بقيت مهجورة لأكثر من قرن من الزمن..ما قصة قرية الأشباح هذه في تركيا؟
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في هذه القرية ستجد مدرسة كبيرة، وشوارع ضيقة تصطف على جانبيها منازل تمتد على طرفي وادٍ شديد الانحدار، ونافورة قديمة، وكنائس، إحداها تطل على مناظر خلابة فوق بحر إيجة الأزرق.
ولكن خلال غالبية فترات الـ100 العام الماضية، لم يكن هناك أي سكان.
Credit: Barry Neild/CNN
وتُعد كاياكوي، التي تقع في مقاطعة موغلا جنوب غرب تركيا، بمثابة قرية أشباح حقيقية، هجرها سكانها وتطاردها ذكريات بالماضي. وتبدو أشبه بنصب تذكاري توقف به الزمن، وتذكير مادي بأوقات أكثر قتامة في تركيا.
ومع تلال تملأها المباني المتداعية التي تبتلعها المساحات الخضراء ببطء، ومناظر لا نهاية لها لحياة قد انقضت ، فهي أيضًا تعد وجهة ساحرة بشكل صارخ للزيارة.
وفي الصيف، تحت السماء الصافية والشمس الحارقة، تكون الأجواء مخيفة بما فيه الكفاية. لكنها تزداد رعبا في المواسم الباردة، حيث يكتنف ضباب الجبال أو البحر القرية بأكملها.
وقبل نحو قرن من الزمن، كانت كاياكوي، أو "ليفيسي" كما كانت تُعرف سابقا، قرية نابضة بالحياة يسكنها ما لا يقل عن 10 آلاف من اليونانيين، وكان العديد منهم من الحرفيين الذين عاشوا بسلام إلى جانب المزارعين الأتراك في المنطقة.
ولكن في خضم الاضطرابات التي صاحبت ظهور تركيا كجمهورية مستقلّة، تمزقت حياتهم البسيطة.
وأدت التوترات مع اليونان المجاورة بعد انتهاء الحرب اليونانية التركية في عام 1922 إلى قيام البلدين بطرد الأشخاص الذين تربطهم علاقات بالبلد الآخر.
وبالنسبة لقرية كاياكوي، كان ذلك يعني تبادلًا قسريًا للسكان مع الأتراك الذين كانوا يعيشون في كافالا، في ما يُعرف الآن بمنطقة مقدونيا وتراقيا اليونانية.
لكن الأتراك الذين وفدوا حديثًا لم يشعروا بالسعادة بوطنهم الجديد، فسارعوا إلى المغادرة، وتركوا كاياكوي لتنهار وتصبح مجرد أطلال.
ومن بين القلائل الذين بقوا في القرية هم أجداد أيسون إيكيز، التي تدير عائلتها اليوم مطعماً صغيراً بالقرب من المدخل الرئيسي لكاياكوي، ويقدم المرطبات للسياح القادمين للتجول في أنحاء القرية. وقد تناقلوا قصص تلك السنوات الصعبة عبر الأجيال.
وتقول إيكيز، التي تبيع الآن المجوهرات يدوية الصنع للزوار: "كان اليونانيون يصرخون لأنهم لا يريدون المغادرة. حتى أن بعضهم تركوا أطفالهم ليعتني بهم أصدقاء أتراك لأنهم اعتقدوا أنهم سيعودون. لكنهم لم يعودوا أبداً".
وتشير إيكيز إلى أن عائلة أجدادها كانوا رعاة وتكيفوا بسهولة مع الحياة على أطراف القرية. وتضيف أن غالبية الأشخاص الذين انتقلوا إلى كاياكوي لم يحبوا العيش فيها لأن جدران المنازل كانت مطلية باللون الأزرق، وهو لون يقال إنه يقي من العقارب أو الثعابين.
ولا تزال بقايا اللون الأزرق واضحة على الجدران المتبقية لنحو 2،500 منزل تشكل كاياكوي، رغم بقاء القليل من اللمسات الزخرفية الأخرى بعد عقود من تعرضها لعوامل الزمن.
