حي الشيخ جراح.. بؤرة تقاوم الاحتلال داخل القدس
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
حي الشيخ جراح هو أحد أبرز أحياء مدينة القدس وأكثرها أهمية، يقع في الجانب الشرقي من البلدة القديمة في المدينة. وتكمن أهميته في كونه أول الأحياء الفلسطينية خارج أسوار القدس.
امتاز بضمه أبرز العناوين الرسمية الفلسطينية في القدس، مثل بيت الشرق، الذي كان مقرا لمنظمة التحرير الفلسطينية وأغلقته سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 2003، إضافة إلى المسرح الوطني الفلسطيني، والعديد من مقار البعثات الدبلوماسية.
يقع حي الشيخ جراح شمالي البلدة القديمة في مدينة القدس، وهو من أحياء القدس الشرقية، ويوجد حول منعطف الطريق المؤدية إلى نابلس وتلك المؤدية إلى جبل المشارف (سكوبس).
سبب التسميةسُمي حي الشيخ جراح بهذا الاسم نسبة إلى الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، وهو من عائلة "الجراحي" لذلك سمي الحي تيمنا باسمه منذ القرن الـ13 الميلادي.
وقال مجير الدين الحنبلي، عبد الرحمن بن محمد المقدسي العُمري (860-928هـ) في كتابه "الأُنس الجليل في تاريخ القدس والجليل" إنه رأى زاوية في القدس، باسم الزاوية الجراحية، تقع بظاهر القدس من جهة الشمال كما حددها، وأضاف أن لها وقفا ووظائف مرتبة، وأنه تمت نسبتها إلى واقفها الأمير حسام الدين الحسين بن شرف الدين عيسى الجراحي.
ويقول مجير الدين إن الجراحي هو أحد أمراء الملك صلاح الدين الأيوبي، محددا وفاته بسنة 598 هجرية، مؤكدا أنه دفن في تلك الزاوية، وأن هناك عددا من المدفونين في جهتها القبلية، قد يكونون من جماعة الجراحي.
السكان والمساحةوتبلغ مساحة حي الشيخ جراح 808 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع)، ويسكنه نحو 2800 نسمة، ويقع تحت السلطة الإدارية لبلدية الاحتلال في القدس.
وينقسم الحي إلى جزأين، أحدهما يضم المطاعم والقنصليات والفنادق، والآخر يأوي اللاجئين منذ الخمسينيات من القرن الـ20.
تقع في الحي عمارة مخيم الصمود، والتي كانت عبارة عن كلية سكنها المهجرون الذين هدم الاحتلال بيوتهم.
ومن الأحياء السكنية الموجودة في منطقة الشيخ جراح حي الحسينية، الذي كانت تقطنه عائلة إسماعيل بيك الحسيني، وسليم بيك ورباح الحسيني، وفيه فندق دار الطفل وبيت الشرق.
ويوجد فيه أيضا حي النشاشيبية، الذي يقع فيه فندق أمبسادور ومعهد الآثار البريطاني.
لم تقل قطع الأرض المخصصة للبناء في الشيخ جرّاح عن 800 متر مربع للبيت الواحد في القرن الـ19، ولم يزد علوّ البيوت عن طابقين.
وغالبا لم تكن المساحة المبنية في البيوت تتعدى 200 متر مربع، أمّا باقي المساحة فكانت تخصص للحدائق المزروعة بالورود والأشجار المثمرة المحيطة بالبيوت.
كما تميزت هذه البيوت بهندستها الفريدة وصالوناتها الفاخرة، وأيضا بالشبابيك المزخرفة ذات الطابع الشرقي.
المؤسسات في حي الشيخ جراحتوجد في جزء من حي الشيخ جراح مقرات عدة مؤسسات مهمة، منها: مؤسسة دار الطفل العربي، وقصر دار إسعاف النشاشيبي وقصر المفتي أو ما يعرف بفندق شبرد.
وتوجد في الحي أيضا فنادق ومساجد من بينها مسجد الشيخ جراح ومراكز طبية وملعب الشيخ جراح وفندق الكولونية الأميركية ومركز الحياة الطبي (مؤوحيدت).
وفي الحي أيضا عدد من القنصليات، من بينها القنصلية البريطانية والإيطالية والتركية.
تاريخ حي الشيخ جراحتعود قصة حي الشيخ جراح إلى العام 1956، في أعقاب نكبة فلسطين عام 1948، فقد اضطرت نحو 28 عائلة من العائلات التي فقدت منازلها إلى الانتقال إلى حي الشيخ جراح وبدء حياة جديدة.
