الرئيس بن يوسف بن خدة هو الذي جنب الجزائر مصير السودان الحاضر.. هذه التفاصيل
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
لقد عرفت الرئيس الراحل بن يوسف بن خدة (الرئيس الثاني للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية) عن بعد أثناء الثورة المسلحة التي كنت جنديا في صفوف حيشها للتحرير قبل أن أتعرف عليه شخصيا بمناسبة صدور كتابه (جذور أول نوفمبر 1954) في أواخر الثمانينيات والذي كان قد ألفه أثناء وضعه تحت الإقامة الجبربة في منتصف السبعينيات من ظرف الرئيس هواري بومدين.
وقد طلب مني مساعدته في ترجمته من الفرنسية إلى اللغة العربية، وأخذ رأيي فيما يخص بعض الموضوعات "الحسّاسة" التي تناولها فيه وقتها، "كالحركة البربرية" التي كانت تطل بقرون فتنتها من وراء البحار، ومن رماد السنين العائدة إلى أواخر الأربعينيات،.والتي كان قد عاش كل تفاصيلها كأحد قادة حزب الشعب الجزائري الذي فجر الثورة المسلحة لاحقا تحت اسم جبهة التحرير الوطني كما هو معلوم!!
الرئيس الجزائري الراحل بن خدة بن يوسف يتحدث إلى الكاتب والمؤرخ أحمد بن نعمان
وأذكر للتاريخ أننا قضينا الساعات الطوال في منزلي حينا، وفي منزله أحيانا كثيرة، وبحضور ابنه الدكتور سليم وأحيانا صديقه المرحوم عبد الرحمان كيوان.. وأشهد أنه كان يخجلني بتواضعه الجمّ وبموهبته الفذّة في حسن الاستماع التي كان يتمتع بها دون العديد ممن أعرف من خلق الله.
إن تلك الروح الوطنية العالية التي كان يتحلى بها هذا المجاهد القائد وكذلك المبادئ "النوفمبرية" السامية التي تمسك بها وحافظ عليها وفاوض العدو من أجلها وفرض عليه التوقيع على صحتها مع الاعتراف باستقلال الجزائر عشية ظهور نتائج الاستفتاء على تقرير المصير والاستقلال الذي اعترفت به فرنسا رسميا في أمسية ذلك اليوم المشهود.
تلك الصفات القيادية النادرة المثال بين من أبقاهم الله أحياء أوفياء يرزقون كهبة من السماء في الوقت المناسب هي التي جعلته يزهد في مغريات الكرسي ويتخلى عن الدفاع عنه في وجه مغتصبيه (في صائفة سنة 1962) مخافة أن يتحول الأمر إلى ما يبدو في نظر البعض نزاعا على السلطة، وما قد ينجر عنه من ضياع لحصاد السنين من الجهاد والاستشهاد، ففضل الرجل بحكمته وإيثاره وإخلاصه الانسحاب من المعركة انتصارا للوطن وحقوق الشعب الشهيد ضد العدو المتربص باستقلالنا الوطني، الذي لم يهضمه حتى الآن (رغم اعترافه به مرغما) كما كان يقول لي رحمه الله.
وكان الفقيد بذلك أول رئيس عربي يتخلى عن الكرسي حقنا للدماء من أجل الوطن، ويبقى التاريخ هو الحكم العادل، كما كان يردد دائما عند الحديث معه حول هذا الموضوع بالذات.
لقد كان الرجل بحق في موعد مع القدر وهدية من السماء تكرم الله به على هذا الوطن في الوقت المناسب رحمة منه ومنّة على الجزائر في محنتها وفتنتها الأولى التي كادت أن تعصف بها في الصيف المشؤوم (من سنة 1962) كما هو معلوم.فكان المرحوم أزهد الناس في مغريات الكرسي الخشبي قبل الجنرال السوداني عبد الرحمن سوار الذهب لاحقا بعد نجاحه في تغيير نظام الحكم السائد في بلاده سنة 1985 وسلم الحكم للشعب كي يختار من يحكمه بنفسه حتى وقع الانقلاب العسكري عليه بعد ذلك مرة أخرى (كالعادة) وما يزال هذا البلد القارة غارقا في صراعاته المأساوية (الطائفية والعرقية) حتى الآن.
وأشهد أنني تحدثت معه كثيرا حول هذه المسألة الخاصة بتخليه عن السلطة الشرعية لغير أهلها.. فكان يُقنعني دائما بحجة (حكم التاريخ) ولكي يُثبت لي بأن ذلك الموقف لم يتخذه عن ضعف أمام مغتصبي إرادة الشعب الجزائري الذي خرج ينادي في الشوارع (سبع سنوات بركات) فقد أكّد لي أن دولة شقيقة (مشرقية) قد طلبت منه الصمود والتصدي للانقلاب وعرضت عليه كل ما يحتاج إليه من سلاح لردع المتمردين، على أول رئيس شرعي في تاريخ الجزائر قبل أن ينقضي شهر واحد على الاحتفال بأول يوم في الاستقلال بعد 132 سنة من ظلمات الاحتلال..
طلبت منه تلك الدولة الصمود ضد الانقلاب ورفض التنحي عن السلطة الشرعية إلى أن يقول الشعب الجزائري كلمته في استفتاء عام (كان سيتم قبل نهاية سنة 1962) ليختار فيه الشعب من يحكمه بكل حرية وديمقراطية بعيدا عن عملية التزوير للإرادة الشعبية كما عرفناها منذ ذلك التاريخ، وحتى الآن تقريبا، وهو ما نتبيّنه من خطابه التاريخي عن دولة الا ستقلال كما تصورها هو مع رفاقه من الرجال قبل أن يصادرها محترفو السطو والتزوير والاحتيال و الانتحال.
والخطاب المذكور القاه يوم 2 غسطس من سنة 1962، والذي تصور فيه بكل صراحة ونزاهة ونظرة مستقبلية واثقة، مراحل اجتياز فترة ما بعد تسلّم السلطة من إدارة الاحتلال آنذاك، لكنه مع ذلك، وللأسباب المذكورة فضّل أن يتخلى عن السلطة لأفراد يحملون الجنسية الجزائرية (والذين قد يستبدلون لاحقا بجزائريين آخرين مثلهم بدل عودة الفرنسيين) ويترك الحكم للتاريخ الذي لايظلم أحدا.
وهذا ما قد حصل بالفعل حيث اتخذ هذا الموقف عن مسؤولية وقناعة تامة لينقذ الوطن من حرب أهلية كانت تهدد وحدته واستقلاله لصالح العدو ذاته..!
واليوم بعد أكثر من ستة عقود ما زلنا نرى تلك الآثار ونلمسها بأثر رجعي مؤلم وندرك أخطارها على مستقبل الوطن والأمة ونتعرف على من كانت تهمه الجزائر ومن كان يهمه الكرسي فقط على حساب الشرف والعلف.
في حين أن أخلاق الثورة كما عشناها وعرفناها من سلوك أمثال فقيدنا من قادة الثورة الكبار تتلخص في المبادئ العامة التالية:
1 ـ الحق فوق كل أحد والوطن قبل كل شيء بالفعل وليس بالقول الذي لا يسنده أي مضمون ملموس في الواقع.
2 ـ الناس سواسية أمام النظام وأمام القانون، والرئيس قدوة حسنة للمرؤوس في كل شيء، والحساب والعقاب على قدر المسؤولية.
3 ـ المسؤولية قدوة وقدرة وهي تُسند لأهلها بالكفاءة وليس بالوراثة (الجهوية أو الطبقية أو الفئوية او الأسرية !!؟؟).
4 ـ طلب المسؤولية خيانة ورفضها خيانة، وهي دائما تكليف وليست تشريفا أو تعليفا (من العَلَف !! )
5 ـ المواطنة بالجنسية والوطنية بالتضحية من أجل الوطن، وليست التضحية بالوطن من أجل المصالح الفردية والجهوية، بدليل أن معظم قادة الثورة قد استشهدوا خارج قراهم وعروشهم ضمن العائلة الوطنية الكبرى، وليست العائلة "البيولوجية" أو الجهوية الصغرى.
6 ـ مقياس الوطنية الحقة ليس أن تحب الوطن من أجل خيراته كاشتهاء قطعة لحم مشوية، وإنما أن تضحي من أجل الوطن في ذاته، والأهم في ذلك كله هو أن يحبك الوطن . والوطن لا يخطئ في حبه، لأنه يعرف المخلصين من أبنائه الشرفاء المضحين ويميزهم بحسه الرفيع عن العملاء والمنافقين.
7 ـ للثورة حدود وحقوق وخطوط حمراء وخضراء ومبادئ وقواعد صارمة تطبق على الجميع ويخضع لها الجميع دون استثناء، لأن العدل هو أساس الملك في العالمين، والاستثناء هو مدعاة الانحراف والفساد في كل حين.
8 ـ القدوة الحسنة من المسؤول للرعية في الوفاء للأموات كما الأحياء، مما جعل المجاهد لا يخاف على أهله ما داموا في رعاية الشرفاء الأوفياء، والجندي لا يخشى الموت ما دام الضابط في طليعة الشهداء، والشعب يحب الجيش ما دام الجيش قدوة في الشرف والوفاء والتضحية والفداء.
وتأكيدا لما قلناه عن الرجل نترك له القلم ليخط شهادته بنفسه حيث يقول حرفيا: "لقد عشت كمناضل أزمتين كبيرتين في حياتي: هما أزمة ( 1953 ـ 1954 ) وأزمة صائفة (1962،) وأستطيع أن أقول بأن المتسببين في هذه، وتلك، كانوا مدفوعين قبل كل شيء بالحبّ المفرط للسلطة، وعبادة الذات، ولم يكونوا يخشون الله" (عن كتاب "رواد الوطنية" لمحمد عباس، عن منشورات دحلب).
ولمعرفة نزاهة الرجل وحنكته السياسية وبُعد نظره، فإننا نضع أمام القارئ الشاهد أيضا هذا التصريح الأول الذي أدلى به غداة تعيينه على رأس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزايرية سنة 1961 خلفا للرئيس فرحات عباس رحمه الله، حيث قال ما نصه:
"إن شعبنا بعد هذه المرحلة الطويلة، المليئة بالدماء، والتي أصبح في منتهاها على أبواب الاستقلال، أصبح لا يفكّر في الاستقلال وطرق إنجازه فحسب، بل وأيضا، وبالخصوص، في مهمات ما بعد الاستقلال، ولم يعد ينتظر إنجاز الاستقلال ليفكر في مشاكله، ويبحث لها عن الحلول، لأن ساعة الانتظار ـ انتظار الاستقلال ـ قد فات وقتها.
وإن رسالة الثورة ورسالة المناضل في جبهة التحرير الوطني، وفي المقدمة أعضاء الحكومة الجديدة هي اليوم أكثر من أيّ وقت مضى في المحافظة على الشعلة الثورية، وطاقتها المتفتحة بدون انقطاع، والمحافظة على الحماس الواعي المثمر، بعد الاستقلال أكثر مما كان قبله.
إما ما يجب أن نحترس منه منذ الآن هو الشعور بالراحة بعد الاستقلال، والاستسلام للدعة والعيش الرغيد، لأن الثورة تطلب منا أن نحيا لا أن نعيش، ولأن للثورة أهدافا أبعد من الاستقلال" (صحيفة المجاهد، الصادرة بتونس في 2 ديسمبر 1961)
وأربط هذا القول بما قاله لي مرة ونحن نتحدث عن أوضاع الجزائر في بداية التسعينيات، وعن انسداد الأفق وعن الأمل في الانفراج بتدخل العناية الإلهية... فقال لي: مهما يكن الوضع خطيرا اليوم والأفق مسدودا أمام الإرادة الوطنية الخيّرة... فلا يمكن أن يقارَن بالوضع الصعب الذي كانت تجتازه الحركة الوطنية في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من شراسة وغطرسة العدو وقلة الإمكانيات المادية لمواجهته لولا الإيمان الراسخ بالله وبعدالة القضية التي كانت وقودنا الوحيد المحرك لهمم رجال الحركة الوطنية. وأردف قائلا: إني أذكر جيّدا ذات يوم وأنا أسير مع الصديق سعد دحلب في أعالي العاصمة (ببو زريعة) بين منازل الكولون وقصورهم الفخمة وحدائقهم الغنّاء وحصونهم المنيعة، وأعلامهم المرفوعة، فوق بعض المباني... فكان يقول باستغراب: هل تصدق يابن يوسف حقا أننا في يوم من الأيام سنستقل وسيزول هذا العلم من أمام أعيننا ويرحل أهله كلية بدينهم ولغتهم، عن ترابنا ونسترجع سيادتنا على أرضنا؟.
فكانت الإجابة أقرب إلى الأماني الخيالية البعيدة والأحلام اللذيذة منها إلى أي شيء يسندها في الواقع، ومع ذلك تحققت المعجزة... وكنت دائما أذكّر الأخ الصديق سعد دحلب بذلك ونحن نتجول أحرارا في تلك الأماكن والشوارع بالذات.!! ؟؟
وهذا الإيمان بالنصر وخروج الجزائر من محنتها المفروضة عليها فرضا من الفاعلين الحقيقيين و من نواب الفاعل الموسميين في الخارج والداخل، هو الذي كان يحدوه دوما إلى القول في اعتقاد راسخ بأن الحق سينتصر في النهاية لانه من سنن الله في كونه وما الفتن العارضة الا ابتلاء للرجال الاصلاء!؟
وهذا ما دفعه إلى تأسيس حزب "حركة الأمة" (في العهد الديمقراطي الخاطف) على خطى بيان نوفمبر 1954 ضد انحرافات وخيانات أكتوبر ومخططات ديسمبر بعد ذلك لولا ستر الله ورحمته ببعض المستحقين من عباده المؤمنين ومنهم طيب الذكر في الصادقين !!!
وقد كان خوفه الشديد من الله يظهره في نظر البعض مترددا وخائفا، والحقيقة أن تردده وحرصه المفرط على اجتناب الشبهات إلى درجة القسوة على الذات، يعود في الأصل إلى خشية الله، وليس إلى تهيبه من أعداء الله، الذين ظل يكرههم ويزدريهم ويستخف بجبروتهم وطغيانهم بكل إباء وشرف... والدليل على ذلك أنه فعلها من قبل مع أسلافهم وأسيادهم في الظلم والاستبداد ايام إدارة الاحتلال الفرنسي المباشر للجزائر.!
يحق للتاريخ الوطني المعاصر أن يسجل بأحرف بارزة في صفحاته الناصعة بأن الأستاذ الرئيس بن يوسف بن خدة قد زهد في حقوقه الشخصية من أجل الوطن كرجل كبير في الوقت الذي ضحى وما يزال يضحي فيه الصغار بالوطن ووحدته تحت غطاء الصفقات أو الصفات الكاذبة والأعذار الواهية والولاءات الزائفة على حساب التاريخ والوطن والانتماء والمصير.فبقدر ما كان رحمه الله ورعا وخائفا من الله في كل شيء، كان مقداما وجريئا جدا أمام أقزام وأزلام وأصنام الشرك والهوى من المنافقين المعتدين على حدود الله والوطن والدين في كل المجالات وعلى جميع المستويات، وقد ثبت على ذلك المبدأ حتى فارق الحياة. كما عهدناه ونحن على نهجه القويم ثابثون إلى أن نلقاه إن شاء الله!!
فقد كان يبغض في الله والوطن ويحب في الله والوطن، كما ظل المحكّ الفاصل عنده هو شرع الله ومصلحة الوطن بكل ثوابته ورموزه غير الوثنية !!
أشهد أنني لم أعرف مثقفا في مستواه باللغة الفرنسية في الجزائر يحب اللغة العربية ويتذوق معانيها ويجل ثقافتها ويقدر رجالها ويؤرّخ بتاريخها "الهجري" وحده أحيانا.. وهو ما يمثّل حالة نادرة جدا نفتقدها حتى لدى بعض المثقفين بالعربية أنفسهم، وهو ما يجعله يمثل بحق النموذج الصادق للجزائري الأصيل الذي حاول الاستعمار أن يغير لسانه فلم يصل إلى اختراق قلبه أو احتلال عقله. وبقي لسانه يدافع عن لغة القرآن بكل إخلاص على خلاف العديد ممن نعرفهم من الصغار والكبار في هذه الديار، وهو ما كان يشدني إليه إعجابا به ويجعلني أشعر دائما وأنا في حضرته وكأنني أستمع إلى التاريخ وأتحدث مع الأمير خالد أو بن باديس أو بن مهيدي أو بن بولعيد أو بلوزداد أو ديدوش أو زيغود وغيرهم من المجاهدين المخلصين والعلماء العاملين .!!
لقد كان الرجل بحق في موعد مع القدر وهدية من السماء تكرم الله به على هذا الوطن في الوقت المناسب رحمة منه ومنّة على الجزائر في محنتها وفتنتها الأولى التي كادت أن تعصف بها في الصيف المشؤوم (من سنة 1962) كما هو معلوم.
وإننا نجزم هنا وللتاريخ أنه لو كان أي واحد غيره في مكانه و"مكانته" حينذاك ممّن وضعهم ابتلاء القدر في سدة الحكم وقيادة البلاد من بعده لأُجهض الاستقلال الوليد في مهده وضاعت الوحدة الوطنية بمقوماتها الثابتة في المواثيق الوطنية ولما تأخرت تلك الفتنة أو المؤامرة الملعونة إلى ما بعد ذلك بثلاثين سنة من التوقيع على "أوراق" الاستقلال وخروج بعض عساكر الاحتلال من البلاد كما هو واقع الحال(…).
وأخيرا يحق للتاريخ الوطني المعاصر أن يسجل بأحرف بارزة في صفحاته الناصعة بأن الأستاذ الرئيس بن يوسف بن خدة قد زهد في حقوقه الشخصية من أجل الوطن كرجل كبير في الوقت الذي ضحى وما يزال يضحي فيه الصغار بالوطن ووحدته تحت غطاء الصفقات أو الصفات الكاذبة والأعذار الواهية والولاءات الزائفة على حساب التاريخ والوطن والانتماء والمصير.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه مع أحبته من الشهداء والصالحين (كما كان يتمنى ويأمل ويعمل ). فاللهم أشهد أننا أقررنا بما علمنا حقا وصدقا ولا نزكي على الله أحدًا.!!
فتحية عرفان وصدق وإخلاص ومودّة وتقدير، ووفاء لكل الشهداء بمناسبة إحياء الذكرى الثانية و الستين للاستقلال و مشارف احياء الذكرى السبعين لثورة القرن العشرين في الفاتح من نوفمبر( تشرين الثاني) سنة 1954!!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الجزائرية الاستقلال الجزائر استقلال شهادة سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل الوطن التی کان فی الوقت ما کان وهو ما کما هو کل شیء
إقرأ أيضاً:
عيد الاستقلال، عين على التعليم..!
#عيد_الاستقلال، عين على #التعليم..!
د. #مفضي_المومني.
2025/5/25
إنه الأردن… وطن المحبين… الصابرين…القابظين على الوجع وعلى حبات العيون… العابرين الى المئوية الثانية… بكل فخر وطموح…المؤمنين بغدهم الأفضل المشرق… رغم كل الانواء..
صباح الاستقلال…صباح الفلاح والعامل والمعلم والموظف والأم.. وجميع المحبين… صباح الوطن الجميل…
مع صباح الإستقلال… تصدح الأهازيج والاغاني الوطنية في كل جنبات الوطن وحواريه…وأرى الأردن في عيون الشباب والشابات والطفولة البريئة… وهم يتغنون بالوطن وبالجيش… والبطولة…رافعين علم الاردن… طفولة غضة بريئة ترى الوطن ناصعاً أبيضاً… ويؤدون تحية العلم وتحية الوطن… ونحن من أخذ منا الزمن وداهمتنا الحياة والانواء… نعيش واقع تشوبه الكثير من الإرهاصات…والتحديات… ولكن لأنه الوطن… سنفرح ونتغنى بالاستقلال..وبالأردن الأغلى… تحدونا الأمال الكبار بحجم مسيرة ستستمر بعون الله ليبقى الأردن موئل الأحرار وعنوان االعزة والفخار.
وتُطل الذكرى التاسعة والسبعون لاستقلال الاردن، لنقول للوطن ولأهله ولشعبنا الطيب؛ كل عام وانتم بخير…وأكتب في كل عام بعيد الإستقلال…بذات الروح والكلمات… لنستذكر ما انجز… وأكرر التذكير بما لم ينجز، لأن طموحنا بأردن أفضل، يعانق عنان السماء..وتحفه ذرى المجد. فذكرى الاستقلال ليست احتفالية نكررها كل عام… بل هي وقفة مع الذات، وسؤال يراود الجميع… ! هل اوفينا الاستقلال حقه..؟ هل نسير فعلاً على الطريق الصحيح… !؟ وأركز من باب التخصص على التعليم العالي ونظامنا التعليمي ككل، واترك للكثيرين الحديث عن باقي القطاعات، وتتكرر ذات الأسئلة… هل نحن راضون عن ما انجز؟ هل نحن بقدر طموحات الاردنيين والقائد في وطن أجمل وأفضل؟ هل طورنا وأصلحنا ونسير في الطريق الصحيح؟ تساؤلات وأسئلة كثيرة تراودنا جميعاً… وخطى الاصلاح تسير بين شوق وشوك…بين من يعيش للوطن وبين من يريد ان يعيش الوطن له… بين محب وطامح… وجاحد وعاق… لكنه خير الاردن يسمو ويغمرنا…رغماً عنا… فالوطن ام… والوطن نحن… ووعد الأجداد… واقحوانة ربيع وشجرة بلوط نتفيئ ظلها…ونتوسد حضنها… كلما داهمتنا الخطوب…!.
في ذكرى الإستقلال التاسع والسبعون.
ولأن الاردنيون لا يعيشون على أبار من النفط، او الموارد التي ينعم بها غيرهم، لكننا نعيش على ثروة هي الأبقى والافضل، لا تنضب كما ينضب النفط؛ وهي الإنسان الاردني المثابر، المخلص، المعطاء، المحب لوطنه، لأنه الهدف وعنوان التطور والتقدم.
نظامنا التعليمي يبقى عميقاً…واعداً وهو إلى حد ما بخير… ! لأن الأردني لا يقبل إلا الأفضل، وهذا أملنا وطموحنا، لكن ولأننا نراقب الآخرين ونشهد التطور الأقليمي والعالمي، نعرف أن التعليم العالي والنظام التعليمي بحاجة ملحة للإصلاح والتطوير ، وأقولها بكل أريحية..! لانك لو سالت اي اردني عن وضع التعليم لأجابك؛ (نحن بحاجة لإصلاح نظامنا التعليمي) لأننا فطرنا على الطموح، ولأننا مهتمون ونبحث ونجد في التغيير رغم كل المعيقات، نفتخر بكل نظامنا التعليمي وبما تحقق… ولا نجلد الذات… لكن نبحث عن المعيقات لنذللها ونطور تعليمنا كما نحب أن يكون….
في بلدي يمكن حصر معيقات التطور للتعليم العالي والنظام التعليمي؛ بالمال والسياسات والإدارات! وقد تكون الإدارات هي الأهم… .لأن السياسات والممارسات التي يتحفنا بها من يتولون امور التعليم في بلدي لا تلامس الطموح والتطور المنشود… كنا نفاخر واصبحنا نغامر… ونقامر ونجتر الماضي وليتنا نتمثله… والننتائج
تراجع يقر به الوزير والخفير…! ، ولكي لا نجلد ذاتنا فإن بلدنا يستند الى قاعدة صلبة عميقة في نظامنا التعليمي كما اسلفت، تستند لموارد بشرية كفؤة ومؤهلة تنتشر في كل جامعاتنا ومؤسساتنا، ولولاها لانهار كل شيء في زمن النكوص والضعف والتراجع التي نمر بها منذ سنوات دون صحوة او تطوير يذكر…! غير هبات عرمرمية لا تكاد تلامس السطح… دون العمق..! ، لكن يبقى الخير والخمرة من خلال قامات وخبرات تعليمية وأكاديمية عريقة ومتميزة عملت وتعمل بصمت، وخَرجّت اجيال لها بصمتها داخل وخارج الأردن، وهي ما زالت تعمل كل ما بوسعها من اجل إحداث نقلة نوعية في نظامنا التعليمي رغم الكثير من المعوقات الإدارية والمادية وغيرها.
نفخر في عيد الاستقلال بما وصلنا إليه في تعليمنا العالي، جامعات عامة وخاصة يصل عددها إلى إثنتان وثلاثون جامعة، اعداد الطلبة الملتحقين بالجامعات يزيد عن الاربعمائة الف طالب، كليات متوسطة وجامعية بالعشرات.. مدارس بالآلاف… مؤهلات علمية واكاديمية مرموقة… ابحاث وباحثين على مستوى عالمي رغم محدودية الدعم للبحث العلمي وإدارته، خريجو الكليات التقنية والهندسية والمهنيون الذين يقودون ويشغلون المؤسسات والمصانع والمنشئات ويديرون عجلة الإنتاج في الوطن وفي السوق الاقليمي، جامعاتنا بدأت تتلمس طريقها نحو العالمية، ربما بدأنا متأخرين ونسير في الإصلاح بشكل بطيء لكنها خطوة الألف ميل التي لا تنتهي..!، نجاحات تراكمية وتميز ومساهمات على الصعيد المحلي والاقليمي والعالمي رغم محدوديتها احيانا أو تفردها…!، مبادرات إصلاح اخرها الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ورؤية التحديث التي حطت رحالها… بتشويش واضح… وتطوير لا يستند إلى دراسات واقعية رصينة… يشوبها تردد من اولي الأمر الباحثين عن البقاء… أو أصحاب نظرية سكن تسلم…! ، ورغم أن تنفيذها لا يجري كما يجب… ولكننا نقول؛ نعم هنالك فرق بين ما كان وما هو الآن…صحيح أن النوع ربما تراجع أمام الكم، ولكننا نعشق التميز ونطلبه..ونعمل لأجله رغم كل المعيقات والتحديات.
لأن الاردن يستحق منا الكثير والأسرة الاردنية ستبقى قابضة على الوطن رغم كل المحبطات ورغم بعضٍ من السوس الذي نخر جسد الوطن ذات تراجع أو فساد…أو مندسين تعوزهم الكفاءة…! قلناها ونؤكد عليها… في عيد الإستقلال… ورغم ما حققناه في التعليم العالي والتعليم إلا أن الواقع يفرض علينا وبأقرب وقت، ثورة بيضاء للتعليم العالي والنظام التعليمي، لأن مستوى الرضى تراجع، ولأن غيرنا سبقنا، ولأن من لا يتطور ينتهي…! ونقر أن من حولنا سبقنا لأننا نسير ببطئ.
املنا بابناء الاردن المخلصين ان يبنوا على ما تم وان يصنعوا الافضل… وهم قادرون إذا اتيحت لهم الفرصة وتوفرت إرادة التغيير، في عيد الإستقلال التاسع والسبعون، نضع الحكومة أمام مسؤلياتها رغم ما هي به من أزمات ومسؤوليات تفرضها الأوضاع الداخلية والخارجية، يجب أن يصبح التعليم إهتمامكم الأول تمويلاً وسياسات، لأنه السبيل الأول والأوحد لحل جميع المشاكل والمعيقات، ورفعة وتطور الأردن إقتصاديا واجتماعيا وفي مختلف الصعد، يجب أن نؤمن أن التعليم هو رافعة الأمم..وأن نكون بمستوى الطموح.
سيبقى الأردن عزيزا شامخاً، متفائلون رغم ورغم كل التحديات، مؤمنون بأهدافنا، نخطىء… نتراجع… يهاجمنا الفساد والإحباط أحياناً، ولكننا نعول دائماً على كل المخلصين المحبين للأردن ومسيرته وشعبه وقيادته، وأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، لن نكون عدميين، بل سنتشبث بكل بارقة أمل وخير… فلا بديل لنا إلا الأردن، ولا بديل لنا إلا المزيد من العمل وشحذ الهمم لنسير في المئوية الثانية وعين الله ترعانا….يدا بيد قيادة وشعب لأردن أفضل.
كل عام وبلدنا وأهله وقيادته بخير… .وكل إستقلال والمسيرة تزداد إشراقاً وعنفواناً…بسواعد المخلصين من أبناء شعبنا الأبي… حمى الله الاردن.