إفلاس الإرهاب.. لماذا ظهر العولقي بوجهه واستهدف مصر والأردن؟
تاريخ النشر: 6th, June 2025 GMT
في تحوّل لافت يكشف عن حالة من اليأس والتخبط، أطل علينا زعيم القاعدة في جزيرة العرب، سعد العولقي، بوجهه لأول مرة عبر "مؤسسة السحاب"، ليدعو صراحة إلى عمليات إرهابية في مصر والأردن، ويحرض على اغتيال قادة ورؤساء عرب.
هذا الظهور العلني، الذي يمثل خروجًا عن الأعراف التقليدية للتنظيمات الإرهابية في التخفي، ليس مجرد حدث عابر، بل هو مؤشر صارخ على حالة الإفلاس الفكري والعملياتي التي وصل إليها الإرهاب.
فلماذا قرر العولقي، في هذا التوقيت بالذات، أن يكشف عن وجهه ويصوب سهامه تحديدًا نحو مصر والأردن؟.. الإجابة تكمن في محاولات يائسة لإعادة إحياء جسد تنظيم خارت قواه، وتأتي في سياق استهداف مباشر لمحور الاعتدال العربي الذي يمثل شوكة في حلق التنظيمات المتطرفة.
مصر والأردن ليستا مجرد دولتين، إنهما ركيزتان أساسيتان للاستقرار في المنطقة، ولهما دور محوري في قيادة الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب. استهدافهما بهذه الدعوات الإرهابية ليس سوى محاولة لزعزعة أمنهما الداخلي، وتقويض علاقاتهما الاستراتيجية، وإشاعة الفوضى التي تعد البيئة الخصبة لازدهار الإرهاب.
القاعدة تدرك جيدًا أن صلابة هذين البلدين وتمسكهما بسيادتهما ووحدة شعوبهما يمثل عائقًا رئيسا أمام مخططاتها التخريبية.
ما يثير السخرية، ويؤكد على غباء هذا الإصدار وادعاءاته الفارغة، هو ربط العولقي "الوحدة العملياتية بين التنظيمات الرئيسة في إفريقيا" بتحرير القدس. هذه المغالطة الساذجة تكشف عن حجم الاستغلال الرخيص للقضايا المقدسة، وفي مقدمتها قضية القدس وفلسطين، لتبرير وجود هذه التنظيمات الإرهابية التي لم تقدم للقضية الفلسطينية سوى التشويه والضرر. هل يعقل أن جماعات سفكت الدماء، وهدمت الأوطان، وروعت الآمنين، تدعي فجأة أنها حامية للقدس؟ هذا التناقض الصارخ لا ينطلي إلا على عقول تائهة.
لعل هذا الظهور المفاجئ للعولقي يأتي في سياق محاولات التنظيم اليائسة لسد الفراغ الذي خلفته الضربات المتتالية التي استهدفت قياداته. فالتاريخ يشهد أن قادة التنظيمات الإرهابية، بمن فيهم قيادات القاعدة في جزيرة العرب، قد تساقطوا تباعاً تحت ضربات مكافحة الإرهاب، التي شملت عمليات دقيقة بطائرات بدون طيار أسفرت عن مقتل شخصيات بارزة مثل أنور العولقي عام 2011، وناصر الوحيشي عام 2015، وقاسم الريمي عام 2020.
إن ظهور العولقي الحالي، وهو زعيم جديد نسبياً، يمثل محاولة لإظهار استمرارية التنظيم، ولكنه في جوهره إقرار بحالة الإفلاس القيادي التي يعاني منها بعد أن خسر معظم رموزه.
التوقيت الذي اختارته القاعدة لهذا الظهور ليس عشوائيًا، ففي ظل التوترات الإقليمية الراهنة، تسعى هذه التنظيمات لاستغلال أي فراغ أو ضغط لتعيد ترتيب أوراقها، وتجنيد المزيد من الأتباع الذين يعانون من تضليل فكري. وهو ما يدفعنا للتفكير مليًا في مدى وجود أجندات خفية تستغل هذه التنظيمات كأدوات لتحقيق مصالح معينة، بما يخدم أجندات بعض القوى التي ترغب في بقاء المنطقة في حالة دائمة من الفوضى وعدم الاستقرار.
إن الرسالة واضحة من هذا الإصدار: الإرهاب في حالة إفلاس، ويحاول أن يرتدي أقنعة جديدة ليكسب معارك وهمية. الهدف الرئيس من هذه التحركات الدعائية هو خلق حالة من الارتباك في ذهن الشباب والاتباع، وتصوير التنظيم كضحية للمؤامرات الخارجية لخلق "مظلومية" زائفة أمام أنصارهم ومحبيهم، في محاولة يائسة للتغطية على جرائمهم البشعة وتاريخهم الأسود من سفك الدماء والخراب. لكن وعي الشعوب العربية وتكاتفها، وإصرار دولها على المضي قدمًا في طريق التنمية والاستقرار، هو الرد الحاسم على كل هذه الدعوات الظلامية.
مستقبل المنطقة سيُكتب بأيدي أبنائها المخلصين، وليس بأيدي دعاة الكراهية والدمار.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: داعش القدس تنظيم القاعدة العولقي مصر والأردن
إقرأ أيضاً:
فتح: اتفاق شرم الشيخ يمثل نقطة تحول في المسار السياسي الفلسطيني
أكد جمال سعيد عبيد، عضو هيئة القيادة العليا لحركة فتح، أن اتفاق شرم الشيخ يمثل نقطة تحول في المسار السياسي الفلسطيني، ويفتح نافذة أمل جديدة أمام الشعب الفلسطيني نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق الحلم بدولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس، معتبرا أن مؤتمر شرم الشيخ جاء نتيجة لجهود دبلوماسية عربية كبيرة، تقودها مصر، والتي أسهمت بشكل واضح في وقف العدوان الإسرائيلي ورفض مشاريع التهجير والضم، مؤكدًا أن ما بعد الاتفاق هو مرحلة جديدة تتطلب تعزيز المسار السياسي والدفع به نحو الحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية.
وأشار عبيد خلال مداخلة عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"، إلى أن مصر لا تزال تبذل جهودًا حثيثة في ملف إعادة إعمار غزة، من خلال التحضير لمؤتمرات دعم دولية وعربية مرتقبة، وهو ما يمثل خطوة ضرورية لمعالجة الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب، مضيفا أن قطاع غزة تحول إلى "كومة من الركام" ويحتاج إلى دعم دولي وعربي وإقليمي غير مسبوق، ليس فقط على مستوى الإعمار، بل أيضًا لإنهاء معاناة الفلسطينيين ووضع حد نهائي للاحتلال الإسرائيلي، الذي وصفه بأنه "آخر احتلال على وجه الأرض".
حوارات وطنية مكثفة بين كافة القوى والفصائلوحول المرحلة القادمة، شدد عبيد على ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني داخليًا، عبر حوارات وطنية مكثفة بين كافة القوى والفصائل، بدعم وإسناد عربي، من أجل مواجهة التحديات السياسية والاستراتيجية التي تهدد المشروع الوطني، مؤكدا أن حركة فتح منفتحة على هذا المسار، وتُدرك أن صمود الشعب الفلسطيني، إلى جانب الدعم العربي وخاصة المصري، كان العامل الحاسم في إفشال مخطط التهجير، مُوجّهًا الشكر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والدولة المصرية على موقفهم الثابت والداعم، ومشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستتطلب عملاً وطنيًا جادًا لتخفيف معاناة الناس وتثبيت الحقوق الوطنية.