عربي21:
2025-05-15@18:47:22 GMT

خطاب نتنياهو ومنظومات الاستكبار والتفاهة

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

لم يكن أكثر إثارة للقرف من خطاب نتنياهو إلا سلوك الكونجرس الأمريكي الذي كان مزيجاً من الاستكبار والجهل والتفاهة. هذا المجلس الذي صفق لنتنياهو 80 مرة منها 58 مرة وقوفاً خلال 53 دقيقة ألقى فيها كلمته، بمعدل تصفيق واحد كل 40 ثانية، أعطى نموذجاً في الابتذال عندما تعلق بالموقف من "إسرائيل" ومن قضية فلسطين.

هذا المجلس التشريعي والرقابي للدولة "الأولى" و"الأقوى" في العالم، والذي يقوم بأدوار فعالة وعالية الكفاءة، مع القدرة الهائلة للوصول للمعلومات الدقيقة، يتقزّم في نموذج "أبي جهل" عندما يتعلق الأمر بفلسطين، ويعمى ويتجاهل أبسط الحقائق والمعلومات والبديهيات، تحت سحر وطغيان ونفوذ اللوبي الصهيوني، وتحت تأثير العوامل الدينية والثقافية، والمصالح الاستراتيجية لأمريكا.

صفقوا له كثيراً عندما ادعى أن الصراع "ليس صراع حضارات بل بين البربرية والتحضُّر"، و"بين من يُعظّمون الموت وبين أولئك الذين يقدسون الحياة"؛ وصفقوا لأكاذيبه وافتراءاته حول التعامل "الإنساني" مع المدنيين، بينما حقائق الواقع والأدلة الحاسمة التي تدعمها تقارير مؤسسات عالمية موثوقة، أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الجانب الممثل للتوحش والدموية بأسوأ مظاهرها هو الجانب الإسرائيلي، وهو نفسه الجانب الذي تنعدم فيه القيم الإنسانية والسلوك الحضاري، ويحتقر حياة الآخرين وإنسانيتهم. لم يكن هؤلاء الذين احمرت أيديهم من التصفيق بحاجة لجهد كبير لمعرفة أن الجانب الإسرائيلي معززاً بالأسلحة ووسائل الدمار الأمريكية قتل أكثر من 39 ألف مدني بينهم نحو 16,500 طفل، ونحو 11 ألف امرأة، وجرح أكثر من 90 ألفاً، ودمّر أكثر من 360 ألف وحدة سكنية، ودمر الجامعات، ومعظم المدارس والمستشفيات والبنى التحتية؛ واستخدم التجويع والتهجير كأداة لتحقيق أهدافه ضد شعب تحت الاحتلال.

لم يسألوا أنفسهم لماذا يفشل "أقوى جيش في الشرق الأوسط" بالتحالف مع أقوى قوة عسكرية في العالم، في هزيمة حماس والمقاومة بالإمكانات البسيطة التي لديها بعد أكثر من 290 يوماً على الحرب على غزة؛ ولم يبالوا باعترافات قادة عسكريين وأمنيين وسياسيين واستراتيجيين إسرائيليين باستحالة هزيمة حماس، وبضرورة إنهاء الحرب.لم يكلف أولئك المصفقون أنفسهم أن ينتبهوا إلى أن حليفتهم "المتحضرة" تضع شعباً تحت الاحتلال وتغتصب أرضه ومقدساته، وتحرمه أبسط حقوقه الإنسانية في الحرية والعدالة والكرامة وتقرير المصير. لقد صفقوا بعنجهية للاحتلال، وللإبادة الجماعية، ولانتهاك أبسط الحقوق الإنسانية.

صفقوا له كثيراً، وهو يحاول أن يغطي الصورة العنصرية القبيحة للكيان، وعملية "التهويد" المنهجي التي يقوم بها، من خلال تقديم نموذج المجند العميل "المسلم" أشرف بحيري، ليدّعي أن جيشه ذا طبيعة يهودية درزية إسلامية مسيحية...، متجاهلاً الدور الشكلي والديكوري والوظيفي لأولئك المنتمين لجيشه من الطوائف والأديان الأخرى.

كما صفقوا له كثيراً، وهو يبتزهم عاطفياً بحكاية الأسرى أو الرهائن اليهود، دون أن يسمح بأي شكل من أشكال المقارنة المنطقية مع آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال وتحت أقسى الظروف.

