ثقافة الخوف وإقرار بالخطأ.. حقوقيون يتحدثون عن العدالة في قطر بعد تقرير أممي
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
عاد الحديث عن قضية المدير الإعلامي لمونديال 2022، عبدالله إبحيص، إلى دائرة الضوء مؤخرا، بعد أن خلُصت لجنة تابعة لـ"الأمم المتحدة" إلى أنّ قطر تحتجزه بشكل تعسفي منذ قرابة 3 سنوات، مما دعا 3 مؤسسات حقوقية دولية، الأربعاء، إلى المطالبة بالإفراج الفوري عنه، قبل نهاية مدة سجنه المقررة في أكتوبر المقبل.
وتعود القصة إلى أغسطس 2019، حين نظمت مجموعة كبيرة من العمال المهاجرين المقيمين في معسكر العمال بالشحانية إضرابا احتجاجا على عدم حصولهم على أجورهم، وقتها قدّم إبحيص إلى زملائه في اللجنة العليا أدلّة على أنّ بعض هؤلاء العمال شاركوا في بناء ملاعب لكأس العالم 2022، ونصحهم بالاعتراف علنا بمساهمة العمّال والتركيز على معالجة الوضع.
وقال إبحيص لأحد زملائه الكبار في إحدى الرسائل إن الكذب ليس أسلوبا قطريّا وينبغي ألا يكون كذلك. لكن بعد أسابيع، في نوفمبر 2019، قدّم منظمو كأس العالم في قطر تقريرا إلى الشرطة زعموا فيه أنّ إبحيص متورّط في رشوة بقصد الإضرار بأمن الدولة.
View this post on InstagramA post shared by قناة الحرة | Alhurra (@alhurranews)
تعتبر الناشطة الحقوقية الأردنية، مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبد العزيز، في حديثها مع موقع "الحرة" أن "المشكلة أنه تم إدانته ليس بسبب التبليغ عن الانتهاكات ولكن في تهمة رشوة، وهذا شيء شائع جدا، إذ كثيرا ما نصادف استخدام القانون من أجل قمع حرية التعبير ومن أجل معاقبة من يتحدى السلطات، وبهذه الطريقة تؤسس الدولة لثقافة الخوف والرقابة الذاتية".
طلب إبحيص دعما من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" من خلال منصّتها للتبليغ عن المخالفات في سبتمبر 2021. وفي نوفمبر 2021، صرّح الفيفا أنّ "كلّ شخص يستحق محاكمة عادلة"، وقال إنه "سيستمر في متابعة الأمر عن كثب"، لكنه لم يلتزم بمساندة إبحيص بأكثر من ذلك، بحسب منظمات حقوقية.
وتولّى "فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي" القضيّة بعد أن تقدّمت عائلت إبحيص بطلب في ديسمبر 2022 زعمت فيه أنّ إبحيص مسجون تعسفيا، على أساس محاكمة جائرة بشكل واضح.
وفي قرار رسميّ أعلن عنه في وقت سابق من يوليو 2024، نشر الفريق العامل التابع للأمم المتحدة رأيا من 13 صفحة بشأن القضيّة، خلُص فيه إلى غياب أي سند قانوني لاحتجازه، وإلى أنّ حرمانه من حريته كان نتيجة لممارسته حقوقه.
كما خلص الفريق إلى وجود انتهاكات متعددة لحقه في محاكمة عادلة، منها رفض التحقيق في ادعاءاته أنه اعترف تحت الإكراه، وحرمانه من المساعدة القانونيّة ومن حق الاطلاع على الأدلّة.
مُنحت الحكومة القطريّة شهرين للردّ على الفريق العامل والطعن في مزاعمه الخطيرة، لكنها لم تردّ. ودعا الفريق العامل الحكومة القطريّة إلى "الإفراج عن السيد إبحيص وتمكينه من حق قابل للتنفيذ في التعويض وغيره من أشكال الجبر، وفقا للقانون الدولي".
وتشدد عبد العزيز في حديثها مع موقع "الحرة" على أن عدم الرد السلطات القطرية "يعتبر قانونا إقرارا بما ورد في التقرير بما أنها لم تطعن عليه"، مضيفة أنه "طالما صار هناك تحقيق مستقل من مؤسسة أممية بات من غير المقبول أنهم يستمروا باحتجاز هذا الشاب، وليس من مصلحة قطر اليوم أن تتجاهل التحقيق الأممي".
والأربعاء، قالت منظمات "فير سكوير" و"العفو الدوليّة" و"هيومن رايتس ووتش" إنّ على السلطات القطريّة أن تفرج فورا عن إبحيص.
