة واحدة، المخرج لا يزال يبحث عن كيفية تحقيق هذا الهدف، سواء عبر المجلسين أو من خلال حوار سياسي خاطف، الهدف هو تشكيل هذه الحكومة قبل نهاية شهر سبتمبر المقبل.
الفساد
قبل الحديث عن حكومة الوحدة الوطنية وما لها وما عليها، دعوني أستبعد موضوعًا عن النقاش؛ وهو الفساد.
أفضل الحكومات
حكومة الوحدة الوطنية تعتبر من أكثر الحكومات إنجازًا مقارنة بباقي الحكومات التي تعاقبت على البلاد، على الأقل منذ ثورة فبراير. فهي تعي جيدا علاقة الليبيين بالإنجاز ولديها معادلة “قديمة” للنجاح، استطاعت من خلالها تحقيق نتائج ملموسة، خصوصًا في المدن التي تحت سلطتها. يعود نجاح هذه الحكومة إلى كونها نابعة من داخل دولاب الدولة، ورئيسها وكبير مستشاريه على دراية بالإدارة الوسطى وكيفية تجاوز البيروقراطية الإدارية. لا شك أن العلاقة الجيدة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة وباقي الأجهزة في الفترة الأولى أسهمت في تحقيق هذا النجاح، رغم أن معدل النجاح قد تراجع بسبب الخلافات الحالية والتحديات التي واجهتها خلال فترة ولايتها.
هذه الحكومة ارتكبت ثلاثة إخفاقات جوهرية. أولاً، لم تنجح في التوصل إلى مقاربة مع حفتر لضمان استمرار سلطتها على كامل التراب الليبي، سواء بالوسائل الناعمة أو الخشنة، مما أسهم في ميلاد الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب. ثانيًا، فشلت في كسب ود ودعم مصر، حيث كان من الواضح منذ البداية أن القاهرة لن ترضى بنتيجة فوز قائمة المنفي-الدبيبة، كما ذكرت لي مسؤولة أممية كبيرة في جنيف. كان مسار تشكيل الحكومة حينها يواجه صعوبات وعراقيل بسبب ملابسات ما أثير حول كيفية نجاح القائمة، لكن هذه الصعوبات تم تجاوزها ومنحت الحكومة فرصة للاستمرار. ثالثًا، لم تحاول الحكومة التواصل مع الفرقاء السياسيين الذين صوتوا ضدها، بل عملت على استبعادهم وإهمالهم.
عقب انتهاء الحوار السياسي في جنيف، تحدثت إلى شخصية مقربة جدًا من رئيس حكومة الوحدة الوطنية المرشح وأحد أعضاء فريق الحوار في جنيف. أخبرتها أنني لم أصوت لقائمتهم، ولكنني حريص على نجاح رئيس الحكومة في مهمته. أشرت إلى أن الحمل كبير وعليهم الاستعانة ببيوت خبرة لضمان النجاح، خاصة أن المدى الزمني المخصص للحكومة قصير جدًا.
نصحت أيضًا ابن هذه الشخصية، الذي كان حاضراً كمرافق مع والده، بأن هذا الفريق السياسي الذي صوت ضدهم هو فاعل سياسي وليس بنكرة، ونظراً لأنهم ساسة، فإنهم إما سيكونون في المعارضة أو في السلطة، وقد سبق لهم أن أسقطوا حكومات قبلكم. كانت تلك النصائح صادقة منذ البداية، واستمررت في تقديمها حتى وقت قريب. كما أيدت رئيس حكومة الوحدة الوطنية المرشح في انتخابات 24 ديسمبر 2021 التي أُلغيت، بالنظر إلى أن الخيارات كانت إما العودة إلى حكم العسكر أو إلى النظام السابق وحكم الفرد.
البقاء لله وحده
حان موعد الرحيل؛ هذا ليس كلامي ولا يعكس رغبتي، ولا نتيجة تحليل لواقع سياسي، بل هو “معلومة” وصلتني تفيد بأنه يجب على حفتر أن يأخذ خطوة إلى الوراء ويتقدم أبناؤه، وعلى الحكومتين الاستعداد للرحيل. وسيتم استبدالهما بحكومة تُختار وفقًا لما ذكِر آنفا في المقدمة.
إذا أجريت الانتخابات في فترة لا تتجاوز السنتين، فسيكون من الصعب منافسة إنجازات حكومة الوحدة الوطنية التي حققتها خلال فترة ولايتها. ومع ذلك، لا أعتقد أن الانتخابات ستُجرى قبل مرور خمس سنوات، نظرًا للأجندة الجيوسياسية والأهداف الإستراتيجية للحراك الأمريكي، إضافة إلى التحديات المستمرة التي تواجه العملية السياسية، والتي قد تؤدي إلى تأخير موعد الانتخابات.
