أصبح مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، التابع لمجموعة M42، أكبر مركز طبي في دولة الإمارات متخصص في تنظير القولون المدعوم الذكاء الاصطناعي. ويقدم برنامج الكشف عن سرطان القولون والمستقيم في المستشفى فحوصات مجتمعية متقدمة، باستخدام ست وحدات لتنظير القولون المدعوم بالذكاء الاصطناعي، قدّمت خدماتها لأكثر من 2,000 مريض منذ شهر يناير 2024.

ترفع تقنيات الذكاء الاصطناعي دقة فحوصات أورام القولون والمستقيم وسرعتها، لقدرتها على تحليل كميات أكبر من البيانات، وتقليل النتائج الإيجابية الكاذبة. وتحدّ هذه التقنية قلق المرضى بتقليل عدد المراجعات والإجراءات وتخفض أخطار تقدم السرطان، ما يفضي إلى تحسين المخرجات العلاجية للمرضى.

وتمكن أطباء مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي بفضل الذكاء الاصطناعي من تشخيص حالات القولون والمستقيم بدقة متناهية حيث يقدم نظام الذكاء الاصطناعي تحليلات مباشرة خلال إجراء تنظير القولون، فيساعد في تحديد الأورام الحميدة وغيرها من التغيرات غير الطبيعية التي قد تعجز العين البشرية عن رؤيتها، ويمكّن من تقديم التدخلات العلاجية في الوقت المناسب، ويدعم القدرة على رسم خطط العلاج الشخصية المصممة لتلبية احتياجات المريض الفردية.

وقال الدكتور عمار خير، استشاري طبّ الجهاز الهضمي والكبد في معهد أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي: «تُعزى حالات كثيرة من إصابات السرطان لإضاعة فرص تشخيصها في الوقت المناسب، وهو ما يُعرف اصطلاحاً بالسرطان الفاصل. ويحدث هذا عندما يخضع المريض لتنظير القولون، دون أن يفحص القولون كاملاً أو يتغاضى عن الأورام الحميدة التي قد تكون مقدمات لمرض السرطان. وقد يبقى الورم لمدة تتراوح بين ثماني إلى عشر سنوات دون أن يكتشف قبل أن يتطور إلى سرطان».

وأضاف: «إنَّ توظيف الذكاء الاصطناعي في إجراءات تنظير القولون يُحدث تحولاً نوعياً في جهودنا المتواصلة لتقديم أعلى معايير الرعاية. وعلى الرغم من أن إجراءات تنظير القولون شهدت العديد من محاولات التحسين، تنفرد خطوة إدخال الذكاء الاصطناعي عن غيرها من التدخلات، بأنها أكبر تطور واعد شهدناه حتى اليوم في هذا المجال، فقدرتنا على رصد مشكلات القولون ومعالجتها مبكراً أمر أساسي، وبهذا أثبت الذكاء الاصطناعي أنَّه أداة قيّمة في هذا المجال. وأكدت المراجعات المنهجية لنتائج البحوث دائماً كفاءة الذكاء الاصطناعي في تحسين معدلات الكشف عن المرض والارتقاء بالنتائج العلاجية للمرضى».

وتشير إحصائيات وزارة الصحة ووقاية المجتمع في دولة الإمارات أن سرطان القولون والمستقيم هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال، وثالث أكثر أنواعه انتشاراً بين النساء. وهو السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان، ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تأخر تشخيصه وعدم الوقاية منه. وعلى الرغم من انتشار هذا النوع من السرطان، فإن الوقاية منه ممكنة عبر التشخيص المبكر. وانطلاقاً من إدراك مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي لهذه الحاجة الملحة، فإنه يركز كثيراً على تعزيز قدرات التشخيص المبكر لمكافحة هذا المرض، لا سيما أن أعراضه لا تظهر إلا بعد وصوله إلى مراحل متقدمة. وتوصي دائرة الصحة – أبوظبي الرجال والنساء الذين تجاوزت أعمارهم 40 عاماً بإجراء فحوصات دورية لسرطان القولون والمستقيم.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مستشفى کلیفلاند کلینک أبوظبی القولون والمستقیم الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5