ونشرت "فير سكوير" رسالة من عائلة إبحيص، اتهمت فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم بـ "اللامبالاة القاسية" لتجاهله القضية.
وقال نيك ماكغهين، المدير في المنظمة، التي تابعت القضيّة من البداية: "تخلّى الفيفا عن إبحيص قبل شهر من كأس العالم في قطر، رغم الأدلّة الواضحة على أنه يخضع لمحاكمة جائرة بعد ملاحقة حرّض عليها شركاء الفيفا القطريون. هذا القرار القويّ يجب أن يدفعهم إلى التحرّك والدعوة علنا إلى إطلاق سراحه والسماح له بالعودة إلى عائلته اليافعة".
ومن المقرّر إطلاق سراح إبحيص، وهو أب لصبيَّيْن، في أكتوبر 2024، لكن بما أنّ المحكمة فرضت عليه غرامة بالإضافة إلى السَّجن، فيُمكن تمديد العقوبة إلى أبريل 2025 إذا لم يتمكن من الدفع.
وقالت عبد العزيز: "طالما أن الموضوع ضمن تحقيق مستقل من جهة فنية صاحبة اختصاص، وهي الأمم المتحدة، وجدت أنه لم تتوفر ضمانات المحاكمة العادلة، فهذا مؤشر سلبي يلقي بظلاله على كل عدالة النظام القضائي في قطر".
وصرّحت هيومن رايتس ووتش أنّ الإدعاء لم يقدّم أيّ أدلة ذات مصداقيّة على ارتكابه أيّ جريمة. بينما أكّدت محكمة الاستئناف أنّ الدليل الوحيد الذي استندت إليه هو اعترافه، الذي تراجع عنه في المحكمة، قائلا إنّه انتُزع منه تحت التهديد والإكراه.
ووصفت منظمة العفو الدولية المحاكمة بالجائرة، ودعت إلى التحقيق بشكل مستقلّ في المزاعم المتعلقة بتعرّض إبحيص للتهديد، والإكراه على الإدلاء باعترافات تدينه.
أكّد الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي ما قاله الكثيرون، وهو أنه يجب على قطر إطلاق سراح عبد الله إبحيص وإلغاء إدانته التي صدرت بعد محاكمة غير عادلة.
تطالب @Amnesty و@fairsqprojects و@HRW #قطر بإطلاق سراح عبد الله إبحيص فورًا https://t.co/tBn2jioBFU pic.twitter.com/7DUjRyT6nk
وقالت آية مجذوب، نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدوليّة: "أكّد الفريق العامل التابع للأمم المتحدة بشكل قاطع ما دأب الكثيرون منا على قوله منذ سنوات، وهو أنّ السلطات القطريّة تأخرت كثيرا في الإفراج عن عبد الله إبحيص وإسقاط إدانته وضمان حقه في الحصول على الإنصاف الفعال الذي يشمل التعويض المناسب. كل ما يتعلّق بهذه المحنة، من غياب الإجراءات القانونيّة الواجبة والحرمان من الزيارات العائليّة إلى استخدام الاعتراف القسري، يُمثل استهزاءً بالعدالة، ويجب إنهاؤه فورا".
وأكدت عبد العزيز أنه "يجب على قطر أن تأخذ تقرير اللجنة الأممية على محمل الجد وتخلي سبيله دون أي تأخير وتعترف بأنها أوقفته بطريقة غير مشروعة، وبالتالي يستحق تعويضا عن فترة اعتقاله".
ويتمتّع فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بصلاحية التحقيق في حالات الحرمان من الحريّة المفروضة تعسفا أو بشكل لا يتوافق مع المعايير الدوليّة المنصوص عليها في "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" أو الآليات القانونيّة الدوليّة التي قبلتها الدول المعنيّة. يتكوّن الفريق العامل من 5 خبراء مستقلين يعكسون تمثيلا جغرافيا متوازنا، يحققون في الحالات الفرديّة ويُعدّون تقارير وآراء في إطار ولايتهم.
وقالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات العالميّة في هيومن رايتس ووتش: "ثمة دلالة كبيرة لعدم استجابة السلطات القطريّة لقرار الفريق العامل الأممي بشأن انتهاكات حقوق المحاكمة العادلة التي طالت عبد الله إبحيص. واجه إبحيص الانتقام لمجرّد التعبير عن مخاوف من انتهاكات واسعة وموثّقة جيدا بحق العمال المهاجرين، مثل تأخير صرف الأجور. على السلطات القطريّة إطلاق سراحه فورا وتعويضه عن الاضطهاد الجائر الذي تعرّض له".
