الواجب دعم الجيش في الإتجاه الصحيح

خالد فضل

أولاً، لابد في تقديري من التأكيد، أنّ الأفراد المنتسبين للقوات المسلحة السودانية حتى تاريخ 15 أبريل 2023م على الأقل، هم من المواطنين السودانيين، ذلك بتوقع أنّ إجراءات التنسيب للقوات المسلحة في أي بلد تقريباً تشترط مستندات تثبت انتمائهم لهذا البلد، عطفاً على ذلك، يتوقع كذلك أنّ أفراد قوات الدعم السريع تنطبق عليهم نفس الشروط، على فرضية أن تكوين هذه القوات أساساً قد تم على يدي القوات المسلحة ذاتها، فهل يمكن أن يصدر من الجيش نفي لهذه الفرضية، أي إنكار تكوين قوات الدعم السريع على يديه ووفقاً لشروطه؟ في حالة صدور بيان من الجيش ينفي فيه تكوينه لهذه القوات وأنها لم تولد من رحمه الولود، وأنها لم تك جزءاً منه في يوم من الأيام، ولم تؤد أدواراً وطنيةً مشهودةً- كما قال السيد أحمد هرون حاكم ولاية شمال كردفان ذات يوم- وأن الرئيس المخلوع عمر البشير والقائد الأعلى للجيش كان يكذب ويتحرى الكذب عندما أشار إلى قوات الدعم السريع بأنها سنده وعضده، وأن حميدتي (حمايتي) في هذه الحالة يمكن للإنسان الذي ميزه الله بالعقل عن سائر المخلوقات أن يصدق أي مزاعم قيلت وتقال عن المرتزقة والأجانب و… إلخ.

لأن إطلاق الكلام وخطاب الكراهية والوصم بالمرتزقة والأجانب وغيرها من صفات التحقير للمختلفين ودمغهم مباشرة بالعمالة، هذا حديث مكرر وماسخ وفوق هذا وذاك فاقد للقيمة- مثله مثل الجنيه السوداني الآن- فقد قيلت كل هذه الخطابات الكريهة من قبل بل ظلت تتردد بصورة خاصة في فترات الحكومات العسكرية الديكتاتورية من أيام المرحوم النميري إلى عهد المخلوع البشير القريب، ويمكن الجزم بضمير مرتاح؛ إذا صحت هذه الإدعاءات الزائفة أن نائب رئيس مجلس سيادة الجيش ووزير ماليته وحاكم إقليم دارفور على سبيل المثال لا الحصر يحملون رتبة المشير ركن خائن عميل مرتزق، مثلما كان يجب أن يحملها الراحل العظيم د. جون قرنق والفريق سلفا كير وكلاهما ممن شغلوا منصب النائب الأول في حكومة الإسلاميين الغابرة والإرشيف موجود في وسائل الإعلام من صحف وإذاعة وتلفزيون خاضعة للحكومات الديكتاتورية المتتالية على حكم الشعب السوداني عن طريق الانقلابات العسكرية وآخرها وليس الأخير حكم الإسلاميين المسمى الإنقاذ.

ثانياً، بما أن المعادلة الصحيحة، هي أن الحرب الراهنة تدور بين أطراف سودانية، وعلى أرض السودان، والضحايا من البشر والزرع والضرع والجمادات أغلبها من المنتمين للسودان؛ مع وجود نسبة أقل من الضحايا غير المواطنين وممتلكاتهم، يبقى أنّ أي سانحة لوقف الحرب ومحاولة وأد أسبابها مستقبلاً يجب أن تحظى ابتداءً بتأييد كل السودانيين، ووفقاً لخبرة تاريخية يعرفها القاصي والداني، عاش في كنفها من مات منهم، وبالضرورة يعرفها الأحياء، خلاصة هذه الخبرة ببساطة شديدة أن ما من حرب أهلية في السودان وبين السودانيين، حتى على مستوى نزاعات القبائل إلا وتوقفت بالتفاوض. يعني ليس هناك ما يسعف دعاة انتهاء الحرب بالحرب في طول خبرتنا التاريخية، اللهم إلا في حالة الرغبة في اجتراح خبرة جديدة، تفضي لإنهاء الحرب عن طريق الحرب على قول المثل الشعبي (النار لو ما لاقتا نار ما بتقيف)، لاحظ أن النارين اللتين ستتقابلان في المبارزة النهائية ستكونان قد قضتا على أي شئ أمامهما لم يبق سوى مقابلتهما وحدهما وجهاً لوجه عنئذ تهمد النيران من الجانبين، وبتحويل المعادلة للطرفين ستكون كالآتي: الجيش يقضي على كل ما يقابله ومن يصادفه، والدعم السريع في الجهة المقابلة يفعل نفس الشئ، ليكون اللقاء النهائي بينهما على أرض خالية من البشر (48 مليون) ومن الوضر، فيتفانيان لوحدهما باعتبارهما آخر ما تبقى في السودان، ومن ظل بعد ذلك على قيد الحياة من الجياشة ومليشياتهم، أو الدعامة أم المليشيا ووليداتها الصغار يمكنه ساعتذاك الاحتفال بانتهاء الحرب وتحقيق النصر.