عبيدلي العبيدلي

خبير إعلامي

 

يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الظواهر التقنية المعاصرة التي يعتقد الكثيرون أنها ستُعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين. فمنذ بداية الألفية، تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد كونه فرعًا نظريًا في علوم الحوسبة، إلى محرك فعلي لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وربما العالمي، بما في ذلك تشكيل سلاسل الإنتاج، وأسواق العمل، وأنظمة اتخاذ القرار. ومع كل طفرة في هذا المجال، تتسارع التحولات الاقتصادية، وتتشكل استقطابات فكرية جديدة تتوزع بين مؤيدين يرون فيه أداة فعالة لتحفيز النمو، ومعارضين له لا يكفون عن التحذير من مغبة تداعيات انعكاساته الاقتصادية البنيوية.

يمتاز الجدل حول الذكاء الاصطناعي بطابعه الديناميكي، إذ لا يتصل فقط بفعالية التقنية، بل يتقاطع مع قضايا توزيع الثروة، ومستقبل العمل، والمساواة الرقمية، والسيادة الاقتصادية. وقد بات من الملحّ، بشكل قاطع، التفكير فيه باعتباره قضية سياسية–اقتصادية–أخلاقية بامتياز، تتطلب تجاوز التقييمات التقنية البحتة نحو تحليلات عميقة للبنى الاقتصادية والاجتماعية.

تهدف هذه المقالة إلى تفكيك هذا الجدل من خلال عرض شامل لحجج المؤيدين والمعارضين، وتحليل القضايا المحورية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الاقتصاد، مع تقديم حالات واقعية تجسد الاتجاهين، وأخيرًا استشراف مآلات هذه التحولات على المدى القصير والمتوسط والبعيد.

مواقف المؤيدين: الذكاء الاصطناعي رافعة للتحول الاقتصادي

يرى المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية في تاريخ التطور الإنتاجي للبشرية، مكافئة لاختراع الكهرباء أو الإنترنت. وتتركز مبرراتهم في خمسة محاور أساسية هي:

 رفع الإنتاجية وتقليل التكاليف

تُظهر التجارب أن الذكاء الاصطناعي قادر، وبكفاءة غير مسبوقة، على مضاعفة إنتاجية القوى العاملة البشرية من خلال الأتمتة الذكية وتحليل البيانات والتعلّم الآلي. فالشركات التي تبنت أدوات تحليل البيانات والتنبؤ باستخدام AI – كـ Amazon وAlibaba، نجحت في خفض تكاليف التشغيل، وزيادة كفاءة سلسلة الإمداد، وتسريع دورة الإنتاج. وتُشير دراسة صدرت في العام 2022 عن مؤسسة   PricewaterhouseCoopers (PWC) إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030.

 خلق نماذج أعمال جديدة

لا يقتصر أثر الذكاء الاصطناعي على تحسين العمليات التقليدية، بل يفتح الباب أمام نماذج أعمال جديدة بالكامل. فالخدمات المالية مثلًا شهدت ظهور شركات FinTech تستخدم الذكاء الاصطناعي في تقييم الجدارة الائتمانية والتسعير التفاعلي. وفي الطب، بات التشخيص القائم على AI يتفوق على بعض القدرات البشرية. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يُقصي العمل البشري، بل يُعيد تعريفه.

 تمكين الدول النامية عبر القفزات التقنية

من أبرز وعود الذكاء الاصطناعي قدرته على مساعدة الدول النامية في تجاوز مراحل التصنيع التقليدي. ففي الهند مثلًا، ساعدت أدوات الذكاء الاصطناعي المزارعين في التنبؤ بالمواسم الزراعية وتحسين الإنتاج. أما في كينيا، فتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة شبكات الكهرباء المحدودة لتعظيم كفاءتها. هذا الاستخدام "التنموي" يخلق أملًا بإعادة التوازن العالمي عبر التكنولوجيا.

