■ ينبغي التنبه للفخ الكامن في الدعوة الأمريكية لمحادثات جنيف في ١٤ أغسطس والذي لم ينتبه له كثير من الداعين للتفاوض بحسن نية.

■ فهذه الدعوة هي لمحادثات (وقف إطلاق نار شامل) وليست محادثات سلام. محادثات وقف إطلاق النار لا يمكن أن يتم فيها مناقشة قضايا أخرى تخص تحقيق السلام مثل قضايا محاسبة من أجرم من قوات الدعم السريع أو ضرورة خضوعها للدولة أو إعادة المنهوبات أو أي إجراءات أخرى.

هي فقط محادثات تتعلق بإيقاف إطلاق النار وبالتالي بقاء القوات في أماكنها مع تعيين مراقبين لمراقبة الإلتزام بالاتفاق.

■ لذلك قال بيان الخارجية الأمريكية بوضوح أنها دعوة مقدمة للجيش (وليس الحكومة السودانية ) وللدعم السريع باعتبارهما طرفان متحاربان متساويان في الشرعية على أساس أنهما قوتين عسكريتين تتبعان للدولة السودانية. كما ذكر البيان بصريح العبارة الهدف من المحادثات ومخرجاتها وقال بوضوح إنها لا تهدف إلي مناقشة القضايا السياسية الأشمل وهذا يعني أنها لا يمكن أن تناقش وضعية الدعم السريع في الدولة أو ضرورة او إمكانية دمجه فهذه قضية سياسية وليست عسكرية كما يظن البعض.

■ الفخ هنا أن مجرد توقيع الجيش على إتفاق للوقف الشامل والدائم لإطلاق النار فإن هذا سيعني وعلى الفور أنه قبل بشرعية موازية هي قوات الدعم السريع وأنها قوة نظامية توازيه في الشرعية وسيتم التعامل معها على هذا الأساس من المجتمع الدولي في كل ما يتعلق بالأمور الإنسانية ومستقبلا في المسار السياسي. ولشرح هذه النقطة فإن أي مسهّل أو وسيط في محادثات لوقف إطلاق نار أو وقف العدائيات يبدأ بتعريف القوى المتصارعة ومعرفة طبيعتها وأهدافها من الحرب حتى يتسنى له صياغة إتفاق مقبول. وبالتالي فإن أي اتفاق لوقف (دائم) لإطلاق النار يبدأ بتعريف طبيعة الجيش والدعم السريع وأماكن تواجدهما على الأرض وطبيعتهما العسكرية وكيفية حفاظهما على النظام والانضباط اثناء توقف إطلاق النار.

■ فعقد اتفاقيات لوقف إطلاق النار بين دول متحاربة عبر الحدود يختلف مثلا عن وقف إطلاق النار بين قوات حكومية وحركات مسلحة ويختلف عن وقف إطلاق نار بين قوتين عسكريتين تتبعان للدولة. في حالة السودان تنظر الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة للطرفين باعتبارهما طرفان متساويان في شرعية حمل السلاح باعتبارهما قوتان نظاميتان. وهذا يعني أيضا أن أي حكومة يعترف بها المجتمع الدولي بعد هذا الإتفاق إما ان تكون حكومة يعترف بها الطرفان ( الجيش والدعم السريع ) أو حكومة محايدة بينهما يقوم المجتمع الدولي بالإشراف على تشكيلها.

■ ليس هناك جيش في العالم أو أي قوة عسكرية تذهب للتوقيع على وقف دائم لإطلاق النار دون أن تحقق الحد الأدنى من أهدافها العسكرية وهو أن يكون العدو، على الأقل، في موضع ضعف عسكري وتراجع، إن لم ينكسر تماما وينهار، لأن الوقف الدائم لإطلاق النار يعني ببساطة نهاية الحرب و أن كل طرف حينها سيحصد ثمرة إنجازاته العسكرية على الأرض، فالقوة المتقدمة ميدانيا تكسب عند الوقف الدائم لإطلاق النار وهي قاعدة يعرفها العسكريون بالبداهة.

■ الدعم السريع هدفه الاستراتيجي الآن هو إيقاف الحرب على الوضعية الحالية في الميدان، وهي وضعية حقق فيها تقدما ميدانيا كبيرا، وبالتالي توقف القتال على الوضع الحالي انتصار له يتيح له توفيق اوضاعه وانتظار المرحلة القادمة التي يحول فيها المكاسب العسكرية إلي مكاسب سياسية دائمة.