مع ذلك، فإن ما تبقى لا يزال يستحق الاستكشاف باعتباره لمحة عن أسلوب حياة قديم على أعتاب العصر الحديث.
وأوضحت جين أكاتاي، وهي المؤلفة المشاركة لكتاب "دليل كاياكوي"، أنه ربما أحد أسباب هجر القرية كان الحزن الملموس الذي يخيم على المكان بعد الأحداث المأساوية التي شهدتها فترة عشرينيات القرن العشرين. كما لعبت الطبيعة دورها في زوال السمات التي صنعها الإنسان.
ويدفع زوار اليوم رسومًا قدرها ثلاثة يورو (أكثر من 3 دولارات بقليل) في كشك صغير على الطريق الرئيسي قبل الدخول إلى كاياكوي. ومن هناك، يمكنهم التجول سيرًا على الأقدام صعودًا وهبوطًا في ممراتها وأزقتها شديدة الانحدار وغير المستوية في بعض الأحيان. وتشير اللافتات عند المدخل إلى المدرسة، والكنائس، ونافورة المياه.
ومكن للزوار تخيّل كيف كانت القرية تعج بالحياة ذات يوم، ولا سيما في ساحة البلدة القديمة، حيث كان الرجال المحليون يجتمعون ذات يوم لشرب الشاي وتبادل القصص.
تركيانشر الجمعة، 30 اغسطس / آب 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
إقرأ أيضاً:
خطيب الأوقاف: من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور عبدالفتاح العوارى، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، والتى دار موضوعها حول قيمة الوقت في الإسلام.
نعم الله لا تعد ولا تحصىقال الدكتور عبد الفتاح العواري، إن نعم الله تبارك وتعالى على الإنسان لا تعد ولا تحصى يقول تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، وأول هذه النعم التي أنهم الله تعالى على الإنسان أن أوجده من العدم وسواه وأحسن خلقه، وركبه في أحسن صورة، فجعل له السمع والبصر والفؤاد، وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئاً، فأصبح إنساناً مكرماً أتت من أجله الشرائع، وأرسل الله بها الرسل حتى لا يترك الإنسان في الحياة هملاً، ولا يدعه سدىً، فالإنسان مكرم وهو غالي على خالقه ومولاه، ومن هنا اعتنى به خلقاً وتنشئةً وتربيةً.
وأوضح أن الله تبارك وتعالى سخر للإنسان الكون كله، وأسبغ عليه نِعمهُ ظاهرة وباطنه، فالإنسان مركز دائرة الكون؛ الكل في خدمته يقول تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾. هكذا قال المولى عزَّ وجلَّ، ونطق به كتابه، لكن وعينا وإدراكنا قد أصيب بالشلل فتعطلت وظائفه، فلم يدرك هذا الإنسان المكرم فضل الله عليه، ونعمه التي حباه بها، فكان لابد من تنبيهه وإيقاظه من غفلته، فتتلى عليه آياته التنزيلية لتلفت نظره إلى آيات الله الكونية، لعله يفوق من غفلته ويتوب ويعود إلى رشده.
نعمة الوقت والزمنوأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن، وأوجد له الزمن ليرقب ما هو مطلوب منه في أمور معاشه، وتحقيق مصالحه وما تحتاجه حياته في دنياه، كما أوجد له الزمن فربط به جميع تكاليفه التي هو مطالب بها يؤديها ويقوم بها، فجميع التكاليف من صلاة وزكاة وصوم وحج، كل هذه العبادات إنما هي مرتبطة بزمن، وتقع من الإنسان في زمن فلا يمكنه أن يخرج شيء منها دون ارتباط بزمن ووقت.
