خاص-المغرب

في ركن قصي بأحد مقاهي مدينة أولاد تايمة القريبة من أكادير في جنوب المغرب، يجلس محمد لوشاحي الأستاذ بسلك التعليم الثانوي يفكر في مشروع القانون التنظيمي للحق في الإضراب الذي فُتح النقاش حوله في الغرفة الأولى من البرلمان، وسط مخاوف من أن يمثل التفافا على الحق الذي ناضلت من أجله أجيال من النقابيين والسياسيين بالمملكة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لن نتوقف عن "الصراخ" من أجل السودان.. فهل تسمعون؟list 2 of 2هل يتجه المغرب نحو انفراج حقوقي وسياسي جديد بعد العفو الملكي؟end of list

يبدي لوشاحي مخاوفه بشأن القانون المثير للاهتمام بالبلاد التي تعرف جملة من الإضرابات الفئوية في الأشهر الأخيرة، كانت لها انعكاسات كبيرة على السير العادي للعديد من المرافق الحيوية كالتعليم والصحة.

يقول لوشاحي إن النقاش الدائر حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب يتميز "بعدم إشراك فئة عريضة من العمال في ظل ما تعرفه المؤسسة النقابية من ضعف"، مؤكدا أن لديه مجموعة من الهواجس والأسئلة المتعلقة بهذا الحق الدستوري.

ويرى أن من أبرز الهواجس التي تخيف أستاذ التعليم الثانوي "الخوف من تكبيل الحق في الإضراب إعلانا وتنظيما، وحصر الأسباب في ما تراه الحكومة فقط في حين أن العمال يرون أسبابا أخرى"، بالإضافة إلى ما سماه "استغلال الإضراب كوسيلة لمعاقبة الموظف في ترقيته وتسلسله المهني".

ولم تقف مخاوف لوشاحي عند هذا الحد، بل ذهبت إلى التوجس من تضمين "عقوبات سالبة للحرية وتكبيل الحرية النقابية، فضلا عن تحديد طبيعة تمثيلية النقابية المعلنة عن الإضراب"، وهي القضايا التي أثارت وتثير جدلا كبيرا بين الحكومة والنقابات.

محمد لوشاحي يبدي مخاوفه من تكبيل الحرية النقابية (الجزيرة) قانونية زجرية

من جهته، طالب عبد الإله دحمان نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بالموازاة مع إصدار القانون التنظيمي للحق في الإضراب، بضرورة مراجعة عدد من المقتضيات القانونية الزجرية التي تكبل بوضوح ممارسة الحق في الإضراب والحق في الحرية النقابية.

كما دعا دحمان إلى العمل على إنجاز "إجراءات مصاحبة لتطوير العلاقات المهنية ونزع فتيل الاحتقان الاجتماعي"، بالإضافة إلى إخراج قانون النقابات ومراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي الذي تتم بواسطته متابعة المناضلين النقابيين والتضييق على الحريات النقابية.

وأكد النقابي ذاته ضرورة العودة بمشروع قانون الإضراب إلى طاولة الحوار الاجتماعي المتعدد الأطراف، مبرزا أن القضايا المجتمعية "لا تتعلق فقط بتكييف تعسفي لمفهوم التمثيلية لإقصاء طرف دون آخر"، مشددا على أن المطلوب اليوم هو السعي إلى "توافق وطني يضمن الممارسة الفعلية والحقيقية للعمل النقابي والإضراب كحق دستوري".

ويرى دحمان أن الحق في الإضراب "آلية ناجعة للدفاع عن حق الطبقة العاملة وما تبقى لها من سلاح لمواجهة بعض المشغلين وإجهازهم على الحريات النقابية وعدم احترامهم العمل النقابي".

عبد الله غميمط: المشروع المطروح يمنع صراحة الإضراب السياسي ضد السياسة العامة للحكومة (الجزيرة) مقتضيات مكبّلة

بدوره، أفاد عبد الله غميمط، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي، بأن مشروع القانون التنظيمي للإضراب 15-97 الذي تريد الحكومة من خلاله تنظيم الحق في الإضراب يتضمن مجموعة من المقتضيات والمواد التي تكبله.

وسجل غميمط أن المشروع المطروح للنقاش بين المركزيات النقابية والحكومية يحصر الإضراب في المطالب الاجتماعية والاقتصادية الصرفة، ويمنع صراحة "الإضراب السياسي ضد السياسة العامة للحكومة وضد سياسات الغلاء في الأسعار ببلادنا؛ بل إن الإضراب التضامني ممنوع بموجب هذه المادة".

وعبر غميمط عن موقف نقابته التعليمية الرافضة للمشروع بسبب المقتضيات التي وردت في النص، ورآها تراجعا وتكبيلا للحق الدستوري في الإضراب، وهو الأمر الذي سبق للحكومة أن وعدت بمراجعته.

يونس السكوري: المشاورات مستمرة مع الشركاء الاجتماعيين من أجل السعي إلى التوافق (مواقع التواصل الاجتماعي) رهانات الحكومة

أمام المخاوف التي يتقاسمها قطاع واسع من موظفي القطاعين العام والخاص واتحاداتهم العمالية، ترى الحكومة، على لسان يونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن إخراج مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد ‏شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب الذي جاء التنصيص عليه في أول دستور للمملكة في سنة 1962 ‏وكرّسته جميع الدساتير اللاحقة ومنها دستور 2011؛ هو "التزام حكومي".

