الإفتاء توضح حكم الغرامات التعويضية المالية
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الغرامات المالية الني يقررها القضاء ويحكم بها على من عليه دين وهو يُماطل في سداده على جهة التعويض للدائن ليست من قبيل الربا، وإنما هي من قبيل المحافظة على أموال الناس؛ حتى لا يأكلها المخادعون بالباطل، ولا يصح لعاقل أن يُقَصِّرَ في سداد ما عليه من ديون أو يُماطل في الوفاء بها، ومن ثبت عجزه لأسباب خارجة عن إرادته فعلى الدائن أن يطبق قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 280].
وأضافت دار الإفتاء إن الربا هو زيادة في رأس المال لا يقابلها عوضٌ مشروعٌ، وهو محرم في جميع الشرائع السماوية، وهو من أكبر الكبائر في شريعة الإسلام.
وتابعت دار الإفتاء أن حرَّم الله تعالى الربا لأسباب متعددة منها: أنه يقضي على روح التعاون بين الناس، ويولِّد فيهم الأحقاد والعداوات، ويؤدِّي إلى وجود طبقة من الجشعين الذين قست قلوبهم في الأمة والذين تكثر الأموال في أيديهم دون جهد منهم، بل إن التعامل بالربا في عصرنا الحديث أدّى إلى استعمار بعض الدول الغنية لبعض الدول الفقيرة.
أدلة تحريم الرباوجاءت أدلة تحريم الربا منها: أول ما نزل في شأن الربا قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ [الروم: 39]، أي: وما تعاملتم به أيها الناس من مال على سبيل الربا فإنه لا يربو ولا يزيد عند الله تعالى.
والمال الذي يربو ويزيد عنده سبحانه فهو ما تقدمون منه للمحتاجين على سبيل الصدقة والإحسان، ثم نزل ما يُبَيِّنُ أن اليهود -الذين كانوا يتعاملون بالربا- استحقوا من الله تعالى العذاب الأليم؛ قال تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾، أي: فبسبب الظلم الذي وقع من اليهود: ﴿حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: 160-161]، ثم نزل ما ينفر من الربا تنفيرًا يفُوقُ ما سبق إذ نادى الله تعالى المؤمنين بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: 130]، أي: يا من آمنتم بالله تعالى إيمانًا حقًّا لا يَحِلُّ لكم أن تتعاملوا بالربا بتلك الصورة البشعة التي هي واقعة بينكم والتي فيها يأخذ المُرَابي من المَدِين أضعاف رأس ماله، والتقييد بقوله سبحانه: ﴿أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ ليس المقصود منه النهي عن أكل الربا في حال المضاعفة خاصة وإباحته في غيرها؛ فالربا قَلِيلُهُ وكَثِيرُهُ حرام، وإنما المقصود منه توبيخهم على ما كان متفشيًا فيهم، وهو التعامل بالربا بتلك الصورة البشعة؛ فالتقييد لبيان الواقع فيهم وليس للاحتراز عما عداه.
ثم نزلت بعد ذلك ست آيات كانت من أواخر ما نزل من القرآن فحرَّمت الربا تحريمًا قاطعًا إلى يوم القيامة، وأعلنت الحرب من الله ورسوله على كل من يتعامل بالربا، وهذه الآيات هي قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا..﴾ [البقرة: 270-280]، ثم جاءت الأحاديث النبوية الشريفة فأكدت ما جاء في القرآن الكريم من تحريم قاطع للربا، وفَصَّلت ما خفي على الناس من أحكامه، وتوعَّدَت من يتعامل بالربا بسوء المصير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الغرامات الغرامات المالية الإفتاء دار الإفتاء القضاء دار الإفتاء الله تعالى
إقرأ أيضاً:
هل الحج يُسقط الصلاة الفائتة؟.. دار الإفتاء تحذر من خطر عظيم
أجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي عن سؤال ورد حول ما إذا كان أداء فريضة الحج يُسقِط الصلوات الفائتة، وجاء الرد واضحًا بأن الحج لا يُغني عن أداء الصلاة بأي حال من الأحوال.
السؤال كان حول رجل يؤدي الحج سنويًا، لكنه لا يُصلي إلا صلاة الجمعة فقط، ويبرر موقفه بأنه سيدخل الجنة قبل المصلين لأن الله يغفر الذنوب جميعًا، مستدلًا بحديث النبي ﷺ: "من حج ولم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه". كما جاء في السؤال أن بعض الشباب يتركون الصلاة ويتعمدون تأجيلها إلى ما بعد الشباب، ظنًا منهم أن الحج في الكِبر سيكفّر عن تقصيرهم السابق.
وردًا على ذلك، أكدت الإفتاء أن الصلاة فريضة أساسية لا تسقط عن المسلم في أي حال، واستدلت بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، وبقوله سبحانه: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].
كما ورد في الحديث الشريف أن النبي ﷺ قال: "خمس صلوات كتبهن الله على عباده، فمن جاء بهن ولم يُضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذّبه وإن شاء أدخله الجنة".
وأكدت الإفتاء أن ترك الصلاة خطر عظيم، بدليل الحديث: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فضّل فقدان بصره على ترك الصلاة ولو ليوم واحد حينما قيل له نداويه بشرط أن يترك الصلاة مؤقتًا.
وأوضحت دار الإفتاء أن الحج لا يُعفي المسلم من أداء الصلاة، فكل فريضة قائمة بذاتها، ولا تُغني إحداها عن الأخرى، بل إن أداء الحج يزيد من مسئولية المسلم في الحفاظ على باقي الفرائض، وأولها الصلاة، التي هي عمود الدين، ولا تسقط عن المسلم بأي عذر شرعي إلا في حالات شديدة يُراعى فيها حال العاجز، كالصلاة من جلوس أو على الجنب أو بالإيماء.
واختتمت الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن من علامات الحج المبرور أن يرجع الإنسان منه أفضل حالًا، وأكثر التزامًا، وليس العكس، وأن الحج لا يُعد مبررًا للتهاون أو التقصير في باقي الواجبات الشرعية، وعلى رأسها الصلاة، داعية الله أن يهدي هؤلاء المقصرين ويعودوا للتمسك بأوامر دينهم.