سلط الخبراء بمجموعة بوسطن الاستشارية، خوان فاسكيز وتوماس إستيفيز وكارل كلايتون، الضوء على دور دولة قطر في النهوض بتكنولوجيا التقاط الكربون وتخزينه ضمن مشاركته في قيادة التحول الأخضر حول العالم، مؤكدين أن الحاجة الملحة للتصدي لتغير المناخ أصبحت أكثر وضوحا من أي وقت مضى.

وذكر الخبراء، في تحليل مشترك، نشره موقع "أويل آند جاز" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الدول الموقعة على اتفاقية باريس تسعى للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري على المستوى الصناعي، ولذا فإن مجموعة متنوعة من التقنيات ستلعب دورا مهما في تحقيق هذا الهدف، بما في ذلك الهيدروجين منخفض الكربون والطاقة الحيوية، إضافة إلى "احتجاز الكربون وتخزينه".

والتقنية الأخيرة يمكن الاستفادة منها بصناعات النفط والغاز والصلب والألومنيوم والأسمن، خاصة أن عام 2050 سيشهد واقعا يستلزم إزالة نحو 10 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي سنويًا.

وبحسب الخبراء، فإن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه كانت موجودة منذ عقود، ولكن في السنوات العشر الماضية فقط أحرزت البلدان تقدمًا كبيرًا في تنفيذها وتطويرها، ورغم ذلك لا يوجد حتى الآن إطار تقني واضح ومقبول دوليًا لتبني احتجاز الكربون وتخزينه على نطاق واسع.

ويعزو الخبراء ذلك إلى عوامل مختلفة، منها التكاليف المرتفعة لتنفيذ تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، وعدم وجود سياسات وحوافز حكومية شاملة، والحاجة إلى مزيد من البحث والتطوير لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف.

ويوجد حاليًا حوالي 300 مشروع لتلك التقنية في مراحل مختلفة من التطوير حول العالم، بينها 35 فقط في العمليات التجارية، تلتقط 45 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، ما يمثل 0.12% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية لعام 2022.

ومع وجود العديد من المشروعات قيد التطوير، فإن قدرة التكنولوجيا الناشئة التخفيف من حدة المناخ في طريقها للوصول إلى حوالي 300 مليون طن سنويًا من خفض ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2035.

وهذه الكمية تقارب 10 أضعاف القدرة التشغيلية لتجميع وتخزين الكربون اليوم، لكنها أقل بكثير من 4000 طن سنويًا، وهي القيمة التي تقدر وكالة الطاقة الدولية (IEA) أنها ستكون مطلوبة بحلول عام 2035.

خارطة الطريق

وفي هذا الإطار، يشير الخبراء إلى أن دولة قطر وضعت هدفاً وطنياً طموحاً للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 25% بحلول عام 2030.

وأصبح هذا الهدف أحد الأولويات الرئيسية في رؤية قطر الوطنية 2030، التي تركز على التنمية المستدامة والانتقال إلى نهج متنوع، واقتصاد قائم على المعرفة.

ومن خلال تبني هذا الهدف، تثبت قطر التزامها بالتصدي لتغير المناخ والحد من تأثيره البيئي، إذ تتمتع بفرصة فريدة لقيادة تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون، بصفتها لاعبًا رئيسيًا في صناعة الطاقة العالمية.

اقرأ أيضاً

شركة بترول تقود الصناعة الخضراء.. الإمارات تتطلع إلى مكاسب ضخمة من إزالة الكربون

وفي الآونة الأخيرة، تعاون قادة الطاقة المحليون في قطر مع الشركات العالمية العملاقة لتطوير خارطة طريق لاحتجاز الكربون، كما عُقد أول منتدى لاحتجاز الكربون وتخزينه لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حاليًا في الدوحة.

وللسيطرة على انبعاثات الكربون ودعم مبادرات إزالة الكربون، تستثمر قطر بكثافة في مرافق احتجاز الكربون وتخزينه على نطاق واسع، وتخطط لتخزين أكثر من 11 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2035.

وبفضل هذه القدرة الهائلة، من المتوقع أن تلعب هذه المرافق دورًا مهمًا في جهود إزالة الكربون في قطر.

من خلال تطوير خارطة طريق شاملة، لا يمكن لقطر تقليل بصمة الكربون لديها فحسب، بل يمكنها أيضًا المساهمة في التعاون الإقليمي والدولي من أجل تطوير احتجاز الكربون وتخزينه.

البحث والتطوير

ويرى الخبراء ضرورة أن تتضمن خارطة الطريق التركيز على البحث والتطوير، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، ودمج تقنيات التقاط وتخزين الكربون في الصناعات القائمة.

