دراسة للباحث محمد الشعراوي ترصد الفرص المصرية في ضوء الاستراتيجية الهولندية تجاه إفريقيا
تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT
سلطت دراسة أعدها الباحث محمد الشعراوي، رئيس برنامج الاستراتيجيات والتخطيط بمركز مسارات للدراسات الاستراتيجية، الضوء على الاستراتيجية الهولندية تجاه أفريقيا (2023–2032)، مشيرة إلى الفرص المتاحة لمصر لتعزيز تعاونها مع هولندا، والتحديات التي قد تعرقل ذلك، مع تقديم مسارات واضحة لصناع القرار لتفعيل هذه الشراكة.
وكشفت الدراسة المنشورة في مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية، أن الاستراتيجية الهولندية تُعد الأولى من نوعها على مستوى القارة، وتستند إلى مزيج من الأهداف السياسية والاقتصادية والتنموية، وتسعى لبناء شراكات تقوم على المصالح المتبادلة والمساواة، في ظل التحديات العالمية واشتداد التنافس الجيوسياسي.
وأوضحت أن محاور الاستراتيجية تشمل مجالات متعددة، أبرزها التنمية الاقتصادية المتكافئة، والحكم الرشيد، والهجرة، ومكافحة الفقر، والرقمنة والابتكار، حيث تعمل هولندا على دمج الشركات الأفريقية في سلاسل القيمة الأوروبية، وتوسيع التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، وتقديم دعم تقني وفني لتعزيز قدرات الدول الأفريقية.
وأكدت الدراسة أن مصر تتمتع بمكانة متميزة تؤهلها للاستفادة من هذه الاستراتيجية، لكونها لاعبًا إقليميًا مهمًا، وذات قاعدة اقتصادية وسكانية كبيرة، مشيرة إلى عدة مجالات واعدة للتعاون الثنائي، منها الطاقة الخضراء، والاستثمار، والرقمنة، والتعليم، وإدارة المياه، مشيدة بالتفاهمات القائمة بين الجانبين، مثل التعاون في إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشروعات قناة السويس.
وفي محور الطاقة، أبرزت الدراسة الفرص الكبيرة أمام مصر لتطوير شراكات في الطاقة المتجددة، لا سيما في ظل اهتمام هولندا بتوسيع استثماراتها في هذا القطاع، ووجود خبرات تقنية هولندية يمكن نقلها إلى السوق المصري، خاصة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
كما لفتت إلى أن القطاع التجاري والاستثماري يمكن أن يشهد نموًا ملحوظًا بين البلدين، خاصة مع امتلاك مصر بنية لوجستية قوية واتفاقيات تجارة حرة متعددة، مما يسمح بجذب استثمارات هولندية في الزراعة والصناعة وتكنولوجيا النقل، إلى جانب الشراكة في تطوير الموانئ وسلاسل الإمداد.
وشددت الدراسة على أهمية تعظيم الاستفادة من التحول الرقمي والابتكار التقني، موضحة أن السوق المصري الرقمي يُعد من بين الأكثر نموًا في المنطقة، ويشكل أرضًا خصبة للتعاون مع هولندا في مجالات الأمن السيبراني، والزراعة الذكية، والمدن الرقمية، والتعليم الإلكتروني.
وأشارت الدراسة إلى التحديات التي قد تعوق استفادة مصر من الاستراتيجية، وعلى رأسها التنافس الجيوسياسي في القارة، وتباين الرؤى حول معايير الحوكمة وحقوق الإنسان، فضلًا عن ضعف التنسيق المؤسسي بين الجهات الحكومية المصرية، ما قد يبطئ من التفاعل مع فرص الشراكة.
واقترحت الدراسة حزمة من الإجراءات العملية، من بينها تنشيط الدبلوماسية القطاعية، وتعزيز الشراكات الثلاثية مع دول أفريقية، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الهولندي، مع إنشاء مراكز مشتركة للابتكار، وتطوير برامج تمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجالات الطاقة والزراعة.
كما دعت إلى إنشاء آلية وطنية للتنسيق المؤسسي، تضم ممثلين من الوزارات والهيئات المعنية، بهدف متابعة الاستراتيجية الهولندية، والتنسيق مع السفارة الهولندية بالقاهرة، واستكشاف فرص التمويل والدعم من البرامج الأوروبية مثل “البوابة العالمية”.
واختتمت الدراسة بالتأكيد على ضرورة ربط هذه الفرص برؤية "مصر 2030"، لضمان الاتساق مع الأولويات الوطنية، وتحقيق أكبر استفادة ممكنة من الشراكة الاستراتيجية مع هولندا، لا سيما في ضوء الاهتمام الأوروبي المتزايد بالقارة الأفريقية وتحولها إلى ساحة رئيسية للتعاون الدولي.
ويعد مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية مؤسسة بحثية ناشئة تعنى بتحليل القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، مع اهتمام خاص بإنتاج أوراق تقدير الموقف والدراسات الاستراتيجية التي تسهم في فهم التحولات الإقليمية والدولية.
ويطمح المركز إلى تقديم محتوى تحليلي موضوعي يسهم في دعم صناع القرار، وتعزيز دور مراكز الفكر في ترسيخ وعي استراتيجي يستند إلى المعرفة والتخصص.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: محمد الشعراوي الاستراتيجية الهولندية محمد الشعراوی
إقرأ أيضاً:
دراسة: تجربة حماس في إدارة التفاوض أظهرت قدرتها الموازنة بين مصالح الشعب والضغوط الدولية
غزة - صفا
أصدر المركز الفلسطيني للدراسات السياسية، اليوم الإثنين، دراسة تحليلية موسعة بعنوان: "تحوّل صورة حماس الدولية: بين الواقعية السياسية وثوابت المقاومة"، تناولت كيفية إدارة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لمعادلة معقدة تجمع بين مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والانخراط السياسي الدولي.
وقدمت الدراسة رؤية معمقة حول دور الحركة في إعادة تعريف صورتها على الساحة الدولية، خاصة في ضوء حرب الإبادة على قطاع غزة ومفاوضات وقف إطلاق النار وصفقات تبادل الأسرى، كما سلطت الضوء على استخدام حماس للخطاب المزدوج الذي يوازن بين الثوابت والمواقف الوطنية والبراغماتية السياسية، واستراتيجيتها في التعامل مع الوسطاء الدوليين والإقليميين، بما في ذلك الاستفادة من الخصائص الفردية للقيادات الدولية السابقة.
واستعرضت الورقة أربعة محاور رئيسية، وهي: "إعادة تعريف الصورة الدولية للحركة وتعزيز وجودها كفاعل سياسي، طبيعة الخطاب المزدوج بين البراغماتية والتشدّد، استراتيجيات الحركة في مخاطبة واشنطن واستثمار ملفاتها الإنسانية والسياسية، التحديات والفرص التي تواجهها حماس في الحفاظ على التوازن بين التمسك بأدائها المقاوم والسياسة".
وأكدت الدراسة أن تجربة حماس الأخيرة في إدارة التفاوض مع الوسطاء الإقليميين والدوليين أظهرت قدرة الحركة على الموازنة بين مصالح الشعب الفلسطيني والضغوط الدولية، مع الحفاظ على الشرعية الداخلية والخارجية، ما يعكس نضجًا استراتيجيًا في أدواتها السياسية والإعلامية.
وقال المركز إن هذه الدراسة تأتي ضمن جهود المركز المستمرة في تقديم تحليلات دقيقة ومحدثة حول التطورات السياسية في فلسطين، وتعزيز فهم الجمهور المحلي والدولي للتحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية، وإبراز دور الفاعلين السياسيين في إدارة هذه التحديات بواقعية ومهنية.
وتُعد هذه الدراسة إضافة نوعية لسلسلة إصدارات المركز التي تهدف إلى تمكين صانعي القرار الفلسطينيين والإقليميين والدوليين من فهم أعمق للمعادلات السياسية والاستراتيجية في غزة، خاصة في ظل الظروف المعقدة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي والتحديات الدولية والإقليمية المحيطة بالقضية الفلسطينية.