لا يوجد احتلال جيد واحتلال قبيح، لكن وكما تعودنا من التاريخ وقراءتنا له أن أي شعب يأتي غازيا بهدف البقاء والاستمرار، يتعامل مع الأرض وما فوقها بمشاعر الملكية، ولو نظرنا إلى ما نسميه الفتح الإسلامي للأندلس من وجهة نظرنا، يعتبره الإسبان احتلالا، لكنهم تركوا آثارا معمارية مدهشة ليومنا هذا، ويتكرر الأمر في كل أنحاء العالم، في الرواية كتبت عن الوجهين (المعتقلات) وعن الفن متمثلا بالجدارية التي تبقى إرثا إنسانيا حتى لو أن صاحبه ينتمي للمحتل.

هذه المفارقات تحدث وعلينا إعادة رؤيتها بما تمثله من إرث له قيمة جمالية.

قدمتْ الرواية الشخصية اليهودية.. هل أردتِ القول: إن المجتمع الليبي كان متصالحا مع جميع أبنائه في الماضي؟ الرواية سردية الجماعة لا سردية الفرد، وفي ذلك الزمن كان اليهود سكانا أصليين سكنوا في ليبيا قديما، وكانت العلاقات الاجتماعية بينهم تخضع لمفهوم الانتماء إلى البلاد بغض النظر عن الدين، وعرف عنهم مساندتهم لليبيين المسلمين في مقاومة الطليان، إنما عندما حصلت هزيمة يونيو بدأت أيادٍ خفية تحرضهم على الهجرة وتم إشعال فتنة وهذه قصة أخرى مدونة في التاريخ الليبي، وقد تمر في سياق أعمال روائية، شخصية خيرية تعطي بُعدا عن أحوال ذلك الزمن، وهجرتها لإيطاليا ودعمها لسدينة، قريب من واقع نسمع عنه اليوم عن علاقات ليبيين بيهودٍ في إيطاليا كانوا يوما ما يعيشون في ليبيا، وحقيقة الأمر كان هناك تصالح وتعايش بعيدا عن مفهوم الصهيونية والاحتلال.

هل ترين أن قصص الحب التي امتلأتْ بها الرواية خففت من قساوة الأحداث وسوداويتها؟ قصص الحب حدثت ضمن سياق السرد بشكل سلس ولم تكن مقحمة، والكلام عن الحرب والمعتقلات، يستدعي استكمال الثنائية لتصبح عن الحرب والحب، كما هو الحال مع الجدارية التي تحمل ثنائية الحرب والسلام.

كنت أكتب ويدي على قلب القارئ، كما لو كنت مكانه تماما، لأنني مع تقدم العمر بت أنفر من أعمال الديستوبيا، وأخشى القسوة المفرطة في الكتابة والسينما، رغم أني مررت في الواقع الليبي وقبل الهجرة بأحداث لا يمكن تخيلها من العنف والدماء وأصوات الرصاص، لهذا اكتفيت منها، ولا أريد أن أستعيدها.

ما طموحك من خلف كتابة «الرسام الإنجليزي»؟ لكل كاتب رؤيته الخاصة جدا عندما يتعامل مع أرضه، وتاريخ منطقته، وفهمه لملابسات ما تم توثيقه وما تم تجاهله، تلك الحيرة بين المدون والشفاهي تصبح هاجسا ملحا يمكن لكل فنان استبطان حكايات جديدة من خلاله. والأهم أن ما تهيأ لي في لحظة البدء بمشروع «الرسام الإنجليزي» هو ما تمر به ليبيا في السنوات العشر الماضية، خاصة حالة التداخلات الدولية في البلاد، مما ولد صراعات وحروبا أهلية. لقد استدعيت تاريخ الحرب العالمية الثانية عندما اجتمعت جيوش العالم في تلك البقعة الصغيرة (طبرق). الطليان، والفرنسيون، والإنجليز، الألمان، الأستراليون، وحتى انتهت وحُسمت المعارك فيها بدخول أمريكا. ما أود قوله: لا أتمنى أن نشهد مرة ثانية تلك الحروب والعنف وعلينا أن نقرأ تاريخنا ونستفيد منه، أتذكر هنا جملة كتبتها على لسان سدينة تقول ما معناه: «لا نريد الأصنام التي تركوها لنا مهما كانت جميلة وأخذوا بالمقابل أبناءنا». تتحدث عن المنحوتات الفنية التي شكلت إرثا فنيا وجماليا التي نحتها فنانون إيطاليون وفي الوقت نفسه سلبوا الحياة من أهل البلد وظل المصير الغامض يلاحق المنفيين إلى إيطاليا.

