مدرين المكتومية
في كثير من الأوقات قد ننسى أنَّ الحياة لا تستحق كل هذه الهرولة نحو اللامعلوم دون توقف، وكأننا نقتفي أثر شيء ما أضعناه في إحدى محطاتنا المُتعددة، نلهث دون توقف بحثًا عمّا نسميه "السعادة"، ولربما اعتقد البعض أنَّ تلك السعادة التي نفتش عنها في كل ركن من أركان حياتنا، تتمحور حول الأمور المادية فقط، دون إدراكنا- ولو للحظة- أن كل نماذج ومسارات السعادة المُعلقة على أمور بعينها قد تختفي بانتهائها، ولا يتبقى شيء سوى ذكرى عابرة بلذةٍ سريعة بهذه السعادة، لا سيما إذا ارتبطت بالأموال والماديات!
إذا ما تحدثنا عن السعادة من منظور آخر، فإنها تمثل اللحظة التي ندرك فيها أهمية سلامتنا الداخلية وأننا مهما صنعنا ومهما بنينا من علاقات ومهما قدّمنا الكثير من التنازلات، فإنَّ الأمر برمته يعود لذواتنا ومدى إيماننا التام بأنَّ الحياة التي نعيشها بكل لحظاتها وبكل ما نعيشه خلالها هي السعادة بحد ذاتها.
السعادة قرار، فأن تقرر أن تكون سعيدا ذلك يعني أن تتحرك كل دواخلك ومشاعرك وذلك عن طريق ما يُقدمه عقلك من رسائل يمكنها أن تجعل منك شخصا قادرا على أن يكون سعيدا حتى بأبسط الأشياء وأقلها أهمية.
السعادة الحقيقية هي التي تأتي بممارسات بسيطة، دون حاجتنا لأشياء كبيرة، هي أن نشعر بأهمية اللحظة التي نقضيها مع أحدهم ونحن نفضفض ونشرح ونتحدث دون توقف والآخر يستمع إلينا بانتباه شديد على الرغم من أن ما نقوله ليش بغاية الأهمية لكننا في الحقيقة نمتلك شخصاً يُشعرنا بأننا الأهم على الإطلاق وأننا نستحق كل الوقت لكل تلك الحماقات التي قد نبوح بها.
وربما تكون السعادة بمجرد النظر لوجوه الناس وهم يبتسمون، أطفال وهم يلعبون، السعادة في الجلوس في زاوية بأحد الأماكن الأحب إلينا، السعادة بتقاسم نجاحاتنا مع أحدهم، السعادة أن نسعى دائماً لتحقيق شيء ما نعتقد أنه صعب طوال حياتنا، السعادة هي الرحلة التي نقضي أكثر من نصف أعمارنا بحثاً عنها دون أن ندرك أنها بين يدينا، إننا نمتلك كل وسائل السعادة وكل اللحظات التي يمكنها أن تمنحنا ذلك، لكننا أصبحنا نربط كل الأشياء بالمادة حتى أصبحنا نحن أيضا لا نشعر بقيمة كل ما لدينا لأننا فقط لا نملك الأكبر منه، بدلا أن نكون سعداء بامتلاك وظيفة، سيارة، منزل صغير، أشخاص محبين، نريد بدل الوظيفة دخلا إضافيا دون الحاجة للعمل، سيارة فارهة، منزلا يشبه القصور في المسلسلات، ونريد أيضاً أشخاصا يمتلكون كل ذلك لنتمكن من السير معهم.
الكثيرون موهومون بمفاهيم السعادة، ويعتقدون أن المال يمكنه أن يخلق لهم كل ما يبحثون عنه، وهناك صنف من البشر لا يعتقد أن الماديات غير مهمة، لكن الأصح القول إنها ليست الأمر الوحيد المُهم في حياتنا لتحقيق السعادة، فإلى جانب المال يجب أن نحقق السعادة عبر عدة طرق.
