قالت السفيرة د. نميرة نجم، خبير القانون الدولي ومديرة المرصد الأفريقي للهجرة ان حماية كبار السن من المهاجرين ، الذين نضعهم في فئة الأشخاص المنسيين الذين يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان في مواقف هشة ، فوفقا للتوقعات السكانية العالمية للأمم المتحدة، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر في أفريقيا من 69 مليونا في عام 2017 إلى 226 مليونا بحلول عام 2050.

 

وأشارت الى أنه مع استمرار ونمو ارتفاع عدد كبار السن، بما في ذلك كبار السن المتنقلين،أصبحت تلبية احتياجاتهم الخاصة أكثر إلحاحًا ،  وهناك العديد من الدول الأفريقية تتبع الشريعة الإسلامية، التي أسست نظامًا عميقًا لحماية كبار السن ، وتحترم الثقافة الأفريقية السن وعادة ما يحظى كبار السن بمكانة محترمة في المجتمع. ومع ذلك، فإن التغيرات في الثقافة المرتبطة بالتحضر والتغيرات في المجتمع تؤثر بشكل كبير على رفاهية كبار السن.

 

وأصافت نجم، لا نريد أن أرسم صورة مزهرة أو قاتمة للوضع، لكن الأعراف الاجتماعية تلعب دورًا كبيرًا بالاشتراك مع الهياكل القانونية في تحديد وضع كبار السن في المجتمع.

 

وتابعت، إذا كان المجتمع والقانون يحميان كبار السن، فماذا نفعل هنا ، نحن هنا لبحث قضايا  المهاجرين الأكبر سناً المعرضين لخطر الإهمال ، ولا نعرف البيانات التي توضح عدد المهاجرين المسنين ولكن ما نعرفه هو أن القارة الأفريقية تتميز بـ "حركات سكانية معقدة بما في ذلك اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين لأسباب اقتصادية وضحايا الاتجار والمهاجرين المهربين والقصر غير المصحوبين وغيرهم" ،فضلاً عن المهاجرين من الريف إلى المدن، والنازحين داخلياً ، في عام 2023، بلغ عدد النازحين داخليًا في أفريقيا 29 مليونًا، وهو ما يمثل نصف عدد النازحين داخليًا في العالم البالغ 59.1 مليونًا نازحا، وكانت الأسباب الرئيسية لذلك هي الصراعات وعدم الاستقرار السياسي والكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات، وتستضيف أفريقيا 800 ألف طالب لجوء، وهو ما يمثل 12% من طالبي اللجوء على مستوى العالم البالغ عددهم 6.5 مليون طالب، كما أنها موطن لـ 6.3 مليون لاجئ، أي ما يمثل 30% من 21 مليون لاجئ على مستوى العالم ، ومن ثم، فمن الواضح أن وضع المهاجرين المسنين محفوف بالتحديات بسبب نقاط الضعف المتأصلة لديهم ،وهذا يثير أسئلة حاسمة: هل هناك أي شكل من أشكال الحماية والوصاية والدعم الممنوح لهم؟ مع الأخذ في الاعتبار أن الغالبية العظمى من الهجرة تحدث داخل القارة نفسها ، وللحصول على حماية أفضل للمهاجرين المسنين في أفريقيا، من الضروري دراسة الصكوك القانونية الموجودة في هذا المجال، وهذا السياق المحدد وتقييم ما إذا كانت هذه الصكوك توفر الحماية الحالية والكافية والوصاية والدعم لهؤلاء السكان الضعفاء.

