فياض: هذا المجتمع يُمثِّل أحد ركائز نجاحات المقاومة
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
أحيا "حزب الله" الاحتفال التكريمي لـ"الشهيد السعيد على طريق القدس" محمد علي حسن قدوح (أمير) في النادي الحسينيّ لبلدة الغندورية الجنوبية، في حضور عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي فياض، إلى جانب عائلة الشهيد وجمع من العلماء والفاعليات والشخصيات وعوائل شهداء، حشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة.
افتتح الاحتفال بقراءة آيات من الذكر الحكيم وتخللته تلاوة للسيرة الحسينية، فيما ألقى فياض كلمة "حزب الله"، قدم فيها التهاني والتبريكات لعائلة الشهيد، مثنياً على "دور العائلة في العطاء للمقاومة على مستويات مختلفة وبجهود مخلصة ومساعٍ لا تكِّل، وصولاً إلى عطاء الدم، وأنها نموذج لكل المجتمع الذي يحتضن المقاومة ويشكل لها ركيزة صلبة تستند إليها في إنجازاتها الكبرى".
وقال: "إنّ هذا المجتمع يُمثِّل إحدى الركائز والأسس التي تفسِّر نجاحات المقاومة، وأنّ هناك مجموعة من الركائز والشروط التي إن اجتمعت أفضت إلى النجاح والفوز، الذي يكون الانتصار أحد معالمه وأحد تجلياته"، معتبراً أنّ "الركيزة الأساس هي الإخلاص في العلاقة مع اللّه، والإخلاص في العلاقة مع الأمّة في دوائرها المختلفة أكانت مجتمعاً أم وطناً أم أمة بالمعنى الواسع للكلمة، وامتلاك بنية قتالية جهادية محترفة، تجمع بين الإيمان والوعي والعلم والعقل، وقيادة راشدة حكيمة وشجاعة ومسدَّدة".
أضاف: "إنّ مسيرتنا تتوفَّر على هذه الشروط جميعاً وتحديداً ما يتصل بالعلاقة مع المجتمع وهو موضوع حديثنا، نحن نتفوق على العدو الإسرائيلي في هذه النقطة، بالمقارنة بين مجتمع المقاومة ومجتمع الكيان الغاصب، إن المجتمع الإسرائيلي منقسم ومتردد، وغير واثق بقيادته، وغير واثق بنتائج المواجهة، بينما مجتمع المقاومة مجتمع متماسك وصلب ومؤمن بقضيته وعلى استعداد للتضحية، والأهم بأنه يثق بقيادته، لذلك فهو يسلِّم لها بالكيفية التي تدير بها المعركة".
وأشار إلى علاقة المقاومة بمجتمعها وأهلها ووطنها واصفاً إياها ب"المعيار والقاعدة الحاكمة لها، وأنّ قيادة المقاومة لا يمكن أن تفرّط بأي نحوٍ من الأنحاء بمصالح مجتمعها وأهلها ووطنها"، لافتاً إلى أنّ "الفكر السياسي للمقاومة يعتبر القضية والناس متداخلان ولا فصل بينهما كما تفعل بعض الحركات الإسلامية الأخرى"، موضحاً أنّ "المعركة الحالية في جنوب لبنان انطلقت كمعركة إسناد لغزة بما لا يتناقض مع المصالح الوطنية اللبنانية، بينما حرب تموز ٢٠٠٦ كانت معركة وطنية لبنانية تخدم مصالح الأمة والقضية الفلسطينية".
وقال: "هناك كلفة يدفعها أي مجتمع في سبيل الدفاع عن أرضه وحريته واستقلاله وسيادته، وقيادة المقاومة تدير هذه المواجهة مع العدو وهي تأخذ بعين الاعتبار الكثير من الحيثيات التي تحيط بالمعركة محلياً وإقليمياً ودولياً"، لافتاً إلى أنّ "المقاومة ليست قتالاً فحسب، إنما هي أهداف بعيدة وأهداف قريبة، ومصالح واعتبارات على مستويات متعددة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، والمقاومة تفعل ذلك بجدارة وأنّها قتالٌ وإدارة وأهدافٌ ومصالح مجتمع، وهذا يشكل مدخلاً لفهم موقف المقاومة في التعاطي مع تطورات مرحلة ما بعد اغتيال الشهيدين القائدين إسماعيل هنية وفؤاد شكر".
ولفت إلى أنّ "المقاومة تقاتل بتوقيتها وليس بتوقيت الأميركي أو الإسرائيلي، وتخوض المواجهة مع العدو في مواطن ضعفه، وتحاذر ما أمكن مواطن قوته التي تعرفها جيداً، وتدير المعركة بشجاعة لا بتهور وبحكمة لا بغوغائية، وبثبات وقدرة لا باستعراضية، ولهذا فالمقاومة تسعى على الدوام لفرض إيقاعها في المواجهة دون الانزلاق إلى الإيقاع الذي يريده العدو، ومن الأهمية في مكان أن يكون المشهد العام للمواجهة واضحاً، رغم حجم التعقيدات التي ينطوي عليها".