ما جيلك داخل ليبيا؟ وما جيلك عربيا؟

نظريا أنتمي إلى جيل التسعينيات حيث بدأت أنشر أعمالي في تلك الحقبة وحتى قبل صدور كتبي بداية من عام 2000، وعربيا أنتمي إلى جيل الألفية الثانية.

هل ترين أن الرواية الليبية أخذت مكانة تستحقها خاصة مع حصول كتَّاب ليبيين على جوائز مهمة؟ ليبيا مرت بفترات صعبة لأسباب سياسية، قمعت معظم أصوات النخب وسمحت لعدد محدود جدا بالخروج عن الطوق المفروض في ذلك الوقت، الحديث يطول عن تلك المرحلة، هناك مبدعون تستحق أعمالهم أن تأخذ مكانتها عربيا، مع ظهور الجوائز، الأمر بات أفضل اليوم، ولهذا نشهد ظهور أسماء جديدة وشابة تبرز بأعمال جميلة ومختلفة.

هل يغريك التاريخ الليبي بالعودة إلى كتابته مجددا؟

جدا. ولديَّ أكثر من مشروع، حتى أنني كتبت فصولا وتوقفت، ومع هذا لا يمكن الادعاء بأنها تاريخية بل تتكئ على التاريخ.

ما الذي يجب أن تتميز به الرواية التاريخية؟ التقييد بوقائع حدثت فعلا في زمن معين، لكن يبقى للروائي حرية الحركة في تخييل القصص كما يراها وتخدم النص السردي. يعني لا يمكن أن نتحدث عن معارك الكر والفر بين مونتجمري ورومل ونغير نتائجها، لكن نستطيع تخيل أحداث تخدم سياق تلك المعارك.

هل تشعرين أن أعمالك تحصل على الاهتمام النقدي الواجب؟ نعم، معظم أعمالي نالت الاهتمام بالكتابة عنها، بالإضافة إلى أنها دُرِّست أكاديميا (ماجستير ودكتوراة).

ما الذي تعنيه الجوائز بالنسبة لك؟

الجوائز جميلة ومفرحة، وداعمة ماليا، وأيضا تضع العمل الفائز تحت دائرة الضوء.

أخيرا.. ما الخطوط العريضة لعملك القادم؟

أشتغل على عمل ربما يكون رواية قصيرة (نوفيلا)، تتحدث عن ليبيا اليوم بعد الربيع العربي، وترصد واقعا مؤلما وتقدم رؤية لما قد تؤول إليه الأمور.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لو عندك مشكلات.. إليك ست طرق فعالة للحفاظ على التركيز

بفضل البكرات  ال"ريلز"والأفلام القصيرة وسرعة التشغيل المضاعفة، يتقلص مدى انتباهنا أسرع من زر التخطي في الإعلانات، التنقل المستمر بين شاشات متعددة و50 علامة تبويب وإشعارات مزعجة، أصبح التركيز على شيء واحد أصعب بكثير، فما بالك بالتركيز على شيء واحد في آن واحد.


التركيز أشبه برياضة أولمبية، بفضل مدى انتباه السمكة الذهبية، ولكن لإيجاد الجانب المشرق، التركيز ليس سمة شخصية، بل مهارة،  هذا يعني أنه يمكنك التدرب، والتطور، وتعزيز مهاراتك، تركيزمع مرور الوقت. لذا، قد لا يكون التخلص من فوضى مخطوطة الموت صعبًا.

