سلطنة عمان تدعو إلى وعي ديني يتسم بالوسطية والاعتدال ومواجهة التطرف
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
وزير الأوقاف: يتحتم علينا التعاون لحماية مجتمعاتنا من أجندات الانحلال الأخلاقي وخطابات الكراهية
العمانية: تشارك سلطنة عُمان ممثلة بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في أعمال المؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في دول العالم الإسلامي ومجلسه التنفيذي بعنوان: (دور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال)، الذي بدأت أعماله اليوم بمكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية ويستمر يومين.
وقال معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية في كلمة سلطنة عُمان: إنّ العالم اليوم يواجه تحدّياتٍ ثقيلةً، تتمثل في اضطراب المفاهيم القيمية، واختلال التوازن الأخلاقي، مضافًا إليها الصراعات والنزاعات والحروب، التي تسببت في كوارث إنسانية وبيئية وأزمات اقتصادية، قوضت مساعي التنمية، وهددت الروابط المجتمعية في العديد من المجتمعات ولم تكن مجتمعاتنا بعيدة عن التحديات وآثارها، لأنها جزءٌ لا يتجزأ من نسيج هذا العالم.
وأضاف معاليه إنّ مجتمعاتنا وجدت نفسها مِرارًا وتِكرارًا في مواجهة سياسات الاستقطاب وأجنداتها تارة، وتارة أخرى في مواجهة الكراهية وخطاباتها، التي صورت مجتمعاتنا وكأنها عالة: تاريخًا وحاضرًا ومستقبلًا - على الحضارة والحداثة، معتمدة على سرد مضلل للتاريخ، وللوقائع، والأحداث وإن مما يؤسف له، أن تكون الأسرة، اللبنة الأولى والأساسية في بناء المجتمع، إحدى أبرز مستهدفات أجندات الانحلال القيمي والأخلاقي، بفعل الانفتاح التكنولوجي الواسع، تقويضًا لدورها وتفكيكًا لروابطها وإضعافًا للمجتمع بأسره.
وأكّد معاليه أنه في ظل هذه الظروف والتحدّيات، فإن المسؤولية الملقاة علينا كمسؤولين في الشؤون الإسلامية والدينية، تحتم علينا التعاون وتكثيف العمل من أجل حماية مجتمعاتنا، وتعزيز مرونتها وقدرتها للحفاظ على أسسها القيمية والأخلاقية، وإن هذا التعاون يبدأ بعملنا نحو تجديد الفهم لمقاصد الدين بما يتسق والتحدّيات الراهنة، تعزيزًا لوعي ديني يتسم بالوسطية والاعتدال، وهذا لا يتحصل إلا بمواجهة خطابات التطرف والتعصب والغلو والإرهاب، التي تفرق ولا تجمع، وتهدم ولا تبني، وتورث النزاع بين المسلمين المفضي إلى الفشل والضعف {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.
وأشار معاليه إلى أنه لا يمكن النظر إلى هذا الدين العظيم دون استشعار القيمة العظيمة التي يضعها على المجتمع الإنساني كافة، فالإنسان هو جوهر هذا الدين، وهو الذي من أجله يعمل هذا الكون الشاسع {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. وإن لكرامة الإنسان في هذا الدين إطارًا من الشمولية التي لا تتجزأ، وهي كرامة تتعدى مفهومها الروحي، لتلامس واقع الإنسان وتشكل تفاصيل حياته فإنّ التطرف بمختلف أدواته، والعنف بمختلف أشكاله، ميل وزيغ صريح عن جوهر هذا الدين ومقاصده، ولا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، إنه انحراف عن مسار الفطرة والرحمة والإحسان والمعروف.