وتابع فياض: "إنّ هدف المقاومة من حرب الإسناد هو إيقاف العدوان على غزة، أما هدف الإسرائيلي فهو الهرب من الهزيمة التي أصابته، وأما الأميركي فيريد تأمين المخارج الآمنة للإسرائيلي للخروج من المأزق الذي وقع فيه، وإن لم يقف العدوان على غزة ستستمر المواجهات وحالة التصعيد في المنطقة بأكملها"، مؤكّداً أنّ "كل عدوان أو اغتيال أو استهداف سترد عليه المقاومة صغر أم كبر بالطريقة المناسبة، وهي على أتم جهوزيتها واستعدادها لمواجهة السيناريوهات كافة، بما فيها سيناريو المواجهة الشاملة".
وأشار إلى "بعض المناخات الشعبوية التي تتناول تأخر المقاومة بالرد على اغتيال القائد الجهادي الكبير الشهيد فؤاد شكر والتي بعضها مؤيد وبعضها معادٍ"، مشدّداً على أنّ "المقاومة لا تتحرك تحت الضغوط الشعبوية، وأنّها عندما تخوض مواجهةً بهذا الحجم وبكل هذه الأبعاد الإستراتيجية، هي من يختار اللحظة والهدف والسياق الأكثر إيلاماً للعدو والأكثر فائدة لمحور المقاومة وأهل المقاومة".
وختم فيّاض: "أما مناخات التهويل التي تمارس من جهات متعددة، على صيغة تهديدات أو تصريحات أو مواقف أو تصعيد بالغارات أو استعراضات بوارج وحاملات طائرات، فهو لا يغيّر في حسابات المقاومة ومواقفها ووجهتها، ولا يقدم ولا يؤخر في إصرارنا على إسناد غزة والدفاع عن شعبنا ووطننا".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
مراقبون وخبراء عسكريون عرب: اليمن طور مفاهيم جديدة في المقاومة، ويتمتع بقوة ردع تؤهله لتأديب العدو وإفشال مخططاته
يمانيون | تقرير
في خضم التصعيد الصهيوني الوحشي على قطاع غزة، تتصدّر اليمن المشهد الإقليمي كمركز ثقلي في جبهة المقاومة، بعدما حوّلت دعمها المبدئي لفلسطين إلى فعلٍ عسكريٍّ نوعيٍّ وممنهج يربك العدوّ الصهيوني والأمريكي على حدّ سواء.
ومع تواصل عمليات الحصار الجوي والبحري التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية، وما يصاحبها من صواريخ فرط صوتية ومسيرات نوعية تطال عمق الكيان المحتل، بات الدور اليمني محلَّ اهتمام وترحيب من كافة جبهات المقاومة، ومثار قلق بالغ في غرف العمليات الصهيونية.
التحولات النوعية التي فرضتها صنعاء، وتقديرات المراقبين والخبراء العسكريين، تكشف عن بروز اليمن كلاعب مركزي لا يمكن تجاوزه في معادلات الردع الإقليمي، فضلاً عن نجاحه في هندسة وعي جديد لدى الشعوب العربية يعيد الاعتبار لفلسطين كقضية مركزية للأمة.
إبداع يمني ومفاهيم جديدة في المقاومة
الكاتب والصحفي اللبناني إبراهيم درويشالكاتب والصحفي اللبناني إبراهيم درويش، أشاد في تصريحات له بقدرة اليمن على خلق مفاهيم جديدة في الاستبسال والمواجهة، قائلاً إن اليمن يصرّ، رغم العدوان الأمريكي والصهيوني السافر عليه، على أن يكون منبعاً للإبداع المقاوم، مشيراً إلى تمسكه بالمسيرة القرآنية كمرجعية تؤطر مشروعه التحرري.
ويرى درويش أن اليمن، الذي يواجه عدواناً مركّباً منذ سنوات، قد استطاع أن يربط بين المعركة في غزة ومعركة السيادة الوطنية، ويوظّف قيمه العقائدية في بناء جبهة ردع فعلية تمنع العدو من التمادي في الاستباحة، سواء في فلسطين أو في سوريا ولبنان. وأكد أن العدو يحاول التهام سوريا وتفكيك محور المقاومة، لكن اليمن يعيد رسم المشهد بمشاركة فاعلة وغير تقليدية.
الهندسة اليمينة للوعي العربي
الأكاديمي الفلسطيني الدكتور نزار نزالأما الأكاديمي الفلسطيني الدكتور نزار نزال، فقد لفت في تصريحاته إلى أن اليمن استطاع أن يبدّد ما يسمى بـ”الشرق الأوسط الجديد”، وهو المشروع الأمريكي-الصهيوني لتفكيك المنطقة وتطبيعها. وأشار إلى أن الجبهة اليمنية اليوم لا تكتفي بالدعم الرمزي، بل تشكّل محطةً مفصليةً في الصراع العربي-الصهيوني.
واعتبر نزال أن اليمن بات يُشكّل مصدر إلهام لجيل جديد من الشباب العربي، يحمل الولاء لفلسطين، ويرى في المقاومة خياراً واقعياً لا شعاراتيّاً، مؤكدًا أن انتقال راية المواجهة من بيروت إلى صنعاء أعاد الاعتبار للبعد الجغرافي والسياسي والعقائدي للمقاومة.