جاء ذلك اثناء كلمة السفيرة تحت عنوان حماية كبار السن من المهاجرين بين الوصاية والدعم في المؤتمر العالمي  لدعم ورعاية البالغين  "من الوصاية على البالغين إلى الاستقلال الشخصي" الذي نظمته كلية الحقوق بجامعة بوينس آيرس بالإشتراك مع الشبكة الدولية للوصاية وانعقد  لمدة اربعة ايام  بالأرجنتين.
وعلي صعيد الأدوات القانونية لحماية المهاجرين المسنين على مستوى الاتحاد الأفريقي، قالت السفيرة تحترم الدول الأعضاء التقاليد، مثل مفهوم العصبية، الذي قدمه ابن خلدون، يسلط الضوء على أهمية التماسك الاجتماعي والتضامن الجماعي، ويعزز دور الروابط الأسرية القوية والمسؤولية المجتمعية في رعاية المسنين ، وعلى نحو مماثل، تعزز فلسفة أوبونتو، التي تجسد فكرة "أنا موجود لأننا موجودون"، قيم التعاطف والاحترام والدعم المتبادل، مما يضمن رعاية كبار السن بكرامة داخل مجتمعاتهم، ويجسد مفهوم تارانجا من غرب أفريقيا الضيافة واللطف، ويدافع عن الواجب الجماعي للمجتمع لدعم وتكريم أعضائه المسنين ، وتوفر هذه المبادئ الثقافية وعناصر المعايير المحلية الأفريقية إطارًا قويًا لفهم وتعزيز رعاية كبار السن في السياق الأفريقي. وهي تؤكد على الحاجة إلى سياسات تدعم الأدوار التقليدية للأسر والمجتمعات في تقديم الرعاية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، والاستفادة من القيم الثقافية لضمان رفاهية كبار السن.
ولهذه الأسباب، لدينا الأدوات القانونية التالية التي تهدف إلى حماية كبار السن بما في ذلك المهاجرين المسنين.

وتشمل هذه الأدوات، من بين أمور أخرى أجندة 2063، أفريقيا التي نريدها، والتي تشبه أجندة 2030 للأمم المتحدة ، وبروتوكول 2016 للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق كبار السن في أفريقيا، واتفاقية الاتحاد الأفريقي لعام 2009 لحماية ومساعدة النازحين داخلياً في أفريقيا (اتفاقية كمبالا) ، وخصص إطار سياسة الهجرة لأفريقيا 2018-2030 وخطة العمل الخاصة به قسماً لحماية حقوق المهاجرين المسنين.
وعلى المستوى القاري، توجد آليات قائمة ومصممة ومخصصة لحماية المهاجرين المسنين ودعم حقوقهم، بما في ذلك القدرة على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، والتشاور معهم، وتلقي الحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية، وخدمات الرعاية طويلة الأجل، وفرص العمل، والتعليم، والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

ومع ذلك، يظل السؤال الرئيسي: هل آليات الحماية هذه فعالة وكافية في الممارسة العملية؟

و هنا أكدت السفيرة ان فعالية وكفاية أداة الحماية للمهاجرين المسنين، فإن حقوق كبار السن بما في ذلك المهاجرين المسنين محددة في اتفاقيات وبروتوكولات الاتحاد الأفريقي المختلفة. ومع ذلك، تكافح هذه الأطر القانونية من أجل التنفيذ الكامل على أرض الواقع بسبب الافتقار إلى الاهتمام بكبار السن، الذين قد يتعرضون للتمييز أمام القانون، وداخل أسرهم ومجتمعاتهم .
و أشارت السفيرة انه في الواقع، لا يتمتع العديد من كبار السن بإمكانية الوصول إلى الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والتعليم والحماية القانونية، وغالبًا ما يُحرمون من الحق في المشاركة في أنشطة التنمية.


ولجعل الأدوات القانونية المذكورة أكثر فعالية، فهي بحاجة إلى تدجين على المستوى الوطني، مع تخصيص موارد كافية لتقديم الخدمات المرتبطة بها ،فنادرًا ما تصل قضايا انتهاك الحقوق ضد كبار السن والمهاجرين المسنين إلى المحاكم، لأسباب عديدة قد تشمل جهلهم بحقوقهم. 
وأوضحت نجم ان من أجل تحسين الوضع لكبار السن في أفريقيا، وخاصة المهاجرين المسنين، أوصي بتعزيز جمع البيانات والبحث ، وإنشاء قواعد بيانات شاملة وقابلة للتشغيل المتبادل لجمع معلومات دقيقة ومفصلة عن المهاجرين المسنين ، و يمكن للجهود التعاونية مع المؤسسات الأكاديمية والمنظمات الدولية ضمان موثوقية وشمولية البيانات، وتطوير برامج تستفيد من المبادئ الثقافية الأفريقية مثل أوبونتو وتارانجا ، فيجب أن تعزز هذه البرامج أنظمة الرعاية المجتمعية حيث يتم تمكين الأسر والمجتمعات من دعم أعضائها المسنين، بما في ذلك المهاجرين المسنين ، وتنفيذ مشاريع بين الأجيال تشمل الشباب وكبار السن، وتعزيز الدعم المتبادل والتفاهم، ويمكن أن تشمل هذه المشاريع برامج الإرشاد والتبادل الثقافي ومبادرات الخدمة المجتمعية، تقديم عيادات صحية متنقلة يمكنها الوصول إلى المناطق النائية والمحرومة حيث قد يقيم المهاجرون المسنون ، والاستثمار في الطب عن بعد لتوفير الدعم الصحي المستمر للمهاجرين المسنين، وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية ، وتعزيز وتنسيق الأطر القانونية لضمان تغطيتها الشاملة لحقوق المهاجرين المسنين ، ويشمل ذلك الحماية الصريحة ضد التمييز، والوصول إلى الخدمات الاجتماعية، والإدماج في عمليات صنع القرار وإنشاء آليات رصد وتقييم قوية لتقييم فعالية هذه الأطر بانتظام ، وإشراك منظمات المجتمع المدني في هذه العملية يعزز الشفافية والمساءلة ، و توفير تدريب متخصص لمسؤولي إنفاذ القانون والموظفين القضائيين والعاملين الاجتماعيين بشأن حقوق واحتياجات المهاجرين المسنين ، وينبغي أن يركز هذا التدريب على الكفاءة الثقافية وحقوق الإنسان ، وتدريب العاملين والمتطوعين في مجال الصحة المجتمعية لدعم المهاجرين المسنين، وضمان حصولهم على الرعاية والمساعدة الحساسة ثقافيًا ،وإطلاق حملات تثقيفية عامة لزيادة الوعي بحقوق ومساهمات المهاجرين المسنين تسلط الضوء على قصص النجاح والأمثلة الإيجابية لمكافحة الصور النمطية والتمييز ، و التواصل مع وسائل الإعلام المحلية للترويج للروايات الإيجابية حول المهاجرين المسنين، والتأكيد على دورهم في الحفاظ على التراث الثقافي والمساهمة في الحياة المجتمعية ، وتشكيل تحالفات مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والهيئات الدولية للدفاع عن تدجين المعاهدات المتعلقة بالمهاجرين المسنين ، والاستفادة من المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق نطاق أوسع من الوصول والمشاركة ، وتنظيم الحوارات السياسية وورش العمل مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك صناع السياسات وقادة المجتمع وكبار السن، لمناقشة أهمية وفوائد تدجين المعاهدات  ، وتحديد ودعم أبطال التشريع الذين يمكنهم الدفع نحو اعتماد المعاهدات ذات الصلة في البرلمانات الوطنية ، و إطلاق حملات عامة تسلط الضوء على قصص النجاح وأفضل الممارسات من البلدان التي نجحت في تدجين هذه المعاهدات وتنفيذها.
ومن خلال تبني هذه الاستراتيجيات المبتكرة والمجدية، يمكن لأفريقيا أن تخلق مجتمعًا أكثر شمولاً وعدالة يحترم حقوق الجميع.

و افتتح المؤتمر القاضي هوراسيو روساتي رئيس محكمة العدل العليا في دولة الأرجنتين ، وأدار الجلسة البروفيسور مايكل جانر من معهد القانون المدني في جامعة إنسبروك في النمسا و ، حضر اللقاء رئيسة المؤتمر ايزولينا دابوف ورئيس المجلس الاستشاري للرئيس  الأرجنتين، ومن وزارة الخارجية الارجنتينية  السفيرة  ماري لوز ميلون ، وستيفن هيل الأمين التنفيذي للمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون (IIJ) ، والدكتورة سالي بالش هيرمي من المجلس الاستشاري لشبكة  الدولية للوصاية .

