الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي بيده أرزاق عباده، فقد يوسع سبحانه الرزق أو يضيقه وذلك على من يشاء من عباده.
ويقول تعالى:"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع".
تضيق الرزق
وليس سعة الرزق تعني محبة الله لهذا العبد ولا تضيق الرزق هى لكراهية الله لعبد آخر ، ولا تتعلق أيضاً بالإيمان والكفر ، فقد يضيق الله على مؤمن في رزقه ويوسع على كافر ، كل ذلك لحكمة يعلمها سبحانه وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة ، فقد يكون التضييق امتحانا للمؤمن الطائع وزيادة في حسناته وتكفير عن سيئاته بهذا الإبتلاء في الرزق وقد تكون التوسعه للكافر العاصي في الرزق استدراجا وإمهالا له لا إهمالا ، يقول تعالى:"أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون" ، فالدنيا دار امتحان لا دار جزاء ، والإنشغال بها والفرح برغد عيشها هو غباء وجهد في غير موضعه.
والضمير في (فرحوا) يعود على مشركي مكة ، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إذا فالمقصود كل من كان على شاكلتهم في الكفر والظلم والطغيان ، و(الفرح) هو لذة تشعر بها في القلب عند نيلك ما تشتهيه ، والمراد بالفرح في الآية الكريمة ليست السعادة والشكر لنعم الله بل البطر والجحود والطغيان والشرور ونسيان الآخرة كقوله تعالى:"إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين".
وهذه الآية معطوفة على سابقتها ، فقد قال تعالى:"والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار" ، في هذه الآية السابقة لآية موضوعنا وضح سبحانه عاقبة المشركين ، ولكن الله أعلم بعباده فقد يهجس في نفس المرء بعد سماعه قوله تعالى (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) إن كثير من الكفار قد بسط الله لهم في رزقهم فكان رده وجوابه سبحانه في آية موضوعنا.
وفرح الكفار بالسعة في الرزق في الدنيا واللهو إنما هو لجهلهم ولنقص عقولهم فقد اطمئنوا بها وغفلوا عن الآخرة ، وأن جميع ما أعطى لهم فيها ما هو إلا قليل ذاهب يتمتع به وسرعان ما يزول ويفنى وينقضي ويعقبه ويل عظيم على كفرهم ، لأن مدة الدنيا ونعيمها محدودة بالنسبة لنعيم الآخرة الكثير الدائم ما لم يخطر على بال بشر وهو ما ادخره سبحانه وتعالى للمؤمنين ، أي إن في الآية الكريمة بيان لقلة نعيم الدنيا مقارنة ومقايسة بالآخرة ، ولكن الكفار لا يعرفون إلا الدنيا فرضوا بنعيمها معرضين عن نعيم الآخرة.
ألوان البلاغة
وفي الآية الكريمة الكثير من ألوان البلاغة ، فقد جاء سبحانه بضمير الغائب عند الحديث عن الكافرين والمراد بذلك أنهم أقل من أن يفهموا أن الدنيا فانية وأن ما فيها قليل قياسا على الآخرة ففرحوا واهتموا بالدنيا وغفلوا عن الآخرة ، وتنكيره سبحانه لكلمة (متاع) دليل على التقليل كقوله تعالى:"متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد" ، وقوله تعالي "في الآخرة" تدل كلمة (في) على المقارنة بين نعيم الدنيا والآخرة ، وفي قوله سبحانه "إلا متاع" كلمة (إلا) تدل على أنه شئ قليل ، وفي ذلك تحقير لما في الحياة الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة كقوله تعالى:"قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا" ، يقول صلى الله عليه وسلم:"ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم ، فلينظر بما ترجع" وأشار بالسبابة ، والمقصود بالدنيا والآخرة في الآية الكريمة هو نعيمهما ، كما أن في الآية تقديم وتأخير وتقدير كلامه سبحانه في الآية الكريمة:والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع.
دعاء المظلوم والمقهور.. أسرع دعاء مستجاب على الظالمحسن عاقبة المؤمنين
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:"نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير ، فقام وقد أثر في جنبه ، فقلنا يا رسول الله : لو اتخذنا لك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : مالي وللدنيا ، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل بشجرة ثم راح وتركها".