ولفت معاليه إلى رسالة سلطنة عُمان في تعزيز ثقافة السلام والتآلف وترسيخ مبادئ الأخلاق والوئام والقيم الإنسانية المشتركة، إذ أطلقت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في عام 2019م مشروع (المؤتلف الإنساني) الذي يحمل شعار "نحو قيم إنسانية مشتركة". ويقوم المشروع على ثلاثة مرتكزات: هي العقل والعدل والأخلاق، ويقترح من خلاله منهج عمل يُقدَّم للعالم ليعينه على النهوض من جديد واستشراف حياة متوازنة، يعيش فيها الناس على أساس من الكرامة والحقوق الأساسية والأمان النفسي.
وتطرّق معاليه في كلمته إلى جهود سلطنة عُمان، ممثلة بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، في نشر مبادئ التسامح والتعايش والتفاهم، ومجابهة الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين، والمساهمة في الحدّ من خطابات الكراهية ورهاب الإسلام، أطلقت الوزارة في عام 2010م مشروع (رسالة الإسلام)، وهو مشروع عمل على تعزيز الحوار البنّاء بين مختلف الأديان والطوائف في العالم مع التركيز على تجربة سلطنة عُمان في التسامح الديني والتفاهم المشترك والتعايش السلمي.
وذكر معاليه أنّ المشروع لاقى فور إطلاقه ترحيبًا دوليًّا وأمميًّا واسعًا، وبنهاية العام الماضي 2023م، كان مجموع ما أقامه المشروع من محطات حول العالم 140 محطة دوليّة، تمّ خلالها عقد مؤتمرات واجتماعات وبرامج مجتمعية متنوعة، كلها تصب في قالب المؤتلف الإنساني وتآلف المجتمعات، وبسط مظلة الوئام والسلام، لافتًا إلى أنّ نجاح مشروعي (المؤتلف الإنساني) و(رسالة الإسلام) أكّد على أنّ التعاون البناء بين الشعوب والثقافات في شتى المجالات، وبالرّغم من اختلاف المفاهيم والتصورات، ممكن حتى في ظل التحدّيات الراهنة.
وقال معاليه إنّه من خلال تجربتنا في سلطنة عُمان، والجهود التي قمنا بها، وعلاقاتنا التي تعززت مع العالم خلال العقود الماضية، يمكن تلخيص نهج الدبلوماسية والمجتمعية العُمانية في ثلاثية المعرفة والتعارف والاعتراف.
وأكّد معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية في ختام كلمته أنّ لمؤسساتنا الدينية أدوارًا محورية وجوهرية لأوطاننا، فهي تعمل على بناء ثقافة المجتمعات القائمة على الوئام، والأمن والسلام، فالمجتمعات بدون مبادئ التفاهم والتعايش، والقيم الإنسانية المشتركة، لا يمكن أن تُجابه التحدّيات ولا أن تقدم حلولًا عملية للمشكلات {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}، والاستقرار المجتمعي والوطني يبدأ بالإيمان، إيمان الفرد بدوره في هذه الحياة، ومسؤولياته فيها، وإنّ من أجلِّ هذه المسؤوليات هي مسؤولية الوطن وأمنه، وعلى مؤسساتنا الدينية استنهاض هذه القيم، كونها في صميم مؤسسات الدولة الحديثة، تحقيقًا للتعاون والتكامل مع باقي مؤسسات الدولة.
ويناقش المؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في دول العالم الإسلامي في جلساته موضوع (دور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال)، وتجديد مفهوم الخطاب الديني ودوره في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال، ومواجهة مستجدات التطرف والغلو والإرهاب، وأهمية تحصين المنابر من خطابات الكراهية والتطرف، والقيم الإنسانية المشتركة وقيم التسامح والتعايش والكراهية ضد المسلمين، ودور الأوقاف في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، والصناديق الوقفية ودورها الإنمائي والاستثماري.