وأضاف السكوري -في تصريح للجزيرة نت- أن الحكومة الحالية استطاعت أن تفي "بالتزاماتها القاضية بإجراء مشاورات مع الشركاء الاجتماعيين بشأن مشروع هذا القانون، إذ عقدت سلسلة من اللقاءات التشاورية دامت مدة تعدّت 20 شهرا، من النقاش البنّاء داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي، من خلال عقد 50 لقاء، خصص منها 30 للشركاء الاجتماعيين و20 لقاء للقطاعات الحكومية المعنية".

ومكّنت المشاورات التي قادها الوزير ذاته من الوقوف على مجموعة من الملاحظات والاقتراحات المستقاة من الممارسات العملية للإضراب، حيث أكد أن المشاورات "ما زالت مستمرة مع الشركاء الاجتماعيين من أجل السعي إلى التوافق بعدما بلغنا مراحل متقدمة أسهمت إسهاما إيجابيا في تقريب وجهات النظر بشأن مشروع هذا القانون".

عبد الإله دحمان دعا للعودة بمشروع قانون الإضراب إلى طاولة الحوار الاجتماعي المتعدد الأطراف (الجزيرة نت) التوافق والتوازن

وردا على المخاوف التي تساور العمال والموظفين بخصوص القانون المذكور، أفاد السكوري بأن الحكومة اختارت "المنهجية التشاركية في إخراج مشروع القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب مع الشركاء الاجتماعيين، وتسعى إلى إقرار أحكام متوازنة وتوافقية تضمن ممارسة حق الإضراب دون تقييد، وفي احترام تام لأحكام الدستور وتماشيا مع توجهات منظمات العمل الدولية ومبادئها وتثمينا للممارسة الوطنية ذات الصلة".

واستدرك المسؤول المغربي موضحا أن ضمان حق ممارسة الإضراب دون تقييد الذي تسعى وراءه الحكومة مع شركائها سيضمن ما سماه "التوازن بين ممارسة حق الإضراب للمضربين وحرية العمل لأرباب العمل وللأجراء غير المضربين".

الوزير المغربي أكد -للجزيرة نت- أن الحكومة التي يمثلها لن تقبل المسّ بالحق في الإضراب، لافتا إلى أنها واعية منذ تنصيبها بأن القانون التنظيمي الذي طال انتظاره أكثر من 60 سنة يعدّ "‏قانونا غير عادي وذا بعد مجتمعي وله حمولة حقوقية، ومن ثم فالحكومة "حريصة على احترام المسار الحقوقي الذي سارت ‏فيه بلادنا ضمانا للحقوق المنصوص عليها في الدستور والقوانين التنظيمية ذات الصلة".

وقال إن الحكومة تسعى إلى إخراج القانون وفق مقاربة تشاركية، رغم توفرها على أغلبية مريحة، إذ تمتلك أحزاب التحالف الحكومي 269 مقعدا في مجلس النواب من أصل 395 مقعدا.

يذكر أن مشروع القانون الذي يناقش في البرلمان تم إيداعه بالمؤسسة التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول من 2016، في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، ولم يُقرّ بسبب المعارضة التي لاقاها من النقابات العمالية. وأدى ذلك إلى تجميده، قبل أن تعيد فتحه الحكومة الحالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حريات أن مشروع

إقرأ أيضاً:

قرار جديد بشأن دعوى عدم دستورية بعض نصوص قانون الإيجار القديم

قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمي، اليوم، بانقطاع الخصومة في الدعوى رقم 90 لسنة 42 دستورية، التي تطعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة «18» من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في قانون الإيجار القديم.

يشار إلى أنه نصت المادة 29 على أنه مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجه أو أولاده، أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسبًا أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل.

وفي حال كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، فلا ينتهى الحق بموت المستأجر الأصلي طبقا للعقد، أزواجا وأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكورا وإناثا من قصر وبلغ، يستوى في ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بوساطة نائب عنهم.

وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد.

كما طالبت الدعوى التي حملت رقم 141 لسنة 31 دستورية، بعدم الفقرة الأولى من المادة الأولى من الفصل الأول - تعاريف - من قرار رئيس الجمهورية رقم 237 لسنة 1997 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 6 لسنة1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1997 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية، وعدم الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1998بشأن تحويل الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى شركة مساهمة مصرية.

اقرأ أيضاًتأجيل محاكمة 16 متهما بخلية «الهيكل الإداري بالهرم» لجلسة 7 يوليو

موعد نظر الطعن المقدم من عفاف شعيب على براءة المخرج محمد سامي

بعد براءة المخرج محمد سامي.. أول تحرك قانوني من عفاف شعيب

مقالات مشابهة

  • بعد موافقة مجلس النواب.. تفاصيل تعديلات مشروع قانون الثروة المعدنية
  • د.حماد عبدالله يكتب: بشأن قانون المحليات المزمع (1) !!
  • إيهاب منصور: طرح قانون الإيجار القديم كان متعجلا.. ويجب أن يبنى على بيانات دقيقة
  • فسخ العقد وزيادة الأجرة.. قانون الإيجار القديم في سيناريو مفاجئ للمؤجر والمستأجر
  • مجلس الحكومة يتدارس المؤهلات المطلوبة لمزاولة مهام السنديك والأتعاب المستحقة
  • خلافات بين الجمهوريين بشأن قانون ترامب “الضخم والجميل”
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • قرار جديد بشأن دعوى عدم دستورية بعض نصوص قانون الإيجار القديم
  • زيادة الحافز الإضافي 700 جنيه اعتبارًا من يوليو 2025 بمشروع قانون العلاوة الجديدة
  • الحكومة تخطت صلاحيتها.. رفض برلماني لإخلاء شقق الإيجار القديم