إدمان التكنولوجيا .. 7 طرق لحماية الأطفال من مخاطر الهواتف الذكية6 أطعمة صيفية خارقة تخفض مستوى الكوليسترول
ست طرق فعّالة للحفاظ على تركيزك


إليك ست طرق فعّالة (وقابلة للتنفيذ بالفعل) لزيادة تركيزك عندما يُفضّل عقلك فعل أي شيء آخر...

1. جرب قاعدة الـ 20 ثانية
في الواقع، يُفضّل دماغك الدوبامين منخفض الجهد. لذا، عليك جعل الوصول إلى مصادر التشتيت أصعب، ضع هاتفك جانبًا لمدة 20 ثانية - احفظه في درج أو في غرفة أخرى. هذا التأخير البسيط سيجعل تصفح الإنترنت دون وعي أقل إغراءً، وستعود تلقائيًا إلى العمل، وهو الخيار الأسهل.


2. تعيين "نافذة التركيز"
لا أحد يستطيع أن يكون منتجًا طوال اليوم، وإلا سيلاحقك الإرهاق ،  أنت بحاجة إلى فترة تركيز (25-50 دقيقة) تُبقي فيها كل شيء جانبًا وتُركز على مهمة واحدة، اختر وقتًا يناسب عقلك، يمكن أن يكون أي وقت في الصباح، أو الظهر، أو منتصف الليل، ولكن عليك التركيز بشكل كامل. لا تشتيت، لا مهام متعددة. أنت والمهمة فقط.


3. أضف طابعًا رومانسيًا إلى الروتين
يمكن أن يكون الروتين ممتعًا أيضًا؛ فعقلك يُحب الاتساق. اجعل تركيزك يبدو رائعًا. أشعل شمعة بنكهة الفانيليا واللافندر، أو حضّر قهوة مثلجة، أو شغّل موسيقى بوب تُهيئك للتركيز. هذا يُخبر عقلك أن الوقت قد حان "للتركيز"، ويجعل الهدف يبدو أشبه بأجواء مُلهمة أكثر منه عقابًا.


4. تغذية عقلك (حرفيًا)
انخفاض الطاقة يؤدي إلى ضعف التركيز. لذا، عليك الاحتفاظ ببعض الوجبات الخفيفة الصحية في متناول يدك - فواكه، مكسرات، وربما بعض التوت. كذلك، اشرب الماء بانتظام، فهو من واجباتك، الجفاف أيضًا يؤدي إلى ضعف التركيز.


5. قاعدة الدقيقتين
إذا كانت هناك مهمةٌ كنتَ تتجنبها منذ قرون، ويمكن إنجازها في أقل من دقيقتين، فافعلها وتخلص منها. سواءٌ أكان ذلك ترتيب الملابس، أو الرد على بريد إلكتروني، أو إنشاء قائمة مهام، افعل ذلك فقط لتتمكن من التخلص من كل ما يشغل بالك، تخلص منها ليتسع ذهنك.


6. سامح نفسك على الانعزال
خفف من قسوتك وسامح نفسك، الحيلة هي ألا تُعاتب نفسك على ذلك، اجذب انتباهك بلطف دون الشعور بالذنب، التقدم > الكمال.
المصدر: timesnownews

طباعة شارك التركيز الأفلام القصيرة ضعف التركيز

مقالات مشابهة

  • لو عندك مشكلات.. إليك ست طرق فعالة للحفاظ على التركيز
  • البيان الختامي لندوة الحج الكبرى يؤكد ضرورة التبصير بمعنى الاستطاعة الشرعية للحج
  • الحوثيون : سنسقط طائرات الاحتلال الإسرائيلي التي تقصف بلادنا 
  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • وزير الخارجية المصري: نضغط لإنهاء الحرب على غزة ونأمل في اتفاق بأسرع ما يمكن
  • “الليبي للدراسات”: اللجنة الاستشارية لا تملك أي صلاحيات لفرض الحل في ليبيا
  • «حشد»: إسرائيل تواصل ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية الأكثر بشاعة في التاريخ
  • مأساة في فان: 4 قتلى في تصادم مروّع وجهاً لوجه
  • وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”
  • زامير يدعو إلى التوصل لصفقة في غزة من أجل التركيز على إيران