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نميرة نجم الأرجنتين حمایة کبار السن کبار السن فی فی أفریقیا بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول أخرى

#سواليف

أعادت دعوى قضائية رفعها مهاجر فنزويلي ضد وزارة الأمن الداخلي الأميركية الخميس الماضي قضية #ترحيل #المهاجرين #غير_النظاميين إلى الواجهة، والتي أصبحت وسيلة أساسية ضمن إستراتيجية إدارة الرئيس دونالد #ترامب في دعم #خطة_الترحيل_الجماعي التي وعدت بها.

يرفر رينجل -الذي رُحّل مؤخرا من الأراضي الأميركية إلى السلفادور- حمّل إدارة ترامب المسؤولية عن انتهاكات زعم أنه تعرّض لها على يد الحراس في سجن سيكوت، قبل أن يعاد ترحيله لاحقا إلى بلاده، مما أثار من جديد التساؤلات بشأن الأبعاد القانونية والإنسانية المرتبطة بهذه الترحيلات.

الدعوى تزامنت مع إعلان دولة إسواتيني الواقعة في جنوب أفريقيا عن استقبال 5 مهاجرين ضمن اتفاقية مماثلة، ليرتفع بذلك عدد الدول التي دخلت في صفقات مع الإدارة الأميركية بشأن استقبال مرحّلين منذ بداية الولاية الثانية لترامب.

مقالات ذات صلة مسؤول طبي بغزة: حليب الأطفال لم يدخل منذ 4 أشهر 2025/07/29

وأعطى هذا الأمر مؤشرا على انخراط متزايد من الدول الصغيرة والنامية في تلبية طلب واشنطن للمساعدة في ملف الهجرة غير النظامية مقابل حوافز مالية ودعم سياسي.


صفقة ثلاثية

وحتى الآن، نجحت الولايات المتحدة في إبرام 6 اتفاقيات مع “دول ثالثة”، أبرزها التفاهم الثلاثي الذي تم بموجبه ترحيل مهاجرين فنزويليين من الأراضي الأميركية مرورا بالسلفادور وصولا إلى فنزويلا.

وتعد هذه الصفقة نموذجا لتقاطع المصالح بين الدول المشاركة فيها، إذ تمكنت كراكاس من استعادة 252 من مواطنيها مقابل إطلاق سراح 10 مواطنين أميركيين كانوا محتجزين في فنزويلا.

أما الدولة الوسيطة السلفادور فقد حصلت على 6 ملايين دولار من واشنطن لتغطية نفقات احتجاز المرحّلين، إلى جانب دعم سياسي مباشر لحكومة الرئيس نجيب أبو كيلة.

وتعود خلفية الصفقة إلى زيارة رسمية قام بها رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة في أبريل/نيسان إلى البيت الأبيض عرض حينها على ترامب استضافة المرحّلين في منشأة سيكوت ذات الحراسة المشددة.

واقترح أبو كيلة إجراء عملية تبادل يتم من خلالها ترحيل المهاجرين مقابل إطلاق فنزويلا عددا مماثلا من المعتقلين السياسيين، وهو ما رفضته حكومة نيكولاس مادورو من حيث العدد، لكن الإدارة الأميركية رأت في المقترح فرصة لاستعادة مواطنيها ضمن تسوية أقل تعقيدا.

وجرى تصنيف أغلبية المرحّلين الفنزويليين على أنهم عناصر مشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات إجرامية، وتم التعامل معهم بموجب قانون الأعداء الأجانب لعام 1798، والذي يمنح الرئيس الأميركي صلاحيات استثنائية لترحيل أو احتجاز مواطني دول تعتبر “معادية”، دون المرور بالإجراءات القضائية المعتادة.