الواجب الآن، وهو الكلام الجد والمعقول أن نساند الجيش في الإتجاه الصحيح، إتجاه التفاوض غير المشروط، وبمثلما رحب الدعم السريع بالدعوة الأمريكية مشتركة سعودية للتوجه إلى جنيف لبدء خطوة نحو وقف إطلاق النار، وإغاثة المتضورين جوعاً، والمرضى والحيارى والمشردين والنازحين، نأمل أن الجيش سيلبي النداء الوطني الملحاح والعاجل دون تلكؤ فالوقت يمضي بالعذاب لملايين السودانيين، ولا نهاية للحرب إلا عبر طاولة التفاوض.

ومهما تذرع  دعاة الحرب، فإن الوقت ليس في صالح ما يتوهمون، والفشل في وقف الحرب اليوم يعني زيادة الهوة أكثر وأكثر غداً، أما ما تطرحه وزارة الخارجية من شروط، فإن مكانه التفاوض، وبيوت المواطنين ليست ذريعة، لأن المواطن يعرف أن احتلال بيته حدث كنتيجة للحرب وليس سبباً فيها، الواجب أخذ الأمور بجدية بعيداً عن أوهام جماعة الإسلام السياسي، والذين عليهم (دعونا نفهم بوضوح ونتقبل بوعي أنّه انطوت صفحة من كتاب الإسلاميين السياسي، ومرحلة من مراحلهم السياسية. نقطة سطر جديد) هذا ما كتبته الأستاذة سناء حمد العوض في مقال لها بعنوان على أعتاب الفجر؛ تداولته وسائط الإعلام السودانية مطلع شهر يوليو2024م.

الوسومالجيش الدعامة الدعم السريع السودان جعفر نميري جون قرنق حاكم إقليم دارفور خالد فضل سلفا كير عمر البشير

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعامة الدعم السريع السودان جعفر نميري جون قرنق حاكم إقليم دارفور خالد فضل سلفا كير عمر البشير الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

إثيوبيا تنفي وجود معسكرات للدعم السريع على أراضيها

أديس أبابا- نفى مصدر إثيوبي رسمي للجزيرة نت، ما نشر حول وجود معسكرات لقوات الدعم السريع على الأراضي الإثيوبية، معربا عن أسفه لمثل هذه الادعاءات التي قال إنها تهدف للإيقاع بين السودان وإثيوبيا.

وقال المصدر -وهو مسؤول رفيع المستوى- إن الخبر لا أساس له من الصحة، مؤكدا أن قنوات الاتصال قائمة بين البلدين على مختلف المستويات.

وشدد المصدر على أن إثيوبيا "لن تسمح بأي نشاط معاد لأي دولة من دول الجوار"، وجدد التأكيد على احترام أديس أبابا لوحدة وسيادة السودان.

حدود إثيوبيا مع السودان وتحديدا ولاية النيل الأزرق (الجزيرة)

وتأتي تصريحات المصدر الإثيوبي، بعدما قالت مصادر رسمية سودانية للجزيرة نت إن السودان يتحسّب لفتح جبهة عسكرية جديدة في شرق البلاد بعدما سمحت إثيوبيا المجاورة بفتح معسكر لتدريب قوات الدعم السريع ومرتزقة أجانب تابعين لها لمهاجمة إقليم النيل الأزرق المتاخم لحدودها.

وأوضحت المصادر الحكومية -التي طلبت عدم كشف هويتها- أن السلطات الإثيوبية لديها تنسيق عسكري مع قوات الدعم السريع عبر قوى إقليمية تساندها، حيث تم الاتفاق على خطوط إمداد وبناء معسكرات تدريب وتجهيز مهابط طائرات.

وحسب المصادر ذاتها فقد بدأت حركة إمداد ووصول مركبات قتالية ومنظومات مدفعية وأجهزة تشويش عبر مدينة أصوصا عاصمة إقليم بني شنقول قمز في الشمال الغربي من إثيوبيا المتاخم لإقليم النيل الأزرق في السودان، ويوجد به سد النهضة.

مقالات مشابهة

  • جنوب السودان يتولى أمن حقل هجليج النفطي بعد سيطرة الدعم السريع
  • هل قتلت قوات الدعم السريع الصحفي السوداني معمر إبراهيم؟
  • جوتيريش: سنلتقي ممثلين عن الجيش السوداني والدعم السريع في جنيف
  • شبكة أطباء السودان: 19 ألف محتجز بسجون الدعم السريع بجنوب دارفور
  • الجيش والمليشيات: لكن الدعم السريع وحش آخر
  • الخارجية الأمريكية: فرض عقوبات تستهدف الدعم السريع في السودان
  • إثيوبيا تنفي وجود معسكرات للدعم السريع على أراضيها
  • عقوبات أميركية جديدة على الدعم السريع
  • هل أصبحت الفاشر مدينة موت بعد سقوطها في يد الدعم السريع؟
  • الجيش ينسحب من حقل هجليج النفطي بعد سيطرة الدعم السريع في السودان