 تعزيز الحوكمة واتخاذ القرار الاقتصادي

تُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي اليوم في تحليل اتجاهات الاقتصاد الكلي، وتقييم المخاطر الائتمانية، وضبط التهرب الضريبي. فالهند طوّرت نظامًا رقميًا يعتمد على AI لرصد التجارة غير الرسمية والتهرب من الضرائب، مما ساعد في رفع الإيرادات العامة بنسبة 14%. كما تلجأ بعض الحكومات إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة نتائج السياسات الاقتصادية قبل تطبيقها.

 تسريع البحث العلمي والابتكار

بفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، ساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة البحث العلمي، خاصة في مجالات الأدوية، والطاقة، والمناخ. كما أدى إلى تخفيض تكاليف الابتكار، مما يُمكّن الشركات الناشئة من المنافسة في مجالات كانت سابقًا حكرًا على الشركات العملاقة.

مواقف المعارضين: الذكاء الاصطناعي كتهديد اقتصادي بنيوي

رغم الحماس الذي يُبديه أنصار الذكاء الاصطناعي، فإن معارضيه يُثيرون مخاوف جوهرية تتجاوز المسائل التقنية إلى بنية الاقتصاد العالمي نفسه. يرى هؤلاء أن الذكاء الاصطناعي، في صيغته الحالية، وجوهر أدائه التقني، لا يخدم التنمية الشاملة، بل يُكرّس الاحتكار، ويقضي على الوظائف، ويُعمّق الفجوة الطبقية، ويُضعف قدرة المجتمعات على السيطرة على مستقبلها الاقتصادي ويمكن تلخيص دعوات المنتقدين في النقاط التالية.

 تهديد سوق العمل وتفكيك الطبقة الوسطى

يشير المنتقدون إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الملايين من الوظائف، خاصة في المجالات المتوسطة المهارة التي شكلت تاريخيًا عماد الطبقة الوسطى. فعلى سبيل المثال، تعمل تقنيات الترجمة الآلية على تقليص الحاجة للمترجمين، وتقوم خوارزميات المحاسبة بتقليل الطلب على المحاسبين التقليديين، بينما بدأت السيارات ذاتية القيادة تُهدد وظائف سائقي الأجرة والنقل.

وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، من المتوقع أن تستبدل الأتمتة نحو 85 مليون وظيفة بحلول العام 2025، رغم خلقها وظائف جديدة. إلا أن هذه الوظائف تتطلب مهارات عالية في البرمجة، وتحليل البيانات، والرياضيات، وهي مهارات لا تمتلكها الغالبية العظمى من العاملين حاليًا. هذا الخلل قد يؤدي إلى بطالة هيكلية مزمنة وتآكل الاستقرار الاجتماعي.

تعميق الاحتكار وتركيز الثروة

يرى كثيرون، ممن يقفون في وجه توسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي، أنه بوعي أو بدون وعي، يُعزز من هيمنة الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تمتلك البيانات الضخمة والبنى التحتية السحابية. فشركات مثل Google وMeta وAmazon تملك من المعلومات والقدرات الحسابية ما يُمكّنها من احتكار الابتكار وتوجيه السوق وفق مصالحها. وهذا الوضع يخلق ما يسميه بعض الاقتصاديين "الرأسمالية الخوارزمية"، حيث يتحول السوق إلى مساحة مغلقة تديرها خوارزميات بلا شفافية.

هذا التركّز لا يُضعف فقط المنافسة، بل يخلق فجوة عميقة بين الشركات العملاقة وبقية الفاعلين الاقتصاديين، ويمنع الشركات الناشئة في الدول النامية من الدخول الجدي إلى السوق.