وسبقت فنزويلا عدة دول في أميركا اللاتينية في التعاون مع واشنطن بشأن ملف المرحّلين، أبرزها المكسيك التي استضافت نحو 6 آلاف شخص من غير مواطنيها، في إطار شراكة أمنية لإدارة الحدود الجنوبية.

أما كوستاريكا فكان نصيبها قرابة 200 مهاجر مطلع عام 2025 تم احتجازهم مؤقتا قرب الحدود مع بنما التي بدورها استوعبت نحو 300 مهاجر من جنوب ووسط آسيا في مخيم سان فيسنتي، في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط سياسية متصاعدة على خلفية تهديدات ترامب بإعادة السيطرة على قناة بنما.


التوسع في أفريقيا

لم تقتصر سياسة الترحيل على دول الجوار أو أميركا اللاتينية، بل عبرت المحيط لتصل القارة الأفريقية، ففي يوليو/تموز الجاري أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية عن نقل 5 مهاجرين إلى مملكة إسواتيني في جنوب القارة.

المهاجرون الذين تعود أصولهم إلى فيتنام وجامايكا وكوبا واليمن ولاوس وصفتهم تريشيا ماكلولين مساعدة وزيرة الأمن الداخلي بأنهم “مجرمون مدانون وأفراد يتسمون بوحشية استثنائية، إلى حد رفضت معه بلدانهم الأصلية إعادتهم”.

ولم تشارك حكومة إسواتيني أي تفاصيل بشأن الظروف التي رافقت عملية الترحيل، بما في ذلك الكشف عن أماكن احتجازهم، لكن السلطات أكدت -وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس- أنها تعمل على إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بمساعدة وكالة تابعة للأمم المتحدة، دون أن تحدد أي جدول زمني.

وشهد البيت الأبيض في وقت سابق من يوليو/تموز الجاري اجتماعا جمع ترامب بـ5 من قادة دول غرب أفريقيا، وهم رؤساء ليبيريا والسنغال وموريتانيا وغينيا بيساو والغابون.

ووفق ما نقلته وسائل إعلام أميركية، كان ملف الهجرة حاضرا بقوة في المحادثات، حيث لم يقتصر النقاش على مسألة إعادة المواطنين الأفارقة إلى أوطانهم، بل شمل أيضا مطالبات باستقبال مهاجرين من دول ثالثة.

ورغم أن بعض القادة المشاركين أقروا بأن ملف الترحيل إلى دولهم طُرح ضمن المحادثات فإنهم نفوا وجود طلبات مباشرة من الجانب الأميركي، وبيّن ذلك الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي بقوله “لم يفرضوا شيئا، لكنهم سألوا كيف يمكننا أن نساعد”.

مراقبون أشاروا إلى أن بعض الدول الأفريقية تنظر إلى هذا التعاون المحتمل بوصفه ورقة تفاوض يمكن استخدامها لمطالبة واشنطن بتخفيف القيود الجمركية التي فُرضت مؤخرا على صادراتها، ولرفع القيود على منح التأشيرات التي فرضتها واشنطن على بعض الدول في القارة.


ترحيل دون ضمانات

أبدت منظمات حقوقية بارزة -في مقدمتها “هيومن رايتس ووتش”- مخاوفها من أن تؤدي سياسة الترحيل إلى إرسال أفراد إلى بلدان ذات سجل موثق في انتهاكات حقوق الإنسان.

ووصفت هذه الإجراءات بأنها تمثل تطبيعا للترحيل القسري وتشكل خرقا لحقهم في الحماية الدولية.

وفي السياق ذاته، أعرب ناشطون في حقوق الإنسان عن قلق متزايد من الإجراءات السريعة التي تنفذ بها عمليات الترحيل، والتي تعطي المهاجرين مهلة زمنية بسيطة لا تتجاوز اليوم، وقد تصل أحيانا إلى 6 ساعات فقط، مما يعطل حق الطعن أو الاستئناف.