وقد أوضحت الآية الكريمة على قصرها حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة الكافرين ببلاغة رائعة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرزق تضيق الرزق الطغيان فی الآخرة
إقرأ أيضاً:
حكم التضحية بالأبقار المستنسخة .. علي جمعة يجيب
ما حكم التضحية بالبقر المستنسخ أو الأبقار التي تولد من عملية التلقيح الصناعي؟.. سؤال ورد إلى الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
ما حكم التضحية بالبقر المستنسخ ؟
وقال الدكتور علي جمعة، إن القضية هنا هو اختلاف التلقيح ومحاولة تحسين السلالة وتجاوز العقبات التي تنتج في الطبيعي أما المستنسخة؟ فهناك حالات من الهندسة الوراثية يأمر أهل دراستها بأنها غير صالحة للأكل البشري، مشيراً إلى أن الهندسة الوراثية وصلت لأحجام كبيرة من البقر لكنها ليست جميعها من اللحم وتحوي مواد هلامية وهذه لا تأكل لأنها مستقذرة.
ولفت إلى أن البقر الملقح لا شيء فيه، لأن الهدف منه هو تجاوز بعض العيوب والأمور الخاصة بسلالة الأبقار فقط.
شروط الأضحية
شروط الأضحية والمضحيورد فيها من شروط الأضحية في عيد الأضحى، عدة أمور ينبغي مراعاتها في تلك الأضحية المذبوحة بالعيد الكبير، وهي:
1- أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم من ضأنها ومعزها.
2-أن تبلغ السن المحدد شرعًا بأن تكون جذعه من الضأن أو ثنية من غيره.
3-أن تكون خالية من العيوب التالية: «العور البيّن والعرج البيّن والمرض البيّن والهزال المزيل للمخ ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد».
4- أن تكون الأضحية ملك للمضحي وتصح تضحية الوكيل من مال موكله بعد طلب الأذن منه.
5- لا تصح الأضحية بالمرهون أن يتم التضحية بها في الوقت المحدّد في الشرع.
شروط المضحي
يُشترط في ذابح الأضحية عدّة شروطٍ، وهي:
1- يجب أنْ يكون الذابح مسلمًا أو من أهل الكتاب، ولا يشترط أن يكون ذكر، فيجوز الذبح من الذكر أو من الأنثى، ودليل ذلك قول الله تعالى: «وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ».
2- لا بدّ من عقد نيّة الأضحية والذبح قربةً إلى الله تعالى، فلو قُطع حبلًا رُبط على عنق بهيمةٍ ما، وماتت فلا يجوز الأكل منها، حيث إنّ الأعمال بالنيات.
3- يجب أن يكون الذّبح لله تعالى، حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: «لَعَنَ اللهُ مَن ذَبح لغيرِ الله».
4- كما يجب التّسمية على الأضحية عند الذّبح.
5- يجب عند الذّبح إنهار الدّم من الذّبيحة، أيْ أنْ ينزل بشدّةٍ وقوّةٍ، ولكي يتحقّق ذلك لا بدّ من قطع الوَدَجَين، وهُما الشرايين، أو العِرقان المُحيطان بالحُلقوم، والكمال في ذلك قَطع الحُلقوم والمريء مع الوَدَجَين.
6- يُشترط في الذّابح أنْ يكون عاقلًا، وبناءً على ذلك، لا تصحّ ذبيحة المجنون، وإنْ ذُكر اسم الله عليها، وذلك لأنّه لا قصد له.
7- ويجوز لِمَن يريد التّذكية -الذبح- أنْ يُذكّي -يذبح- بنفسه، أو يُوكِل غيره بها؛ إنْ كان الوكيل مسلمًا، ولكنْ يُستحبّ للمُذكّي أن يشهد أضحيته.
8- يُشترط في الحيوان المراد تذكيته ألّا يَكون مُحرّمًا لحقٍّ من حقوق الله تعالى، كأن يكون صيدًا في الحَرَم، أو الصّيد في الإحرام، والحُكم لا يختلف إنْ ذُكر اسم الله، أو أُنهر الدّم.
9- يجب أن يكون ذبح الأضحية بآلةٍ محدّدةٍ؛ كالحديد، أو الحجر أو نحو ذلك.
10- كما يستحبّ على الذابح استقبال القبلة.
11- وعليه أن يُحسن للذبيحة؛ فيَعرِض عليها الماء.12- ويتجنّب أنْ ترى السكين.
13- وأن يريحَها بعد الذبح.
14- ويُستحبّ أيضًا عند ذبح الأضحية التكبير بعد التسمية، وذِكُر اسم المُذكّي، ودعاء الله -تعالى- بالقبول.
15- وإمساكُ آلة الذبح باليد اليمنى.