دعاء يوم الجمعة للرزق.. اغتنمه وردده الآن يصب الله عليك الخير صبا
هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
وواصل: يقول تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾، أي يخلف بعضهم بعضاً. يأتي النهار فيخلفه الليل، ويأتي الليل فيخلفه النهار. ذلك لمن أراد أن يتذكر ويتأمل ويتدبر في دلائل قدرة من أوجده من العدم، وفي عظمة قدرة من يقول للشيء كن فيكون. يتنبه الإنسان فيعرف نعم ربه عليه بالزمن فيشكره ويثني عليه بما هو أهله، فهو صاحب النعم وصاحب الفضل على الإنسان، يقول تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾. محى الله آية الليل بالظلام وعدم الوضوح، ليسكن الإنسان ويستريح. وجعل آية النهار مبصرة ليسعى فيها الإنسان ويحقق معاشه، ويؤدي واجباته التي كُلِفَ بها. فإذا لم يؤديها، فليس له حق.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن الله أوجد للإنسان نعمة النهار مبصرة منتشرة الضياء تطلع شمسها فيسعى الناس في جنبات الأرض محصلين أمر معاشهم قائمين بمصالحهم ليس سوى لحكمة وهي أن يبتغي الإنسان الفضل من ربه في كل ما يحقق له مصالح الدنيا، فهو ليس قاصر على شيء دون شيء. ومن هنا أتى التعبير نكرة ليعم الجميع، وكذلك ليعلم الإنسان عدد السنين والحساب.
دعاء يوم الجمعة للرزق.. اغتنمه وردده الآن يصب الله عليك الخير صبا
هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
وأكد خطيب الجامع الأزهر أهمية أن يحاسب الإنسان نفسه ويسألها ماذا قدمت؟ وما الذي حققته؟ حينما تعود إلى رب كريم يُوقفها للحساب، أقسم المولى عز وجل بالزمن ليلاً ونهاراً، ضحاً وعصراً، حتى يعلم الإنسان قيمته، المتأمل في كتاب الله يرى القسم، والله لا يقسم إلا بعظيم. فهل وعى الإنسان ذلك وهو يقرأ كتاب الله الذي أنزله من أجله، وجعل نبياً من أنبيائه يبلغه آياته؟ ماذا فعل في هذا الزمن؟ ماذا لو ترك الله الإنسان بلا تعاقب في الزمن فيعيش هكذا؟ لو جعل الله الزمن متساوق غير متفاوت، ماذا كان يصنع الإنسان؟ يقول تعالى مخاطباً عباده: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ﴾. من غير الله يأتينا بضياء! هلا سمعنا ووعينا، ومن غيره يأتينا بليل نسكن فيه.
ودعا الدكتور العواري أولي الأبصار إلى التدبر والتأمل في نعمة الوقت ونعمة الزمن. فهو عمر الإنسان وسيُسأل عنه يوم القيامة. يقول النبي ﷺ: (لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟)، ويقول أيضاً: (نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ)، الغبن معناه الغفلة وعدم الوعي. الإنسان في تيه غير مستيقظ، والنعمة محيطة به.
وشدد على أننا في حاجة ماسة إلى أن نستيقظ من غفلتنا، فقد فات الكثير من العمر وما بقي إلا القليل. علينا أن نحدث مع الله توبة، وإليه أوبة ورجوع، حتى يتقبل منا ما تبقى من زماننا ووقتنا، ونعود إليه وهو راض عنا. فنعمة الزمن ونعمة الوقت حينما يراجع الإنسان نفسه يوقن يقيناً تاماً أنه قد فرط في هذه النعمة وأهدرها وضيعها، ومضى من عمره الكثير في اللهو واللعب، دون إدراك منه أن الزمن هو عمره، وأن الوقت هو حياته. يقول تقي الدين الحسن البصري رضي الله عنه: "اعلم أن الوقت عمرك، فإن ضاع يوم ضاع بعضك". فابن العشر سنين غداً لا يمكن أن يكون ابن عشر، وابن الثلاثين لا يمكن أن يكون غداً ابن الثلاثين. موصياً الجميع بضرورة أن يعاهدوا ربهم، وأن ينتبهوا إلى ما تبقى من عمرهم، وألا يضيعوا زمنهم سدى، فالله سوف يسألنا جميعاً ويحاسبنا على نعمة الزمن.