أحضروا لها بيتزا وأحسنوا معاملتها.. أسيرة إسرائيلية تروي قصة احتجازها بغزة
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
في السابع من أكتوبر/تشرين الأول أدركت الأسيرة الإسرائيلية السابقة ليئات أتزيلي أن شيئا غير عادي يحدث في كيبوتس نير أوز، وحين رأت عناصر من المقاومة الفلسطينية يحملون أسلحتهم قالوا لها "لا تخافي، لن نؤذيك، تعالي معنا’، لتؤكد بعدها أنها تلقت معاملة حسنة طوال فترة أسرها ولم تتعرض لعنف جسدي أو معاملة قاسية.
وروت الأسيرة أتزيلي لصحيفة هآرتس عن تفاصيل أسابيع أمضتها مع محتجِزيها الذين قدموا لها الرعاية والحماية فترة أسرها، وكانت بينهم أحاديث ودية.
وتوضح الأسيرة الإسرائيلية -التي أطلق سراحها في نوفمبر/تشرين الثاني كجزء من هدنة استمرت أسبوعا- أنها حين واجهت المسلحين لم تتعرض لتهديد من قبلهم، و"أعطوني الوقت لارتداء ملابسي وأنظم نفسي حتى أنهم ساعدوني في البحث عن نظارتي".
وتضيف "وصلت إلى منزل في خان يونس يعود لأحد الخاطفين وهناك رحبت بي والدته وكنت أبكي وعانقتني وقالت سيكون كل شيء على ما يرام".
وأشارت إلى أنها كانت تبكي طوال الوقت لدرجة أن عناصر المقاومة كانوا قلقين بشأنها وتعهدوا بحمايتها وتوفير الأكل والشرب لها، وسمحوا لها بالاستحمام وغسلوا ملابسها.
وذكرت أنه لم تكن هناك حراسة في المنزل الذي تسكن فيه على الإطلاق بل كان مفتوحا أمامها بالكامل، وكانت تتجول بحرية داخله، وكانوا يسألونها على الدوام إذا كانت تحتاج إلى أي شيء وإذا ما كانت تريد البقاء لوحدها في الغرفة.
وأشارت إلى أنه كان معها في المنزل والدا "الخاطف"، وإخوته وأخته مع أطفالها، و"عندما تكون في منزل مع أطفال صغار، يكون الأمر مطمئنا"، كما تقول.
وتقول الأسيرة الإسرائيلية السابقة أتزيلي، إنها في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول نقلتْ إلى شقة وهناك التقت بالعمال التايلانديين والتقت بأسيرة أخرى وهي آيلانا غريتزويسكي.
وتشير إلى أن بقاءهما معا أضفى جوّا من الارتياح جعلهما تتشاركان الحديث والمشاعر بينهما بل وحتى مع عناصر المقاومة التي كانت تحرسهما مما زرع نوعا من الثقة بينهم.
وقالت إن حراسهم سمحوا لهم بمشاهدة قناة الجزيرة كل يوم، لذلك تمكنوا من استخلاص شيء عما حدث في السابع من أكتوبر.
مع مرور الأيام، بدأت المرأتان في إجراء محادثات طويلة مع حراسهم؛ "فهمت أن ما سيساعدني على البقاء هو التواصل معهم بأكبر قدر ممكن، كانوا يريدون منا أن نراهم كأناس وكنا نريدهم أن يرونا كأناس، لذا بسرعة كبيرة بدأت المحادثات حول العائلة وحول حياتنا، ونجحت". وتشير إلى أنها أرادت أن يعجبوا بها، وأن يتعرفوا عليها، وأن يهتموا بها، "حتى تنجو"، كما تقول.
وروت أتزيلي عن حراسها فقالت إن أحدهم محام والآخر مدرس وكلاهما متزوجان ولكل منهما طفل. وتذكر أنه في يوم من الأيام جاءت زوجة أحدهم إلى الشقة مع مولودها الجديد.
ولفتت إلى أنها كانت تتحدث معهم عن الأطفال والأزواج والآباء وعن الحياة اليومية والعادات والطعام، مشيرة إلى أن أحد الحراس كان يحب الطبخ حقا، لذا وصفوا لها جميع أنواع الأطعمة؛ المقلوبة والخضراوات المحشوة وجميع أنواع السلطات.
وعن خوفها من كونها امرأة محتجزة لدى رجال، قالت إنها كانت "مرتابة جدا في البداية وتخشى من حدوث شيء أو أن تتعرض لاعتداء جنسي، لكن بعد ذلك تأكدت أن كل شيء كان على ما يرام، وأنهم كانوا ملتزمين بالحدود".