إذا كان تقديري صحيحًا بأن الانتخابات ستتأخر لهذه المدة، فإنني لا أخفي رغبتي في ضرورة وأهمية وجود حوار وطني جاد ينبثق عنه ميثاق وطني يجيب عن سؤال كيف سيعيش الليبيون معًا فوق الأرض المسماة ليبيا. ينبغي أن يتضمن هذا الميثاق أيضًا خارطة جادة للمصالحة الوطنية والعدالة التصالحية، التي تكشف الحقيقة وتنصف الضحايا على مدى السنوات الـ75 الماضية. بعد ذلك، يجب تعديل مشروع الدستور ليتوافق مع هذا الميثاق، ومن ثم يُجرى الاستفتاء على مشروع الدستور المعدل. في النهاية، تُجرى الانتخابات وفقًا للدستور الجديد لضمان تحقيق الاستقرار والسلام الاجتماعي.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: حکومة الوحدة الوطنیة
إقرأ أيضاً:
رئيس البرلمان العربي: الحراك الدولي الحالي يؤكد للعالم أجمع عدالة القضية الفلسطينية
أكد محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي أن الحراك الدولي الحالي الذي تجسده مداولات مؤتمر الأمم المتحدة بنيويورك لتنفيذ حل الدولتين وإعلان عدد من الدول الأوروبية اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومواقفها الرافضة للجرائم التي يقوم بها كيان الاحتلال الغاشم ضد الشعب الفلسطيني وضرورة وضع حد نهائي لها، يؤكد للعالم مجددًا عدالة القضية الفلسطينية، ويثبت محوريتها في تحقيق الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والعالمي.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي جمع بين رئيس البرلمان العربي وروحي فتوح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في مدينة جنيف بسويسرا، وذلك على هامش مشاركتهما في المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات، الذي ينظمه الاتحاد البرلماني الدولي بمقر الأمم المتحدة في جنيف.
وخلال اللقاء، قدم "اليماحي" نبذة مختصرة عن الجهود التي يقوم بها البرلمان العربي دفاعًا عن القضية الفلسطينية ونصرةً للشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي التي يرتكبها كيان الاحتلال بحقه، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية ستظل في صدارة أولويات واهتمامات البرلمان العربي، وستكون هي القضية المحورية التي سيناقشها خلال لقاءاته مع عدد من رؤساء البرلمانات والمنظمات على هامش المشاركة في هذا المؤتمر، وكذلك في كلمته الرئيسية التي سيلقيها أمام الجلسة العامة للمؤتمر، مؤكدًا استمرار البرلمان العربي في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة.
من جانبه، أكد روحي فتوح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني أن البرلمان العربي داعم منذ نشأته للقضية الفلسطينية، مضيفًا أن هذا الدعم شهد قفزة نوعية كبيرة في ظل الرئاسة الحالية للبرلمان العربي، الذي يدافع بقوة عن كافة القضايا العربية وليس القضية الفلسطينية فقط.
وقال "فتوح" إن مصر والأردن وكافة الدول العربية لم تدخر جهدًا من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني في محنته، مجددًا رفضه وإدانته للمحاولات المغرضة التي تهدف إلى تحميل دولًا عربية مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، على الرغم أنها من أكثر الدول التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني ودافعت عن قضيته العادلة، مشددًا في هذا السياق على أن الموقف الحاسم لمصر والأردن والدول العربية بشكل عام، في رفض تهجير الشعب الفلسطيني هو الذي حال دون تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي كما كان يخطط الاحتلال.
واستعرض "فتوح" الأوضاع المأساوية في قطاع غزة والتي بلغت مستوى غير مسبوق لم تشهده القضية الفلسطينية منذ عام 1948، موضحًا أن الوضع في الضفة الغربية لا يقل سوءا بسبب جرائم الاحتلال في تدمير البنية التحتية والاستيطان ووضع الحواجز التي تفاقم من معاناة الفلسطينيين بشكل يومي.
وأضاف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني أنه يعول على دور الدبلوماسية البرلمانية في الضغط من أجل وضع حد لجرائم الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية، وإنهاء الحصار الذي يفرضه كيان الاحتلال والإفراج عن أموال الشعب الفلسطيني التي يصادرها والتي يحتاج إليها الشعب الفلسطيني الآن أكثر من أي وقت مضى.
حضر اللقاء من البرلمان العربي النائب عبد الحكيم معلم أحمد نائب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان العربي، والنائبة الدكتورة حنان السماري عضو البرلمان العربي، والنائب ماهر الكتاري عضو البرلمان العربي. ومن الأمانة العامة الدكتور أشرف عبد العزيز المستشار السياسي لرئيس البرلمان العربي، ومدير إدارة العلاقات الخارجية.
رئيس البرلمان العربي يلتقي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في جنيف، ويؤكد:
الحراك الدولي الحالي يؤكد للعالم أجمع عدالة القضية الفلسطينية ومحوريتها في تحقيق الأمن والاستقرار إقليميًا وعالميًا
والرئيس روحي فتوح:
- دعم البرلمان العربي للقضية الفلسطينية في ظل الرئاسة الحالية شهد قفزة… pic.twitter.com/widwGpnV85