وبموجب هذه المعاهدة الموقعة بين ممثلي المستعمرات الثلاث عشرة وبريطانيا، اعترف البريطانيون باستقلال الولايات المتحدة الأميركية بعد سنوات من القتال.

ومنذ استقلالها، واجهت الولايات المتحدة الأميركية، حديثة النشأة، العديد من الأزمات الاقتصادية.

وقد جاءت أبرز هذه الأزمات سنة 1789 ضمن ما وصف حينها بهلع النحاس عام 1789.

 انهيار العملات المعدنية عقب الثورة الأميركية، باشرت العديد من الولايات الأميركية في سك عملاتها الخاصة المصنوعة من النحاس.

وفي البداية، قوبل استخدام العملات النحاسية بترحيب واسع من قبل المسؤولين والبنكيين الأميركيين حيث كانت هنالك مستويات ثقة عالية بهذه العملات المصنوعة من النحاس عالي الجودة.

إلى ذلك، اتجهت بريطانيا بأكثر من مناسبة لشل الاقتصاد الأميركي عن طريق محاولة إقحام عملات نحاسية جديدة بها. فضلا عن ذلك، باشر العديد من المزورين في إنتاج العملات النحاسية مجبرين بذلك الصاغة على تخفيض قيمة عملاتهم المعدنية.

وبسبب كل ذلك، بدأت قيمة النحاس في الانخفاض بشكل لافت للانتباه. عملة 1 سنت أميركية من العام 1787 عملة 1 سنت أميركية من العام 1787 وبحلول العام 1787، اتجهت ولاية نيو جيرسي لاتخاذ قرار بعدم قبول عدد من العملات المتأتية من ولايات أخرى.

ومع تدهور قيمة النحاس، أجبر عدد كبير من الصاغة على الإغلاق ليتبقى بالسوق عدد هائل من المزورين الذين أنتجوا عملات معدنية منخفضة الجودة.

 وعودة الاستقرار بحلول العام 1789، غمرت السوق الأميركية بالكامل بالنحاس منخفض القيمة وغير القانوني.

وبسبب ذلك، فقد المواطنون الأميركيون ثقتهم بالعملات النحاسية. وبمحاولة منها لتدارك الأمر، حاولت السلطات الأميركية تحديد قيمة موحدة للعملة النحاسية. إلى ذلك، رفض التجار الأميركيون التعاون مع السلطات تزامنا مع فقدانهم للثقة بهذه العملات. وبشكل سريع، أصبحت العملات المعدنية عديمة القيمة تزامنا مع بلوغ معدل التضخم للنحاس نسبة 430%.

ومع تواصل هذه الأزمة، تراجعت العمليات التجارية بشكل كبير وهو ما أجبر العديد من الشركات والمصنعين على الإغلاق.

 تدريجيا، عرفت هذه الأزمة انفراجا بفضل بنك فيلادلفيا، المصنف كثاني بنك بالولايات المتحدة الأميركية، الذي باشر بإصدار عملات ورقية لتحل محل العملات النحاسية.

وأملا في تدارك الأزمة، اتجهت الحكومة الأميركية للتفاعل مع الخطة لتعمل بذلك لإنشاء مزيد من العملات الورقية.

تدريجيا، عاد الاستقرار للاقتصاد الأميركي. وبالفترة التالية، عرفت قيمة النحاس ارتفاعا ملحوظا قبل أن تعود للقيمة العادية بمعظم الولايات. ومع عودة الثقة بالنظام النقدي، ازدهرت التجارة مجددا.

وأملا في تجنب تكرار هذه الأزمة، اتجهت السلطات الأميركية إلى انشاء معيار عملة فيدرالي أقوى

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: العدید من

إقرأ أيضاً:

"اقتصاد الانتباه".. كيف تُباع عقولنا كل يوم دون أن نشعر؟!

 

 

محمد بن زاهر العبري

في عالمٍ غارق بالمعلومات، لم يعد النفط أو الذهب الثروة الأغلى؛ بل أصبح "الانتباه" هو السلعة الأهم.

"اقتصاد الانتباه" ليس مجرد مصطلح؛ بل هو واقع نعيشه في كل لحظة ونحن نتصفح هواتفنا أو نشاهد فيديوهات أو نقرأ منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

فمُنذُ لحظة استيقاظك، تتسابق التطبيقات والإعلانات والمنصات الرقمية لجذب انتباهك، لأن كل ثانية تقضيها على إحداها تساوي مالًا؛ إذ يتم تحليل سلوكك وتفضيلاتك بدقة، لتُعرض عليك محتويات مُصمَّمة خصيصًا لك، لا لغاية التسلية فقط؛ بل لتطيل مدة بقائك على المنصة، وتزيد من احتمالية استجابتك للإعلانات أو الأفكار المعروضة.