وتقول الأسيرة السابقة إن حراسها اندهشوا من كونها نباتية وسألوها "إذن، ماذا تأكلين؟" فأجابت أنها تحب البيتزا كثيرا فذهب أحدهم بدراجته وأحضر بيتزا من "كريسبي بيتزا" في خان يونس. بعد ذلك طلبت الفواكه والخضراوات وأحضروها، وتقول "لقد عاملونا بإنسانية بطريقة جعلت من الممكن لنا أن نجتاز تلك الفترة على ما يرام، في المجمل".
وقالت أتزيلي إنها لم تكن محتجزة في الأنفاق، وتلقت طعاما كافيا، ولم تتعرض للعنف الجسدي أو المعاملة القاسية وتؤكد أنها كانت محظوظة للغاية.
وأوضحت أن القول البائس بأن قطاع غزة بأكمله تحت سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خاطئ من الناحية الواقعية، مشيرة إلى أن "لدينا حكومة مروعة ولدينا رئيس وزراء (بنيامين نتنياهو) غير جدير بالمنصب بأغلبية مقلقة"، بحسب وصفها.
وقالت أفكر كثيرا في غزة وأشعر بالشفقة على الناس الذين يعانون، مؤكدة أن هذه الحرب لا تخدم سوى المصالح الشخصية، ومن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية ضحت من أجل بقائها السياسي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إلى أن
إقرأ أيضاً:
نصوص وشهادات في السرد .. إبداعات تروي مسيرة الأدب في معرض دمنهور للكتاب
تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، شهد معرض دمنهور الثامن للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب بمكتبة مصر العامة بدمنهور، ندوة أدبية بعنوان "نصوص وشهادات في السرد"، شارك فيها نخبة من المبدعين هم: محمد اللبودي، والدكتور هشام رسلان، وسحر الأشقر، والدكتورة مها الغنام، ومحمد صلاح زكريا، ونوال شلباية، وقدمها الكاتب والناقد محمد السيد عيد.
وفي مستهل اللقاء، رحّب محمد السيد عيد بالمشاركين والحضور، مؤكدًا أن السرد الأدبي هو ذاكرة الأمة ومرآة تحولاتها، فهو لا يوثق الأحداث فقط، بل يعيد صياغتها فنيًا لتكشف عن أعمق ما في الإنسان من قلق وأسئلة ودهشة.
وقال عيد في كلمته إن هذه الندوة تأتي لتؤكد أن القصة والرواية ليستا ترفًا إبداعيًا، بل فعلاً معرفيًا وحضاريًا، مشيرًا إلى أن الإبداع السردي المصري يعيش حاليًا واحدة من أزهى مراحله بفضل تنوع الأصوات وتجدد التجارب وجرأة الطرح.
وأضاف أن ما يميز المشاركين في هذه الندوة أنهم يمثلون أجيالاً مختلفة، يجمعهم الوعي العميق بالكتابة بوصفها بحثًا دائمًا عن المعنى والحرية والجمال.
استهلت الندوة فعالياتها بكلمة الروائي محمد اللبودي، فتحدث عن تطور فن الرواية من الشكل التقليدي القائم على الوعظ والوقائع، إلى الرواية الواقعية التي تفسر العالم فنيًا، ثم الرواية الجديدة التي تستند إلى جماليات التفكيك وتعدد مستويات اللغة.
أوضح اللبودي أن الرواية المعاصرة أصبحت منفتحة على الفنون الأخرى مثل التشكيل والموسيقى والمسرح، مستفيدة من تقنيات كل منها في بناء المشهد وتعدد الأصوات.
أشار إلى أن تجربته في رواية "الكاحول" تمثل نموذجًا للرواية التوليفية، التي تجمع بين مدارس فنية متعددة من الرومانسية إلى ما بعد الحداثة، لتعبّر عن غربة الإنسان وأزماته في عالم يموج بالفوضى وفقدان اليقين، مؤكدًا أن الرواية الحديثة لم تعد تخضع للحدود أو القوالب الجامدة، بل تفتح آفاقها أمام رؤى جديدة تكسر رتابة الشكل التقليدي وتعيد صياغة العالم بلغة أكثر حرية وجرأة.
ومن جانبه، استعرض الدكتور هشام رسلان رحلته الأدبية التي بدأت منذ المرحلة الإعدادية بكتابة الروايات البوليسية المتأثرة بسلاسل رجل المستحيل وملف المستقبل والشياطين الـ13، ثم انتقل في المرحلة الثانوية إلى كتابة الرواية الاجتماعية متأثرًا بأدباء كبار مثل نجيب محفوظ، وثروت أباظة، ويحيى حقي، ومحمد عبد الحليم عبدالله.
وأشار رسلان إلى أن مسيرته تطورت لتشمل كتابة القصة والرواية معًا منذ عام 2017، فصدرت له مجموعتان قصصيتان وروايتان، بينما ينتظر صدور ثلاث روايات جديدة، وصلت إحداها "هذه جثة أخي" إلى القائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية، وله أيضًا كتابان نقديان وعدد من الأبحاث الأكاديمية المنشورة في مجلات علمية.