وكانت وكالة الهجرة والجمارك الأميركية أصدرت مذكرة تنفيذية في 9 يوليو/تموز الجاري تسمح بموجبها بترحيل الأفراد إلى دول ثالثة بإشعار لا يقل عن 6 ساعات، وأن تعطي لهم فرصة الاتصال بمحام، كما اشترطت المذكرة تقديم الدولة المستقبِلة ضمانات بعدم تعرّض المرحّلين للاضطهاد.

وترى الإدارة الأميركية أن هذه الإجراءات تدخل ضمن الصلاحيات المشروعة للدولة في ضبط حدودها، في حين أكد مسؤولون في البيت الأبيض أن التنسيق مع الحكومات الأجنبية يشكل ركيزة أساسية في الردع المسبق للهجرة غير النظامية.

من جهته، تقدم اتحاد الحريات المدنية الأميركي بدعوى قضائية تهدف إلى وقف هذه الترحيلات بشكل عاجل.

واعتبر الاتحاد أن الترحيلات إلى دول ثالثة تنتهك القانون الدولي، خاصة اتفاقية اللاجئين واتفاقية مناهضة التعذيب، لوجود خطر حقيقي يهدد بعض الأفراد إذا أعيدوا إلى بلدانهم الأصلية.

ودافع بعض الخبراء القانونيين عن سياسة الترحيل، معتبرين أنها لا تنفصل عن واقع معقد تواجهه الحكومة الأميركية منذ سنوات، حيث ترفض بعض الدول استقبال رعاياها، خصوصا المدانين بجرائم داخل الأراضي الأميركية.

صفقات قادمة

ضمن خططها في توسيع نطاق الترحيل الجماعي للمهاجرين غير النظاميين ليشمل مناطق جديدة توجهت أنظار واشنطن إلى بالاو الدولة صغيرة المساحة، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 18 ألف نسمة لتكون المحطة التالية بعد إسواتيني.

وتقدمت الإدارة الأميركية في نهاية الأسبوع الماضي بطلب رسمي إلى سلطات بالاو لاستقبال مهاجرين ضمن خطة ما زالت تفاصيلها قيد الدراسة.

ويرى محللون أن بالاو -التي ترتبط باتفاقيات شراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة وتتلقى مساعدات تنموية كبيرة- قد تجد صعوبة في رفض هذا العرض، فالموارد الاقتصادية المحدودة للدولة تشكل عامل ضغط يدفعها إلى القبول، بترتيبات لا تعبّر بالضرورة عن رغبة صادقة في المساعدة.

وكشفت “أسوشيتد برس” عن أن الولايات المتحدة لا تزال تُجري ترتيبات مع رواندا بشأن اتفاق قيد الإعداد يتضمن تمويلا أميركيا لبرنامج يهدف إلى دمج المرحّلين في المجتمع المحلي من خلال توفير منح وتسهيلات في فرص العمل.

وتأمل الحكومة الأميركية في إبرام صفقة تمكنها من ترحيل أعداد أكبر من المهاجرين بعد موافقة رواندا على استلام مواطن عراقي مقابل دعم بلغت قيمته 100 ألف دولار.

مقالات مشابهة

  • خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول أخرى
  • نواب ليبيون في البرلمان الإفريقي.. توصيات موحدة لمعالجة قضايا القارة
  • استخدام الـ«شات بوت» بحذر.. توصيات الخبراء لمن يعانون من اضطرابات نفسية
  • الاحتيال يلاحق كبار السن بأمريكا.. 745 مليون دولار خسائر 3 أشهر
  • «الشارقة مراعية للسن» يعرّف بآليات تمكين كبار المواطنين
  • فوائد غير متوقعة.. دراسة: مشروب شائع يعالج الضغط ويحسن صحة كبار السن
  • من خارج الإقليم.. سقوط مترصدة المسنين بيد شرطة أربيل (فيديو)
  • إنقاذ عشرات المهاجرين من غرب أفريقيا تعطل قاربهم قبالة سواحل موريتانيا
  • «الجوازات» تواصل إجراءات تسهيل الحصول على خدماتها لـ كبار السن وذوي الهمم
  • اكتشاف مذهل: عصير طبيعي يخفض ضغط الدم بسرعة لدى كبار السن!