بعد سنوات من الحرب، وتحديدا في 15 أغسطس/آب 2021، أحكمت حركة "طالبان" سيطرتها على أفغانستان، إثر قرار الولايات المتحدة بالانسحاب عسكريا من البلاد، فدخل مقاتلو الحركة العاصمة كابل من دون قتال.

وعلى إثر ذلك، كتبت حركة طالبان المتشددة فصلا جديدا في حكم أفغانستان، وعادت إلى السلطة مرة ثانية، حيث حكمت البلاد في السابق قبل سقوطها عام 2001 عقب الغزو الأمريكي لأفغانستان.

وكان سقوط حكومة الرئيس أشرف غني، أمرا حتميا مع بدء انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مايو/أيار عام 2021، بموجب اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان المبرم في فبراير/شباط قبل ذلك بعام، لكن القليل منهم كان لا يتوقع استيلاء طالبان على السلطة بهذا الشكل السريع.

وسريعا، بدأت حركة طالبان تأسيس جيش نظامي جديد لحماية البلاد، ومحاربة الجماعات المسلجة المنتشرة في أفغانستان وحدودها، قبل أن تشن عمليات عسكرية على بعضها.

وفي ظل الفراغ السياسي، أعلنت طالبان في 7 سبتمبر/أيلول 2021، تشكيل حكومة تصريف الأعمال، من شأنها أن تتولى إدارة البلاد في المرحلة المقبلة، قبل أن تصطدم مع الولايات المتحدة التي أعلنت في فبراير/شباط 2022، تجميد 7 مليارات دولار، ما دفع الحركة للتهديد بإعادة تقييم العلاقة مع واشنطن.

ومنذ استيلائها على السلطة، تضغط حركة طالبان على المجتمع الدولي للاعتراف بها "سلطة شرعية" في أفغانستان، فيما يعد هذا الأمر حاسما لطالبان لكي تتجنب الانهيار الاقتصاد.

اقرأ أيضاً

التنافس الأمريكي الصيني وطالبان والحرب الأوكرانية وراء التعاون الخليجي مع دول آسيا الوسطى

اعتراف دولي

وخلص تقرير سابق لمجلة "إيكونوميست"، إلى أن هناك حاجزين كبيرين يقفان في طريق حصول طالبان على القبول الدولي.

الحاجز الأول، يتلخص في جهود الحركة غير الكافية في مكافحة "الإرهاب".

أما الحاجز الثاني، فهي "القيود" المفروضة على النساء والفتيات، خاصة قرار منعهن من ارتياد المدارس الثانوية والجامعات، ومن العمل بالمنظمات غير الحكومية والوكالات الأممية.

ورغم تزايد المخاطر في أفغانستان، إلا أن أزمات البلاد باتت لا تحظى باهتمام كبير من المجتمع الدولي مع اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وعلى إثر ذلك، يرى خبراء ثمة مقاربة بين الوضع الحالي وبين وضع أفغانستان في أواخر تسعينيات القرن الماضي، حيث لم يدرك المجتمع الدولي في حينه التداعيات الخطيرة لاستيلاء طالبان على السلطة عام 1996.

وفي ظل تضاؤل الاهتمام العالمي بشأن الوضع في أفغانستان، وفرت الحركة موطئ قدم لتنظيمات مسلحة ومتطرفة محلية وأجنبية، فيما يدل مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في كابل مؤخرا على هذا الخطر.

اقرأ أيضاً

أزمة عدم تشغيل النساء.. طالبان تطالب أمريكا بعدم التدخل وقطر قلقة للغاية

طالبان والخليج

أما على الصعيد الخليجي، فبعد عامين من سيطرة طالبان على السلطة، فإن هناك تغيرا مستمرا في الانخراط الخليجي في أفغانستان، مع ترسيخ المرشد الأعلى لحركة "طالبان" الملا هيبة الله أخوندزاده سلطته، وتعزيز مكانة قيادة الحركة في قندهار مجددا.

ووفق منتدى "الخليج الدولي"، فإنه في أعقاب عودة طالبان إلى السلطة، حافظت بعض دول الخليج، خاصة السعودية وقطر والإمارات، على موطئ قدم دبلوماسي في البلاد.

ورغم أن دول الخليج بعيدة عن التوصل إلى سياسة مشتركة تجاه أفغانستان، لكنها تشترك جميعًا في الاهتمام بالتخفيف من البؤس الإنساني للسكان، وتعطيل جهود الجماعات الإرهابية المتطرفة لإنشاء ملاذات في البلاد، ومنع التوترات الداخلية الأفغانية من الانتشار في بلدان المنطقة.

وبناءً على هذه المخاوف المتبادلة، يبدو أن دول الخليج توصلت بشكل غير رسمي إلى إجماع على بعض قواعد الاشتباك التي يجب الالتزام بها عند التعامل مع طالبان.

ومن هذا المنطلق، يشير المنتدى إلى أن دول الخليج قد تتبنى سياسة تجاه أفغانستان تربط بعناية بين التفاعلات البراجماتية في المبادرات القائمة على المشاريع الاقتصادية، وبين الإدانات السياسية الصارمة لسلوك طالبان الراديكالي.

وأبدت دول الخليج اهتمامها بترك بعض قنوات الاتصال مفتوحة مع طالبان لمعالجة العديد من القضايا الأمنية والإنسانية، وعلى رأسها مراقبة الشبكات الإرهابية التي لا تزال مختبئة في ملاذات بجميع أنحاء أفغانستان، وكبح تجارة تهريب المخدرات، وتقديم المساعدات للسكان المنكوبين.

لكن العديد من "نقاط الاحتكاك" لا تزال تحتاج إلى معالجة قبل استكشاف فرص المزيد من تعاود دول الخليج مع طالبان، من بينها أزمة الثقة بين تلك الدول والحركة الإسلامية.

وطالما أن أفغانستان لم تتحول إلى نقطة انطلاق للجماعات الإرهابية المتطرفة العابرة للحدود، والوضع الأمني في أفغانستان غير متدهور بشكل كبير، فمن غير المرجح أن تأخذ سياسة دول الخليج تجاه طالبان منعطفًا مفاجئًا عن مسارها الحالي القائم على التوازن التدريجي.

اقرأ أيضاً

توازن تدريجي.. هكذا تدير دول الخليج سياستها تجاه أفغانستان تحت حكم طالبان

أزمات داخلية

داخليا، ومنذ أن عادت طالبان إلى الحكم، تغيرت حياة الأفغان ومناحي الحياة في هذا البلد الفقير بشكل كبير، بيد أن التغيير ظل للأسوأ.

وحرصت طالبان منذ توليها السلطة، على تطمين أبناء الشعب الأفغاني بأنهم سيشهدون تغييرا إيجابيا بما يخدم مصالحهم، كما أنها اهتمت بتطمين وسائل الإعلام الخاصة في أفغانستان بأنه بإمكانها ممارسة عملها باستقلال وحرية، وأن الحركة ستحترم المعتقدات الدينية والقيم الروحية لجميع الأفغان.

لكن على أرض الواقع، ظلت الأزمة الحقيقية في ملف حقوق الإنسان، فأصدرت قرارات وصفت بـ"المجحفة"، خاصة بحق المرأة الأفغانية، بدأت بحظر دخول الفتيات الجامعات، قبل أن تحظر عمل المرأة في المنظمات غير الحكومية، وضرورة ارتداء النساء ملابس لا تكشف سوى أعينهن، ويجب أن يكن برفقة أحد الأقارب الذكور، إذا سافرن مسافة أكثر من 72 كيلومترا.

كما فرضت الحركة العديد من القيود الأخرى، بموجب تفسيرها الصارم للشريعة الإسلامية، من بينها حظر عزف الموسيقى في الأماكن العامة، قبل أن تصدر أوامر بإغلاق جميع صالونات التجميل والشعر في أنحاء البلاد كافة بأوامر من طالبان، لأن الحركة تعدها غير إسلامية.

وبشأن بعض القيود الأخرى، تقول حركة طالبان إنها اضطرت لفرضها لأن النساء لم يكنّ يرتدين الحجاب أو يتبعن قواعد الشريعة الإسلامية. ورغم أن تطبيق قواعد حركة طالبان ليس موحدًا في جميع المحافظات، لكنه يخلق بيئة من الخوف والارتباك.

في الوقت نفسه، ترى حركة طالبان أن وسائل الإعلام المستقلة بمثابة العدو لها حتى قبل وصولها إلى السلطة.

وكانت أفغانستان قد حققت تقدما في مجال الإعلام خلال العقدين الماضيين، لكن مع عودة طالبان الحكم، اضطر آلاف الصحفيين إلى الفرار من البلاد أو البقاء في منازلهم بلا عمل.

اقرأ أيضاً

طالبان وأمريكا تتبادلان الاتهامات بعدم تنفيذ بنود اتفاق الدوحة

أزمة اقتصادية

ورغم قيود طالبان وقبضتها الأمنية القوية، إلا أن أفغانيات خرجن إلى الشوارع للاحتجاج على قرارات طالبان القمعية فيما ردت الحركة على الاحتجاجات بالقمع واعتقال عدد من الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة.

في الوقت نفسه، لا يزال الخطر الأمني قائما، فقد سقط حوال 1100 مدني وإصابة أكثر من 2600 آخرين، خلال العامين الماضيين، جراء التدهور الأمني وسلسلة التفجيرات التي شهدها العاصمة كابل، وعدد من المدن الأخرى.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تهاوى الوضع في البلاد وبات اقتصاد البلاد "في حالة سقوط حر" وفق وصف الأمم المتحدة التي حذرت من كارثة إنسانية في أفغانستان.

وتشير التقديرات إلى أن أفغانستان تحتوي على موارد طبيعية - بما في ذلك الغاز الطبيعي والنحاس - تبلغ قيمتها أكثر من تريليون دولار.

ومع ذلك، لا يزال الكثير من هذه الاحتياطيات غير مستغل بسبب عقود من الاضطرابات في البلاد.

وتقدر الأمم المتحدة أن 700 ألف شخص فقدوا وظائفهم، وأن العائلات من الطبقة الوسطى التي تعمل بالقطاعات الأكثر اعتمادا على الدعم الأجنبي تضررت بشكل خاص، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية وخدمات الأعمال والضيافة ووسائل الإعلام.

كما أن الريف، الذي يقطنه 75% من الأفغان، عصفت به سنوات من الجفاف مما جعل الظروف أكثر صعوبة.

ومع أن معظم البلاد غرق في الجوع بسبب ارتفاع أسعار الغذاء العالمية المتقلبة والأزمة الاقتصادية الناجمة عن سحب الدعم الغربي، فإن طالبان أوقفت نزيف الدولار من البلاد بفرض قيود صارمة على رأس المال، وقمع التهريب، ليستقر الأفغاني (العملة المحلية) مقابل الدولار عند مستوى غير بعيد، مما كان عليه في اليوم السابق لسقوط كابل.

اقرأ أيضاً

عقوبات أمريكية جديدة على طالبان

صورة قاتمة

يشار إلى أنه بعد مرور عامين على العودة الثانية لطالبان إلى السلطة، تبدو صورة حركة طالبان في تقارير عربية وغربية قاتمة، وتنذر بأزمات خانقة، وتحذر من مشاكل يستعصي إيجاد حلول لها.

وفي تقرير صادر عن "مركز الإمارات للسياسات" في مارس/آذار الماضي، رجَّح أن تتعمق الأزمة الإنسانية في أفغانستان نظرا لاعتماد البلاد على المساعدات، واقتصاد الكفاف فيها، وافتقارها إلى القاعدة الصناعية، كما ستقود الاضطرابات الاجتماعية الاقتصادية إلى انهيار العقد الاجتماعي، وحدوث موجة لجوء إلى الدول المجاورة وغيرها" حسب رؤيتهم.

وأضاف: "قد يؤدي رفض حركة طالبان تشكيل حكومة تُمثِّل الجميع إلى زيادة العنف السياسي في أفغانستان مقرونا بإجراءات قمعية من جانب الحركة لإخماد الانتفاضات ضدها، حيث ستوجه الحركة معظم عنفها نحو الأقليات العرقية، وبخاصة في المناطق الشمالية في البلاد".

وطبقا للتقرير فإن "عجز حركة طالبان عن كبح جماح الجماعات الإرهابية الأجنبية داخل أفغانستان، لا سيما تنظيمي القاعدة وداعش، سيشكل تحديا أمنيا كبيرا للسلم والأمن الإقليميين، وقد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في منطقتي جنوب آسيا وآسيا الوسطى".

وحسب التقرير ذاته، فإنه "ليس مستبعدا أن تخرج الدول المجاورة لأفغانستان، وبخاصة دول آسيا الوسطى وإيران وتركيا، من حالة الحياد، وتبدأ بتقديم دعم سري أو علني للفصائل المناهضة لحركة طالبان، الأمر الذي سيؤجج التنافس الإقليمي في هذا البلد، ويفتح المجال أمام عودة الحرب الأهلية إليه كما حدث في تسعينيات القرن الماضي".

اقرأ أيضاً

قطر تستضيف اللقاء الأول بين الأمريكان وطالبان منذ مقتل الظواهري

نجاحات

في المقابل، ترى الحركة أنها حققت نجاحات كبيرة في العديد من الميادين والمجالات خلال العامين الماضيين، خاصة على صعيد الأمن، ووحدة البلاد، والاقتصاد، ومكافحة الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.

ويقول الناطق الرسمي باسم المكتب السياسي لطالبان محمد نعيم، أنهم قاموا بمراجعات منذ عودتهم للحكم، دون أن يوضح طبيعة تلك المراجعات بشكل مُحدد.

ويضيف: "نحن نتعلم يوما بعد يوم، ونبحث عن حلول جديدة، أو مفاتيح ووسائل جديدة لحل المشكلات، وذلك من أجل أن نتأقلم مع الأوضاع والظروف الجديدة، وهذا يحدث في أي مجال وفي كل دول العالم".

لكن نعيم يرجع عدم حصولهم على الشرعية الدولية حتى الآن إلى رفضهم "الرضوخ لإملاءات بعض الجهات التي تريد أن تفرض بعض الأمور على الشعب الأفغاني، وعلى الحكومة الأفغانية"، مؤكدا أن تلك الجهات معروفة للجميع، وهي التي تريد أن تكون لها الكلمة الأولى والأخيرة".

ويطالب نعيم بالإفراج عن الأموال الأفغانية المُجمّدة في الخارج، مناشدا الجميع بمساعدة الشعب الأفغاني، سواء في الإعلام، أو في المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لأن "هذا جزء من حقوق الإنسان التي لم نحصل عليها حتى الآن، ومساعينا جارية، ونبذل كل ما في وسعنا لاستعادة أموال الشعب".

اقرأ أيضاً

ماذا تعني دولة طالبان لسياسة دول مجلس التعاون الخليجي؟

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: طالبان أفغانستان الخليج أزمة اقتصادية اعتراف دولي فی أفغانستان حرکة طالبان إلى السلطة دول الخلیج طالبان على على السلطة العدید من فی البلاد اقرأ أیضا قبل أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

منتدى قطر الاقتصادي.. أميركا والخليج على مسار شراكة عقلانية

الدوحة- سلط منتدى قطر الاقتصادي الضوء على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، حيث ركزت إحدى جلسات المنتدى على الدور المتنامي للمنطقة كمحور استثماري منظم وعقلاني في ظل بيئة تنظيمية مشجعة.

وخلال جلسة حملت عنوان "الاستثمار في أميركا"، ناقش دونالد ترامب جونيور، نائب الرئيس التنفيذي للتطوير والاستحواذات بمنظمة ترامب والشريك في شركة 1789 كابيتال، وأوميد مالك مؤسس ورئيس شركة 1789 كابيتال، رؤيتهما لمستقبل الاقتصاد الأميركي، حيث أكدا أهمية دعم الصناعة والابتكار وتعزيز الاستقلال الاقتصادي.

وأشارا إلى خلق بيئة استثمارية منظمة تعزز من فرص النمو، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل أشباه الموصلات والدواء، إلى جانب دعم حرية التعبير وحقوق الملكية كجزء من هوية السوق الأميركية الجديدة.

وأشاد المتحدثان بالتعاون الوثيق بين الولايات المتحدة ومنطقة الخليج، واعتبرا أن الشراكات الإستراتيجية القائمة على الثقة والتفاهم المتبادل تمثل فرصة تاريخية لإعادة تشكيل مستقبل العلاقات الاقتصادية، بما يعزز من الاستقرار والنمو على الصعيدين الإقليمي والدولي.

استثمارات منظمة ورؤية مستقلة

وأكد ترامب جونيور التزامه بالاستثمار في الشركات التي تتماشى مع سياسات "اجعل أميركا عظيمة مجددًا"، مشددًا على أهمية الابتكار والنمو والاستقرار في الاقتصاد الأميركي.

إعلان

وأوضح أن منظمة ترامب لا تبرم صفقات مع الكيانات الحكومية، بل تركز على التعاون مع المؤسسات الخاصة، وأن العائلة لديها تاريخ طويل في الاستثمار في العقارات، وأن هذه الاستثمارات تستند إلى علاقات طويلة الأمد في المنطقة.

ترامب جونيور: ما شاهدناه في الأيام الماضية كان استثنائيا ويعكس تجديد العلاقات مع الخليج (الفرنسية)

وبخصوص إعلان منظمة ترامب عن عدد من الاتفاقات خلال الأسبوع الماضي في منطقة الخليج، وإذا كان ذلك نتيجة وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض، قال ترامب الابن إن ذلك لا علاقة له بالوضع السياسي الراهن، و"نحن في منظمة ترامب شاركنا في معارض مثل "سيتي سكيب دبي" منذ عام 2007، وكانت لدينا العديد من الاتفاقات حتى قبل دخول والدي السياسة. الأمر طبيعي، لأن لدينا علاقات متجذرة في المنطقة منذ سنوات طويلة"، وفق قوله.

وأضاف "من الرائع أن نرى ما يحدث في هذه المنطقة، فقبل 15 إلى 20 عامًا لم نكن نتوقع أن تصل مستويات الاستثمار إلى ما هي عليه اليوم، فالناس هنا لا يتحركون بعشوائية، بل توجد بيئة منظمة تعزز من فرص التعاون، وما شاهدناه في الأيام الماضية كان استثنائيا، ويعكس تجديد العلاقات بين الولايات المتحدة والخليج، بل واستشرافا لمستقبلها".

وأوضح أنه بالمقارنة مع ما يحدث ربما في أوروبا الغربية، "فسنجد أن منطقة الخليج هي المكان الذي يشهد استثمارات عقلانية؛ فالناس يعملون بجد، ولا تتعامل مع بيئة تنظيمية قمعية إلى درجة تجعلك لا تفكر حتى في الاستثمار، لذا أرى أنها فرصة مذهلة".

إعادة ضبط للعلاقات وشراكة متعددة المسارات

وأشار ترامب الابن إلى أن ما رآه خلال زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة مؤخرا "كان بالفعل رائعًا بكل معنى الكلمة، وهو بمنزلة إعادة ضبط كاملة لمستقبل العلاقات بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة، سواء على صعيد العلاقات أو الفرص التجارية".

إعلان

ولفت إلى أن الاستثمار في الولايات المتحدة سيركز خلال المرحلة المقبلة على أشباه الموصلات وقطاع الأدوية التي تستورد أميركا نسبة كبيرة منها من الصين.

وقال "رأينا كيف واجهناها خلال أزمة جائحة كوفيد. لا يمكننا أن نعتمد على دولة واحدة، يجب أن يكون هناك بديل للصين".

وعن وجود مخاوف من الاستثمار في الولايات المتحدة نتيجة العجز والديون الكبيرة، قال ترامب الابن "إننا نتعامل مع العجز الناتج عن السنوات الماضية. ونرى ما يحدث في الوقت الحالي من وضع حوافز وتبديد المخاوف للاستثمار في الولايات المتحدة بكافة السبل".

وحول قانون الضرائب الذي من المتوقع تمريره، قال ترامب الابن "رأينا حجم الاستثمارات التي دخلت الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة، كما أن زيادة التصنيع والاستثمارات في البلاد لن تكون في مصلحة الأغنياء فقط، بل ستكون هناك فرص لأصحاب المهارات والكفاءات من الطبقة المتوسطة".

أوميد مالك: سلاسل الإمداد مسألة أمن قومي يجب أن تتحكم بها كل دولة (الفرنسية) الاستثمار في الإعلام والسيادة الاقتصادية

من جانبه، تحدث أوميد مالك، مؤسس شركة 1789 كابيتال، عن أهمية الاستثمار في الشركات التي تدعم حرية التعبير، مشيرًا إلى استثماراتهم في وسائل الإعلام والمنصات التي تعزز هذه القيم.

وقال "إننا في 1789 كابيتال نستثمر في شركات خاصة، وهذا النهج كان قائمًا منذ عام 1789، حيث نأخذ الحصص الأقلية في الشركات، ونفعل ذلك بشفافية كاملة".

وتطرقت الجلسة أيضًا إلى تأثير الشركات الكبرى في الولايات المتحدة وسيطرتها على الأسواق، وأهمية دعم الشركات الناشئة والمبتكرة لتعزيز المنافسة والحد من الاحتكار.

زيارة تاريخية للمنطقة

وقال أوميد "قمنا بزيارة تاريخية إلى الرياض والدوحة، وكانت فرصة لرؤية المستقبل من منظور إستراتيجي، سواء في الاتفاقيات أو في التعاون السياسي".

وأضاف "من الناحية الجيوسياسية، كانت هذه الجولة بمنزلة إعادة إحياء للعلاقات بين المنطقة والولايات المتحدة، وهي خطوة كنا ننتظرها بعد ما رأيناه من سياسات غير متسقة في سنوات كارثية لسياسات الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش وتخبط سياسة إدارة أوباما".

إعلان

وتابع "أتينا لنفهم ما يريده الناس، ونحن نؤمن بسياسة خارجية تسعى للسلام. وهذا ما نراه اليوم وندعمه، ليس فقط في المنطقة، بل في أميركا أيضًا".

وانتقد أوميد سياسة الرئيس الأميركي السابق بايدن، التي خلفت نسبة 20% تضخم بالبلاد وأجورا زهيدة.

كما شدد أوميد على أهمية أن تتحكم كل دولة بسلاسل الإمداد الخاصة بها حفاظًا على أمنها وسيادتها، فهي مسألة أمن قومي.

وقال إن الرئيس ترامب "وضع هذه الأهمية في مقدمة أولوياته، وهذا لا يعني أن لا يكون لنا شركاء، ولكن في المقام الأول يجب أن يكون المكون الرئيسي أو المورد الرئيسي لسلاسل إمداد الولايات المتحدة تحت سيطرتها".

مقالات مشابهة

  • طالبان تجري محادثات مع روسيا والصين لإتمام المعاملات التجارية بالعملات المحلية
  • أفغانستان تجري محادثات مع روسيا والصين بشأن معاملات تجارية بالعملات المحلية
  • طالبان تجري محادثات مع روسيا والصين بشأن معاملات تجارية
  • إيران تهدد ترامب: أية مغامرة أمريكية بالمنطقة ستؤول لمصير مشابه لأفغانستان وفيتنام
  • الطبيعة تغضب.. 230 مليون شخص في خطر| ماذا حدث؟
  • دماء وحطام على الطريق الدائري.. تهشم 10 سيارات وتفحم إحداهما.. 22 مصابًا وتوقف الحركة المرورية | ماذا حدث؟
  • البيت الأبيض يتجه لتصنيف حركة طالبان الأفغانية كمنظمة إرهابية أجنبية
  • ماذا يجري في طرابلس الليبية وكيف تطورت الأحداث؟.. نخبرك ما نعرفه
  • منتدى قطر الاقتصادي.. أميركا والخليج على مسار شراكة عقلانية
  • هنا أم درمان.. عامان من الإتلاف المتعمد لصوت السودان