وبعد حرب 1948 تم تقسيم القدس، حيث كانت في ذلك الوقت تحت حكم الأردن، وجرى اتفاق آنذاك مع وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، على أن تتعهد الحكومة الأردنية بتوفير مساحة الحي من الأراضي ومنحها هبة للعائلات الفلسطينية الـ28، ويكون دور الأونروا بناء وتشييد 28 منزلا، مقابل مبلغ مالي رمزي يتم دفعه بشكل دوري، حتى يتم تمليك كافة المنازل في غضون سنوات.
وتم منح أراضي حي الشيخ جراح للعائلات المعنية، وكانت مساحة المنزل الواحد تبلغ نحو 800 متر مربع.
وبعد اندلاع حرب 1967 تغيرت قواعد اللعبة، وسيطرت قوات الاحتلال على الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، وأصبح عدد العائلات 38 عائلة دون سند ملكية للأرض، وهو ما يعرضها للتهجير من جديد في أي وقت، وبدأت مرحلة جديدة من محاولة إثبات الملكية.
في عام 1972 لجأت طائفة اليهود السفارديم وكذا اليهود الأشكناز إلى ساحات القضاء مدعين ملكية الأرض منذ عام 1885، وادعوا أن العائلات الفلسطينية تملكت الأرض بوضع اليد عليها، إلا أن القضاء أنصف العائلات الفلسطينية في ذلك الوقت.
وفي عام 2008 أصدرت محكمة الاحتلال قرارا بتمكين إحدى عائلات المستوطنين من أحد المنازل التابعة لعائلة الكرد في حي الشيخ جراح، وأعقب ذلك قرار آخر عام 2009، وتم إخلاء منازل عائلتي حنون والغاوي.
وتواجه نحو 12 عائلة فلسطينية أخرى خطر التهجير نظرا للمزيد من القضايا المعروضة على محاكم الاحتلال.
إجراءات الاحتلال في الشيخ جراحمنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2008 طردت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قسرا عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح، والتي ظلت تسكنها منذ خمسينيات القرن الـ20.
والمنازل المهدّمة جزء من مجموعة من 28 منزلا فلسطينيا مهددا بالإخلاء والمصادرة من أجل بناء مستوطنة "شمعون هاتصديق".
يتألف مخطط بناء المستوطنة من 200 وحدة استيطانية فوق أرض مساحتها 18 دونما، وقد أعدته "اللجنة المحلية للتخطيط والبناء" في بلدية الاحتلال في القدس المحتلة.
وتم تقديم المخطط الأصلي لبلدية الاحتلال بهدف الحصول على ترخيص لبناء مستوطنة إسرائيلية جديدة تتألف من 90 وحدة استيطانية تشمل 6 أبنية، يتكون كل مبنى من 8 طوابق وكنيس ورياض أطفال وحديقة عامة.
وفور الانتهاء من هذا المشروع، سيشكل فندق شبرد مستوطنة إسرائيلية رئيسية تقع في قلب الحي الفلسطيني، وستعمل جسرا يصل مستوطنة "شمعون هاتصديق" ومقرات شرطة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنة التلة الفرنسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حی الشیخ جراح فی القدس متر مربع
إقرأ أيضاً:
مقابر القدس تاريخ عريق ينهشه التهويد
تضم مدينة القدس 5 مقابر إسلامية تاريخية وعشرات المقابر العائلية الصغيرة. وتواجه هذه المقابر مشاريع تهويد مستمرة، تنفذها سلطات الاحتلال بهدف إزالتها وإقامة مشاريع استيطانية مكانها، في إطار محاولاتها لطمس المعالم الإسلامية للمدينة الفلسطينية المقدسة وتغيير هويتها.
ولا يتورع الاحتلال الإسرائيلي عن تجريف قبور المسلمين في مقابر القدس والسماح للمستوطنين باقتحامها ونبشها وأداء طقوسهم التلمودية فوقها، إذ شهدت اعتداءات متكررة وانتهاكات متواصلة منذ نكبة عام 1948.
تاريخ عريقتضم مدينة القدس 5 مقابر إسلامية تاريخية هي: باب الساهرة وباب الرحمة واليوسفية، إضافة إلى مقبرتيْ مأمن الله والنبي داود اللتين استولى عليهما الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل ومنع الدفن فيهما.