 إخفاقات أخلاقية وتمييز منهجي

العديد من حالات سوء استخدام الذكاء الاصطناعي كشفت عن ميل هذه التكنولوجيا إلى إنتاج نتائج متحيزة وغير عادلة. تعود هذه المشكلة إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُدرَّب على بيانات تاريخية تعكس أوجه التمييز الطبقي أو العرقي أو الجندري في المجتمع. على سبيل المثال، في عام 2018 اضطرت شركة Amazon إلى سحب نظام توظيف آلي تبين أنه يقلل تلقائيًا من تقييم السير الذاتية للنساء.

تنعكس هذه التحيزات في القرارات الاقتصادية: من يُمنح قرضًا؟ من يتم قبوله في الوظيفة؟ من يُصنف كزبون مميز؟ الذكاء الاصطناعي هنا لا يُعيد إنتاج التمييز فقط، بل يُخفيه تحت قناع "الحياد الرقمي".

 تقويض السيادة الاقتصادية الوطنية

يرى النقاد أن الذكاء الاصطناعي، وخاصة في مجال صنع القرار الاقتصادي، يُضعف قدرة الدول على التحكم في سياساتها. فمع ازدياد الاعتماد على خوارزميات خارجية في القطاعات الحيوية، تفقد الحكومات، وعلى وجه الخصوص حكومات الدول الصغيرة أو النامية، السيطرة على أدوات الرقابة والتنظيم. في حالات عديدة، باتت قرارات تتعلق بالإقراض أو التوظيف أو الاستثمار تُتخذ بناء على أنظمة خوارزمية مملوكة لشركات خاصة لا تخضع للرقابة العامة.

الأمر لا يقتصر على الدول النامية، بل يمتد إلى الاقتصادات المتقدمة، حيث بدأت البنوك والشركات الكبرى تعتمد على نماذج ذكاء اصطناعي من تطوير شركات خارجية، ما يخلق تهديدًا حقيقيًا لـ "السيادة الاقتصادية الرقمية".

 نشوء أزمات اقتصادية خوارزمية

أحد المخاوف الكبرى يتعلق بالقدرة المحدودة للبشر على توقع وتفسير سلوك أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة. فقد نشهد في المستقبل أزمات مالية أو تجارية أو استهلاكية ناتجة عن قرارات آلية غير مفهومة أو تفاعل تلقائي بين أنظمة متنافسة. مثال على ذلك ما حدث في "الانهيار الخاطف" (Flash Crash) في بورصة نيويورك عام 2010، حيث أدت معاملات آلية إلى انهيار الأسواق خلال دقائق دون تدخل بشري.

لذا يحذر المعارضون من أخطار تنامي استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي أنه إذا استمر الاعتماد المفرط على أنظمة لا يمكن تفسيرها أو مساءلتها، فقد نصل إلى نقطة تفقد فيها المؤسسات الاقتصادية سيطرتها على أدواتها نفسها.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • دليل الويب.. جوجل تعيد ابتكار نتائج البحث بالذكاء الاصطناعي
  • عزيز مرقة: أستعين بالذكاء الاصطناعي وأحب حفلات الشارع والساحل
  • «جوجل» تطلق «مرشد الويب» لتنظيم نتائج البحث المعقدة بالذكاء الاصطناعي
  • ميزة جديدة لتنظيم البحث بالذكاء الاصطناعي
  • «الإمارات الصحية»: برامج وخدمات متكاملة للكشف المبكر عن السرطان
  • أبوظبي تسلّم فرنسا مطلوبين لتورطهما في قضايا اتجار بالمخدرات 
  • ساتي حسن يدشّن مركز عزل الكوليرا في مستشفى دنقلا التخصصي
  • الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
  • في قلب أبوظبي.. سفير الاحتلال يحتفل بطقس يهودي (شاهد)
  • الذكاء الاصطناعي يسلّح جهاز المناعة بـصواريخ لمهاجمة الخلايا السرطانية