وأخيرًا.. إن السعادة شعور يسكن في داوخلنا، لكننا لا نسكنه ولا ننتمي إليه، السعادة هي الشيء الذي يمكن أن نصنعه إذا ما آمنا أنه يعيش فينا، لكنه بحاجة دائمًا لقوى داخلية لتُخرجه لنتمكن من رؤيته.. وأنتهز هذه السانحة كي أوجه شكري لكل من يمنحني السعادة، بكلمة طيبة صادقة تخرج من القلب، وبابتسامة صادقة ترتسم على مُحيّاه، وصادق امتناني وعرفاني لكل من يسعى لخلق أجواء من السعادة والاطمئنان في هذه الحياة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
السديس يصل إلى المدينة المنورة للإشراف على مسارات وكالة المسجد النبوي ميدانيًا
الجزيرة-عوض مانع القحطاني
تعزيزًا لمسارات عمل المنظومة الدينية وتوحيد جهودها الإثرائية وفق الخطة التشغيلية لموسم حج ١٤٤٦ هجرية، وصل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إلى المدينة المنورة للإشراف على المسارات الإثرائية، والوقوف ميدانيًا على حوكمة مبادرات وكالة المسجد النبوي (فرع المدينة) لتحقيق المستهدفات الإثرائية للخطة وفق أداء تشغيلي محوكم لإيصال رسالة الحج الوسطية لضيوف الرحمن والعالم للانطلاق نحو الريادة الدينية العالمية، وتبني الإبداع ونشر الهداية للعالمين وتعزيز رسالة المسجد النبوي الوسطية .
وسيطلق رئيس الشؤون الدينية خلال زيارته عددًا من المبادرات الإثرائية النوعية في المسجد النبوي، وسيقف ميدانيًا على المسارات الإثرائية؛ لضمان تناغمها مع المرتكزات الاستراتيجية للخطة التشغيلية، وتدعيم رسالة المسجد النبوي الدينية الوسطية، وإبلاغها إلى العالم، ونشر قِيَم الاعتدال والتسامح، والتأكد من إثراء تجربة الزائرين إيمانيًا، وترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية إسلاميًا وعالميًا، وتعزيز صورتها الإيجابية في وجدان المسلمين والإنسانية.
وأوضح معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي أن الرئاسة حريصة على إعطاء وكالة المسجد النبوي (فرع المدينة) ومنظومتها الدينية جلّ الاهتمام وتعزيز الدروس والمحاضرات العلمية والتوجيهية والإرشادية والتوعوية، وتوطيد رسالة الأئمة والمؤذنين، وإثراء تجربة زائري المسجد النبوي علميًّا ومعرفيًّا وفكريًّا وسلوكيًّا خلال موسم الحج.
وبيَّن أن جولته التفقدية لمنظومة الخدمات الدينية بالمسجد النبوي تهدف إلى تعزيز توحيد التناغم بين الوكالتين، إلى جانب تشجيع القيادات الميدانية المتخصصة على بذل المزيد من الجهود لخدمة قاصدي المسجد النبوي، وإثراء رحلتهم الإيمانية بما يحقق تطلعات القيادة الرشيدة -حفظها الله- وفق أعلى معايير الجودة، وحوكمة الأداء وقياس الأثر.
وسيعقد رئيس الشؤون الدينية خلال زيارته سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع القيادات الميدانية المتخصصة بمنظومة الرئاسة بالمسجد النبوي، كما سيلقي درسه العلمي في رحاب المسجد النبوي، إلى جانب ترؤسه عدة اجتماعات للوكالات المتخصصة الدينية.
وأعدت منظومة وكالة الرئاسة الدينية بالمسجد النبوي خطة إثرائية نوعية رقمية لموسم الحج؛ بما يساهم في تكامل تقديم الخدمات الدينية باستثمار التقانة والذكاء الاصطناعي، والتطبيقات الذكية والإعلام الحديث؛ لإيصال رسالة المسجد النبوي الدينية عالميًّا.