وتطالب عبد العزيز الدول العربية بالبدء في الاهتمام بحماية المبلغين عن أي شبهات للانتهاكات، خاصة من من المؤسسات العامة، مشيرة إلى أن "هذه هي الطريقة الوحيدة حتى ترتقي الدول العربية"، موضحة أن "من يبلغ عن الانتهاكات هو في النهاية يحمي المنظومة التي تعزز الحريات والتنمية والرقي وتطور البلاد".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأمم المتحدة العفو الدولی عبد العزیز الدولی ة فی قطر
إقرأ أيضاً:
رزقك وأجلك بيد الله فلم الخوف؟ علي جمعة يجيب
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الأرزاق والآجال لا تتغير، وقد جعل الله ذلك حتى لا تخشى الناس؛ فرزقك يصلك على ما قدّره الله لك، فأجمِلوا في الطلب.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن أجلك لا يتقدّم ساعةً ولا يتأخّر، لا أدنى من ذلك ولا أكثر، وعلى ذلك: فممّن تخاف؟ الرب واحد، والعمر واحد.
وأشار إلى أن هذه الحقيقة يراها الإنسان دون أن ينتبه؛ يرى الموت يصيب الجميع: من ذكر وأنثى، من صغير وكبير، من طفل وشاب وشيخ.
فيموت المريض ويبقى الطبيب، ويموت الطبيب ويبقى المريض، وتموت العائلة كلها في حادثة واحدة، وتموت الزوجة ويبقى الزوج، ويموت الزوج وتبقى الزوجة.
والآجال مضبوطة، لا تتقدّم ولا تتأخّر، مشهد مرئي مكرّر في كل الأرض، مع جميع الأجناس، لا يختلف ولا يتخلّف.
ينبّهنا الله عز وجل إلى هذه الحقيقة لكي نبني عليها عملاً؛ هذا العمل هو أن تكون الدنيا في أيدينا، لا في قلوبنا. هو ألا نخشى إلا الله، ولا نطلب إلا من الله، وأن نُخلِص النيّة له، ونتوجّه إليه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
وقال ربنا عز وجل قال فى كتابه الكريم {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} فالرزق بيد الله بسطه لبعض الخلق وقدره على بعضهم، والله سبحانه وتعالى يبسط الرزق ويقدر بحكمة ؛لأن المال عند بعضهم إذا فقده فسد، وعند بعضهم إذا أُعطاه فسد، فتراه يبسط الرزق حتى يعالج هذا، ويُضيق الرزق حتى يعالج هذا.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن المال اختبار وامتحان، والدنيا اختبارٌ وامتحان، ولذلك فإن الله يستعمل المال للاختبار والامتحان فيبسط لهذا ليرى ما إذا نفَّذ ما أمره الله فيه فأعان به المحتاج، وأخرج الزكاة للفقير، وأصلح الدنيا وعمرها بذلك المال، أو أنه سيفعل عكس ذلك من إفسادٍ وفساد، ويُضيق على هذا للاختبار من أجل أن يرى هل يصبر ويؤدي واجب الفقر من حسن الصبر {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} والصبر الجميل الذي لا يكون معه شكوى، ولا يكون معه تبرم، ولا يكون معه إفساد، ولا يكون معه انحراف، ونجد من يسرق ويرتشي ويبرر هذا بإنه يجب أن يفعب هذا لأنه لا يجد ، وعندما نبحث عن أنه لا يجد نجده أنه لا يحتاج لذلك ولكنه تعود على الرشوة والسرقة والمعصية فلا يستطيع أن يخرج من غناه الموهوم.
إذن ربنا سبحانه وتعالى كريم {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} من أجل الحكمة، ومن أجل الامتحان، وهذا يجعلنا نعلم حقيقة مهمة في حياة الإنسان أن "الرزق كالأجل بيد الله" وما دام الرزق والأجل بيد الله فلا تخاف من أحد، ما دام الرزق والأجل بيد الله لا تُذل نفسك لأحد، ما دام الرزق والأجل بيد الله توكل حق التوكل على الله، ما دام الرزق والأجل بيد الله فسلم وأرضى واتركها على الله.
فانظر إلى حقيقة {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} حقيقة عجيبة غريبة تُخرج الإنسان من ذله، وترفع رأسه، ويستقيم بذلك فكره، وتحسن بذلك معاملته مع ربه، ويأتي في هذا النطاق وعلى هذه الحقائق «وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ».