الحقيقة المؤكدة التى لايختلف عليها أحد أن الخيانة بكافة أشكالها وصورها ومسمياتها هى أكبر خطيئة تقع من أى إنسان لأنها تجعله ينخرط فى الأفعال المشينة التى تهوى به لكل فعل ملتوى ليبرر لنفسه الضعيفة كل قول أو فعل خسيس بعيد كل البعد عن الدين والأعراف والقيم والمبادئ التى تعمل على رفعة الإنسان ورقى أخلاقه وثبات موقفه وصحوة ضميره.
ولأن الخيانة بمفهومها الصحيح هى خيانة العهد بين العبد وربه فهى تعكس تصرف مذموم غير أخلاقى لدى جميع الأديان والثقافات لأنها تصدر من شخص أنانى لايراعى مشاعر الغير، فالشخص الخائن دائماً يتصرف تبعاً لمصالحه ورغباته فيتحول لقنبلة من الأنانية تنعكس على كل الأشخاص القريبين منه.
لا يمكن للشخص الخائن أن نثق فى قوله أو فعله، ولايفوتنا التذكير بقول الحق سبحانه وتعالى ( إن الله يدافع عن الذين ءامنوا، إن الله لايحب كل خوان كفور ) ( الحج 38) فهذا تأكيد من المولى عزوجل أنه يبغض من عباده كل خائن، لأن الخيانة تأخذ صاحبها للكفر والجحد لكل نعمة من حوله فلايعترف بها، ونرى فى الشخص الخائن أنه كثير الإنتقاد والشكوى وعدم إستشعار النعم من حوله ونكران للجميل لأى شخص وقف معه، ناقم على الحياة لم يرى فيها أى شئ يستحق أن يأخذه إلى المسار الصحيح فى الحياة، فيصبح مذموم لايثق فيه أحد.
فالخيانة أنواعها كثيرة ولكن من أهمها خيانة الأمانة لأنها خيانة لله عزوجل ورسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم )، فكل شخص مؤتمن على ما كلف به من أمانة ومسئولية فى تلك الحياة، فإذا لم يفى ويجحد تلك الأمانة وينقلها نقل مشوة ومغلوط على حسب رغباته وأهوائه فإنه خائن بلاضمير، وأما خيانة النفس فهى أن تخون نفسك وتفعل كل مشين يجعلك نفس ضعيفة أمام كل المعاصى، أما خيانة الناس وهى لها أشكال كثيرة منها أكل أموال الناس بالباطل، إفشاء الأسرار، عدم إبداء النصيحة والرشد للآخريين، الخيانة للزوج، فأياً ما كانت العلاقة القائمة بين الأشخاص فهى كل ما وطن داخل الإنسان وخشى أن يعرفه الناس بداية من الغيرة والحقد والغل والنفاق إنتهاءاً بالضرر والأذى.
ومن أبشع أنواع الخيانة هى خيانة الوطن وهى أدنى درجات اللؤم والفحش الأخلاقى لأنها تنم عن الجحود والنفاق والخبث ونكران الجميل للوطن، الذى هو الحصن والعرض، فالوطن هو الأسرة والمجتمع وموطن الأجداد والأبناء والأحفاد ومكان الذكريات الحافلة بالمشاعر الجياشة الجميلة، فكل خائن لوطنه من أجل سلطة أوحفنه من المال أو حرية بغيضة مليئة بالأكاذيب والتحريض والجهل يصبح بلاوطن وأصل وهويه وبفتقر للضمير والإنسانية.
وفى الختام يجب أن نحرص على سلامة قلوبنا فهى نعمه عظيمة، فلا نضع ثقتنا فى أى شخص أياً ما كان إلا بعد أن نتأكد أنه جدير بهذه الثقة ومن الأفضل أننا نتجنب الثقة الكاملة فى التعامل مع الأشخاص الغرباء عنا لنحافظ على سلامة عقولنا وقلوبنا وحياتنا مع من هم الأهم برعايتنا، فالتعامل مع الغرباء والمعارف بحذر نتفادى به كثير من الأوجاع والخذلان وكسرة القلب، فهنيئاً لكل إنسان عرف ما له وما عليه ويسعد وينعم فى هذه الحياة بالخلق الصالح.
اقرأ أيضاًمصطفى بكري: كل واحد عايز يبقى تريند يكسبلو قرشين يطلَّع شائعات على البلد ويلعب بمشاعر الناس
مصطفى بكري: هاتولي بلد تتعرض لحرب شائعات مثلما يحدث في مصر
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الخيانة
إقرأ أيضاً:
الأزهر يدين الهجوم الإرهابي ضد مدنيين أستراليين يهود: التعدي على النفس البشرية حرام
أدان الأزهر الشريف، الحادثَ الإرهابيَّ الذي استهدف تجمعًا لمدنيين أستراليين يهود بالقرب من شاطئ بوندي بالعاصمة الأسترالية سيدني، وتسبَّب في مقتل عددٍ من الضحايا والمصابين.
الأزهر يدين الهجوم الإرهابي على مدنيين أستراليين يهودوأكد الأزهر، في بيانه، موقفه الثابت من حرمة الاعتداء على المدنيين؛ أيا كان جنسهم أو معتقدهم، والذي يأتي انطلاقًا من فهمٍ متعمقٍ لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، اللذين حرَّما التعدي على النفس البشرية بشكل عام؛ قال تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾، وما جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه مرَّت به جنازةٌ فقام، فقيل له: إنها جنازةُ يهوديٍّ، فقال: «أليست نفسًا؟».
واستنكر الأزهر الشريف، هذا الحادث الإرهابي، مؤكدا أنه يُقدِّر الموقفَ البطوليَّ للشاب المسلم أحمد الأحمد، الذي لم يتردد في تعريض حياته للخطر بعد أن بادر بنزع سلاح أحد المهاجمين قبل أن يتمكنوا من إصابته برصاصتين، مؤكدًا أن هذا السلوك الإنساني الرفيع يعكس فهمًا عميقًا لتعاليم دينه الحنيف، ويؤكد أن المسلمين دعاةُ سلامٍ ومحبة، لا عنفٍ وعداوة، كما يحاول البعض تصويرهم زورًا وبهتانًا.