وإضافة لذلك، يمكن لقطر الاستفادة من مكانتها الرائدة عالميًا في إنتاج الغاز الطبيعي لتشجيع اعتماد الهيدروجين الأزرق كمورد للطاقة، وزيادة تقليل الانبعاثات، وتعزيز بدائل الطاقة النظيفة.

ويعد تطوير ونشر تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف اتفاقية باريس، وتتمتع قطر بالقدرة على أن تصبح رائدة في هذا المجال، بحسب الخبراء، الذي أكدوا أن قطر يمكن أن تخطوا خطوات كبيرة نحو مستقبل أكثر استدامة من خلال تطوير خارطة طريق لنشر تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.

وأشاروا إلى أن توسيع قطر لنطاق مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه، يحتاج لتعاون صناع السياسات مع الشركات على مستوى العالم لتسريع النشاط في 4 مجالات رئيسية، على النحو التالي:

المجال الأول: إنشاء سوق جذابة: إذ يجب على صانعي السياسات دعم نهج قوي ومبسط للتنظيم والترخيص، إضافة إلى دعم تسريع نشر احتجاز الكربون وتخزينه من خلال تقديم الحوافز الضريبية والمنح وتدابير الدعم المالي الأخرى.

المجال الثاني: تحفيز الطلب العالمي على المنتجات والخدمات منخفضة الكربون: إذ أن التعاون العالمي والإجراءات الحكومية ضرورة لخلق بيئات مستقرة لاستثمارات احتجاز الكربون وتخزينه، والتي يتم تحقيقها من خلال تنظيم قوي.

اقرأ أيضاً

4 خيارات أمام دول الخليج لاحتجاز وتخزين واستثمار الكربون

وهنا يشير خبراء مجموعة بوسطن إلى أن تقييم المنتجات والخدمات منخفضة الكربون يمكن تحقيقه من خلال التركيز العالمي على كثافة الكربون المنتج، والذي سيكون بمثابة حافز وعامل تمكين رئيسي في إزالة الكربون العميق عبر سلاسل التوريد للقطاعات الكاملة.

المجال الثالث: التعاون من أجل تسريع المشروعات: فمع توسع مراكز احتجاز الكربون وتخزينه والنظم البيئية المشتركة على مستوى العالم، سيكون تكوين الشراكات والتحالفات والمشاريع المشتركة بسرعة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق النجاح.

 ويوصى الخبراء، في هذا الصدد، بأن تتعاون الحكومات والمستثمرين والجهات الفاعلة في مشاركة المخاطر وتجميع الموارد وخلق وفورات الحجم، ما يؤدي في النهاية إلى تسريع تطوير ونشر احتجاز الكربون وتخزينه.

المجال الرابع: التركيز على الابتكار التكنولوجي: فمع توسع انتشار تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه، سيكون من الضروري خفض تكلفة التقنيات المستخدمة لفصل ثاني أكسيد الكربون عن غازات الاحتباس الحراري الأخرى، عبر تقنيات مبتكرة.

وبينما يتصارع العالم مع تحدي تغير المناخي، تحتاج دول مثل قطر إلى مواصلة الريادة في تعزيز وتنفيذ الحلول المبتكرة مثل احتجاز الكربون وتخزينه.

وإضافة لذلك، تحتاج بلدان العالم إلى التعاون في جهود البحث والتطوير، وتبادل المعرفة وأفضل الممارسات لتسريع التقدم في هذا المجال.

ويخلص خبراء مجموعة بوسطن إلى أن الاعتماد واسع النطاق لتكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه سيتطلب جهدًا عالميًا، بحيث تعمل البلدان في جميع أنحاء العالم معًا لتقليل انبعاثات الكربون ومكافحة تغير المناخ، مؤكدين أن قطر يمكنها أن تمهد الطريق لمستقبل أنظف وأكثر اخضرارًا واستدامة للأجيال القادمة، من خلال تبني نهج استباقي وتعزيز روح التعاون الدولي.

اقرأ أيضاً

حلول مبتكرة منعت انبعاث 9 آلاف طن من الكربون في مونديال قطر

المصدر | خوان فاسكيز وتوماس إستيفيز وكارل كلايتون/أويل آند جاز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: قطر التحول الأخضر الاحتباس الحراري الانبعاثات ثانی أکسید الکربون البحث والتطویر إزالة الکربون بحلول عام من خلال سنوی ا إلى أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

«بريسايت» تعزز ريادة الإمارات في الذكاء الاصطناعي خلال مشاركتها في المؤتمر العالمي للمرافق