تحدث نتنياهو عن "الانتصار الكامل" على حماس والمقاومة، واستمتع بتصفيق كبير، لا يحلم به في الكيان الإسرائيلي نفسه؛ وشاركوه حالة الهروب من الواقع وحالة "الإنكار" التي يعيشها. ولم يسألوا أنفسهم لماذا  يفشل "أقوى جيش في الشرق الأوسط" بالتحالف مع أقوى قوة عسكرية في العالم، في هزيمة حماس والمقاومة بالإمكانات البسيطة التي لديها بعد أكثر من 290 يوماً على الحرب على غزة؛ ولم يبالوا باعترافات قادة عسكريين وأمنيين وسياسيين واستراتيجيين إسرائيليين باستحالة هزيمة حماس، وبضرورة إنهاء الحرب. ولم يلحظوا أنّ هذا الكذاب ساقط في استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، وأن مستقبله السياسي سينتهي مع انتهاء الحرب.

وكان من الصور الأكثر بؤساً، التي صفقوا لها كثيراً، حديثه عن مستقبل قطاع غزة واليوم التالي للحرب، والتي دعا فيها لنزع سلاح المقاومة، وإقامة إدارة مدنية يرضى عنها الكيان، وجعلوا للمستعمر المحتل حق التحكم في حياة ومصير شعب تحت الاحتلال. ولم يقف هؤلاء المصفقون ولو للحظات أمام السمة الأكبر التي يتبجحون بها في أمريكا وهي "الحرية"، ليحاولوا تطبيقها على الحالة الفلسطينية.

لقد حاول نتنياهو أن يقدم الكيان الإسرائيلي كحليف موثوق لأمريكا، وكعنصر استقرار في المنطقة، ولكن معركة طوفان الأقصى أسقطت قيمته الاستراتيجية، ومبرر دوره الوظيفي، وفكر شرطي المنطقة، وجعلته يحاول استعادة الصورة أو بعض الصورة التي فقدها من خلال المذابح والمجازر والدمار، فأسهم ذلك في تدمير صورته العالمية وفي عزلته الدولية.كما صفقوا لاحتقار المؤسسات الدولية كمحكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية، وقرارات الأمم المتحدة...

لا عجب فهذا المجلس تماهى مع نتنياهو ومع العنجهية الإسرائيلية، حيث تعرض عليه قرارات وقوانين، بإدانة طلب محكمة الجنايات الدولية باعتقال نتنياهو، ومعارضة أي ضغوط تمارس ضدّ "إسرائيل" فيما يتعلق بغزة، وبدعم "إسرائيل" في مفاوضاتها مع حماس، وبإدانة الأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بعمل تدابير مؤقتة ضدّ "إسرائيل"، وباعتبار استخدام شعار "من النهر إلى البحر فلسطين ستكون حرة" معادياً للسامية... وغيرها.

لم يكن غريباً أن تغيب مرشحة الرئاسة الأمريكية عن الحزب الديموقراطي كمالا هاريس وأكثر من 80 من الأعضاء الديموقراطيين عن كلمة نتنياهو. ولم يكن غريباً أن تصف نانسي بيلوسي الرئيسة السابقة للكونجرس نفسه كلمة نتنياهو بأنها أسوأ عرض قدمته شخصية أجنبية أمام الكونجرس؛ وكذلك وصف بيرني ساندرز نتنياهو بأنه ليس فقط مجرم حرب وإنما كاذب أيضاً.

لقد حاول نتنياهو أن يقدم الكيان الإسرائيلي كحليف موثوق لأمريكا، وكعنصر استقرار في المنطقة، ولكن معركة طوفان الأقصى أسقطت قيمته الاستراتيجية، ومبرر دوره الوظيفي، وفكر شرطي المنطقة، وجعلته يحاول استعادة الصورة أو بعض الصورة التي فقدها من خلال المذابح والمجازر والدمار، فأسهم ذلك في تدمير صورته العالمية وفي عزلته الدولية.

وأخيراً، لن تنفع نتنياهو تصفيقات الكونجرس، وسيعود ليلقى استحقاقه المنتظر في مزبلة التاريخ.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه خطاب نتنياهو الرأي امريكا نتنياهو رأي كونغرس خطاب مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هزیمة حماس أکثر من لم یکن

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يُهاجم ماكرون ويتهمه بالانحياز إلى حركة حماس

اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"الانحياز مجددًا إلى حركة حماس"، وذلك بعد تصريحات أدلى بها ماكرون وانتقد فيها القيود التي تفرضها إسرائيل على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. اعلان

وقال نتنياهو في منشور عبر منصة "إكس": "بدلًا من دعم المعسكر الديمقراطي الغربي الذي يحارب المنظمات الإرهابية الإسلامية ويدعو إلى إطلاق سراح الرهائن، يطالب ماكرون مرة أخرى إسرائيل بالاستسلام ومكافأة الإرهاب".

