شمسان بوست:
2025-07-07@04:14:00 GMT

الليكود العربي وحركة التطبيع الجديد

تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT

شمسان بوست / كتب.. مهيب نصر


قضت الاستراتيجية الإسرائيلية/الأميركية في المنطقة العربية على خلق شخصياتٍ مهلهلة وهزيلة، غاية الدفع بها إلى سدةِ الحكم، أو المناصب السيادية الحساسة في الدول الُقطريَّة، لتُدار من الخارج رغبًا ورهبًا، ويُدار لها شؤونها في الداخل، بينما تظهر في المشهد كصورةٍ مُمثلةٍ عن شعبها العربي، تتحدث بلساننا، وتعتقد في إسلامنا، وتزعم اهتمامها بهمومنا وهموم أمتنا.

إستُدخل حكام الليكود العربي إلى أطراف تلك الاستراتيجية وليس إلى قلبها-سنعرف لماذا- مشتركين في مواجهة الأعداء وملاطفة الأصدقاء، فعدو أميركا وإسرائيل هو عدو حكام الليكود العربي، فشرعوا في تصفية الرؤوس الضخمة المؤثرة في المنطقة، كما شرعوا من قبل في تصفية الجيل الناجز والقادم بواسطة المناهج الدراسية التي تم شطب فلسطين وقضيتها منها، ومنظومة القيم القرآنية.


تعلَم أميركا وإسرائيل أن أعداءها هم أولئك العقائديون العقلاء، المتحررون من الموت، الطالبون للشهادة، ولذلك أعطتهم إسمًا سياسيًا حتى يسهُل إعدامهم معنويًا بفعل شيطنة الإعلام لهم، ليصبح إعدامهم المادي بعد ذلك تحصيل حاصل، فقالوا عنهم (الإسلام السياسي) تجار الدين، الباحثون عن الحكم!
نفخوا في فضاء الإعلام هذه الإكذوبة المقبوحة، كخطوةٍ أولى تعقبها خطوات، وحشدوا لها حشدهم حتى ردد الكثير من الناس ما يردده الإعلام، دون أن يطرحوا ولو سؤالًا واحدًا: ماذا فعل الإخوان المسلمون-الإسلام السياسي- بالمقارنة إلى حاكمٍ واحدٍ من حكام الليكود العربي؟



هؤلاء الرجال النبلاء هم أعداء إسرائيل لأنهم يهددونها في وجودها، وأعداء أميركا لأن أميركا ترى إسرائيل أمنها القومي، وأعداء حكام الليكود العربي لأنهم الأقدر على القيام بالثورات وتحشيد الناس على ثلَّ عروش الحكام، وإسقاطهم من كراسي الحكم. ولأن المقاومة في فلسطين يُنمِيها شرفًا إلى ما اسموه الإسلام السياسي، أو الإخوان المسلمون، ولكونها الحقيقة الوحيدة المقاومة في المنطقة، والتي تُشكِّل تحديًا وصداعًا مستمرًا لليكود العربي وإسرائيل ومن ورائهما أميركا، أوجبوا القضاء عليها حتى يستريحوا من صداعها، ويميتوا نموذجها العظيم في قلوب الشباب العربي والذي تشكل في السابع من أكتوبر، وإفهام الشعوب خطيئة ما ارتكبته المقاومة، أو حماقة هذا الخط التحرري النبيل بالمقارنة إلى حكمة حكام الليكود العربي وحنكتهم السياسية!


إن في القضاء على المقاومة حياةٌ لحكام الليكود العربي وإسرائيل ومصالح أميركا في المنطقة، وفي  انتصارها حياةٌ للشعوب العربية وموتٌ لحكام الليكود وإسرائيل ومصالح أميركا.

لم تكن الغاية من التطبيع الجديد تطويع حكام الليكود العربي، وكسر إرادتهم، وجرَّهم إلى تجسير العلاقة مع إسرائيل، بل كان التطبيع لأجل إستدخال الشعوب إلى تلك العلاقة عن طريق إستدخال إسرائيل إلى الدول المطبِّعة، واستنفار الإعلام الرسمي لتحييد العقول عن السياسة، ولفتهم إلى الحرية السالبة، والحضارة التكنولوجية الجاذبة،واستنبات حركات التطبيع من الداخل الشعبي، وخلق الأعداء لتلك الحرية وتلك الحضارة، حتى تتَّحد قوى الشعب مع حاكمها، ويتحد حاكمها مع الحضارة الإسرائيلية الأمريكية. إن حكام الليكود العربي ثمرةٌ من ثمار الاحتلال الإسرائيلي، زُرِعوا على سدة الحكم كما زُرع الاحتلال في أرض فلسطين. ومن الصعوبة بمكان إزالة الاحتلال دون إزالة الحكام، فهما يستقان القوة والمساندة من بعضهم، بل الوجود والاستمرار، ويُسقَيان بماءٍ واحدٍ وهو ماءُ التنكيل والتقتيل والنفي الممنهج، ولولا هذا الماء الأُجاج لما بقوا عقودًا من الزمن يحكومون ولا يحتكمون للنظم الديمقراطية، أو نظم القانون الدولي والمؤسسات الدولية، ويرتعان في حدائق رعاة البقر ونادي الاستعمار العالمي.

لقد كُلَّف هؤلاء الحكام بإبادة الفطرة السليمة، وتصفية الوعي المُتشكل من خصائص هذه الأمة وتراثها، وإبدالهما بثقافة السوق، وحب الدنيا، وكراهية الموت، فكان الاستسلام عين السلام المزبور في كتب السياسة وعلى لسان الساسة، وكانت المَجبَنة منهجٌ عامٌ تدل على الاستقرار، في الوقت الذي لا يدل الاستقرار على نفسه إلا بمزيد من الاستبداد الداخلي، والاستعمار الخارجي، وتشظي الأوطان.



إن سلام الضعفاء استسلامهم، وإن سلام الأقوياء انتصارهم، كذلك التسامح، فهو بذل القوي للضعيف، وليس بذل الضعيف للأقوي، ولكن حكام الليكود العربي لا يفتأون يتحدثون عن السلام والتسامح وهم الضعفاء، ويروجون لذلك وهم البؤساء. الحق أنهم لا يفهمون ضعفهم وبؤسهم، إذ ينسبون أنفسهم إلى الأقوياء، لكونهم تبعا لهم، ويعتقدون أن سلام الأقوياء سلامٌ لهم، فالسفينة واحدة والقبطان واحد. مالا يفهمونه هو أن أولئك الأقوياء خصومٌ لأمتهم وإسلامهم، وأصدقاءٌ لهم بغرض الانتقام من أمتهم وإسلامهم، ولذلك رأينا كيف يطيحون بمن يرفض التبعية، وبمن لا يمكنوهم من أنفسهم وأمتهم!

من هنا نفهم لماذا وضعوا في أطراف الاستراتيجية المُراد تخلُّقها في المنطقة العربية، لأن في القلب إسرائيل، وهؤلاء مجرد توابع من توابعها يؤثثون لها عقول وأفهام الجيل بما يتسق مع الأوامر السياسية، ويسعون في خطب ودَّها والتحامي بها من شعوبهم، ليس لأن هؤلاء الحكام خونة، ولا ضعفاء، ولا جهلاء، وإنما كل ذلك وأكثر. لعل أبرز ما يجمعهم، التنافس في مرضاة الأمريكي والإسرائيلي، ووهب الغالي والنفيس في سبيلهما إيمانًا واحتسابًا، أما الله ومرضاته فمبررٌ من مبررات بقائهم واستغباء شعوبهم، وفي رأيي أنهم وصلوا إلى نقطة كاشفة وكاشفة جدًا بفضل صمود غزة وثبات أبطالها، فإما أن يستمروا في ممارسة إستبدادهم بالكفر، وإما أن يسقط إستبداداهم بالإسلام.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يواجه ضغوطًا داخل الليكود لفرض السيادة على الضفة الغربية وسط إدانات عربية ودولية

نقلت القناة 14 العبرية عن مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأكيده التزامه بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، في تطور يعكس تصاعدًا في الخطاب السياسي الإسرائيلي تجاه الأراضي الفلسطينية.

وجاءت تصريحات نتنياهو في وقت يشهد فيه المشهد السياسي الإسرائيلي دعوات متزايدة من داخل حزب الليكود الحاكم

نشر عضو الكنيست دان إيلوز مقطع فيديو صرّح فيه "في السابع من أكتوبر، لم يكن الهدف قتل اليهود فقط، بل اقتلاعهم من أرض إسرائيل. صورة النصر يجب أن تتضمن فرض السيادة الكاملة على يهودا والسامرة" – وهو المصطلح التوراتي الذي يستخدم للإشارة إلى الضفة الغربية المحتلة.

هآرتس: الرقابة العسكرية تأمر بحذف تقرير عن شراء نجل نتنياهو شقة فاخرة في إكسفوردهدنة الستين يوما| ضغط أمريكي يقرب الاتفاق.. ومصير الرهائن بين نتنياهو والمتشددين

وفي خطوة لافتة، وجّه وزراء حزب الليكود رسالة رسمية إلى نتنياهو، طالبوه فيها بالتصديق على قرار حكومي يقضي بضم الضفة الغربية قبل نهاية الدورة الصيفية للكنيست خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة. وتُعد هذه الرسالة أول دعوة جماعية ومعلنة بهذا المستوى من قبل الحزب الحاكم نحو فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.

وتزامنت هذه التحركات مع زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى الولايات المتحدة، حيث من المقرر أن يلتقي بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ووفقًا لمراسل القناة تمير موراج، فإن البيت الأبيض لا يدعم حاليًا أي تحرك بهذا الاتجاه، رغم وجود شخصيات داخل الإدارة تؤيده، لكن ترامب لم يُبد حماسة واضحة لهذا الطرح في فترات سابقة.

من جهتها، أدانت مصر والسعودية بشدة هذه التصريحات، معتبرة أنها تمثل تهديدًا خطيرًا لمسار التسوية السلمية وتحديًا صارخًا للقانون الدولي.

وتأتي هذه التطورات بينما يواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة على الساحة الدولية، لا سيما مع ملاحقته قضائيًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب ارتُكبت في قطاع غزة.

طباعة شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السيادة الإسرائيلية الضفة الغربية المحتلة الخطاب السياسي الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية حزب الليكود الحاكم

مقالات مشابهة

  • لعنة "الشرق الأوسط الجديد"
  • دراسة: إسرائيل تخسر في ميدان العولمة وتربح في التطبيع
  • سوريا وإسرائيل بين المخاطر وفخاخ التطبيع
  • ‏وزيرا خارجية إيران وفرنسا يبحثان هاتفيًّا تطورات المنطقة بعد التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة
  • عملاء إسرائيل في الخليج!
  • النص الجديد لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين حماس وإسرائيل
  • المنطقة الوسطى تحتفي بأبطال تحدي القراءة العربي.. إشراقة فكر وتكريم تميز
  • السعودية عن التطبيع مع إسرائيل: أولويتنا القصوى الآن وقف الحرب بغزة
  • نتنياهو يواجه ضغوطًا داخل الليكود لفرض السيادة على الضفة الغربية وسط إدانات عربية ودولية
  • السعودية: وقف النار في غزة أولوية قبل التطبيع مع إسرائيل