وأكد أن أهم ما يميز الأديب الحقيقي هو إحساسه العميق بالآخرين وقدرته على التعبير عن مشاعرهم وآلامهم وأحلامهم، قبل أن يقرأ نصًا من مجموعته القصصية الثانية بعنوان "مشاعر ليست للإيجار"، وهو نص إنساني مؤثر يحكي عن التعلق بالمكان والذكريات.
وألقت المبدعة سحر الأشقر، جزء من روايتها "بعضي سافر بلا عودة"، منها: "تلتقي في نقطة تسمي بؤرة الأحزان، فها هو أحد أبنائي يفسد على فرحتي، وها هو أحد أبنائها يفسد عليها نشوتها.
اتصلت بي نادية ابنة عفاف، أخبرتني أن أمها مريضة، تريد أن تأخذ لها إجازة من أعباء منزلي لمدة يومين، شعرت بضيق في صدري، تعودت على وجودها بجانبي وأصبحت جزء من حياتي، دموعي الحبيسة أطلقها بدون خجل أمامها، انفعالاتي تنطلق بدون قيد أو شرط وهي بجواري، كنت لا أجلس في حجرتي ارتشف فنجان القهوة، إلا من عمل يدها، تمتماتها وهي تغني الأغاني الشعبية أثناء تأدية عملها، يشعرني بالونس، صوت الأواني وهي بالمطبخ يدخل في قلبي الطمأنينة، رائحة الفنيك التي تنبعث من الأرضية بعد تنظيفها".
وتحدثت الدكتورة مها الغنام – الشاعرة والقاصة والناقدة الأدبية – معربة عن سعادتها بالمشاركة في معرض دمنهور الثامن للكتاب، مؤكدة أن هناك صحوة سردية حقيقية في مجالي القصة والرواية، وكذلك في النقد الأدبي.
وقالت إنها اختارت أن تقدم للقارئ شيئًا مختلفًا عما طُرح في الجلسة، فقرأت قصة بعنوان "حياة سابقة"، استخدمت فيها تقنيات الحلم والذاكرة واستدعاء الذوات القديمة، لتصوغ نصًا بصريًا نابضًا بالحس الأنثوي والخيال الشعري، قالت فيه:
“في حياةٍ سابقة كنت هناك، لم يكن لي نفس الوجه الذي أحمله الآن ولكني كنت أنا... أرتدي ذلك الفستان الفيروزي المتحرر بعض الشيء، أتهادى بين يديّ شابٍ وسيمٍ طويلٍ، عيناه تشعان طاقة غامضة في المكان، أما أنا فلم أكن أشبه أي فتاة صادفتها في حياتي... كانت القاعة واسعة ولا نهائية.”
أما الكاتب محمد صلاح زكريا، الذي استعرض رحلته الإبداعية ومسيرته الأدبية في كتابة القصة والرواية، مشيرًا إلى أن بدايته كانت أثناء دراسته بكلية الآداب بجامعة حلوان، حين فاز بالمركز الأول في مسابقة القصة القصيرة على مستوى الجامعة، لتكون تلك نقطة انطلاقه في عالم الأدب.
وتناول زكريا مراحل تطوره الإبداعي بدءًا من نشر أعماله في الصحف المصرية، ثم صدور مجموعته الأولى "إنسان في زمن النسيان"، تلتها ست روايات وثلاث مجموعات قصصية، من أبرزها روايات "الضائع بين يديّ"، "مالطا"، و"نصف إله"، وقصص مثل "سبحة"، و"كأس".
كما أشار إلى تتويج مسيرته بعدة جوائز أدبية، منها جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة عن روايته "سيد مسافر"، وجائزة المجلس الأعلى للثقافة عن مجموعته "بسمة على شفاه الموت".
وفي ختام كلمته، قرأ زكريا قصة قصيرة بعنوان "بوابة الغياب"، التي نالت إعجاب الحضور لما حملته من لغة شاعرية وأبعاد إنسانية عميقة.
وقدمت نوال شلباية قراءة قصصية بعنوان "الجميع يمرون عليّ مرور الكرام"، استخدمت فيها أسلوبًا رمزيًا يجسد إحساس الأشياء بالحياة والتقادم، فجاء نصها مشبعًا بالتأمل في الزمن والوجود، مما أثار تفاعل الحضور مع لغتها الموحية.
وفي ختام الندوة، دعا محمد السيد عيد أدباء البحيرة، لعمل نادي قصة في المحافظة، واختتمت الندوة بتفاعل كبير من الحضور الذين أكدوا أن الجلسة قدمت نماذج متنوعة من السرد المعاصر، تتراوح بين الواقعي والغرائبي والرمزي، وتكشف عن ثراء التجارب الأدبية المصرية واتساع آفاقها الإبداعية.