■ وقف القتال على الوضعية الحالية لن يحقق للمواطنين أي مكاسب لأنه يقنن وضعية الدعم السريع في أماكن وجوده بل ويحميه من هجمات الطيران والعمليات العسكرية في حين أن ترتيبات وقف إطلاق النار لا تملك أي آليات لحماية المدنيين من الأعمال (غير القتالية) مثل السلب والنهب والقتل والإغتصاب، فإن قصارى ترتيبات وقف إطلاق النار المعروفة عالميا هي الفصل بين المتحاربين وتعيين خطوط تماس حرة وطرق معينة تسلكها قوافل المساعدات. أما ما ظلت تقوم به قوات الدعم السريع من جرائم مستمرة في حق المواطنين فكلها ليست أعمال حربية تقع تحت تنظيم إتفاق وقف إطلاق النار بل اعمال اجرامية تقع تحت طائلة القانون الجنائي. صحيح انه يمكن النص على قيام الشرطة بأعمالها بعد وقف إطلاق النار ولكننا جميعا نعرف ان قوات الدعم السريع هي بنفسها من تقوم بالجرائم لا مجرمون مدنيون وبالتالي فان مقدرة الشرطة على حفظ أمن المواطن في أماكن سيطرتها لا يعول عليها البتة إذ يعتمد على رغبة قوات الدعم السريع في لجم أفرادها وهي رغبة منعدمة كما أن هذه القوات نفسها تحولت لعصابات متفرقة كل منها يتبع لقائد قبلي وبالتالي التعويل على مقدرتها على وقف الجرائم تجاه المواطنين هو محض تضليل.

■ حث الجيش أو الحكومة على الذهاب إلى جنيف والتوقيع على وقف إطلاق النار يعني القبول بالدعم السريع كطرف منتصر في الحرب…ليس هناك أدنى شك.
تحياتي للاهل
عميد معاش محمد الحسن بلية اونور

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع وقف إطلاق النار لإطلاق النار

إقرأ أيضاً:

بعد القصف الإسرائيلي.. الجيش اللبناني يهدد بتجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار

#سواليف

أكد #الجيش_اللبناني أن دوريات تابعة له توجهت إلى المواقع التي هدد #الجيش_الإسرائيلي بقصفها للكشف عليها، محذرا من أنه سيعيد النظر في التعاون مع #لجنة_مراقبة_وقف_إطلاق_النار.

وقالت قيادة الجيش في بيان: “يواصل #العدو_الإسرائيلي في الآونة الأخيرة تصعيد اعتداءاته ضد #لبنان، مستهدفا المدنيين والأبنية السكنية والمنشآت في مناطق مختلفة، وكان آخرها قصف مواقع في ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق في الجنوب، مساء أمس”.

وذكر البيان أن “هذا التصعيد يأتي بالتوازي مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية، وقيامه بخروقات متكررة باتت تمثل عدوانا يوميا على السيادة اللبنانية، دون اكتراث بآلية وقف إطلاق النار وجهود لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية (Mechanism)”، معتبرة أن “هذه الاعتداءات هي محاولة واضحة من العدو لتعطيل مسار نهوض الوطن وتعافيه، واستغلال الظروف الإيجابية المتاحة، وذلك عشية الأعياد”.

مقالات ذات صلة عسكري إسرائيلي: الجيش “فيل تائه في حقل ألغام” في غزة 2025/06/06

وأكد أنه “فور إعلان العدو عن تهديداته، باشرت بالتنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية بهدف الحؤول دون وقوع العدوان. كما أرسلت دوريات إلى عدد من المواقع للكشف عليها، رغم رفض العدو للاقتراحات المطروحة”، مجددا التزام قيادة الجيش “الكامل بتنفيذ القرار 1701 واتفاقية وقف الأعمال العدائية”.

وقال البيان إن “تمادي العدو الإسرائيلي في خرق الاتفاقية، ورفضه التعاون مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، يؤدي إلى تقويض دور اللجنة والجيش اللبناني معا”، محذرا من أن “استمرار هذا النهج سيدفعها إلى إعادة النظر في التعاون مع اللجنة في ما يخص عمليات الكشف على المواقع”.

مقالات مشابهة

  • بعد القصف الإسرائيلي.. الجيش اللبناني يهدد بتجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار
  • ‏الجيش اللبناني: إسرائيل تواصل اعتداءاتها اليومية على سيادة لبنان غير مكترثة بآلية وقف إطلاق النار
  • عقب شن الاحتلال غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت.. قرار حاسم من الجيش اللبناني
  • بيان عاجل من الجيش اللبناني بشأن خروقات قوات الاحتلال لوقف إطلاق النار
  • الدعم السريع تستهدف استاد الأبيض غرب السودان بمسيرات أثناء مباراة كرة قدم
  • مقتل وإصابة العشرات في الفاشر بقصف من قوات الدعم السريع
  • إعلام الاحتلال: الجيش فرض سيطرته على نحو 50% من مساحة غزة
  • ‏صحيفة "إسرائيل هيوم" عن مصدر أمني: الجيش الإسرائيلي بات يسيطر على نحو 50% من مساحة قطاع غزة
  • مقتل 14 مدنياً في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم نازحين بدارفور
  • مصر تدعم الجيش السوداني ضد الدعم السريع! القاهرة توضح