هذه الأفلام القصيرة جدًا، أو الـReels، الذين يصممونها يستلمون رواتبهم مقابل "جذب انتباهك" وكلما تمكنوا من التفوق عليه وإخراجه من طبيعته وجعله تحت سيطرتها، أغدقت تلك المؤسسات على أولئك الموظفين رواتبا عالية.

المطلوب عندهم "شراء" انتباهك، فهو السلعة، والبائع أنت ليس أحدا سواك. إنه مُنتج لا يُقدر بثمن. هذا الانتباه أو الوعي الذي به ندرك مصالحنا ونشخص نقاط ضعفنا، وإذا بنا قد عرضناه للبيع دون أن ندري، لأننا لا نقبض ثمنه، وإنما مصممو هذه الـReels هم من يقبضون الثمن، مقابل إقناعك ببيع "انتباهك".

كما إن كُل "لايك" (إعجاب) تنقره، وكل فيديو تشاهده، وكل كلمة تكتبها، تتحول إلى بيانات تُستثمر وتُباع إلى المعلنين وصنّاع القرار. هكذا تُبنى إمبراطوريات الهيمنة على القدرة على الانتباه بمليارات الدولارات، فهل كنَّا يوما نعي بأنَّ وعينا وانتباهنا لا يُقَّدرُ بثمن؟ والأمر لا يتوقف عند الإعلانات التجارية؛ بل يمتد إلى التأثير في الرأي العام، والتلاعب بالاتجاهات السياسية، وحتى تشكيل نظرتك للعالم. عندما يُعاد تشكيل المحتوى ليخاطب غرائزك أو مخاوفك، فأنت لا تختار بقدر ما يتم توجيهك دون أن تدري.

في هذا المشهد، لم تعد المشكلة في كثرة المعلومات؛ بل في ندرة الانتباه. عقولنا أصبحت عُملة تتداولها الأسواق الرقمية دون أن نشعر. ولذلك، فإنَّ الوعي بهذه الآليات هو أول خطوة لاستعادة السيطرة على وقتنا وتفكيرنا.

الحل ليس في مقاطعة التكنولوجيا؛ بل في أن نكون أذكى من خوارزمياتها. أن نختار متى وأين نمنح انتباهنا، وأن ندرك أن ما يبدو مجانيًا، غالبًا ما ندفع ثمنه من تركيزنا، وهدوئنا، واستقلال تفكيرنا.

خاتمة المطاف، نحن لسنا مجرد مستخدمين. نحن المادة الخام لهذا الاقتصاد الجديد. والسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا يوميًا: من يملك انتباهي؟ ولماذا أسلمته إياه؟

وأصدق موعظة تصلح لأن تكون خاتمة لهذا المقال هي قوله تعالى في سورة "الحاقة": "وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ"، نلاحظ كيف ألزم تعالى الوعي والانتباه للأذن، فليس للأذن أن يسد صوتًا يريد المرور عبره، ولكن للانتباه والوعي أن يقول كلمته.

مقالات مشابهة

  • الداخلية تضبط قضايا عملة بقيمة 9 ملايين جنيه
  • البنك المركزي: استمرار حرب غزة 6 أشهر يهدد اقتصاد إسرائيل
  • انخفاض أسهم ترامب ميديا بأكثر من 10% بعد إعلانها جمع 2.5 مليار دولار لشراء بتكوين
  • «طيبة تاني لأ».. محمد رمضان يستعد لطرح أحدث أعماله بهذا الموعد
  • 13 مليون جنيه.. ضربة جديدة لمافيا الدولار
  • مصرع وإصابة 18 شخصًا إثر انهيار مبنى قيد الإنشاء في السنغال
  • نيسان قشقاي 2025 كسر زيرو بهذا السعر .. سوق المستعمل
  • توقعات بانكماش صادرات كوريا الجنوبية إلى أميركا هذا العام
  • كي جي إم توريس 2025.. كسر زيرو بهذا السعر
  • "اقتصاد الانتباه".. كيف تُباع عقولنا كل يوم دون أن نشعر؟!