وأشار الباحث إلى أن اليمن استطاع أن يكسر وهم تفوق العدو الصهيوني، من خلال ضربات مركزة على الموانئ والمطارات الصهيونية، الأمر الذي خلق رعباً واسعاً في الأوساط الأمنية والسياسية للعدو، وجعل الملايين من الصهاينة يعيشون تحت ضغط متواصل جراء القصف والإنذارات المتكررة.
اليمن: ردعٌ عسكري نوعي وتفوق استخباراتي
اللواء الركن الأردني محمد علي الصمادياللواء الركن الأردني محمد علي الصمادي، بدوره أكد أن اليمن بات يمتلك منظومة ردع فاعلة تجعله من أبرز الفاعلين في المنطقة. وفي تعليقه على العمليات اليمنية الأخيرة، أوضح الصمادي أن اليمن يجيد استخدام صواريخه الفرط صوتية والباليستية، ويفرض معادلات جديدة على الأرض، تُجبر العدو على إعادة حساباته.
ونوّه الصمادي إلى فشل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في تعقّب منصات الإطلاق أو تحديد مواقع القوات اليمنية، ما يُظهر براعة أمنية وتنظيمية تُربك أجهزة الرصد والتجسس الأكثر تطوراً. وأشار إلى أن الضربات اليمنية خلقت ضغطاً اقتصادياً وعسكرياً على العدو، لا سيما في ظل تعطل الملاحة، ورفض الشركات التعامل مع موانئ ومطارات الاحتلال.
وأكد اللواء الأردني أن اليمن يُبدع في تحديد الأهداف بدقة، ويفرض كلفة عالية على العدو كلما تمادى في عدوانه، مشيراً إلى أن الردع اليمني لا يعتمد فقط على الكمّ بل على الكيف والدقة والتوقيت. وأضاف أن العدو الأمريكي والصهيوني يعيش في “عمى استخباراتي”، فيما اليمن يمتلك بنك أهداف حقيقي ومركّز ويحقق إصابات موجعة، كما أثبتت العمليات المتكررة التي طالت ميناء حيفا وعمق الكيان.
صنعاء.. مركز ثقل المقاومة وأداة قلب الطاولة
بات واضحاً أن الجبهة اليمنية لم تعد جبهة هامشية، بل تحوّلت إلى مركز ثقلٍ للمقاومة في المنطقة. من خلال دعمها العسكري النوعي والمستمر لغزة، لا تنصر اليمن فلسطين فقط، بل تُسهم في زعزعة بنية المشروع الصهيوني وتضرب صميم أمنه القومي.
هذه العمليات تعيد التوازن إلى معادلة كانت مختلّة لعقود لصالح الكيان الصهيوني، وتثبت أن زمن تفرد العدو في فرض المعادلات قد ولّى. فاليمن، بقوته العسكرية الناشئة وبعقيدته القتالية المبدئية، نجح في فرض معادلة جديدة: لا أمن للكيان ما دامت غزة تحت القصف، ولا حصانة للعدو طالما الشعب الفلسطيني محاصر.
تأثير العمليات اليمنية على الكيان الصهيوني
العمليات اليمنية لم تعد فقط رمزية أو ذات طابع تضامني، بل باتت تؤثر فعلياً في البنية الأمنية والاقتصادية للكيان. تتحدث التقارير الصهيونية عن حالة من الهستيريا والذعر، وعن ارتباك في الأوساط السياسية والعسكرية، حيث يُجبر الملايين من المستوطنين على الفرار إلى الملاجئ، وتُجبر الشركات العالمية على وقف التعامل مع مطارات الاحتلال، وتُشلّ حركة الملاحة الجوية والبحرية، فضلاً عن الخسائر الاقتصادية التي تُقدّر بمئات الملايين يومياً.
كلّ هذا يحدث بفعل منظومة يمنية محاصَرة منذ أكثر من عقد، لكنها نجحت في تحويل الحصار إلى فرصة لبناء قدرات ذاتية أثبتت فعاليتها.
اليمن يرسخ موقعه في محور المقاومة
في ضوء كل هذه المعطيات، تتّضح صورة المشهد: اليمن اليوم ليس فقط حليفاً للمقاومة، بل ركيزة مركزية في مشروعها التحرري. لقد فرض حضوره في قلب الصراع، ونجح في صناعة التوازن مع كيان مدجج بالأسلحة والأنظمة الدفاعية الغربية.
كما أن دعمه لغزة لا ينطلق من حسابات ظرفية أو سياسية، بل من رؤية عقائدية واستراتيجية متكاملة ترى في فلسطين مركز الصراع، وفي القدس بوابة النصر أو الهزيمة للأمة.
وفي وقت تتخاذل فيه الأنظمة، وتتهاوى جدران التطبيع، يشكّل اليمن نموذجاً عملياً لكيف تكون النصرة فعلاً لا قولاً، وكيف يكون العرب، حين يقررون المواجهة، قادرين على قهر المستحيل.