وأضاف: "إسرائيل لن تتوقف ولن تستسلم، والحكومة عازمة على تحقيق جميع أهداف الحرب: إطلاق سراح جميع رهائننا، وهزيمة حماس عسكريًا وحكوميًا، وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا لإسرائيل بعد الآن".

وجاءت تصريحات نتنياهو ردًا على مقابلة تلفزيونية للرئيس الفرنسي استغرقت ثلاث ساعات، بثّتها قناة TF1 مساء الثلاثاء، دعا خلالها ماكرون دول أوروبا إلى التوجه نحو فرض عقوبات على إسرائيل، على خلفية تدهور الوضع الإنساني في غزة، حيث يُعتقد أن مئات الآلاف يواجهون المجاعة.

وقال ماكرون في المقابلة: "ما تفعله حكومة بنيامين نتنياهو أمر غير مقبول. لا مياه ولا أدوية، الجرحى عاجزون عن المغادرة، والأطباء لا يستطيعون الدخول. ما يجري مخزٍ".

وأضاف الرئيس الفرنسي: "نحن بحاجة إلى الولايات المتحدة. ترامب هو من يملك زمام الأمور. تبادلتُ كلمات قاسية مع نتنياهو، وكنت غاضبًا، لكن إسرائيل لا تعتمد علينا، بل تعتمد على السلاح الأمريكي".

فلسطينيون يشيّعون أقاربهم الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية على جباليا شمال قطاع غزة، الأربعاء 14 مايو 2025.Jehad Alshrafi/APغزة تختنق تحت الحصار

كانت إسرائيل قد استأنفت عملياتها العسكرية الواسعة في أنحاء قطاع غزة في 18 آذار/ مارس، ثمّ فرضت حصارًا خانقًا على غزة، يمنع إدخال المواد الغذائية والوقود والأدوية، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة، بحسب الأمم المتحدة، والتي تؤكد أن أكثر من 90% من سكان القطاع، البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.

وقد أُجبرت عشرات المطابخ الخيرية على الإغلاق بعد نفاد الإمدادات، في وقت ترتفع فيه معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال، ما دفع إلى توجيه اتهامات مباشرة لإسرائيل باستخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين، في إطار ممارسات ممنهجة، ووسط معاناة متواصلة للفلسطينيين منذ أكثر من 19 شهرًا.

Relatedنتنياهو عن تهجير سكان غزة: 50% من سكان القطاع سيغادرون والعقبة الوحيدة عدم وجود دول تستقبلهمحلم ضرب منشآت إيران النووية يراود إسرائيل.. التوتر يتصاعد بين ترامب ونتنياهوحماس تسلّم الجندي عيدان ألكسندر للصليب الأحمر ونتنياهو يرسل وفد التفاوض إلى الدوحة غدا

وقد حذرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة مرارًا من كارثة إنسانية تلوح في الأفق في غزة، مع عودة المجاعة إلى الواجهة في المناطق المنكوبة بفعل الحرب.

وقد أسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عن مقتل 52,928 شخصًا وإصابة 119,846 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة صادرة عن وزارة الصحة في القطاع.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • حماس: نتنياهو يريد حربا بلا نهاية ولا يكترث لمصير أسراه
  • نتنياهو يجري مشاورات أمنية وحماس تتهمه بالسعي إلى حرب بلا نهاية
  • حماس : نتنياهو يريد حرباً بلا نهاية ولا يكترث لمصير أسراه
  • نتنياهو يُهاجم ماكرون ويتهمه بالانحياز إلى حركة حماس
  • اعترافات من داخل الجيش الإسرائيلي: غزة على شفا مجاعة
  • نتنياهو يهاجم رئيس فرنسا لانتقاده الخزي الإسرائيلي
  • حماس: قصف المنازل علي رؤوس ساكنيها لن يجلب لمجرم الحرب نتنياهو أيٍ نصر
  • نتنياهو: سندخل بكل قوة لاستكمال هزيمة حماس في الأيام المقبلة
  • برلمان بروكسل يطالب باعتقال نتنياهو.. وحماس تدعو بلجيكا لتمكين العدالة الدولية
  • خبير إسرائيلي: شعار النصر يخفي فشل نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب