15 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة:

تتبدل الأدوار ويتغير الزمان، ويبقى الطغيان حاضرًا بقناع مختلف.
وفي حكاية لا يصدقها عقل ولا تقبلها روح، يقوم رجال السلطة في عراق اليوم بتسليم معارض بحريني إلى جلاديه، ضاربين عرض الحائط كل مبادئ الضيافة، وحقوق الإنسان، وتاريخهم الشخصي من الفرار واللجوء من ظلم صدام.

تخيلوا معي، رجلاً هاربًا من وطنه، يجد ملاذًا في أرض تتفاخر بأنها حامية المظلومين.


انه السيد هاشم شرف، الذي جاء إلى العراق طلبًا للحماية، يلتقي بمصيره المرير عند معبر صفوان الحدودي، على يد ضابط لا يمت للإنسانية بصلة. هذا الضابط، بمزيج من الجهل والغطرسة، قرر تسليم هذا الضيف إلى الكويت ومن ثم إلى البحرين، وكأنّه مجرد بضاعة تُرد إلى مصدرها دون أن تهمه العواقب أو الحياة التي ستُسحق بسبب قراره.

يا للسخرية! هؤلاء الذين كانوا ذات يوم لاجئين، هاربين من ظلم صدام، يتنعمون الآن في مناصبهم العالية، وقد نسوا كل شيء عن تلك الأيام الصعبة.

ألم يتذكروا كيف احتضنتهم دول أخرى ووفرت لهم ملاذًا آمنًا؟ أم أن الكراسي قد أنستهم أن التاريخ لا يرحم؟ ألم يخطر ببالهم أن الزمن يدور، وأن الظلم الذي يمارسونه اليوم قد يرتد عليهم غدًا؟.

هؤلاء المتسلطون على مقدرات الدولة، الذين يرفعون شعارات الإمام الحسين، نسوا أن قضيته لم تكن يومًا مجرد شعار لتزيين المكاتب، بل كانت نضالاً ضد الظلم والجبروت.

كيف يمكن أن يختبئوا خلف شعاراته وهم يرسلون رجلًا يعلمون يقينًا أنه سيواجه السجن المؤبد في سجون البحرين؟. كيف استطاعوا أن يغدروا بضيفهم، وهم الذين يتفاخرون بأنهم من نسل من ضحوا بأنفسهم لأجل قيم الحق والعدل؟.

إنها مهزلة سوداء، عندما يصبح حامي الحمى هو نفسه الذي يغدر بمن طلب الحماية.
لقد فشلوا في بناء دولة تحترم نفسها وتحترم الآخرين، يديرها جهاز بيروقراطي متبلد، لا يفهم شيئًا عن حقوق الإنسان ولا عن العدالة.
هذا الضابط، بكل برودة أعصاب، نفّذ قرارًا كأنه آلة لا تفقه شيئًا، متجاهلاً المناشدات، متناسيًا أن كل قرار كهذا سيظل وصمة عار تطارد الدولة ورجالها في كتب التاريخ.

إن التاريخ سيحاسبهم، كما حاسب أهل الكوفة الذين خانوا مسلم بن عقيل.

الله سيلعنكم، والتاريخ سيلعنكم، لأنكم غدرتم بضيفكم وسلمتوه إلى جلاديه، وضربتم مثلا في الغدر، على أرض سيد الشهداء.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد العراقي يعانق الرقمنة: حظر النقد يعيد تشكيل المستقبل المالي

9 يونيو، 2025

بغداد/المسلة:  يمثل التحول نحو الدفع الإلكتروني في العراق خطوة طموحة نحو اقتصاد رقمي حديث، حيث تسعى الحكومة إلى تقليص الاعتماد على النقد وتعزيز الشفافية المالية.

وأعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي، صالح سلمان، في 9 يونيو 2025، حظر الدفع النقدي في المؤسسات الحكومية اعتبارًا من يوليو 2025، في إطار إصلاحات مالية شاملة تهدف إلى دمج البنوك العراقية في النظام المالي العالمي.

وارتفعت نسبة الشمول المالي من أقل من 10% في 2018-2019 إلى حوالي 40% حاليًا، مع وصول عدد أجهزة نقاط البيع إلى 60-70 ألف جهاز، وزيادة الحسابات المصرفية إلى 22-23 مليون حساب، مما يعكس تقدمًا ملحوظًا في البنية التحتية المالية.

وأطلقت الحكومة حملات توعية لتغيير الثقافة التقليدية القائمة على النقد، حيث يفضل العراقيون تاريخيًا التعامل النقدي بسبب انخفاض الثقة بالمصارف. وشهدت تجربة مماثلة في أغسطس 2023، عندما بدأت محطات الوقود بتطبيق الدفع الإلكتروني، مما قلل من الازدحام وساهم في تسريع المعاملات. ويتوقع الخبراء أن يساهم التحول الإلكتروني في مكافحة الفساد وتقليل مخاطر السيولة النقدية، حيث تجاوز حجم المدفوعات الحكومية الإلكترونية 912 مليار دينار في يوليو 2024.

ودعمت الحكومة برنامج “ريادة” بالتعاون مع البنك المركزي لتمويل وتدريب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز ريادة الأعمال ويقلل الحواجز التشغيلية. وفتح العراق أبوابه للاستثمار الأجنبي، مع تعاقدات مع شركات عالمية مثل “إرنست ويونغ” و”KPMG” لإعادة هيكلة مصارف حكومية مثل الرافدين والرشيد، بهدف تحسين الكفاءة والامتثال للمعايير الدولية. وتسعى هذه الإصلاحات إلى معالجة تحديات استمرت عقودًا بسبب العقوبات، مع التركيز على التحول الرقمي وتعزيز الأمن السيبراني.

وواجه العراق تحديات مماثلة في يناير 2023، عندما أُعلن عن خطط لتوسيع الدفع الإلكتروني، لكن مقاومة ثقافية وفساد إداري أعاقا التنفيذ. ويبرز اليوم تفاؤل حذر، حيث يتطلب النجاح تعاونًا بين الحكومة والمواطنين والقطاع الخاص. ويعكس التعاون مع 30 بنكًا أجنبيًا وإطلاق مصرف رقمي جديد، مثل “مصرف الرافدين الأول” برأسمال 500 مليار دينار، طموح العراق لتحقيق اقتصاد شامل وشفاف. ويظل التحدي الأكبر في بناء الثقة المجتمعية وتطوير البنية التحتية لضمان استدامة هذا التحول.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بعد 11 عاماً على السقوط: الموصل بين جراح الماضي ورهانات المستقبل
  • فضيحة الرواتب التقاعدية: 88 إرهابيًا يستنزفون خزينة العراق
  • يونامي تنهي مهمتها بالعراق
  • الشرع يستقبل مبعوثا خاصا من العراق
  • المؤسسات العراقية تتجه نحو الدفع الالكتروني: لا للتعامل بالكاش
  • الاقتصاد العراقي يعانق الرقمنة: حظر النقد يعيد تشكيل المستقبل المالي
  • تلاشي دعوات الانسحاب الأمريكي يرسم معادلة أمنية جديدة في العراق
  • من أرض المناسك.. العراق يرتدي وشاح الريادة
  • الدينار الهادئ: قراءة في هبوط العملة المطبوعة في العراق
  • صناع المجد: مدارس عراقية تحقق نسبة نجاح 100% وتكتب التاريخ من جديد