كما تضم المدينة المقدسة عشرات المقابر العائلية الصغيرة، وقد جرفت إسرائيل عددا منها إبان نكبة 1948، قبل أن تجهِز على ما تبقى منها أثناء نكسة 1967 عندما احتلت مدينة القدس بشكل كامل.
وتحتضن المقابر الإسلامية بالقدس رفات عدد من الصحابة والمجاهدين، إضافة إلى علماء الدين والأمراء وشخصيات فلسطينية بارزة. وقد استشهد أغلب هؤلاء أثناء دفاعهم عن المدينة في فترات الحروب الصليبية، وكذلك في العهود الأيوبية والمملوكية والعثمانية، كما تعود بعض القبور لشهداء قتلوا في الأحداث التي شهدتها المدينة المقدسة إبان الانتداب البريطاني وأثناء فترة الاحتلال الإسرائيلي.
انتهاكات لا تتوقفتعرضت هذه المقابر لانتهاكات متكررة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين منذ نكبة 1948. ومع مرور الوقت، عرفت اكتظاظا اضطر معه المقدسيون إلى دفن موتاهم فوق قبور أخرى، بعد أن تمر 8 سنوات على آخر دفن في المكان نفسه.
وفيما يلي أبرز انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي التي طالت المقابر الإسلامية في القدس:
منع المسلمين من دفن موتاهم فيها. تغيير ملامحها وتهويدها واقتطاع أجزاء واسعة منها. تحويل أجزاء منها إلى حدائق توراتية، أو إنشاء مواقف سيارات وشق طرقات تمر عبرها، واستخدام بعضها مكبات للنفايات. إزالة القبور وتحطيم شواهدها (تكسير أو إزالة الأحجار أو اللوحات التي توضع عليها للتعريف بأصحابها). إضافة "قبور وهمية" مكان قبور المسلمين لتحويلها إلى مقابر ومدافن يهودية حديثة. تجريف مساحات واسعة بحثا عن قبور يهودية مزعومة. نفخ المستوطنين في البوق داخل المقابر الإسلامية، خصوصا في مقبرة باب الرحمة. أداء الصلوات والطقوس التلمودية، والرقص فوق القبور داخلها. إعلانويهدف الاحتلال من وراء هذه الانتهاكات إلى طمس هوية هذه المقابر وادعاء أنها يهودية من أجل السيطرة عليها وإقامة مشاريع استيطانية مكانها، ومن ثم القضاء على كل ما يمت بصلة للعرب والمسلمين في القدس.
أهم المقابر الإسلامية بالقدستضم مدينة القدس 5 مقابر إسلامية تاريخية، هي:
مقبرة مأمن اللهتقع على بعد كيلومترين اثنين من باب الخليل أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، وتعتبر أكبر المقابر الإسلامية بالمدينة، إذ تقدر مساحتها بـ200 دونم (200 ألف متر مربع).
وتضم هذه المقبرة أضرحة بعض الصحابة والتابعين والمجاهدين الذين استشهدوا أثناء الفتح الإسلامي للقدس عام 15 للهجرة (636 للميلاد).
ودفن فيها أيضا ما يقارب 70 ألف شهيد، قتلوا على يد الصليبيين أثناء احتلالهم للقدس والمسجد الأقصى في يوليو/تموز 1099. كما تضم رفات شهداء معركة استرداد القدس من الصليبيين بقيادة القائد صلاح الدين الأيوبي، والتي وقعت في 25 ربيع الثاني 583 هـ، الموافق للرابع من يوليو/تموز 1187 م.
وقد أحيطت مقبرة مأمن الله أواخر العهد العثماني بسور كبير، وتواصل الدفن فيها حتى عام 1927 بعدما حظر المجلس الإسلامي الأعلى ذلك بسبب اكتظاظها.
واستولى الجيش البريطاني على المقبرة عام 1947 وهدم أجزاء من سورها، ثم تعرضت بعد النكبة لانتهاكات متكررة، قبل أن تقر إسرائيل قانونا اعتبرتها بموجبه من "أملاك الغائبين".
وبدأ بعدها مسلسل التهويد والطمس عبر ممارسات متتالية بلغت ذروتها حين اقتطع الاحتلال ما يقارب 95% من مساحتها وحولها إلى حدائق عامة وشوارع، إذ دشنت السلطات الإسرائيلية عام 1957 "حديقة الاستقلال" في جزء كبير من المقبرة. وعام 1985، أنشأت مواقف للسيارات على جزء آخر منها.