كما يناقش المؤتمر التجارب المقدمة من وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في المواصفات الفنية والمعمارية في بناء المساجد وصيانتها وتعيين الأئمة والخطباء والمؤذنين والدعاة والبرامج المناطة بهم، وخطورة الفتوى بدون علم أو تخصص وأثر انحرافها عن منهج الوسطية والاعتدال، وتعزيز المواطنة في دول العالم الإسلامي، ووسائل التواصل الحديثة ودور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في الاستفادة منها والوقاية من أخطارها، ومخاطر الإلحاد وسبل مواجهته.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز التضامن الإسلامي بين الدول الإسلامية، والتنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء في مجالات الدعوة والأوقاف والشؤون الإسلامية، وبذل كافة الجهود من أجل تصحيح مفهوم الخطاب الديني، إلى جانب تنسيق المواقف بين الدول الأعضاء للعمل على احترام المساجد وحفظ الأماكن المقدسة وسلامتها، ودعم العلاقات مع المنظمات والهيئات والمؤسسات والمراكز الإسلامية في الخارج لتمكينها من أداء رسالتها الإسلامية، والتعاون والتنسيق في الجهود التي تبذل لمساعدة الجماعات الإسلامية في الدول الأخرى للحفاظ على عقيدتها وهويتها وثقافتها داخل المجتمعات التي تعيش فيها، وتبادل المعلومات والخبرات الخاصة بالعمل الإسلامي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأوقاف والشؤون الدینیة فی الإسلامیة فی الأوقاف فی هذا الدین فی تعزیز تعزیز ا
إقرأ أيضاً:
اليوم العالمي للصداقة ومكافحة الاتجار بالبشر.. «الأوقاف»: يجب تعزيز ثقافة التفاهم والسلام بين الشعوب والأفراد
تؤكد وزارة الأوقاف أهمية ترسيخ القيم الإنسانية التي توافقت عليها الإنسانية ودعا إليها ديننا الحنيف، وفي مقدمتها صون الكرامة الإنسانية، وبناء جسور المودة والتراحم، وتعزيز ثقافة التفاهم والسلام بين الشعوب والأفراد، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للصداقة واليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، اللذين يوافقان الثلاثين من يوليو من كل عام كما أقرتهما الأمم المتحدة.
وتشدد وزارة الأوقاف احتفاءً باليوم العالمي للصداقة، على أن الصداقة القائمة على الأمانة والإخلاص والتعاون تمثل إحدى ركائز الاستقرار الاجتماعي، ودعامة من دعائم الأمن النفسي، وسبيلاً إلى التقريب بين الشعوب وإرساء السلام العالمي، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه عالمنا اليوم.
وأوضحت الأوقاف أن جميل اللطائف أن كلمة «الصداقة» مشتقة من مادة «ص. د.ق.» في العربية، فالصداقة من ثمرات الصدق، ولا تُبنى إلا عليه. ومن ثم فإن الصداقة الحقة تُعد رابطة راقية تُعزز القيم النبيلة، وتسهم في بناء إنسان سويّ، ومجتمع متماسك، وعالم يعمه السلام.
كما تؤكد الوزارة أن من تمام معاني الصداقة: إكرام الإنسان، والذود عن كرامته، ونصرته في وجه كل صور الإذلال والاستغلال، وأن من أبلغ صور هذا الإكرام مكافحة جرائم الاتجار بالبشر التي تُعد امتهانًا صارخًا للآدمية، وانتهاكًا فادحًا للحقوق الإنسانية.
وينسحب ذلك على كل مكان يتعرض فيه الإنسان لامتهان كرامته واستغلال حاجته لإجباره على هجرة غير شرعية أو على تهجير أو العمل بغير أجر أو غيرها من أشكال الاتجار بالبشر، وهو ما يوجب على الإنسانية جمعاء أن تسمو فوق الخلاف إحقاقًا للحق ونصرةً للمستحق، ونحن أتباع كتاب قال الله فيه: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ» (الإسراء: 70)، وأتباع رسول قال: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده».
اقرأ أيضاًوزير الأوقاف يستعرض أمام الرئيس السيسي وثيقة «تجديد الخطاب الديني»
وزير الأوقاف يقدم التهنئة لـ رئيس النيابة الإدارية على توليه منصبه الجديد
وزير الأوقاف يشارك في مناقشة رسالة ماجستير بكلية أصول الدين بالمنوفية