تُواصل شركة «بريسايت» التابعة لمجموعة G42 والمدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية، ترسيخ موقعها كشركة إماراتية رائدة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة، من خلال تطوير حلول مبتكرة تدعم التحوّل الرقمي وتُعزز جاهزية المؤسسات الحكومية والخاصة لمستقبل قائم على التكنولوجيا المتقدمة.
وقال الدكتور عادل الشارجي، الرئيس التنفيذي للعمليات في «بريسايت» في تصريح لوكالة انباء الإمارات «وام» إن الشركة تمضي قدماً في تمكين المؤسسات والمجتمعات من خلال دمج تحليلات البيانات بالذكاء الاصطناعي التوليدي لإيجاد حلول ذكية تُسهم في اتخاذ قرارات أكثر دقة واستشرافية. وأكد التزام «بريسايت» بالمساهمة في بناء مستقبل أكثر أمناً واستدامة، مشيراً إلى أن «بريسايت» تقدم مجموعة متكاملة من المنتجات والمنصات الذكية التي تستهدف قطاعات استراتيجية، تشمل الأمن، والطاقة، والنقل، والإعلام، والرعاية الصحية، ما يجعلها واحدة من أبرز الجهات الإماراتية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي التطبيقي على مستوى المنطقة. وأشار إلى أنه خلال الأشهر الماضية، أبرمت «بريسايت» عدة اتفاقيات وشراكات نوعية، كان من أبرزها توقيع اتفاقية مع «الإمارات للإعلام» لإطلاق منصة إعلامية ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تعاون مع المكتب الوطني للإعلام لتطوير منصة سحابية لتحليل البيانات الضخمة. كما أعلنت الشركة عن افتتاح أول مقر إقليمي لها في العاصمة الكازاخية أستانا، في خطوة تؤكد توجهها نحو التوسع الدولي وتصدير الحلول الإماراتية المبتكرة إلى الأسواق العالمية.
وعززت «بريسايت» مكانتها السوقية بعد أن سجلت نمواً قياسياً في إيراداتها بنسبة 115.1 % خلال الربع الأول من عام 2025، ما يعكس الطلب المتزايد على حلولها التقنية المتقدمة وثقة السوق في قدراتها الابتكارية. وضمن جهودها المستمرة لتطوير الحلول الذكية، طرحت «بريسايت» مؤخراً عدداً من المنتجات الجديدة، من أبرزها: 
* منصة «Presight Synergy»: أُطلقت في فبراير 2025، وتعد منصة موحدة لإدارة البيانات والتحليلات، تدعم أكثر من 150 نموذج تعلم آلي، وتتكامل مع نماذج لغوية مثل GPT-4o وGemini وJais.
* منصة «Presight LifeSaver»: أُطلقت في أبريل 2025، وتُستخدم لإدارة الطوارئ والأزمات، عبر تحليلات بيانات تتيح الاستجابة السريعة واتخاذ قرارات مدروسة. 
* مجموعة «Presight AI-Policing»: أُطلقت في مايو 2025 خلال قمة الشرطة العالمية، وتوفر حلولاً شرطية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات التحقيق وتحليل الأدلة الجنائية. 
* منصة «Presight Intelli»: تم الكشف عنها خلال معرض GITEX 2024، وتُستخدم في دعم البنية التحتية للمدن الذكية عبر تقديم رؤى تشغيلية فورية في قطاعات الطاقة، والنقل، والسلامة العامة.
وتُجسد إنجازات «بريسايت» التزامها بدعم «الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031»، عبر تعزيز قدرات الدولة في توظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحياة، وتعزيز الأمن، وتحقيق التنمية المستدامة، وترسيخ مكانة دولة الإمارات كمركز إقليمي وعالمي للابتكار التكنولوجي.

أخبار ذات صلة ديوان الرئاسة: الجمعة 6 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك رئيس الدولة ورئيس وزراء لبنان يبحثان علاقات البلدين والتطورات الإقليمية

مقالات مشابهة

  • 8 لاعبين من الهلال في قائمة الأخضر لمواجهتي البحرين وأستراليا في تصفيات كأس العالم 2026
  • موعد أول مران لـ الأهلي تحت قيادة ريفيرو
  • الأخضر يبدأ اليوم معسكر الخُبر استعدادًا لتصفيات كأس العالم 2026
  • البيئة تنفذ برامج تدريبية لتحسين الكفاءة الصناعية ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر
  • «بريسايت» تعزز ريادة الإمارات في الذكاء الاصطناعي خلال مشاركتها في المؤتمر العالمي للمرافق
  • «البيئة» تنفذ برامج تدريبية لتحسين الكفاءة الصناعية ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر
  • رونالدو يقترب من قيادة الهلال في المونديال
  • منظمات حقوقية تدين احتجاز الصحفي الحميدي في مأرب وتطالب بتحقيق مستقل
  • مدينة مصر وInnovative Media Productions وSony Pictures Entertainment يطلقوا مشروع “شارك تانك بيزنس بارك” لإحداث نقلة نوعية في عالم ريادة الأعمال
  • مفاجأة| رونالدو يقترب من قيادة الهلال في المونديال