وعام 2002 أعلنت إسرائيل إقامة مبنى لمحاكم الاحتلال على تراب المقبرة، وبعدها بعامين وضعت حجر الأساس لمتحف يهودي أطلق عليه "متحف التسامح" على مساحة 21 دونما (21 ألف متر مربع) مولته مؤسسة "روزنتال لليهود الأميركيين".
وعام 2019، قررت بلدية القدس إزالة وتجريف أجزاء من هذه المقبرة وفتحت شارعا مكانها، كما تقيم سلطات الاحتلال على أنقاض هذه المقبرة مهرجانا سنويا للخمور، تشارك فيه فرق موسيقية عالمية.
مقبرة باب الرحمةهي أقدم المقابر الإسلامية في القدس، وتقع بمحاذاة الجدار الشرقي للمسجد الأقصى، وتمتد من باب الأسباط إلى نهاية سور المسجد الشريف بالقرب من القصور الأموية من الجهة الجنوبية.
وتضم بين جنباتها قبورا لقادة مسلمين واثنين من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم: عبادة بن الصامت حاكم القدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وشداد بن أوس، إضافة إلى عدد من العلماء والقضاة وشهداء النكبة عام 1948 والنكسة عام 1967.
وتبلغ مساحتها الأصلية نحو 95 دونما (95 ألف متر مربع) قبل أن تقتطع منها بلدية القدس المحتلة أجزاء واسعة أقامت عليها حدائق توراتية للمستوطنين.
وتوقف الدفن في الجزء الجنوبي الشرقي من المقبرة عام 2006 بقرار من الاحتلال الإسرائيلي، تحت ذريعة أنه على مقربة من حجارة "الهيكل" المزعوم.
وتقتحم جماعات المستوطنين المقبرة بين الفينة والأخرى، للنفخ في البوق، وأداء الصلوات التلمودية، وتدنيس القبور بنبشها وتحطيم شواهدها في محاولة لطمس معالمها.
إعلان مقبرة باب الأسباطتعرف أيضا بـ"المقبرة اليوسفية" ويعتقد أنها تعود إلى الحقبة الأيوبية، إذ تحتضن رفات عائلات مقدسية عريقة كانت تقطن بجوار المسجد الأقصى.
وتقع المقبرة على ربوة شمال باب الأسباط، ويفصلها عن سور المسجد الأقصى مسافة تتراوح ما بين 10 و15 مترا.
وتضم النصب التذكاري لشهداء نكسة 1967، وشهداء مذبحة الأقصى الأولى عام 1990، وتربة الإخشيديين التي تضم قبر مؤسس الدولة الإخشيدية في مصر محمد بن طفيح الإخشيد، فضلا عن عدد من المدافن التي تعود لعائلات مقدسية عريقة.
وتتعرض المقبرة بشكل متكرر لانتهاكات إسرائيلية، شملت اقتطاع أجزاء منها وتحويلها إلى حدائق. وفي عام 2004 أصدر رئيس بلدية القدس آنذاك أوري لوبوليانسكي أمرا بهدم عدد من قبورها، ومنع أعمال الصيانة فيها.
واستمرت الانتهاكات الإسرائيلية على مدى سنوات، إذ دمرت سلطات الاحتلال 20 قبرا عام 2014، وسكبت الإسمنت فوقها حتى لا تستخدم مجددا. وفي أبريل/نيسان 2015 رسمت 3 فتيات إسرائيليات "نجمة داود" وعبارات بالعبرية على أحد القبور.
تعرف باسم "مقبرة المجاهدين" أو "بقيع الساهرة" وتقع في الجهة الشمالية من البلدة القديمة على بعد بضعة أمتار من باب الساهرة أحد أبواب المسجد الأقصى.
وتعود نشأتها إلى العصر الأيوبي، وتضم رفات علماء وشهداء فترة استرداد القدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي، كما تحوي قبور مؤرخين فلسطينيين بارزين.
مقبرة "النبي داود"تقع على جبل صهيون، وتضم مجموعة من المدافن الإسلامية يعود بعضها لعائلة الدجاني المقدسية.
ومنعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المقدسيين من دفن موتاهم فيها، وهوّدتها بشكل كامل عبر تغيير معالمها ووضع شعارات يهودية عليها، تحت ذريعة احتضانها قبور شخصيات يهودية تاريخية.